الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[فَصْلٌ فِي كَيْفِيَّةِ الْبَدْءِ فِي الْقَسَامَةِ]
فَصْلٌ (وَيُبْدَأُ فِيهَا) ؛ أَيْ: الْقَسَامَةِ (بِأَيْمَانِ ذُكُورِ عَصَبَتِهِ)، أَيْ: الْقَتِيلِ (الْوَارِثِينَ) بَدَلٌ مِنْ الْعَصَبَةِ؛ أَيْ: بِذُكُورِ الْوَارِثِينَ عُدُولًا كَانُوا أَوْ لَا، نَصَّ عَلَيْهِ، وَ (لَا) يُبْدَأُ بِأَيْمَانِ (الْمُدَّعَى عَلَيْهِ) أَيْ: فَلَا يَمْلِكُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنْ يَقُولَ أَنَا الَّذِي أَحْلِفُ مَعَ وُجُودِ ذَكَرٍ مِنْ وَرَثَةِ الْقَتِيلِ وَمَعَ وُجُودِ شَرْطِ الْقَسَامَةِ؛ لِقِيَامِ أَيْمَانِهِمْ مَقَامَ بَيِّنَتِهِمْ هُنَا خَاصَّةً؛ لِلْخَبَرِ. وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ الْعَصَبَةَ غَيْرَ الْوَارِثِ لَا يَحْلِفُ فِي الْقَسَامَةِ، لِعَدَمِ اسْتِحْقَاقِهِ شَيْئًا مِنْ الدَّمِ. وَلَا تَخْتَصُّ الْقَسَامَةُ بِالْعَصَبَةِ كَمَا تُوهِمُهُ عِبَارَتُهُ، بَلْ بِذُكُورِ الْوَرَثَةِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي.
تَنْبِيهٌ: وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَحْلِفَ الْمُدَّعِي إلَّا بَعْدَ الِاسْتِثْبَاتِ، وَغَلَبَةِ ظَنٍّ تُقَارِبُ الْيَقِينِ، وَيَنْبَغِي لِلْحَاكِمِ أَنْ يَعِظَهُمْ وَيَقُولَ لَهُمْ: اتَّقُوا اللَّهَ وَاسْبُتُوا، وَيَقْرَأَ عَلَيْهِمْ:{إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلا} [آل عمران: 77] الْآيَةَ وَيُعَرِّفَهُمْ مَا فِي الْيَمِينِ الْكَاذِبَةِ مِنْ الْإِثْمِ وَإِنَّهَا تَدَعُ الدِّيَارَ بَلَاقِعَ. إذَا تَقَرَّرَ هَذَا (فَيَحْلِفُونَ خَمْسِينَ يَمِينًا بِقَدْرِ إرْثِهِمْ) مِنْ الْقَتِيلِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ حَقٌّ ثَبَتَ تَبَعًا لِلْمِيرَاثِ؛ فَوَجَبَ أَنْ يُقَسَّمَ عَلَى قَدْرِ مَوَارِيثِهِمْ كَالْمَالِ (وَيُكْمِلُ الْكَسْرَ كَابْنٍ وَزَوْجَةٍ) قَتِيلَةٍ (فَيَحْلِفُ الِابْنُ ثَمَانِيَةً وَثَلَاثِينَ وَ) يَحْلِفُ (الزَّوْجُ ثَلَاثَةَ عَشَرَ) يَمِينًا؛ لِأَنَّ لِلزَّوْجِ الرُّبُعَ، وَهُوَ مِنْ الْخَمْسِينَ اثْنَا عَشَرَ وَنِصْفٌ، فَيُكْمِلُ؛ (فَتَصِيرُ ثَلَاثَ عَشَرَةَ) وَلِلِابْنِ الْبَاقِي وَهُوَ سَبْعٌ وَثَلَاثُونَ وَنِصْفٌ، فَيُكْمِلُ؛ فَتَصِيرُ كَمَا ذَكَرَ.
(فَلَوْ كَانَ مَعَهُمَا) ؛ أَيْ: الزَّوْجِ وَالِابْنِ (بِنْتٌ حَلَفَ زَوْجٌ سَبْعَ عَشَرَةَ)
يَمِينًا (وَ) حَلَفَ (ابْنٌ أَرْبَعَةً وَثَلَاثِينَ) لِأَنَّ حِصَّةَ الْبِنْتِ وَهِيَ الرُّبْعُ تُرَدُّ عَلَى الزَّوْجِ وَالِابْنِ بِقَدْرِ حِصَّتَيْهِمَا، فَتُقَسَّمُ الْخَمْسُونَ بَيْنَ الِابْنِ وَالزَّوْجِ عَلَى ثَلَاثَةٍ كَمَسَائِلِ الرَّدِّ وَيَكْمُلُ الْكَسْرُ.
