الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عُزِلَ، وَلَيْسَ لِغَيْرِهِ تَغْيِيرُهُ، مَا لَمْ يَتَغَيَّرْ السَّبَبُ.
(وَمَنْ عَزَلَ نَفْسَهُ) مِنْ إمَامٍ وَقَاضٍ وَوَالٍ وَمُحْتَسِبٍ وَنَحْوهمْ (انْعَزَلَ) سَوَاءٌ كَانَتْ وِلَايَتُهُ مِنْ الْإِمَامِ أَوْ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ وَكِيلٌ وَلَا يَنْعَزِلُ قَاضٍ (بِعَزْلٍ قَبْلَ عِلْمِهِ) لِتَعَلُّقِ قَضَايَا النَّاسِ وَأَحْكَامِهِمْ بِهِ؛ فَيَشُقُّ، بِخِلَافِ الْوَكِيلِ؛ فَإِنَّهُ يَتَصَرَّفُ فِي أَمْرٍ خَاصٍّ.
(وَمَنْ أُخْبِرَ بِمَوْتِ مُوَلًّى بِبَلَدٍ، وَوُلِّيَ غَيْرُهُ، فَبَانَ) الْمَخْبَرُ عَنْهُ (حَيًّا لَمْ يَنْعَزِلْ مَنْ أُشِيعَ مَوْتُهُ) لِأَنَّهَا كَالْمُعَلَّقَةِ عَلَى صِحَّةِ الْأَخْبَارِ (وَكَذَا كُلُّ) مَا رَتَّبَ عَلَى إنْهَاءِ فَاسِدٍ (كَمَنْ أَنْهَى شَيْئًا فَوُلِّيَ بِسَبَبِهِ، ثُمَّ تَبَيَّنَ كَذِبُهُ لَمْ) تَصِحَّ، لِأَنَّهَا كَالْمُعَلَّقَةِ عَلَى صِحَّةِ الْإِنْهَاءِ، وَهَذِهِ مَسْأَلَةٌ كَثِيرَةُ الْوُقُوعِ فَلْيَنْتَبْهُ لَهَا.
[فَصْلٌ فِي شُرُوط الْقَاضِي]
فَصْلٌ (يُشْتَرَطُ كَوْنُ قَاضٍ) مُتَّصِفًا بِعَشْرِ صِفَاتٍ أُشِيرَ إلَيْهَا بِقَوْلِهِ (بَالِغًا عَاقِلًا) ؛ لِأَنَّ غَيْرَهُمَا لَا يَنْفُذُ قَوْلُهُ فِي (نَفْسِهِ) فَلَأَنْ لَا يَنْفُذَ فِي غَيْرِهِ أَوْلَى، وَهُمَا يَسْتَحِقَّانِ الْحَجْرَ عَلَيْهِمَا، وَالْقَاضِي يَسْتَحِقُّهُ عَلَى غَيْرِهِ، وَبَيْنَ الْحَالَتَيْنِ مَسَافَاتٌ (ذِكْرًا) لِحَدِيثِ:«مَا أَفْلَحَ قَوْمٌ وَلَّوْا أَمْرَهُمْ امْرَأَةً» .
