المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌[كِتَابُ الْجِنَايَاتِ] (الْجِنَايَاتُ: جَمْعُ جِنَايَةٍ، وَهِيَ) لُغَةً: التَّعَدِّي عَلَى بَدَنٍ أَوْ - مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى - جـ ٦

[الرحيباني]

فهرس الكتاب

- ‌[كِتَابُ الْجِنَايَاتِ]

- ‌[فَصْلٌ قَتْلَ شِبْهُ الْعَمْدِ وَيُسَمَّى خَطَأَ الْعَمْدِ وَعَمْدَ الْخَطَإِ]

- ‌[فَصْلٌ قَتْلُ الْخَطَأ ضَرْبَانِ]

- ‌[فَصْلٌ يُقْتَلُ الْعَدَدُ مَا فَوْقَ الْوَاحِدِ بِوَاحِدٍ قَتَلُوهُ]

- ‌[فَصْلٌ أَمْسَكَ إنْسَانًا لِآخَرَ لِيَقْتُلَهُ فَقَتَلَهُ أَوْ قَطَعَ طَرَفَهُ فَمَاتَ]

- ‌[بَابُ شُرُوطِ الْقِصَاصِ]

- ‌[تَتِمَّةٌ قَتْلُ الْغِيلَةِ]

- ‌[فَصْلٌ مِنْ شُرُوط الْقِصَاص كَوْنُ الْمَقْتُولِ لَيْسَ بِوَلَدٍ وَإِنْ سَفَلَ لِقَاتِلٍ]

- ‌[بَابُ اسْتِيفَاءِ الْقِصَاصِ]

- ‌[فَصْلٌ اسْتِيفَاءُ قَوَدٍ بِلَا حَضْرَةِ سُلْطَانٍ أَوْ نَائِبِهِ]

- ‌[تَنْبِيهٌ قَطَعَ الْجَانِي بَعْضَ أَعْضَاءِ مَجْنِيٍّ عَلَيْهِ ثُمَّ قَتَلَهُ بَعْدَ أَنْ بَرِئَتْ الْجِرَاحُ]

- ‌[فَصْلٌ قَتَلَ عَدَدًا فِي وَقْتٍ أَوْ أَكْثَرَ فَرَضِيَ الْأَوْلِيَاءُ بِقَتْلِهِ]

- ‌[بَابُ الْعَفْوِ عَنْ الْقِصَاصِ]

- ‌[بَابُ مَا يُوجِبُ الْقِصَاصَ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ مِنْ جِرَاحٍ أَوْ أَطْرَافٍ]

- ‌[فَصْلٌ أَذْهَبَ بَعْضَ لِسَانٍ أَوْ مَارِنٍ أَوْ شَفَةٍ أَوْ حَشَفَةٍ أَوْ أُذُنٍ أَوْ سِنٍّ جِنَايَة عَلَى غَيْره]

- ‌[فَصْلٌ الْقِصَاصَ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ الْجُرُوح]

- ‌[كِتَابُ الدِّيَاتِ]

- ‌[فَصْلٌ تَجَاذَبَ حُرَّانِ مُكَلَّفَانِ نَحْوَ حَبْلٍ كَثَوْبٍ فَانْقَطَعَ مَا تَجَاذَبَاهُ فَسَقَطَا فَمَاتَا]

- ‌[فَصْلٌ أَتْلَفَ نَفْسَهُ أَوْ طَرَفَهُ خَطَأً]

- ‌[فَصْلٌ أَدَّبَ وَلَدَهُ أَوْ زَوْجَتَهُ فِي نُشُوزٍ فحصلت مِنْ ذَلِكَ جِنَايَة]

- ‌[بَابُ مَقَادِيرِ دِيَاتِ النَّفْسِ]

- ‌[فَصْلٌ دِيَةُ الْقِنِّ]

- ‌[فَصْلٌ دِيَةُ الْجَنِينِ]

- ‌[تَنْبِيهٌ شَهِدَتْ ثِقَةٌ مِنْ الْقَوَابِلِ أَنَّ فِي السِّقْطِ صُورَةً خَفِيَّةً]

- ‌[تَتِمَّةٌ أَعْتَقَ الضَّارِبُ الْحَامِل بَعْدَ ضَرْبِهَا وَكَانَ مُعْسِرًا ثُمَّ أَسْقَطَتْ]

- ‌[تَتِمَّةٌ ادَّعَتْ ذِمِّيَّةٌ أَنَّ جَنِينَهَا مِنْ مُسْلِمٍ]

- ‌[جِنَايَةُ الْعَبْدِ الْقِنِّ]

- ‌[بَابُ دِيَةِ الْأَعْضَاءِ وَمَنَافِعِهَا]

- ‌[تَتِمَّةٌ جَنَى عَلَى ثَدْيَيْ صَغِيرَةٍ ثُمَّ وَلَدَتْ فَلَمْ يَنْزِلْ لَهَا لَبَنٌ]

- ‌[تَنْبِيهٌ قَطَعَ كَفًّا بِأَصَابِعِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي دِيَةِ الْمَنَافِعِ]

- ‌[تَنْبِيهٌ قَطَعَ نِصْفَ لِسَانِهِ فَذَهَبَ كُلُّ كَلَامِهِ ثُمَّ قَطَعَ آخَرُ بَقِيَّتَهُ فَعَادَ كَلَامُهُ]

- ‌[تَتِمَّةٌ قَطَعَ لِسَانَ صَغِيرٍ لَمْ يَتَكَلَّمْ]

- ‌[تَتِمَّةٌ الْجِنَايَةُ عَلَى الصَّغِيرِ وَالْمَجْنُونِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي دِيَةُ الشُّعُورِ]

- ‌[بَابُ الشِّجَاجِ وَكَسْرِ الْعِظَامِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْجَائِفَةِ ثُلُثُ دِيَةٍ]

- ‌[فَصْلٌ فِي دِيَةِ كَسْرِ الضِّلْع]

- ‌[بَابُ الْعَاقِلَةِ وَمَا تَحْمِلُهُ الْعَاقِلَةُ مِنْ الدِّيَةِ]

- ‌[فَصْلٌ لَا تَحْمِلُ الْعَاقِلَةُ عَمْدًا وَجَبَ فِيهِ قَوَدٌ]

- ‌[فَائِدَةٌ عَاقِلَةُ وَلَدِ الزِّنَا وَالْمَنْفِيِّ بِلِعَانٍ عَصَبَةُ أُمِّهِ]

- ‌[بَابُ كَفَّارَةِ الْقَتْلِ]

- ‌[تَتِمَّةٌ لَا كَفَّارَةَ فِي قَطْعِ طَرَفٍ أَوْ قَتْلِ بَهِيمَةٍ]

- ‌[بَابُ الْقَسَامَةِ]

- ‌[شُرُوطُ صِحَّةِ الْقَسَامَة]

- ‌[فَصْلٌ فِي كَيْفِيَّةِ الْبَدْءِ فِي الْقَسَامَةِ]

- ‌[فَائِدَةٌ يُقْسِمُ عَلَى الْعَبْدِ الْمَقْتُولِ سَيِّدُهُ]

- ‌[كِتَابُ الْحُدُودِ]

- ‌[تَتِمَّةٌ لَا يُقَامُ الْحَدُّ عَلَى حَامِلٍ]

- ‌[فَصْلٌ اجْتَمَعَتْ حُدُودٌ لِلَّهِ تَعَالَى مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ]

- ‌[تَتِمَّةٌ سَرَقَ وَقَتَلَ فِي الْمُحَارَبَةِ وَلَمْ يَأْخُذْ الْمَالَ]

- ‌[فَصْلٌ قَتَلَ أَتَى حَدًّا خَارِجَ مَكَّةَ ثُمَّ لَجَأَ إلَيْهَا أَوْ لَجَأَ حَرْبِيٌّ أومرتد إلَيْهِ]

- ‌[بَابٌ حَدُّ الزِّنَا]

- ‌[تَتِمَّةٌ زَنَى حُرٌّ ذِمِّيٌّ ثُمَّ لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ ثُمَّ سُبِيَ فَاسْتُرِقَّ]

- ‌[فَصْلٌ شُرُوطُ حَدِّ الزِّنَا]

- ‌[تَتِمَّةٌ زَنَى مُكَلَّفٌ جَاهِلًا بِوُجُوبِ الْعُقُوبَةِ عَلَى الزِّنَا مَعَ عِلْمِهِ تَحْرِيمَهُ]

- ‌[بَابُ الْقَذْفِ]

- ‌[فَصْلٌ تَحْرِيمُ الْقَذْفُ إلَّا فِي مَوْضِعَيْنِ]

- ‌[فَصْلٌ لِلْقَذْفِ صَرِيحٌ وَكِنَايَةٌ]

- ‌[فَصْلٌ كِنَايَةُ الْقَذْفِ وَالتَّعْرِيضِ بِهِ]

- ‌[فَصْلٌ قَذَفَ أَهْلَ بَلْدَةٍ]

- ‌[تَتِمَّةٌ وُجُوبُ التَّوْبَةُ فَوْرًا مِنْ الْقَذْفِ وَالْغَيْبَةِ وَغَيْرِهِمَا]

- ‌[بَابُ حَدِّ الْمُسْكِرِ]

- ‌[تَنْبِيهٌ النَّبِيذُ مُبَاحٌ مَا لَمْ يَغْلِ أَوْ تَأْتِ عَلَيْهِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ بِلَيَالِيِهَا]

- ‌[فَائِدَةٌ لَا يُكْرَهُ فُقَّاعٌ حَيْثُ لَمْ يَشْتَدَّ وَلَمْ يَغْلِ]

