الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[فَصْلٌ الْعِبْرَةُ فِي الْيَمِينِ بِخُصُوصِ السَّبَبِ]
فَصْلٌ (وَالْعِبْرَةُ فِي الْيَمِينِ بِخُصُوصِ السَّبَبِ) لِدَلَالَتِهِ عَلَى النِّيَّةِ (لَا بِعُمُومِ اللَّفْظِ) فَيُقَدَّمُ خُصُوصُ السَّبَبِ عَلَيْهِ لِمَا تَقَدَّمَ.
(فَمَنْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ بَلَدًا لِظُلْمٍ رَآهُ فِيهَا، فَزَالَ) الظُّلْمُ مِنْهَا، وَدَخَلَهَا بَعْدَ زَوَالِهِ، فَلَا حِنْثَ (أَوْ حَلَفَ لِوَالٍ) مِنْ وُلَاةِ الْأُمُورِ (لَا رَأَى مُنْكَرًا إلَّا رَفَعَهُ إلَيْهِ) فَعُزِلَ (أَوْ) حَلَفَ (لَا يَخْرُجُ إلَّا بِإِذْنِهِ وَنَحْوِهِ) كَلَا يُسَافِرُ إلَّا بِإِذْنِهِ (فَعُزِلَ، أَوْ حَلَفَ عَلَى زَوْجَتِهِ) لَا تَفْعَلُ كَذَا إلَّا بِإِذْنِهِ (فَطَلَّقَهَا طَلَاقًا بَائِنًا، أَوْ حَلَفَ عَلَى رَقِيقِهِ) لَا يَفْعَلُ كَذَا إلَّا بِإِذْنِهِ (فَأَعْتَقَهُ أَوْ بَاعَهُ) أَوْ وَهَبَهُ، وَكَذَا لَوْ حَلَفَ عَلَى أَجِيرِهِ لَا يَفْعَلُ كَذَا إلَّا بِإِذْنِهِ، فَانْقَضَتْ إجَارَتُهُ (لَمْ يَحْنَثْ حَالِفٌ بِذَلِكَ)، أَيْ: بِالْمُخَالَفَةِ لِمَا حَلَفَ عَلَيْهِ بَعْدَ زَوَالِ الظُّلْمِ أَوْ الْعَزْلِ أَوْ الطَّلَاقِ أَوْ الْعِتْقِ وَنَحْوِهِ، تَقْدِيمًا لِلسَّبَبِ عَلَى عُمُومِ لَفْظِهِ (وَلَوْ لَمْ يُرِدْ حَالِفٌ مَا دَامَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ) لِأَنَّ الْحَالَ يَصْرِفُ الْيَمِينَ إلَيْهِ، وَالسَّبَبُ يَدُلُّ عَلَى النِّيَّةِ فِي الْخُصُوصِ كَدَلَالَتِهَا عَلَيْهِ فِي الْعُمُومِ، وَلَوْ نَوَى الْخُصُوصَ لَا اخْتَصَّتْ يَمِينُهُ، فَكَذَا إذَا وَجَدَ مَا يَدُلُّ عَلَيْهَا (إلَّا) إذَا وُجِدَ مَحْلُوفٌ عَلَى تَرْكِهِ أَوْ تُرِكَ مَحْلُوفٌ عَلَى فِعْلِهِ (حَالَ وُجُودِ صِفَةٍ عَادَتْ) بِأَنْ عَادَ الظُّلْمُ، فَدَخَلَ وَهُوَ مَوْجُودٌ، أَوْ عَادَ الْوَالِي لِوِلَايَتِهِ فَرَأَى مُنْكَرًا وَلَمْ يَرْفَعْهُ إلَيْهِ، أَوْ عَادَتْ الْمَرْأَةُ لِنِكَاحِهِ أَوْ الرَّقِيقُ لِمِلْكِهِ أَوْ الْأَجِيرُ، وَفَعَلَ مَا كَانَ حَلَفَ لَا يَفْعَلُهُ، فَيَحْنَثُ لِعَوْدِ الصِّفَةِ، وَتَقَدَّمَ نَظِيرُهُ فِي الطَّلَاقِ (فَلَوْ رَأَى) مَنْ حَلَفَ لِوَالٍ لَا رَأَى مُنْكَرًا إلَّا رَفَعَهُ إلَيْهِ (الْمُنْكَرَ فِي وِلَايَتِهِ وَأَمْكَنَ رَفْعُهُ) الْمُنْكَرِ إلَيْهِ (وَلَمْ يَرْفَعْهُ حَتَّى عُزِلَ، وَيَتَّجِهُ،
أَوْ مَاتَ، أَوْ بَلَغَهُ الْخَبَرُ مِنْ غَيْرِهِ) وَهُوَ مُتَّجِهٌ، (حَنِثَ) ، بِعَزْلِهِ وَنَحْوُهُ لِلْيَأْسِ مِنْ رَفْعِهِ إلَيْهِ ظَاهِرًا (وَلَوْ رَفَعَهُ إلَيْهِ بَعْدَ) عَزْلِهِ لِفَوَاتِ، رَفْعِهِ إلَيْهِ كَمَا لَوْ مَاتَ (وَيَتَّجِهُ) حَنِثَ مَنْ أَمْكَنَهُ رَفْعُ الْمُنْكَرِ لِلْوَالِي فَتَوَانَى عَنْ رَفْعِهِ إلَيْهِ حَتَّى عُزِلَ، (وَلَوْ) عَادَ الْوَالِي (تَوَلَّى ثَانِيًا وَرَفَعَهُ) إلَيْهِ لِفَوَاتِ مَحِلِّهِ وَهُوَ مُتَّجِهٌ.