وَلِأَنَّهَا ضَعِيفَةُ الرَّأْيِ، نَاقِصَةُ الْعَقْلِ، لَيْسَتْ أَهْلًا لِلْحُضُورِ فِي مَحَافِلِ الرِّجَالِ، وَلَمْ يُوَلِّ عليه الصلاة والسلام وَلَا أَحَدٌ مِنْ خُلَفَائِهِ امْرَأَةً قَضَاءً (حُرًّا) كُلُّهُ، لِأَنَّ الْعَبْدَ مَنْقُوصٌ بِرِقِّهِ، مَشْغُولٌ بِحُقُوقِ سَيِّدِهِ (مُسْلِمًا) ، لِأَنَّ الْكُفْرَ يَقْتَضِي إذْلَالَ صَاحِبِهِ، وَالْقَضَاءُ يَقْتَضِي احْتِرَامَهُ، وَبَيْنَهُمَا مُنَافَاةٌ، وَلِأَنَّهُ شَرْطٌ فِي الشَّهَادَةِ فَهُنَا أَوْلَى (عَدْلًا وَلَوْ ظَاهِرًا كَإِمَامَةِ صَلَاةٍ) عَلَى مَا اخْتَارَهُ الشَّيْخَانِ، وَالْمَذْهَبُ اشْتِرَاطُ الْعَدَالَةِ بَاطِنًا فِي إمَامَةِ الصَّلَاةِ (وَكَوَلِيِّ يَتِيمٍ وَحَاضِنٍ) صَغِيرٍ، وَلَوْ كَانَ الْعَدْلُ (تَائِبًا مِنْ قَذْفٍ) نَصَّ عَلَيْهِ؛ فَلَا تَجُوزُ تَوْلِيَةُ فَاسِقٍ، وَلَا مَنْ فِيهِ نَقْصٌ يَمْنَعُ
قَبُولَ الشَّهَادَةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا} [الحجرات: 6] وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْحَاكِمُ مِمَّنْ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ، وَيَجِبُ التَّبَيُّنُ عِنْدَ حُكْمِهِ، وَلِأَنَّ الْكَافِرَ وَالْفَاسِقَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ شَاهِدًا فَأَوْلَى أَنْ لَا يَكُونَ قَاضِيًا (سَمِيعًا) لِأَنَّ الْأَصَمَّ لَا يَسْمَعُ كَلَامَ الْخَصْمَيْنِ (بَصِيرًا) لِأَنَّ الْأَعْمَى لَا يُمَيِّزُ الْمُدَّعِيَ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَلَا الْمُقِرَّ مِنْ الْمُقِرِّ لَهُ (مُتَكَلِّمًا) لِأَنَّ الْأَخْرَسَ لَا يُمْكِنُهُ النُّطْقُ بِالْحُكْمِ، وَلَا يَفْهَمُ جَمِيعُ النَّاسِ إشَارَتَهُ (مُجْتَهِدًا قَالَ ابْنُ حَزْمٍ: إجْمَاعًا)
لِأَنَّ فَاقِدَ الِاجْتِهَادِ إنَّمَا يَحْكُمُ بِالتَّقْلِيدِ، وَالْقَاضِي مَأْمُورٌ بِالْحُكْمِ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ، وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ} [النساء: 105] (وَلَوْ) كَانَ اجْتِهَادُهُ (فِي مَذْهَبِ إمَامِهِ) إذَا لَمْ يُوجَدْ غَيْرُهُ (لِلضَّرُورَةِ) بِأَنْ لَمْ يُوجَدْ مُجْتَهِدٌ مُطْلَقٌ (وَاخْتَارَ جَمْعٌ مِنْهُمْ) صَاحِبُ " الْإِفْصَاحِ " وَصَاحِبُ " الرِّعَايَةِ "(أَوْ مُقَلِّدًا) ، وَقَالَ فِي " الْإِنْصَافِ " وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ مِنْ مُدَّةٍ طَوِيلَةٍ، وَإِلَّا لَتَعَطَّلَتْ أَحْكَامُ النَّاسِ انْتَهَى.
(وَكَذَا الْمُفْتِي) وَعَلَيْهِ فَيُرَاعِي كُلٌّ مِنْهُمَا أَلْفَاظَ إمَامِهِ، وَيُرَاعِي مِنْ أَقْوَالِهِ مُتَأَخِّرَهَا، وَيُقَلِّدُ كِبَارَ مَذْهَبِهِ فِي ذَلِكَ، (وَيْحَكُمْ بِهِ - وَلَوْ اعْتَقَدَ خِلَافَهُ لِأَنَّهُ مُقَلِّدٌ) وَلَا يَخْرُجُ عَنْ الظَّاهِرِ عَنْهُ، وَيَحْرُمُ الْحُكْمُ وَالْفَتْوَى بِالْهَوَى إجْمَاعًا، وَبِقَوْلٍ أَوْ وَجْهٍ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ فِي التَّرْجِيحِ إجْمَاعًا وَيَجِبُ أَنْ يَعْمَلَ بِمُوجِبِ اعْتِقَادِهِ فِيمَا لَهُ وَعَلَيْهِ إجْمَاعًا.