- ‌[فَصْلٌ حُكْمِ الْقَهْوَةِ]

- ‌[تَتِمَّةٌ التَّشَبُّهُ بِشُرَّابِ الْخَمْرِ]

- ‌[بَابُ التَّعْزِيرِ]

- ‌[بَابُ الْقَطْعِ فِي السَّرِقَةِ]

- ‌[شُرُوطُ الْقَطْعِ فِي السَّرِقَةِ]

- ‌[فَصْلٌ إذَا وَجَبَ قَطْعُ السَّارِقِ قُطِعَتْ يَدُهُ الْيُمْنَى]

- ‌[بَابُ حَدِّ قُطَّاعِ الطَّرِيقِ]

- ‌[شُرُوطُ قَطْعِ الْمُحَارَبَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الدفاع عَنْ النَّفْس والعرض والمال]

- ‌[بَابُ قِتَالِ أَهْلِ الْبَغْيِ]

- ‌[يَلْزَمُ الْإِمَامَ عَشَرَةُ أَشْيَاءَ]

- ‌[فَصْلٌ يَلْزَمُ الْإِمَامُ مُرَاسَلَةُ الْبُغَاةِ]

- ‌[فَصْلٌ أَظْهَرَ قَوْمٌ رَأْيَ الْخَوَارِجِ وَلَمْ يَخْرُجُوا عَنْ قَبْضَةِ الْإِمَامِ]

- ‌[بَابُ حُكْمِ الْمُرْتَدِّ]

- ‌[تَتِمَّةٌ سَبَّ الصَّحَابَةَ سَبَّا لَا يَقْدَحُ فِي عَدَالَتِهِمْ وَلَا دِينِهِمْ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مَنْ ارْتَدَّ عَنْ الْإِسْلَامِ مُكَلَّفًا مُخْتَارًا]

- ‌[تَتِمَّةٌ قَبُولُ تَوْبَةُ الْقَاتِلِ]

- ‌[فَصْلٌ تَوْبَةُ الْمُرْتَدِّ وَالْكَافِرِ الْإِتْيَانُ بِالشَّهَادَتَيْنِ]

- ‌[فَصْلٌ الْمُرْتَدّ لَمْ يَزُلْ مِلْكُهُ]

- ‌[تَنْبِيهٌ إذَا تَزَوَّجَ الْمُرْتَدُّ لَمْ يَصِحَّ]

- ‌[فَصْلٌ فِي السِّحْرِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

- ‌[فُرُوعٌ أَطْفَالُ الْمُشْرِكِينَ فِي النَّارِ]

- ‌[كِتَابُ الْأَطْعِمَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْمُبَاح مِنْ الْأَطْعِمَة]

- ‌[فَائِدَةٌ عَضَّ كَلْبٌ شَاةً وَنَحْوَهَا فَكُلِّبَتْ]

- ‌[فَصْلٌ فِي حُكْم الْمُضْطَرّ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مَنْ مَرَّ بِثَمَرَةِ بُسْتَانٍ وَلَا حَائِطَ عَلَيْهِ وَلَا نَاظِرَ لَهُ]

- ‌[كِتَابُ الذَّكَاةِ]

- ‌[شُرُوطُ صِحَّةِ الذَّكَاة]

- ‌[فَصْلٌ فِي ذَكَاةُ الْجَنِينِ]

- ‌[تَتِمَّةٌ يَحْرُمُ بَوْلُ حَيَوَانٍ طَاهِرٍ مَأْكُولٍ]

- ‌[كِتَابُ الصَّيْدِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي حُكْم الصَّيْد المجروح]

- ‌[كِتَابُ الْأَيْمَانِ]

- ‌[تَنْبِيهٌ قَالَ الْحَالِفُ أَسْتَعِينُ بِاَللَّهِ أَوْ أَعْتَصِمُ بِاَللَّهِ أَوْ أَتَوَكَّلُ عَلَى اللَّهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي حُرُوفُ الْقَسَمِ]

- ‌[فَصْلٌ وُجُوبُ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ بِأَرْبَعَةُ شُرُوطٍ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مَنْ حَرَّمَ حَلَالًا سِوَى زَوْجَتِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ]

- ‌[فَرْعٌ تَجِبُ كَفَّارَةُ الْيَمِينِ فِي ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ]

- ‌[بَابُ جَامِعِ الْأَيْمَانِ]

- ‌[فَصْلٌ إذَا عُدِمَتْ النِّيَّةُ تَرْجِعَ إلَى سَبَبِ الْيَمِينِ]

- ‌[فَصْلٌ الْعِبْرَةُ فِي الْيَمِينِ بِخُصُوصِ السَّبَبِ]

- ‌[فَصْلٌ انعدام السَّبَبِ وَالنِّيَّةِ فِي الْيَمِين]

- ‌[فَصْلٌ انعدام النِّيَّةِ وَالسَّبَبِ وَالتَّعْيِينِ فِي الْيَمِين]

- ‌[فَصْلٌ الِاسْمُ الْعُرْفِيُّ]

- ‌[فَصْلٌ الِاسْمُ اللُّغَوِيُّ]

- ‌[فَصْلٌ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ مِنْ غَزْلِهَا]

- ‌[فَصْلٌ حَلَفَ لَيَشْرَبَنَّ هَذَا الْمَاءَ غَدًا]

- ‌[بَابُ النَّذْرِ]

- ‌[أَنْوَاعُ النَّذْرِ الْمُنْعَقِدَةُ سِتَّةٌ]

- ‌[تَتِمَّةٌ تَعْلِيقُ النَّذْرِ بِالْمِلْكِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مَنْ نَذَرَ صَوْمَ سَنَةٍ مُعَيَّنَةٍ]

- ‌[فَرْعٌ لَا يَلْزَمُ حُكْمًا الْوَفَاءُ بِوَعْدٍ]

- ‌[كِتَابُ الْقَضَاءِ وَالْفُتْيَا]

- ‌[فَصْلٌ حُكْمُ الْفَتْوَى مِنْ الْعَبْد وَالْمَرْأَة وَالْقَرِيب وَالْأُمِّيّ وَالْأَخْرَسَ]

- ‌[فَائِدَةٌ التَّقْلِيدُ فِي مَعْرِفَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَالتَّوْحِيدِ وَالرِّسَالَةِ]

- ‌[فَصْلٌ لِلْمُفْتِي تَخْيِيرُ مَنْ اسْتَفْتَاهُ بَيْنَ قَوْلِهِ وَقَوْلِ مُخَالِفِهِ]

- ‌[تَتِمَّةٌ جَعَلَ أَهْلُ بَلَدٍ لِلْمُفْتِي رِزْقًا لِيَتَفَرَّغَ لَهُمْ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مَا يُسْتَحَبُّ لِمَنْ أَفْتَى كِتَابَةً]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ الْقَضَاءُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مَا تُفِيدُهُ الْوِلَايَةُ الْعَامَّة]

- ‌[فَصْلٌ يَجُوزُ لِلْإِمَامِ أَنْ يُوَلِّيَ الْقَاضِيَ عُمُومَ النَّظَرِ فِي عُمُومِ الْعَمَلِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي شُرُوط الْقَاضِي]

- ‌[فَصْلٌ حَكَّمَ اثْنَانِ فَأَكْثَرُ بَيْنَهُمَا شَخْصًا صَالِحًا لِلْقَضَاءِ]

- ‌[بَابُ أَدَبِ الْقَاضِي]

- ‌[فَصْلٌ يُسَنُّ لِلْقَاضِي أَنْ يُحْضِرَ مَجْلِسَهُ فُقَهَاءَ الْمَذَاهِبِ وَمُشَاوَرَتُهُمْ]

- ‌[فَصْلٌ يُسَنُّ لِلْقَاضِي أَنْ يَبْدَأَ بِالنَّظَرِ فِي أَمْرِ الْمَحْبُوسِينَ]

- ‌[فَائِدَةٌ فُتْيَا الْقَاضِي لَيْسَتْ حُكْمًا]

- ‌[فَصْلٌ تَنْفِيذُ الْحُكْمِ يَتَضَمَّنُ الْحُكْمَ بِصِحَّةِ الْحُكْمِ الْمُنَفَّذِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مَنْ لَمْ يَعْرِفْ خَصْمُهُ وَأَنْكَرَهُ الْمَحْبُوسُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مَنْ اسْتَعْدَاهُ الْقَاضِي عَلَى خَصْمٍ بِالْبَلَدِ الَّذِي بِهِ الْقَاضِي]

- ‌[بَابُ طَرِيقِ الْحُكْمِ وَصِفَتِهِ]

- ‌[فَصْلٌ شُرُوطُ صِحَّةِ الدَّعْوَى]

- ‌[فَصْلٌ إذَا حَرَّرَ الْمُدَّعِي دَعْوَاهُ]

- ‌[فَصْلٌ يُعْتَبَرُ فِي الْبَيِّنَةِ الْعَدَالَةُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا]

- ‌[فَصْلٌ قَالَ الْمُدَّعِي مَالِي بَيِّنَةٌ]

- ‌[تَتِمَّةٌ شَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ لِلْمُدَّعِي بِمَا ادَّعَاهُ]

- ‌[فَصْلٌ اُدُّعِيَ عَلَيْهِ بِعَيْنٍ بِيَدِهِ وَلَا بَيِّنَةَ لِمُدَّعِيهَا]

- ‌[فَصْلٌ ادَّعَى عَلَى غَائِبٍ عَنْ الْبَلَدِ مَسَافَةَ قَصْرٍ بِعَمَلِ الْقَاضِي]