(وَإِنْ كَانُوا) ؛ أَيْ: الْوَرَثَةُ (ثَلَاثَةَ بَنِينَ) فَقَطْ أَوْ مَعَ بَنَاتٍ وَزَوْجَةٍ (حَلَفَ كُلُّ) ابْنٍ مِنْهُمْ (سَبْعَةَ عَشَرَةَ) يَمِينًا لِيُكْمِلَ الْكَسْرَ.
(وَمَنْ مَاتَ) مِنْ مُسْتَحِقِّ الْقَسَامَةِ (قَامَ وَارِثُهُ مَقَامَهُ) فَيَحْلِفُ مَا عَلَيْهِ مِنْ الْأَيْمَانِ، فَإِنْ مَاتَ بَعْضُ وَرَثَةِ الْمُسْتَحَقِّينَ لِلْقَسَامَةِ، قُسِّمَ نَصِيبُهُ فِي الْأَيْمَانِ بَيْنَ وَرَثَتِهِ عَلَى حَسَبِ مَوَارِيثِهِمْ؛ لِقِيَامِهِمْ مَقَامَهُ، فَلَوْ كَانَ لِلْقَتِيلِ ثَلَاثَةُ بَنِينَ فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ سَبْعَةَ عَشَرَ، فَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمْ قَبْلَ أَنْ يَحْلِفَ عَنْ ثَلَاثَةِ بَنِينَ قُسِّمَتْ أَيْمَانُهُ بَيْنَهُمْ كُلُّ وَاحِدٍ سِتَّةُ أَيْمَانٍ، فَإِنْ كَانَ مَوْتُهُ، بَعْدَ شُرُوعِهِ فِي الْأَيْمَانِ وَحَلِفِهِ بَعْضَهَا اسْتَأْنَفَهَا وَرَثَتُهُ وَلَا يَبْنُونَ عَلَى أَيْمَانِهِ لِأَنَّ الْخَمْسِينَ جَرَتْ مَجْرَى الْيَمِينِ الْوَاحِدَةِ، فَلَا تَتَبَعَّضُ.
وَإِنْ جُنَّ فِي أَثْنَاءِ الْأَيْمَانِ، ثُمَّ أَفَاقَ أَوْ تَشَاغَلَ عَنْهُ الْحَاكِمُ فِي أَثْنَائِهَا تَمَّمَ الْأَيْمَانَ، وَبَنَى عَلَى مَا تَقَدَّمَ، وَلَمْ يَسْتَأْنِفْ؛ لِأَنَّ الْأَيْمَانَ لَا تَبْطُلُ بِالتَّفْرِيقِ؛ وَكَذَا إنْ عُزِلَ الْحَاكِمُ فِي أَثْنَاءِ الْأَيْمَانِ أَتَمَّهَا عِنْدَ الْحَاكِمِ الثَّانِي، فَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْقَسَامَةِ أَنْ تَكُونَ الْأَيْمَانُ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ، وَكَذَا لَوْ سَأَلَ الْحَالِفُ الْحَاكِمَ فِي أَثْنَائِهَا إنْظَارَهُ، فَأَنْظَرَهُ، ثُمَّ أَرَادَ إتْمَامَهَا؛ فَإِنَّهُ يَبْنِي عَلَى مَا سَبَقَ.
(وَإِنْ انْفَرَدَ ذَكَرٌ وَاحِدٌ بِالْإِرْثِ) أَوْ انْفَرَدَ بِمِلْكِ الْقِنِّ أَوْ كَانَ مَعَهُ نِسَاءٌ (حَلَفَهَا) ؛ أَيْ: الْخَمْسِينَ يَمِينًا؛ لِاعْتِبَارِ عَدَدِهَا كَنِصَابِ الشَّهَادَةِ، وَإِنْ كَانَ الْوَرَثَةُ خَمْسِينَ حَلَفَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ يَمِينًا وَاحِدَةً تَعْدِيلًا بَيْنَهُمْ (وَإِنْ جَاوَزُوا) ؛ أَيْ: ذُكُورُ الْوَرَثَةِ (خَمْسِينَ) رَجُلًا (حَلَفَ) مِنْهُمْ (خَمْسُونَ) رَجُلًا بِاخْتِيَارِهِمْ (كُلُّ وَاحِدٍ يَمِينًا) وَاحِدَةً، لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام: «يُقْسِمُ