ذَكَرَهُ فِي " الْفُرُوعِ " وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: هَذِهِ الشُّرُوطُ تُعْتَبَرُ حَسَبَ الْإِمْكَانِ، وَتَجِبُ تَوْلِيَةُ الْأَمْثَلِ.
فَالْأَمْثَلِ قَالَ: وَعَلَى هَذَا يَدُلُّ كَلَامُ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ (وَفِي كَلَامِ الشَّيْخِ أَيْضًا) : يُوَلَّى لِعَدَمِ أَنْفَعِ الْفَاسِقَيْنِ وَأَقَلِّهِمَا شَرًّا، (وَأَعْدَلِ - الْمُقَلِّدَيْنِ وَأَعْرَفُهُمَا بِالتَّقْلِيدِ) وَهُوَ كَمَا قَالَ، وَإِلَّا تَعَطَّلَتْ الْأَحْكَامُ، وَاخْتَلَّ النِّظَامُ.
(وَلَوْ وَلَّاهُ فِي الْمَوَارِيثِ لَمْ يَجِبْ أَنْ يَعْرِفَ إلَّا الْفَرَائِضَ وَالْوَصَايَا وَمِمَّا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ، وَإِنْ وَلَّاهُ عَقْدَ الْأَنْكِحَةِ وَفَسْخَهَا لَمْ يَجِبْ أَنْ يَعْرِفَ إلَّا ذَلِكَ)
وَعَلَى هَذَا فَقُضَاةُ الْأَطْرَافِ يَجُوزُ أَنْ لَا يَقْضُوا فِي الْأُمُورِ الْكَبَائِرِ كَالدِّمَاءِ وَالْقَضَايَا الْمُشْكِلَةِ.
(وَيَجُوزُ) أَنْ يَقُولَ الْإِمَامُ لِلْقَاضِي (اقْضِ فِيمَا تَعْلَمُ) كَمَا يَقُولُ لِمُفْتٍ (أَفْتِ بِمَا تَعْلَمُ، وَيَبْقَى مَا لَا يَعْلَمُ خَارِجًا عَنْ وِلَايَتِهِ انْتَهَى. وَمِثْلُهُ لَا تَقْضِ فِيمَا مَضَى لَهُ عَشْرُ سِنِينَ وَنَحْوُهُ)
لِخُصُوصِ وِلَايَتِهِ (وَإِنْ نَهَاهُ الْإِمَامُ بَعْدَ أَنْ وَلَّاهُ عَنْ الْحُكْمِ فِي مَسْأَلَةٍ، فَلَهُ الْحُكْمُ) كَمَا لَوْ لَمْ يَنْهَهُ صَوَّبَهُ فِي " الْإِنْصَافِ " قَالَ فِي شَرْحِ الْإِقْنَاعِ " قُلْتُ: فَيُفَرَّقُ بَيْنَ مَا وَلَّاهُ ثُمَّ نَهَاهُ عَنْ شَيْءٍ.
(وَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُ قَاضٍ كَاتِبًا) لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ أُمِّيًّا، وَهُوَ سَيِّدُ الْحُكَّامِ، وَلَيْسَ مِنْ ضَرُورَةِ الْحُكْمِ الْكِتَابَةُ، أَيْ: وَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ (وَرِعًا أَوْ زَاهِدًا أَوْ يَقِظًا أَوْ مُثْبِتًا لِلْقِيَاسِ أَوْ حَسَنَ الْخُلُقِ) لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مِنْ ضَرُورَةِ الْحُكْمِ (وَالْأَوْلَى كَوْنُهُ كَذَلِكَ) لِأَنَّهُ أَكْمَلُ كَالْأَسَنِّ إذَا سَاوَى الشَّابَّ فِي جَمِيعِ الصِّفَاتِ.