- ‌[فَصْلٌ ادَّعَى أَنَّ الْحَاكِمَ حَكَمَ لَهُ بِحَقٍّ فَصَدَّقَهُ الْحَاكِمُ فِي دَعْوَاهُ]

- ‌[فَصْلٌ حُكْمُ الْحَاكِمِ لَا يُزِيلُ الشَّيْءَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مَنْ غَصَبَهُ إنْسَانٌ مَالًا جَهْرًا أَوْ كَانَ عِنْدَهُ عَيْنُ مَالِهِ]

- ‌[بَابُ حُكْمِ كِتَابِ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي]

- ‌[فَصْلٌ إذَا حَكَمَ عَلَيْهِ الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ فَسَأَلَهُ أَنْ يَشْهَد عَلَيْهِ بِمَا جَرَى]

- ‌[بَابُ الْقِسْمَةِ]

- ‌[تَتِمَّةٌ تَهَايَآ فِي الْحَيَوَانِ اللَّبُونِ لِيَحْتَلِبَ هَذَا يَوْمًا وَهَذَا يَوْمًا]

- ‌[فَصْلٌ تُعَدَّلُ سِهَامٌ بِالْأَجْزَاءِ إنْ تَسَاوَتْ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مِنْ ادَّعَى مِنْ الشُّرَكَاءِ غَلَطًا أَوْ حَيْفًا فِيمَا فِيهِ رَدٌّ أَوْ ضَرَرٌ]

- ‌[بَابُ الدَّعَاوَى وَالْبَيِّنَاتِ]

- ‌[فَصْلٌ بِيَدِهِ عَبْدٌ ادَّعَى أَنَّهُ اشْتَرَاهُ وَادَّعَى الْبَائِع اعتاقه]

- ‌[بَابُ تَعَارُضِ الْبَيِّنَتَيْنِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مَنْ مَاتَ عَنْ ابْنَيْنِ مُسْلِمٍ وَكَافِرٍ فَادَّعَى كُلٌّ مِنْهُمَا أَنَّ أَبَاهُ مَاتَ عَلَى دِينِهِ]

- ‌[كِتَابُ الشَّهَادَاتِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي شُرُوطِ صِحَّةِ الشَّهَادَةِ]

- ‌[فَصْلٌ شَهِدَا الْعَدْلَانِ أَنَّهُ طَلَّقَ مِنْ نِسَائِهِ وَاحِدَةً وَنَسِيَ عَيْنَهَا]

- ‌[بَابُ شُرُوطِ مَنْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ]

- ‌[فَصْلٌ مَتَى وُجِدَ الشَّرْطُ قُبِلَتْ الشَّهَادَةِ]

- ‌[بَابُ مَوَانِعِ الشَّهَادَةِ]

- ‌[بَابُ أَقْسَامِ الْمَشْهُودِ بِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مَنْ ادَّعَتْ إقْرَارَ زَوْجِهَا بِأُخُوَّةِ رَضَاعٍ فَأَنْكَرَ الزَّوْجُ]

- ‌[بَابُ الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ وَبَابُ الرُّجُوعِ عَنْهَا وَبَابُ أَدَائِهَا]

- ‌[فَصْلٌ لَا يَجِبُ عَلَى شَهَادَةِ فَرْعٍ تَعْدِيلُ شَاهِدِ أَصْلٍ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مَنْ زَادَ فِي شَهَادَتِهِ]

- ‌[فَصْل لَا تَقْبَلُ الشَّهَادَةُ مِنْ نَاطِقٍ إلَّا بِلَفْظِ أَشْهَدُ أَوْ بِلَفْظِ شَهِدْت]

- ‌[بَابٌ الْيَمِينُ فِي الدَّعَاوَى]

- ‌[فَصْلٌ تُجْزِئُ الْيَمِينُ بِاَللَّهِ تَعَالَى وَحْدَهُ]

- ‌[تَتِمَّةٌ اُدُّعِيَ عَلَيْهِ دَيْنٌ هُوَ عَلَيْهِ وَهُوَ مُعْسِرٌ]

- ‌[كِتَابُ الْإِقْرَارِ]

- ‌[الْإِقْرَارُ بِمَا يَدْفَعُ الظُّلْمَ وَيَحْفَظُ الْمَالَ]

- ‌[فَصْلٌ أَقَرَّ قِنٌّ وَلَوْ آبِقًا بِحَدٍّ أَوْ قَوَدٍ أَوْ طَلَاقٍ وَنَحْوِهِ]

- ‌[تَتِمَّة قدمت امْرَأَة مِنْ الروم مَعَهَا طفل فأقر بِهِ رَجُل أَنَّهُ ابْنه]

- ‌[فَصْلٌ تَزَوَّجَ مَنْ جَهِلَ نَسَبَهَا فَأَقَرَّتْ بِرِقٍّ]

- ‌[بَابُ مَا يَحْصُلُ بِهِ الْإِقْرَارُ مِنْ الْأَلْفَاظِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مَا إذَا وَصَلَ بِإِقْرَارِهِ مَا يُغَيِّرُهُ]

- ‌[فَصْلٌ يَصِحُّ فِي الْإِقْرَار اسْتِثْنَاءُ النِّصْفِ فَأَقَلَّ]

- ‌[فَصْلٌ قَالَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ مُؤَجَّلَةٌ إلَى كَذَا]

- ‌[تَنْبِيهٌ قَالَ مُكَلَّفٌ دَيْنِي الَّذِي عَلَى زَيْدٍ لِعَمْرٍو]

- ‌[فَصْلٌ قَالَ غَصَبْتُ هَذَا الْعَبْدَ مِنْ زَيْدٍ لَا بَلْ مِنْ عَمْرٍو]

- ‌[فَصْلٌ قَالَ بِمَرَضِ مَوْتِهِ هَذَا الْأَلْفُ لُقْطَةٌ فَتَصَدَّقُوا بِهِ وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرَهُ]

- ‌[بَابُ الْإِقْرَارِ بِالْمُجْمَلِ]

- ‌[فَصْلٌ قَالَ عَنْ آخَرَ لَهُ عَلَيَّ مَا بَيْنَ دِرْهَمٍ وَعَشَرَةٍ]

- ‌[خَاتِمَة الْكتاب]

الفصل: ‌ ‌[كِتَابُ الْجِنَايَاتِ] (الْجِنَايَاتُ: جَمْعُ جِنَايَةٍ، وَهِيَ) لُغَةً: التَّعَدِّي عَلَى بَدَنٍ أَوْ

[كِتَابُ الْجِنَايَاتِ]

(الْجِنَايَاتُ: جَمْعُ جِنَايَةٍ، وَهِيَ) لُغَةً: التَّعَدِّي عَلَى بَدَنٍ أَوْ مَالٍ، وَشَرْعًا:(التَّعَدِّي عَلَى الْبَدَنِ بِمَا يُوجِبُ قِصَاصًا أَوْ مَالًا) وَتُسَمَّى الْجِنَايَةُ عَلَى الْمَالِ: غَصْبًا وَسَرِقَةً وَخِيَانَةً وَإِتْلَافًا وَنَهْبًا (وَالْقَتْلُ ظُلْمًا مِنْ أَعْظَمِ الْكَبَائِرِ) عِنْدَ اللَّهِ، وَدَرَجَتُهُ فِي الْعِظَمِ بِحَسَبِ مَفْسَدَتِهِ فِي نَفْسِهِ، فَقَتْلُ الْإِنْسَانِ وَلَدَهُ الطِّفْلَ الصَّغِيرَ الَّذِي لَا ذَنْبَ لَهُ - وَقَدْ جَبَلَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ الْقُلُوبَ عَلَى رَحْمَتِهِ وَعَطْفِهَا عَلَيْهِ وَخَصَّ الْوَالِدَيْنِ مِنْ ذَلِكَ بِمَزِيَّةٍ ظَاهِرَةٍ خَشْيَةَ أَنْ يُشَارِكَهُ فِي مَطْمَعِهِ وَمَشْرَبِهِ وَمَالِهِ - مِنْ أَقْبَحِ الظُّلْمِ وَأَشَدِّهِ، وَكَذَلِكَ قَتْلُ أَبَوَيْهِ اللَّذَيْنِ كَانَا سَبَبًا لِوُجُودِهِ، وَكَذَلِكَ قَتْلُهُ ذَا رَحِمِهِ.

وَتَتَفَاوَتُ دَرَجَاتُ الْقَتْلِ بِحَسَبِ قُبْحِهِ وَاسْتِحْقَاقِ مَنْ قَتَلَهُ لِلسَّعْيِ فِي إبْقَائِهِ، وَنَصِيحَتِهِ، وَلِهَذَا كَانَ أَشَدُّ النَّاسِ عَذَابًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَنْ قَتَلَ نَبِيًّا أَوْ قَتَلَهُ نَبِيٌّ، وَيَلِيهِ مَنْ قَتَلَ إمَامًا عَادِلًا أَوْ عَالِمًا يَأْمُرُ النَّاسَ بِالْقِسْطِ، وَيَدْعُوهُمْ إلَى اللَّهِ، وَيَنْصَحُهُمْ فِي دِينِهِمْ، وَقَدْ جَعَلَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ جَزَاءَ قَتْلِ النَّفْسِ الْمُؤْمِنَةِ عَمْدًا الْخُلُودَ فِي النَّارِ وَغَضَبَ الْجَبَّارِ وَلَعْنَتَهُ، وَإِعْدَادَ الْعَذَابِ الْعَظِيمِ لَهُ، هَذَا مُوجِبُ قَتْلِ الْمُؤْمِنِ عَمْدًا، مَا لَمْ يَمْنَعْ مِنْهُ مَانِعٌ.

وَلَا خِلَافَ أَنَّ الْإِسْلَامَ الْوَاقِعَ بَعْدَ الْقَتْلِ طَوْعًا وَاخْتِيَارًا مَانِعٌ مِنْ نُفُوذِ ذَلِكَ الْجَزَاءِ (وَقَدْ جَرَى فِي تَوْبَتِهِ) ؛ أَيْ: الْقَاتِلِ عَمْدًا عُدْوَانًا (خِلَافٌ كَبِيرٌ) بَيْنَ أَصْحَابِنَا. قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ فِي كِتَابِهِ " الدَّاءُ وَالدَّوَاءُ ": وَهَلْ تَمْنَعُ تَوْبَةُ الْمُسْلِمِ مِنْهُ بَعْدَ وُقُوعِهِ؟ فِيهِ قَوْلَانِ لِلسَّلَفِ وَالْخَلَفِ، وَهُمَا رِوَايَتَانِ عَنْ أَحْمَدَ، فَاَلَّذِينَ قَالُوا: لَا تَمْنَعُ التَّوْبَةُ مِنْ نُفُوذِهِ، رَأَوْا أَنَّهُ حَقٌّ لِآدَمِيٍّ لَمْ يَسْتَوْفِهِ فِي دَارِ الدُّنْيَا، وَخَرَجَ مِنْهُمَا بِظِلَامَتِهِ، فَلَا بُدَّ أَنْ يَسْتَوْفِيَ فِي

ص: 3

دَارِ الْعَدْلِ.

قَالُوا: وَمَا اسْتَوْفَاهُ الْوَارِثُ فَإِنَّمَا اسْتَوْفَى مَحْضَ حَقِّهِ الَّذِي خَيَّرَهُ اللَّهُ بَيْنَ اسْتِيفَائِهِ وَالْعَفْوِ عَنْهُ، وَمَاذَا يَنْتَفِعُ الْمَقْتُولُ مِنْ اسْتِيفَاءِ وَارِثِهِ؟ وَأَيُّ اسْتِدْرَاكٍ لِظِلَامَتِهِ حَصَلَ لَهُ بِاسْتِيفَاءِ وَارِثِهِ؟ وَهَذَا أَصَحُّ الْقَوْلَيْنِ فِي الْمَسْأَلَةِ.

إنَّ حَقَّ الْمَقْتُولِ لَا يَسْقُطُ بِاسْتِيفَاءِ الْوَارِثِ، سَوَاءٌ عَفَا أَوْ أَخَذَ الدِّيَةَ أَوْ قَتَلَ الْقَاتِلَ، وَهُمَا وَجْهَانِ لِأَصْحَابِ أَحْمَدَ وَالشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِمْ، وَرَأَتْ طَائِفَةٌ أَنَّهُ يَسْقُطُ بِالتَّوْبَةِ وَاسْتِيفَاءِ الْوَارِثِ؛ فَإِنَّ التَّوْبَةَ تَهْدِمُ مَا قَبْلَهَا، وَاَلَّذِي جَنَاهُ قَدْ أُقِيمَ عَلَيْهِ حَدُّهُ، قَالُوا: وَإِذَا كَانَتْ التَّوْبَةُ تَمْحُو أَثَرَ الْكُفْرِ وَالسِّحْرِ وَمَا هُوَ أَعْظَمُ إثْمًا مِنْ الْقَتْلِ، فَكَيْفَ تَقْصُرُ عَنْ مَحْوِ أَثَرِ الْقَتْلِ؟ وَقَدْ قَبِلَ اللَّهُ تَوْبَةَ الْكُفَّارِ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلِيَاءَهُ، وَجَعَلَهُمْ مِنْ خِيَارِ عِبَادِهِ، وَدَعَا الَّذِينَ حَرَّقُوا أَوْلِيَاءَهُ، وَفَتَنُوهُمْ عَنْ دِينِهِمْ إلَى التَّوْبَةِ، وَقَالَ تَعَالَى:{قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا} [الزمر: 53] فَهَذِهِ فِي حَقِّ التَّائِبِ، وَهِيَ تَتَنَاوَلُ الْكُفْرَ وَمَا دُونَهُ.

قَالُوا: وَكَيْفَ يَتُوبُ الْعَبْدُ مِنْ الذَّنْبِ وَيُعَاقَبُ عَلَيْهِ بَعْدَ التَّوْبَةِ؟ هَذَا مَعْلُومٌ انْتِفَاؤُهُ فِي شَرْعِ اللَّهِ وَجَزَائِهِ. قَالُوا: وَتَوْبَةُ هَذَا الْمُذْنِبِ تَسْلِيمُ نَفْسِهِ، وَلَا يُمْكِنُ تَسْلِيمُهَا إلَى الْمَقْتُولِ، فَأَقَامَ الشَّارِعُ وَارِثَهُ مَقَامَهُ، وَجَعَلَ تَسْلِيمَ النَّفْسِ إلَيْهِ كَتَسْلِيمِهَا إلَى الْمَقْتُولِ بِمَنْزِلَةِ تَسْلِيمِ الْمَالِ الَّذِي عَلَيْهِ لِوَارِثِهِ؛ فَإِنَّهُ يَقُومُ مَقَامَ تَسْلِيمِ الْمُوَرِّثِ.

(وَالتَّحْقِيقُ) فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ (أَنَّ الْقَتْلَ يَتَعَلَّقُ بِهِ) ثَلَاثَةُ حُقُوقٍ (حَقٌّ لِلَّهِ وَ) حَقٌّ (لِلْمَقْتُولِ وَ) حَقٌّ (لِوَلِيِّهِ) فَإِذَا سَلَّمَ الْقَاتِلُ نَفْسَهُ طَوْعًا وَاخْتِيَارًا إلَى الْوَلِيِّ نَدَمًا عَلَى مَا فَعَلَ، وَخَوْفًا مِنْ اللَّهِ، وَتَوْبَةً نَصُوحًا (فَحَقُّ اللَّهِ يَسْقُطُ بِتَوْبَتِهِ وَتَسْلِيمِ نَفْسِهِ لِلْوَلِيِّ، وَحَقُّ الْوَلِيِّ يَسْقُطُ بِالِاسْتِيفَاءِ أَوْ الصُّلْحِ أَوْ الْعَفْوِ، وَيَبْقَى حَقُّ الْمَقْتُولِ يُعَوِّضُهُ اللَّهُ عَنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) عَنْ عَبْدِهِ التَّائِبِ الْمُحْسِنِ (وَيُصْلِحُ

ص: 4

بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ) وَلَا يَذْهَبُ حَقُّ هَذَا، وَلَا تَبْطُلُ تَوْبَةُ هَذَا. انْتَهَى (مَا قَالَهُ ابْنُ الْقَيِّمِ) بَرَّدَ اللَّهُ مَضْجَعَهُ.

(وَالْقَتْلُ) فِعْلُ مَا يَكُونُ سَبَبًا لِزُهُوقِ النَّفْسِ، وهُوَ مُفَارَقَةُ الرُّوحِ الْبَدَنَ (ثَلَاثَةُ أَضْرُبٍ) ؛ أَيْ: أَصْنَافٍ. أَحَدُهَا: (عَمْدٌ يَخْتَصُّ الْقَوَدُ بِهِ) دُونَ قَسِيمَيْهِ. وَالثَّانِي: (شِبْهُ عَمْدٍ) وَيُقَالُ: خَطَأُ الْعَمْدِ وَعَمْدُ الْخَطَأِ. (وَ) الثَّالِثُ: (خَطَأٌ) وَهَذَا تَقْسِيمُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَأَنْكَرَ مَالِكٌ شِبْهَ الْعَمْدِ، وَقَالَ: لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ إلَّا الْعَمْدُ وَالْخَطَأُ، وَجَعَلَ شِبْهَ الْعَمْدِ مِنْ قِسْمِ الْعَمْدِ، وَحُكِيَ عَنْهُ مِثْلُ قَوْلِ الْجَمَاعَةِ، وَهُوَ الصَّوَابُ؛ لِمَا رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: أَلَا إنَّ دِيَةَ الْخَطَإِ شِبْهِ الْعَمْدِ مَا كَانَ بِالسَّوْطِ وَالْعَصَا مِائَةٌ مِنْ الْإِبِلِ، مِنْهَا أَرْبَعُونَ فِي بُطُونِهَا أَوْلَادُهَا.» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد

وَهَذَا نَصٌّ فِي ثُبُوتِ شِبْهِ الْعَمْدِ، وَقَسَّمَهُ الْمُوَفَّقُ فِي " الْمُقْنِعِ " إلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ، فَزَادَ مَا أُجْرِيَ مَجْرَى الْخَطَإِ، وَهُوَ أَنْ يَتَقَلَّبَ النَّائِمُ عَلَى شَخْصٍ فَيَقْتُلَهُ، وَمَنْ يُقْتَلُ بِسَبَبٍ، كَحَفْرِ بِئْرٍ مُحَرَّمٍ، وَنَحْوِهِ مِنْ الصُّوَرِ عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ قِسْمِ الْخَطَإِ.

(فَالْعَمْدُ) الَّذِي يَخْتَصُّ بِهِ الْقَوَدُ (أَنْ يَقْصِدَ) الْجَانِي (- مَنْ يَعْلَمُ - آدَمِيًّا مَعْصُومًا، فَيَقْتُلُهُ بِمَا) ؛ أَيْ: شَيْءٍ (يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ مَوْتُهُ بِهِ) مُحَدَّدًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ؛ فَلَا قِصَاصَ إنْ لَمْ يَقْصِدْ الْقَتْلَ، أَوْ قَصَدَهُ بِمَا لَا يَقْتُلُ غَالِبًا.