(وَمَا يَمْنَعُ التَّوْلِيَةَ أَبَدًا) كَالْجُنُونِ وَالْفِسْقِ وَالصَّمَمِ وَالْعَمَى (يَمْنَعُهَا دَوَامًا) لِيَنْعَزِلَ إذَا طَرَأَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ، لِفَقْدِ شَرْطِ التَّوْلِيَةِ (فَمَتَى فَسَقَ أَوْ جُنَّ، انْعَزَلَ إلَّا فَقْدَ السَّمْعِ وَالْبَصَرِ فِيمَا ثَبَتَ عِنْدَهُ) وَهُوَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (وَلَمْ يَحْكُمْ بِهِ) حَتَّى عَمِيَ أَوْ طَرِشَ (فَإِنَّ وِلَايَةَ حُكْمِهِ بَاقِيَةٌ فِيهِ) لِأَنَّهُ إنَّمَا مَنَعَ الْأَعْمَى وَالْأَصَمَّ ابْتِدَاءً؛ لِأَنَّ الْأَعْمَى لَا يُمَيِّزُ بَيْنَ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَمَا سَبَقَ، وَالْأَصَمُّ لَا يَعْرِفُ مَا يُقَالُ فَلَا يُمْكِنُهُ الْحُكْمُ، فَإِذَا كَانَ قَدْ عَرَفَهُمَا قَبْلَ الْعَمَى، وَسَمِعَ مِنْهُمَا قَبْلَ الصَّمَمِ، وَثَبَتَ عِنْدَهُ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ مِنْ الْخَصْمِ وَاللَّفْظِ، وَلَمْ يَمْتَنِعْ عَلَيْهِ أَنْ (يَحْكُمَ بِهِ بَعْدَ) الْعَمَى وَالصَّمَمِ، لِأَنَّ فَقْدَهُمَا لَيْسَ مِنْ مُقَدِّمَاتِ الِاجْتِهَادِ، فَيَصِحُّ الْحُكْمُ مِنْهُ مُسْتَنِدًا إلَى حَالِ السَّمْعِ وَالْبَصَرِ، بِخِلَافِ غَيْرِهِمَا.
(وَيَتَعَيَّنُ عَزْلُهُ) ؛ أَيْ: الْقَاضِي (مَعَ مَرَضٍ يَمْنَعُهُ الْقَضَاءَ)
لِدُعَاءِ الْحَاجَةِ إلَى إقَامَةِ غَيْرِهِ
(وَيَصِحُّ أَنْ يُوَلَّى عَبْدٌ إمَارَةَ سَرِيَّةً وَقَسْمَ صَدَقَةٍ) وَقَسْمٍ (فِي فَيْءٍ
وَإِقَامَةِ صَلَاةٍ، وَيَتَّجِهُ فِي غَيْرِ جُمُعَةٍ وَعِيدٍ) وَهُوَ مُتَّجِهٌ.
تَتِمَّةٌ قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: الْوِلَايَةُ لَهَا رُكْنَانِ، الْقُوَّةُ وَالْأَمَانَةُ، فَالْقُوَّةُ فِي الْحُكْمِ تَرْجِعُ إلَى الْعِلْمِ بِالْعَدْلِ وَتَنْفِيذِ الْحُكْمِ، وَالْأَمَانَةُ تَرْجِعُ إلَى خَشْيَةِ اللَّهِ تَعَالَى.