(وَلَهُ) ؛ أَيْ: الْعَمْدِ الَّذِي يَخْتَصُّ بِهِ الْقَوَدُ (تِسْعُ صُوَرٍ) بِالِاسْتِقْرَاءِ. (أَحَدُهَا: أَنْ يَجْرَحَهُ بِمَا لَهُ نُفُوذٌ) ؛ أَيْ: دُخُولٌ وَتَرَدُّدٌ فِي الْبَدَنِ، مِنْ حَدِيدٍ، كَسِكِّينٍ وَحَرْبَةٍ وَسَيْفٍ وَسِنَانٍ وَقَدُّومٍ (وَمِسَلَّةٍ) بِكَسْرِ الْمِيمِ، (أَوْ) مِنْ (غَيْرِهِ) ؛ أَيْ: الْحَدِيدِ (كَشَوْكَةٍ) وَخَشَبٍ وَقَصَبٍ وَعَظْمٍ، وَكَذَا نُحَاسٌ وَذَهَبٌ وَفِضَّةٌ وَنَحْوُهُ، فَإِذَا جَرَحَهُ فَمَاتَ بِهِ فَعَمْدٌ.

(وَلَوْ) كَانَ جُرْحُهُ (صَغِيرًا كَشَرْطِ حَجَّامٍ) فَمَاتَ، وَلَوْ طَالَتْ عِلَّتُهُ مِنْهُ وَلَا عِلَّةَ بِهِ غَيْرُهُ، وَلَوْ كَانَ فِي غَيْرِ مَقْتَلٍ كَالْأَطْرَافِ؛ لِأَنَّ الْمُحَدَّدَ لَا يُعْتَبَرُ فِيهِ غَلَبَةُ الظَّنِّ فِي حُصُولِ الْقَتْلِ بِهِ، بِدَلِيلِ

ص: 5

مَا لَوْ قَطَعَ شَحْمَةَ أُذُنِهِ أَوْ أُنْمُلَتَهُ فَمَاتَ؛ وَرَبْطًا لِلْحُكْمِ بِكَوْنِهِ مُحَدَّدًا، لِتَعَذُّرِ ضَبْطِهِ بِغَلَبَةِ الظَّنِّ، وَلَا يُعْتَبَرُ ظُهُورُ الْحُكْمِ فِي آحَادِ صُوَرٍ مَظِنَّةٌ، بَلْ يَكْفِي احْتِمَالُ الْحِكْمَةِ، وَلِأَنَّ الْعَمْدَ لَا يَخْتَلِفُ مَعَ اتِّحَادِ الْآلَةِ وَالْفِعْلِ بِسُرْعَةِ الْإِفْضَاءِ وَإِبْطَائِهِ؛ وَلِأَنَّ فِي الْبَدَنِ مَقَاتِلَ خَفِيَّةً، وَهَذَا لَهُ سِرَايَةٌ وَمَوْرٌ؛ فَأَشْبَهَ الْجُرْحَ الْكَبِيرَ، أَوْ كَانَ جَرَحَهُ بِشَيْءٍ صَغِيرٍ كَغَرْزِهِ بِإِبْرَةٍ أَوْ شَوْكَةٍ (فِي مَقْتَلٍ كَالْفُؤَادِ) ؛ أَيْ: الْقَلْبِ (وَالْخُصْيَتَيْنِ) وَالْخَاصِرَةِ وَالصُّدْغِ، وَأَصْلِ الْأُذُنِ (أَوْ لَا) يَكُونُ جَرَحَهُ فِي مَقْتَلٍ كَمَا لَوْ جَرَحَهُ فِي (فَخِذٍ وَيَدٍ فَتَطُولُ عِلَّتُهُ) مِنْ ذَلِكَ (أَوْ يَصِيرُ مُتَأَلِّمًا حَتَّى يَمُوتَ، أَوْ يَمُوتَ فِي الْحَالِ) فَفِي ذَلِكَ كُلِّهِ الْقَوَدُ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ مَاتَ بِفِعْلِ الْجَانِي (وَلَوْ لَمْ يُدَاوِ مَجْرُوحٌ قَادِرٌ) عَلَى مُدَاوَاةِ (جُرْحِهِ) حَتَّى يَمُوتَ؛ لِأَنَّ الدَّوَاءَ لَيْسَ بِوَاجِبٍ، بَلْ وَلَا مُسْتَحَبٍّ.

(وَمَنْ قَطَعَ) ؛ أَيْ: أَبَانَ سِلْعَةً خَطِرَةً مِنْ أَجْنَبِيٍّ مُكَلَّفٍ بِغَيْرِ إذْنِهِ، فَمَاتَ فَعَلَيْهِ الْقَوَدُ (أَوْ بَطَّ) ؛ أَيْ: شَرَطَ (سِلْعَةً) بِكَسْرِ السِّينِ، وَهِيَ غُدَّةٌ تَظْهَرُ بَيْنَ الْجِلْدِ وَاللَّحْمِ إذَا غُمِزَتْ بِالْيَدِ تَحَرَّكَتْ (خَطِرَةً) لِيُخْرِجَ مَا فِيهَا مِنْ مَادَّةٍ (مِنْ مُكَلَّفٍ بِلَا إذْنِهِ، فَمَاتَ) مِنْهُ (فَعَلَيْهِ الْقَوَدُ) لِأَنَّهُ جَرَحَهُ بِلَا إذْنِهِ جُرْحًا لَا يَجُوزُ لَهُ؛ فَكَانَ عَلَيْهِ الْقَوَدُ حَيْثُ تَعَمَّدَهُ كَغَيْرِهِ، وَلَا قَوَدَ إنْ قَطَعَهَا أَوْ بَطَّهَا (وَلِيٌّ مِنْ مَجْنُونٍ وَصَغِيرٍ لِمَصْلَحَةٍ) وَمِثْلُهُ حَاكِمٌ (وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ) سَوَاءٌ كَانَ الْوَلِيُّ أَبًا أَوْ وَصِيَّهُ؛ لِأَنَّهُ مُحْسِنٌ بِذَلِكَ، كَمَا لَوْ خَتَنَهُ فَمَاتَ.

الصُّورَةُ (الثَّانِيَةُ: أَنْ يَضْرِبَهُ بِمُثْقَلٍ) كَبِيرٍ (فَوْقَ عَمُودِ الْفُسْطَاطِ) الَّذِي تَتَّخِذُهُ الْعَرَبُ لِبُيُوتِهَا فِيهِ رِقَّةٌ وَرَشَاقَةٌ (لَا) بِمُثْقَلٍ (كَهُوَ) ؛ أَيْ: عَمُودَيْ الْفُسْطَاطِ نَصًّا.

(وَهِيَ الْخَشَبَةُ الَّتِي يَقُومُ عَلَيْهَا بَيْتُ الشَّعْرِ)«لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمَّا سُئِلَ عَنْ الْمَرْأَةِ الَّتِي ضَرَبَتْ جَارَتَهَا بِعَمُودِ فُسْطَاطٍ فَقَتَلَتْهَا وَجَنِينَهَا، قَضَى فِي الْجَنِينِ بِغُرَّةٍ وَقَضَى بِدِيَةِ الْمَرْأَةِ عَلَى عَاقِلَتِهَا» وَالْعَاقِلَةُ لَا تَحْمِلُ الْعَمْدَ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْقَتْلَ بِعَمُودِ الْفُسْطَاطِ لَيْسَ بِعَمْدٍ، وَأَنَّ الْعَمْدَ يَكُونُ بِمَا فَوْقَهُ،

ص: 6

وَأَمَّا الْعَمُودُ الَّذِي تَتَّخِذُهُ التُّرْكُ وَغَيْرُهُمْ لِخِيَامِهِمْ؛ فَالْقَتْلُ بِهِ عَمْدٌ؛ لِأَنَّهُ يَقْتُلُ غَالِبًا، أَوْ يَضْرِبُهُ (بِمَا يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ مَوْتُهُ بِهِ) لِثِقَلِهِ (مِنْ كُوذَيْنِ: وَهُوَ مَا يَدُقُّ بِهِ الدَّقَّاقُ الثِّيَابَ وَ) مِنْ (لُتٍّ) بِضَمِّ اللَّامِ وَتَشْدِيدِ الْمُثَنَّاةِ فَوْقُ (نَوْعٌ مِنْ السِّلَاحِ) مَعْرُوفٌ (وَدَبُّوسٍ وَسِنْدَانِ) حَدَّادٍ (وَحَجَرٍ كَبِيرٍ وَلَوْ) كَانَ ضَرَبَهُ بِذَلِكَ (فِي غَيْرِ مَقْتَلٍ) فَيَمُوتُ؛ فَيُقَادُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ يَقْتُلُ غَالِبًا، فَيَتَنَاوَلُهُ قَوْله تَعَالَى {وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا} [الإسراء: 33] " وَقَوْلُهُ: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى} [البقرة: 178] وَلِحَدِيثِ أَنَسٍ: «أَنَّ يَهُودِيًّا قَتَلَ جَارِيَةً عَلَى أَوْضَاحٍ لَهَا بِحَجَرٍ، فَقَتَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وَلِأَنَّ الْمُثْقَلَ الْكَبِيرَ يَقْتُلُ غَالِبًا؛ أَشْبَهَ الْمُحَدَّدَ. وَأَمَّا حَدِيثُ: «أَلَا إنَّ فِي قَتِيلِ خَطَإِ الْعَمْدِ بِالسَّوْطِ وَالْعَصَا وَالْحَجَرِ مِائَةً مِنْ الْإِبِلِ» فَالْمُرَادُ الْحَجَرُ الصَّغِيرُ جَمْعًا بَيْنَ الْأَخْبَارِ؛ وَلِأَنَّهُ قَرَنَهُ بِالْعَصَا وَالسَّوْطِ؛ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ مَا يُشْبِهُهُمَا، أَوْ يَضْرِبُهُ (فِي مَقْتَلٍ) بِمُثْقَلٍ (دُونَ ذَلِكَ) الْمُتَقَدِّمِ، أَوْ يَضْرِبُهُ فِي حَالِ (ضَعْفِ قُوَّةٍ مِنْ مَرَضٍ وَصِغَرٍ وَكِبَرٍ وَحَرٍّ وَبَرْدٍ وَنَحْوِهِ) كَإِعْيَاءٍ (بِدُونٍ بِذَلِكَ) كَحَجَرٍ صَغِيرٍ فَيَمُوتُ (أَوْ يُكَرِّرُ الضَّرْبَ) بِمَا لَا يَقْتُلُ غَالِبًا كَعَصًا (وَخَشَبَةٍ صَغِيرَةٍ أَوْ حَجَرٍ صَغِيرٍ) حَتَّى يَمُوتَ (أَوْ يُلْقِيَ عَلَيْهِ حَائِطًا أَوْ سَقْفًا) مِمَّا يَقْتُلُ غَالِبًا، فَيَمُوتُ (أَوْ يُلْقِيهِ مِنْ شَاهِقٍ فَيَمُوتُ) فَفِيهِ كُلِّهِ الْقَوَدُ؛ لِأَنَّهُ يَقْتُلُ غَالِبًا (وَإِنْ قَالَ) جَانٍ (لَمْ أَقْصِدْ) بِذَلِكَ (قَتْلَهُ لَمْ يُصَدَّقْ) أَوْ ادَّعَى جَهْلَ الْمَرَضِ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ.

الصُّورَةُ (الثَّالِثَةُ: أَنْ يُلْقِيَهُ بِزُبْيَةِ أَسَدٍ) بِضَمِّ الزَّايِ؛ أَيْ: حَفِيرَتِهِ (وَنَحْوِهِ) كَنَمِرٍ فَيَقْتُلُهُ (أَوْ) يُلْقِيهِ (مَكْتُوفًا بِفَضَاءٍ بِحَضْرَةِ ذَلِكَ) ؛ أَيْ: الْأَسَدِ وَنَحْوِهِ، فَيَقْتُلُهُ، أَوْ يُلْقِيهِ (فِي مَضِيقٍ بِحَضْرَةِ حَيَّةٍ) فَيَقْتُلُهُ (أَوْ يُنْهِشُهُ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ (كَلْبًا أَوْ حَيَّةً)

ص: 7

مِنْ الْقَوَاتِلِ (أَوْ يُلْسِعُهُ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ (عَقْرَبًا مِنْ) الْعَقَارِبِ (الْقَوَاتِلِ غَالِبًا) فَيَمُوتُ (فَيُقْتَلُ بِهِ) ؛ لِأَنَّهُ مِمَّا يَقْتُلُ غَالِبًا، وَالسَّبُعُ وَنَحْوُهُ كَالْآلَةِ لِلْآدَمِيِّ، فَيُشْتَرَطُ أَنْ يَفْعَلَ بِهِ الْأَسَدُ وَنَحْوُهُ فِعْلًا يَقْتُلُ مِثْلُهُ، وَإِنْ كَانَ مَا ذُكِرَ لَا يَقْتُلُ غَالِبًا، كَثُعْبَانِ الْحِجَازِ أَوْ سَبُعٍ صَغِيرٍ، أَوْ كَلْبٍ صَغِيرٍ، أَوْ كَتَّفَهُ وَأَلْقَاهُ فِي أَرْضٍ غَيْرِ مَسْبَعَةٍ، فَأَكَلَهُ سَبُعٌ أَوْ نَهَشَتْهُ حَيَّةٌ فَمَاتَ؛ فَشِبْهُ عَمْدٍ، فَيَضْمَنُهُ بِالدِّيَةِ عَلَى عَاقِلَتِهِ، وَالْكَفَّارَةُ فِي مَالِهِ؛ لِأَنَّهُ فَعَلَ فِعْلًا تَلِفَ بِهِ، وَهُوَ لَا يَقْتُلُ مِثْلُهُ غَالِبًا.

تَتِمَّةٌ: وَإِنْ أَلْقَاهُ فِي مَوْضِعٍ لَمْ يُعْهَدْ وُصُولُ زِيَادَةِ الْمَاءِ إلَيْهِ، أَوْ تُحْتَمَلُ زِيَادَةُ الْمَاءِ وَعَدَمُهَا فِيهِ، فَوَصَلَتْ إلَيْهِ الزِّيَادَةُ، وَمَاتَ بِهَا؛ فَشِبْهُ عَمْدٍ لِمَا سَبَقَ، وَإِنْ كَانَ يَعْلَمُ زِيَادَةَ الْمَاءِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ، وَأَلْقَاهُ مَشْدُودًا، فَمَاتَ بِهِ؛ فَهُوَ عَمْدٌ؛ لِأَنَّهُ يَقْتُلُ غَالِبًا.

الصُّورَةُ (الرَّابِعَةُ: أَنْ يُلْقِيَهُ فِي مَاءٍ يُغْرِقُهُ أَوْ نَارٍ وَلَا يُمْكِنُهُ التَّخَلُّصُ) مِنْهُمَا إمَّا لِكَثْرَتِهِمَا أَوْ لِعَجْزِهِ عَنْ التَّخَلُّصِ لِمَرَضٍ أَوْ ضَعْفٍ أَوْ صِغَرٍ، أَوْ كَانَ مَرْبُوطًا، أَوْ مَنَعَهُ الْخُرُوجَ كَوْنُهُ فِي حُفْرَةٍ لَا يَقْدِرُ عَلَى الصُّعُودِ مِنْهَا (فَيَمُوتُ) فَيُقْتَلُ بِهِ؛ لِمَا تَقَدَّمَ؛ لِأَنَّ الْمَوْتَ حَصَلَ بَعْدَ فِعْلٍ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ إسْنَادُ الْقَتْلِ إلَيْهِ؛ فَوَجَبَ كَوْنُهُ عَمْدًا، وَكَذَا إنْ حَبَسَهُ فِي بَيْتٍ، وَأَوْقَدَ فِيهِ نَارًا، أَوْ سَدَّ الْمَنَافِذَ الَّتِي لِلْبَيْتِ حَتَّى اشْتَدَّ الدُّخَانُ وَضَاقَ بِهِ النَّفَسُ، أَوْ دَفَنَهُ حَيًّا، أَوْ أَلْقَاهُ فِي بِئْرٍ ذَاتِ نَفَسٍ عَالِمًا بِذَلِكَ فَمَاتَ؛ فَعَمْدٌ (وَإِنْ أَمْكَنَهُ) التَّخَلُّصُ (فِيهِمَا) ؛ أَيْ: مَسْأَلَتَيْ إلْقَائِهِ فِي الْمَاءِ وَالنَّارِ، فَتَرَكَهُ حَتَّى مَاتَ فَهُوَ (هَدَرٌ) لَا شَيْءَ فِيهِ؛ لِمَوْتِهِ بِفِعْلِ نَفْسِهِ، وَهَذَا ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي " الْمُحَرَّرِ "، وَقَدَّمَهُ فِي " الرِّعَايَتَيْنِ "، وَالْحَاوِي " وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ ".

وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُنْتَهَى " (لَا أَنَّهُ يَضْمَنُهُ فِي) الْمَسْأَلَةِ (الْأَخِيرَةِ) ، وَهِيَ مَا إذَا أَلْقَاهُ فِيمَا يُمْكِنُهُ التَّخَلُّصُ مِنْهُ (بِالدِّيَةِ خِلَافًا لَهُ) ؛ أَيْ: لِصَاحِبِ الْإِقْنَاعِ "؛ فَإِنَّهُ قَالَ، وَإِنْ كَانَ؛ أَيْ: أَلْقَاهُ فِي نَارٍ يُمْكِنُهُ التَّخَلُّصُ مِنْهَا فَلَمْ يَخْرُجْ حَتَّى مَاتَ؛ فَلَا قَوَدَ، وَيَضْمَنُهُ بِالدِّيَةِ. انْتَهَى.

وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الْمَذْهَبَ مَا قَالَهُ

ص: 8

الْمُصَنِّفُ، وَإِنَّمَا تُعْلَمُ قُدْرَةُ الْمُلْقَى فِي الْمَاءِ أَوْ النَّارِ عَلَى التَّخَلُّصِ بِقَوْلِهِ: أَنَا قَادِرٌ عَلَى التَّخَلُّصِ أَوْ نَحْوُ هَذَا.