(وَالْمُجْتَهِدُ) مَأْخُوذٌ مِنْ الِاجْتِهَادِ، وَهُوَ اسْتِفْرَاغُ الْفَقِيهِ الْوُسْعَ لِتَحْصِيلِ ظَنٍّ بِحُكْمٍ شَرْعِيٍّ (مَنْ يَعْرِفُ مِنْ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ الْحَقِيقَةَ) أَيْ: اللَّفْظَ الْمُسْتَعْمَلَ فِي وَضْعٍ أَوَّلَ (وَالْمَجَازَ)، أَيْ: اللَّفْظُ الْمُسْتَعْمَلُ فِي غَيْرِ وَضْعٍ أَوَّلَ، أَيْ: لِعَلَاقَةٍ (وَالْأَمْرَ) أَيْ اقْتِضَاءُ الطَّلَبِ (وَالنَّهْيَ) أَيْ: اقْتِضَاءُ الْكَفِّ عَنْ فِعْلٍ لَا بِقَوْلِ كُفَّ (وَالْمُجْمَلَ) أَيْ: مَا لَا يُفْهَمُ مِنْهُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ شَيْءٌ، (وَالْمُبَيَّنَ)، أَيْ: الْمُخْرَجُ مِنْ حَيِّزِ الْإِشْكَالِ إلَى حَيِّزِ التَّجَلِّي وَالْوُضُوحِ (وَالْمُحْكَمَ)، أَيْ: اللَّفْظُ الْمُتَّضِحُ الْمَعْنَى (وَالْمُتَشَابِهَ) مُقَابِلُهُ إمَّا الِاشْتِرَاكُ أَوْ ظُهُورُ تَشْبِيهٍ أَوْ غَيْرِهِ كَالْحُرُوفِ الْمُقَطَّعَةِ أَوَائِلَ السُّوَرِ (وَالْعَامَّ) مَا دَلَّ عَلَى مُسَمَّيَاتٍ بِاعْتِبَارِ أَمْرٍ اشْتَرَكَتْ فِيهِ مُطْلَقًا (وَالْخَاصَّ) الْمَقْصُورُ مِنْ الْعَامِّ عَلَى بَعْضِ مُسَمَّيَاتِهِ (وَالْمُطْلَقَ) مَا دَلَّ عَلَى شَائِعٍ فِي جِنْسِهِ (وَالْمُقَيَّدَ)(مَا دَلَّ) عَلَى مُعَيَّنٍ (وَالنَّاسِخَ) أَيْ: رَافِعُ الْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ (وَالْمَنْسُوخَ) أَيْ: مَا انْتَسَخَ حُكْمُهُ شَرْعًا بَعْدَ ثُبُوتِهِ شَرْعًا (وَالْمُسْتَثْنَى) أَيْ: الْمُخَرَّجُ بِإِلَّا أَوْ بِإِحْدَى أَخَوَاتِهَا (وَالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ) هُوَ
الْعَامُّ الْمَخْصُوصُ بِإِخْرَاجِ بَعْضِ مَا دَلَّ عَلَيْهِ بِإِلَّا أَوْ مَا فِي مَعْنَاهَا (وَيَعْرِفُ صَحِيحَ السُّنَّةِ) أَيْ: مَا نَقَلَهُ الْعَدْلُ الضَّابِطُ عَنْ مِثْلِهِ مِنْ غَيْرِ شُذُوذٍ وَلَا عِلَّةٍ قَادِحَةٍ، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِهِ مَا يَشْمَلُ الْحَسَنَ بِدَلِيلِ الْمُقَابَلَةِ (وَسَقِيمَهَا) أَيْ: السُّنَّةِ وَهُوَ مَا لَا تُوجَدُ فِيهِ شُرُوطُ الصِّحَّةِ كَالْمُنْقَطِعِ وَالْمُنْكَرِ وَالشَّاذِّ وَغَيْرِهَا، وَيَعْرِفُ (مُتَوَاتِرَهَا) : هُوَ الْخَبَرُ الَّذِي نَقَلَهُ جَمْعٌ لَا يُتَصَوَّرُ تَوَاطُؤُهُمْ عَلَى الْكَذِبِ مُسْتَوِيًا فِي ذَلِكَ طَرَفَاهُ وَوَسْطُهُ، وَالْحَقُّ أَنَّهُ لَا يَنْحَصِرُ فِي عَدَدٍ بَلْ يُسْتَدَلُّ بِحُصُولِ الْعِلْمِ عَلَى حُصُولِ الْعَدَدِ، وَالْعِلْمُ الْحَاصِلُ عَنْهُ ضَرُورِيٌّ، وَيَعْرِفُ (آحَادَهَا) أَيْ: السُّنَّةِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ مَا رَاوِيهِ وَاحِدٌ بَلْ مَا لَا يَبْلُغُ التَّوَاتُرَ فَهُوَ آحَادٌ، وَيَعْرِفُ (مُسْنَدَهَا) أَيْ: السُّنَّةِ أَيْ: مَا اتَّصَلَ إسْنَادُهُ مِنْ رَاوِيَةِ إلَى مُنْتَهَاهُ، وَيُسْتَعْمَلُ كَثِيرًا فِي الْمَرْفُوعِ.