الصُّورَةُ (الْخَامِسَةُ: أَنْ يَخْنُقَهُ بِحَبْلٍ أَوْ غَيْرِهِ) فَيَمُوتُ؛ فَيُقْتَلُ بِهِ، سَوَاءٌ جَعَلَ فِي عُنُقِهِ خُرَاطَةً، ثُمَّ عَلَّقَهُ فِي شَيْءٍ عَنْ الْأَرْضِ، فَيُخْنَقُ، فَيَمُوتُ فِي الْحَالِ أَوْ بَعْدَ زَمَنٍ، كَمَا يُفْعَلُ بِنَحْوِ اللُّصُوصِ، أَوْ خَنَقَهُ بِيَدِهِ أَوْ نَحْوِ حَبْلٍ، وَهُوَ عَلَى الْأَرْضِ (أَوْ يَسُدُّ فَمَهُ، وَأَنْفَهُ) زَمَنًا يَمُوتُ فِي مِثْلِهِ عَادَةً، فَيَمُوتُ (أَوْ بِعَصْرِ خُصْيَتَيْهِ زَمَنًا يَمُوتُ فِي مِثْلِهِ غَالِبًا، فَيَمُوتُ) فَيُقْتَلُ بِهِ لِمَا سَبَقَ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ سَدُّ الْفَمِ، وَالْأَنْفِ جَمِيعًا، فَلَوْ سَدَّ أَحَدَهُمَا فَلَا قَوَدَ. قَالَ فِي " الْمُبْدِعِ ": لِأَنَّ الْحَيَاةَ فِي الْغَالِبِ لَا تَفُوتُ إلَّا بِسَدِّهِمَا، وَإِنْ كَانَ سَدَّ الْفَمَ، وَالْأَنْفَ، أَوْ عَصَرَ الْخُصْيَتَيْنِ فِي مُدَّةٍ لَا يَمُوتُ مِثْلُهُ فِيهَا غَالِبًا؛ فَشِبْهُ عَمْدٍ، إلَّا أَنْ يَكُونَ يَسِيرًا إلَى الْغَايَةِ، بِحَيْثُ لَا يُتَوَهَّمُ الْمَوْتُ فِيهِ، فَمَاتَ فَهَدَرٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْتُلْهُ.

تَتِمَّةٌ: إذَا خَنَقَهُ، وَتَرَكَهُ مُتَأَلِّمًا حَتَّى مَاتَ فَفِيهِ الْقَوَدُ؛ لِأَنَّهُ قَتَلَهُ بِمَا يَقْتُلُ غَالِبًا.

وَإِنْ تَنَفَّسَ الْمَخْنُوقُ، وَصَحَّ بَعْدَ الْخَنْقِ ثُمَّ مَاتَ؛ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْخَانِقِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْتُلْهُ؛ أَشْبَهَ مَا لَوْ بَرِئَ الْجُرْحُ ثُمَّ مَاتَ.

الصُّورَةُ (السَّادِسَةُ: أَنْ يَحْبِسَهُ، وَيَمْنَعَهُ الطَّعَامَ، وَالشَّرَابَ) أَوْ وَاحِدًا مِنْهُمَا (فَيَمُوتُ جُوعًا، وَعَطَشًا لِزَمَنٍ يَمُوتُ فِيهِ مِنْ ذَلِكَ غَالِبًا) فَيُقَادُ بِهِ (بِشَرْطِ تَعَذُّرِ الطَّلَبِ عَلَيْهِ) ، وَيَخْتَلِفُ ذَلِكَ بِاخْتِلَافِ النَّاسِ، وَالزَّمَنِ، وَالْحَالِ، فَفِي شِدَّةِ الْحَرِّ إذَا عَطَّشَهُ يَمُوتُ فِي الزَّمَنِ الْقَلِيلِ، بِخِلَافِ زَمَنِ الْبَرْدِ، وَالِاعْتِدَالِ (وَإِلَّا) يَتَعَذَّرْ عَلَيْهِ الطَّلَبُ (فَلَا قَوَدَ، وَلَا دِيَةَ وَلَا حَدَّ، كَتَرْكِهِ) ؛ أَيْ: الْمَقْصُودِ ظُلْمًا (شَدَّ فَصْدِهِ) لِحُصُولِ مَوْتِهِ بِفِعْلِ نَفْسِهِ، وَتَسَبُّبِهِ فِيهِ، وَأَمَّا لَوْ مَنَعَهُ الْفَاصِدُ شَدَّ الْفَصْدِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ حَبْسِهِ، وَمَنْعِهِ الطَّعَامَ، وَالشَّرَابَ حَتَّى مَاتَ؛ فَيُقَادُ بِهِ (أَوْ يَمْنَعُهُ الدِّفْءَ فِي الْبَرْدِ الْمُهْلِكِ) قَالَهُ ابْنُ عَقِيلٍ فَيَمُوتُ؛ فَيُقَادُ بِهِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَجْرَى الْعَادَةَ بِالْمَوْتِ عِنْدَ ذَلِكَ، فَإِذَا تَعَمَّدَهُ الْإِنْسَانُ فَقَدْ تَعَمَّدَ الْقَتْلَ.

ص: 9

تَتِمَّةٌ: وَإِنْ كَانَ حَبَسَهُ مَعَ مَنْعِهِ الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ وَنَحْوَهُ فِي مُدَّةٍ لَا يَمُوتُ فِيهَا غَالِبًا؛ فَهُوَ عَمْدُ الْخَطَإِ، وَإِنْ شَكَكْنَا فِي الْمُدَّةِ لَمْ يَجِبْ الْقَوَدُ؛ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ مُوجِبِهِ.

الصُّورَةُ (السَّابِعَةُ: أَنْ يَسْقِيَهُ سُمًّا) يَقْتُلُ غَالِبًا (لَا يَعْلَمُ بِهِ) شَارِبُهُ (أَوْ يَخْلِطَهُ بِطَعَامٍ، وَيُطْعِمَهُ) لِمَنْ لَا يَعْلَمُ بِهِ (أَوْ) يَخْلِطَهُ (بِطَعَامٍ أَكَلَهُ، فَيَأْكُلُهُ جَهْلًا) بِهِ (فَيَمُوتُ) فَيُقَادُ بِهِ كَمَا لَوْ قَتَلَهُ بِمُحَدَّدٍ، لِمَا رُوِيَ:«أَنَّ يَهُودِيَّةً أَتَتْ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بِشَاةٍ مَسْمُومَةٍ فَأَكَلَ مِنْهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، وَبَشِيرُ بْنُ الْعَلَاءِ، فَلَمَّا مَاتَ بَشِيرٌ أَرْسَلَ إلَيْهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَاعْتَرَفَتْ، فَأَمَرَ بِقَتْلِهَا» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد.

(فَإِنْ عَلِمَ بِهِ) ؛ أَيْ: السُّمِّ (آكِلٌ مُكَلَّفٌ) فَهَدَرٌ، كَمَا لَوْ قَدَّمَ إلَيْهِ سِكِّينًا فَقَتَلَ نَفْسَهُ، وَإِنْ كَانَ الْآكِلُ غَيْرَ مُكَلَّفٍ ضَمِنَهُ، وَاضِعُ السُّمِّ؛ لِأَنَّ غَيْرَ الْمُكَلَّفِ لَا عِبْرَةَ بِفِعْلِهِ (أَوْ خَلَطَهُ) ؛ أَيْ: السُّمَّ (بِطَعَامِ نَفْسِهِ، فَأَكَلَهُ أَحَدٌ بِلَا إذْنِهِ؛ فَهَدَرٌ) لِأَنَّهُ لَمْ يَقْتُلْهُ، وَإِنَّمَا هُوَ قَتَلَ نَفْسَهُ؛ أَشْبَهَ مَا لَوْ حَفَرَ فِي دَارِهِ بِئْرًا لِيَقَعَ فِيهِ اللِّصُّ إذَا دَخَلَ يَسْرِقُ مِنْهَا، وَسَوَاءٌ دَخَلَ بِإِذْنِهِ أَوْ بِغَيْرِهِ حَيْثُ لَمْ يَأْذَنْهُ فِي الْأَكْلِ، وَإِنْ كَانَ مَا سَقَاهُ لَهُ مِمَّا لَا يَقْتُلُ غَالِبًا فَقَتَلَهُ؛ فَشِبْهُ عَمْدٍ؛ لِأَنَّهُ قَصَدَ الْجِنَايَةَ بِمَا لَا يَقْتُلُ غَالِبًا، وَإِنْ اُخْتُلِفَ فِي السُّمِّ الْمُسْقَى لَهُ، هَلْ يَقْتُلُ غَالِبًا أَوْ لَا -، وَثَمَّ بَيِّنَةٌ لِأَحَدِهِمَا عُمِلَ بِهَا إذَا كَانَتْ مِنْ ذَوِي الْخِبْرَةِ، وَإِنْ قَالَتْ الْبَيِّنَةُ: إنَّ ذَلِكَ السُّمَّ يَقْتُلُ النِّصْفَ الضَّعِيفَ دُونَ الْقَوِيِّ، أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ؛ عُمِلَ عَلَى حَسَبِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مُمْكِنٌ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَ أَحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ؛ فَالْقَوْلُ قَوْلُ السَّاقِي؛ لِأَنَّهُ مُنْكِرٌ.

الصُّورَةُ (الثَّامِنَةُ: أَنْ يَقْتُلَهُ بِسِحْرٍ) يَعْلَمُ أَنَّهُ (يَقْتُلُ غَالِبًا) فَيُقْتَلُ بِهِ - أَيْ: قَوَدًا - كَمَا فِي الْمُنْتَهَى " لِأَنَّهُ قَتَلَهُ بِمَا يَقْتُلُ غَالِبًا.

وَقَالَ ابْنُ الْبَنَّا: يُقْتَلُ حَدًّا بِالسَّيْفِ فِي مِفْصَلِ عُنُقِهِ، وَتَجِبُ دِيَةُ الْمَقْتُولِ فِي تَرِكَتِهِ، وَصَحَّحَهُ فِي " الْإِنْصَافِ "، وَجَزَمَ بِهِ فِي " الْإِقْنَاعِ " فَإِنْ كَانَ السُّمُّ أَوْ السِّحْرُ مِمَّا لَا يَقْتُلُ غَالِبًا فَشِبْهُ عَمْدٍ،

ص: 10

وَيَأْتِي فِي التَّعْزِيرِ حُكْمُ الْمِعْيَانِ، وَالْقَاتِلِ بِالْحَالِ (وَمَتَى ادَّعَى قَاتِلٌ بِسُمٍّ أَوْ سِحْرٍ عَدَمَ عِلْمِهِ أَنَّهُ) ؛ أَيْ: السُّمَّ أَوْ السِّحْرَ (قَاتِلٌ) لَمْ يُقْتَلْ؛ لِأَنَّهُمَا مِنْ جِنْسِ مَا يَقْتُلُ؛ أَشْبَهَ مَا لَوْ جَرَحَهُ، وَقَالَ: لَمْ أَعْلَمْ أَنَّ الْجُرْحَ يَقْتُلُهُ.

أَوْ ادَّعَى قَاتِلٌ بِسُمٍّ أَوْ سِحْرٍ (جَهْلَ مَرَضٍ) يَقْتُلُ مَعَهُ السُّمُّ أَوْ السِّحْرُ، وَكَذَا لَوْ ضَرَبَهُ بِمَا لَا يَقْتُلُ غَالِبًا فِي الصِّحَّةِ، وَكَانَ مَرِيضًا فَمَاتَ، وَادَّعَى الضَّارِبُ جَهْلَ مَرَضٍ (لَمْ يُقْبَلْ) مِنْهُ ذَلِكَ (، وَيَتَّجِهُ مَا لَمْ يَكُنْ مَرَضُهُ خَفِيًّا) لَا يُدْرَكُ، فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ فَالظَّاهِرُ قَبُولُ قَوْلِهِ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ.

الصُّورَةُ (التَّاسِعَةُ: أَنْ يَشْهَدَ رَجُلَانِ) فَأَكْثَرَ (عَلَى شَخْصٍ بِقَتْلٍ عَمْدٍ أَوْ بِرِدَّةٍ حَيْثُ امْتَنَعَتْ تَوْبَتُهُ) كَأَنْ شَهِدَا أَنَّهُ سَبَّ اللَّهَ أَوْ رَسُولَهُ أَوْ تَكَرَّرَتْ رِدَّتُهُ، أَوْ أَنَّهُ زِنْدِيقٌ أَوْ سَاحِرٌ أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ كَمَا يَأْتِي فِي بَابِهِ، أَوْ يَشْهَدَ (أَرْبَعَةٌ) فَأَكْثَرُ (بِزِنَا مُحْصَنٍ، فَيُقْتَلُ) بِشَهَادَتِهِمْ (ثُمَّ تَرْجِعُ الْبَيِّنَةُ، وَتَقُولُ: عَمَدْنَا قَتْلَهُ، أَوْ يَقُولُ الْحَاكِمُ: عَلِمْت بِكَذِبِهِمَا أَوْ كِذْبَهُمْ، وَعَمَدْت قَتْلَهُ، أَوْ) يَقُولُ (الْوَلِيُّ عَلِمْت كِذْبَهُمَا، وَعَمَدْت قَتْلَهُ؛ فَيُقَادُ بِذَلِكَ) كُلِّهِ، وَشِبْهِهِ، بِشَرْطِ الْقَوَدِ الْآتِي فِي بَابِهِ؛ لِمَا رَوَى الْقَاسِمُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ رَجُلَيْنِ شَهِدَا عِنْدَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ سَرَقَ، فَقَطَعَهُ، ثُمَّ رَجَعَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا فَقَالَ عَلِيٌّ: لَوْ أَعْلَمُ أَنَّكُمَا تَعَمَّدْتُمَا لَقَطَعْت أَيْدِيَكُمَا

وَلِأَنَّهُمَا تَوَصَّلَا إلَى قَتْلِهِ بِسَبَبِ يَقْتُلُ غَالِبًا أَشْبَهَ الْمُكْرَهَ.

(وَلَا قَوَدَ عَلَى بَيِّنَةٍ، وَ) لَا عَلَى (حَاكِمٍ مَعَ مُبَاشَرَةٍ وَلِيٍّ) عَالِمٍ بِالْحَالِ؛ لِمُبَاشَرَتِهِ الْقَتْلَ عَمْدًا عُدْوَانًا، وَغَيْرُهُ مُتَسَبِّبٌ، وَالْمُبَاشَرَةُ تُبْطِلُ حُكْمَ التَّسَبُّبِ كَالدَّافِعِ مَعَ الْحَافِرِ.

ص: 11

(، وَيَخْتَصُّ بِهِ) ؛ أَيْ: الْقِصَاصَ إذَا لَمْ يُبَاشِرْ الْوَلِيُّ الْقَتْلَ (مَعَ عَمْدِ الْجَمِيعِ) يَخْتَصُّ (مُبَاشِرٌ عَالِمٌ) أَقَرَّ بِالْعِلْمِ، وَتَعَمَّدَ الْقَتْلَ ظُلْمًا؛ لِمُبَاشَرَتِهِ الْقَتْلَ عَمْدًا ظُلْمًا بِلَا إكْرَاهٍ، فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْوَكِيلُ ذَلِكَ (فَوَلِيٌّ) أَقَرَّ بِعِلْمِهِ بِكَذِبِ الشُّهُودِ، وَفَسَادِ الْحُكْمِ بِالْقَتْلِ، وَتَعَمَّدَ الْقَتْلَ ظُلْمًا؛ لِمَا سَبَقَ فَإِنْ جَهِلَ الْوَلِيُّ ذَلِكَ (فَبَيِّنَةٌ، وَحَاكِمٌ) عَلِمَ كَذِبَهَا؛ لِتَسَبُّبِ الْجَمِيعِ فِي الْقَتْلِ ظُلْمًا حَيْثُ عَلِمُوا ذَلِكَ (وَمَتَى لَزِمَتْ حَاكِمًا، وَبَيِّنَةَ دِيَةٍ) كَأَنْ عَفَا الْوَلِيُّ إلَى الدِّيَةِ، فَهِيَ (عَلَى عَدَدِهِمْ، وَالْحَاكِمُ كَوَاحِدٍ مِنْهُمْ) ؛ لِاسْتِوَائِهِمْ فِي التَّسَبُّبِ.

(وَلَوْ قَالَ وَاحِدٌ مِنْ) شُهُودٍ (ثَلَاثَةٍ فَأَكْثَرَ: عَمَدْنَا) قَتْلَهُ، وَقَالَ آخَرُ مِنْهُمْ (أَخْطَأْنَا؛ فَلَا قَوَدَ) عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمْ؛ لِتَمَامِ النِّصَابِ بِدُونِهِ (وَعَلَى مَنْ قَالَ) مِنْهُمْ (عَمَدْنَا، حِصَّتُهُ مِنْ الدِّيَةِ الْمُغَلَّظَةِ) مُؤَاخَذَةً لَهُ بِإِقْرَارِهِ، وَ (عَلَى الْآخَرِ) حِصَّتُهُ (مِنْ) الدِّيَةِ (الْمُخَفَّفَةِ) ؛ لِأَنَّهُ مُقْتَضَى إقْرَارِهِ، وَإِنْ قَالَ وَاحِدٌ (مِنْ اثْنَيْنِ) : عَمَدْت، وَقَالَ الْآخَرُ: أَخْطَأْت (لَزِمَ الْمُقِرَّ بِعَمْدِ الْقَوَدُ، وَالْآخَرَ نِصْفُ الدِّيَةِ) مُؤَاخَذَةً لِكُلٍّ بِإِقْرَارِهِ (وَلَوْ قَالَ كُلٌّ) مِنْ اثْنَيْنِ (عَمَدْت، وَأَخْطَأَ شَرِيكِي) فَعَلَيْهِمَا (الْقَوَدُ) ؛ لِاعْتِرَافِ كُلٍّ مِنْهُمَا بِتَعَمُّدِ الْقَتْلِ.

(وَلَوْ رَجَعَ، وَلِيٌّ وَبَيِّنَةٌ؛ ضَمِنَهُ، وَلِيُّ) ، وَحْدَهُ؛ لِمُبَاشَرَتِهِ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ.

(وَمَنْ جَعَلَ فِي حَلْقِ مَنْ) ؛ أَيْ: إنْسَانٍ (تَحْتَهُ، وَنَحْوَهُ خِرَاطَةً حَجَرًا) ؛ أَيْ: حَبْلًا، وَنَحْوَهُ مَعْقُودًا بِصِفَةٍ مَعْرُوفَةٍ (وَشَدَّهَا بِ) شَيْءٍ (عَالٍ، ثُمَّ أَزَالَ مَا تَحْتَهُ) مِنْ حَجَرٍ، وَنَحْوَهُ شَخْصٌ (آخَرُ) غَيْرُ الَّذِي جَعَلَ الْخِرَاطَةَ فِي حَلْقِهِ (عَمْدًا) ؛ أَيْ: مُتَعَمِّدًا إزَالَتَهُ مِنْ تَحْتِهِ (فَمَاتَ)(فَإِنْ جَهِلَهَا) ؛ أَيْ: الْخِرَاطَةَ بِحَلْقِهِ (مُزِيلٌ، وَدَاهُ) ؛ أَيْ: أَدَّى دِيَةَ الْقَتِيلِ (مِنْ مَالِهِ) عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ (وَإِلَّا) بِأَنْ عَلِمَ الْخِرَاطَةَ بِحَلْقِهِ، وَأَزَالَ مَا تَحْتَهُ (قُتِلَ بِهِ) ، وَلَا شَيْءَ عَلَى جَاعِلِ الْخِرَاطَةِ، كَالْحَافِرِ مَعَ الدَّافِعِ.

ص: 12