وَيَعْرِفُ (الْمُنْقَطِعَ) مِنْ السُّنَّةِ وَهُوَ مَا لَا يَتَّصِلُ سَنَدُهُ عَلَى أَيِّ وَجْهٍ كَانَ الِانْقِطَاعُ (مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِالْأَحْكَامِ) خَاصَّةً.
وَيَعْرِفُ (الْمُجْمَعَ عَلَيْهِ وَالْمُخْتَلَفَ فِيهِ) لِأَنَّ الْمُجْمَعَ عَلَيْهِ لَا اجْتِهَادَ فِيهِ، وَالْمُخْتَلَفَ فِيهِ يَحْتَاجُ إلَى مَعْرِفَةِ أَقْوَالِ الْأَئِمَّةِ فِيهِ، لِئَلَّا يَقُولَ فِيهِ قَوْلًا يَخْرُجُ عَنْ أَقْوَالِ السَّلَفِ، وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ عِنْدَ الْبَعْضِ (وَ) يَعْرِفُ (الْقِيَاسَ) وَهُوَ رَدُّ فَرْعٍ إلَى أَصْلِهِ.
وَيَعْرِفُ (شُرُوطَهُ) أَيْ: الْقِيَاسِ لِيَرُدَّ مَا لَا نَصَّ فِيهِ مِنْ الْفُرُوعِ إلَى أَصْلِهِ (وَيَعْرِفُ كَيْفَ يَسْتَنْبِطُ) الْأَحْكَامَ مِنْ أَدِلَّتِهَا، وَمَحَلُّ بَسْطِ ذَلِكَ كُتُبُ أُصُولِ الْفِقْهِ (وَيَعْرِفُ الْعَرَبِيَّةَ وَهِيَ اللُّغَةُ الْمُتَدَاوَلَةُ بِحِجَازٍ وَشَامٍ وَعِرَاقٍ) قَالَ فِي " الْمُحَرَّرِ " " وَالْمُسْتَوْعِبِ " وَالْيَمَنِ (وَمَا يُوَالِيهِمْ) أَيْ: وَمَنْ فِي بِوَادِي هَذِهِ الْبِلَادِ، قِيلَ الْمُرَادُ بِالْعَرَبِيَّةِ الْإِعْرَابُ وَالْأَلْفَاظُ الْعَرَبِيَّةُ، وَالْأَشْهَرُ أَنَّهَا اللُّغَةُ الْعَرَبِيَّةُ مِنْ حَيْثُ اخْتِصَاصُهَا بِأَحْوَالٍ هِيَ الْإِعْرَابُ لَا تُوجَدُ فِي غَيْرِهَا مِنْ اللُّغَاتِ لِيَعْرِفَ بِذَلِكَ اسْتِنْبَاطَ الْأَحْكَامِ مِنْ أَصْنَافِ عُلُومِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ،
(وَلَا يَجِبُ عَلَى الْمُجْتَهِدِ حِفْظُ الْقُرْآنِ) بَلْ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ حِفْظُ نَحْوِ خَمْسِمِائَةِ آيَةٍ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْأَحْكَامِ كَمَا نَقَلَهُ الْمُعَظَّمُ، لِأَنَّ الْمُجْتَهِدَ وَهُوَ مَنْ يَعْرِفُ الصَّوَابَ بِدَلِيلِهِ كَالْمُجْتَهِدِ فِي الْقِبْلَةِ مِمَّا ذُكِرَ