(وَيَتَّجِهُ أَنَّهُ لَوْ مَاتَ وَالٍ مَحْلُوفٌ لَهُ قَبْلَ إمْكَانِ رَفْعِهِ)، أَيْ: الْحَالِفِ إلَيْهِ (لَا حِنْثَ) عَلَيْهِ لِعَدَمِ مُضِيِّ زَمَنٍ يَسَعُهُ (خِلَافًا لَهُمَا) أَيْ: لِلْإِقْنَاعِ وَالْمُنْتَهَى، وَعِبَارَةُ الْإِقْنَاعِ وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ إمْكَانِ رَفْعِهِ إلَيْهِ حَنِثَ وَعِبَارَةُ الْمُنْتَهَى وَلَوْ مَاتَ قَبْلَ إمْكَانِ رَفْعِهِ إلَيْهِ - حَنِثَ، وَمَا قَالَاهُ صَحَّحَهُ فِي الْإِنْصَافِ وَشَرْحِ الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ فَاتَ دَفْعُهُ إلَيْهِ، أَشْبَهَ مَا لَوْ حَلَفَ لَيَضْرِبَنِّ عَبْدَهُ فِي غَدٍ فَمَاتَ الْعَبْدُ الْيَوْمَ، وَمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ احْتِمَالٌ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ.
قَالَ فِي الْإِنْصَافِ قُلْتُ وَهُوَ أَوْلَى، (كَمَا لَوْ لَمْ يَعْلَمْ الْحَالِفُ بِمُنْكَرٍ إلَّا بَعْدَ عِلْمِ وَالٍ بِهِ) سَوَاءٌ عَيَّنَهُ
فِي حَلِفِهِ أَوْ لَمْ يُعَيِّنْهُ، أَوْ (كَمَا لَوْ رَآهُ) الْحَالِفُ (مَعَهُ)، أَيْ: مَعَ الْوَالِي (فَيَفُوتُ الْبِرُّ، وَلَا حِنْثَ) ؛ لِأَنَّ الْحَالِفَ مَعْذُورٌ، لِعَدَمِ تَمَكُّنِهِ مِنْ الرَّفْعِ كَالْمُكْرَهِ (وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ الْحَالِفُ الْوَالِيَ إذَنْ)، أَيْ: وَقْتَ الْحَلِفِ بِأَنْ حَلَفَ لَا رَأَى مُنْكَرًا إلَّا رَفَعَهُ لِذِي الْوِلَايَةِ (لَمْ يَتَعَيَّنْ) مَنْ كَانَ وَالِيًا حَالَ الْحَلِفِ، لِانْصِرَافِهِ إلَى الْجِنْسِ، فَإِنْ عُزِلَ أَوْ مَاتَ بَرَّ الْحَالِفُ بِرَفْعِهِ لِمَنْ يَلِي بَعْدَهُ، وَإِنْ حَلَفَ (لِلِّصٍّ لَا يُخْبِرُ بِهِ، أَوْ يَغْمِزُ عَلَيْهِ فَسُئِلَ عَمَّنْ هُوَ مَعَهُمْ فَبَرَّأَهُمْ دُونَهُ لِيُنَبِّهَ عَلَيْهِ حَنِثَ) لِقِيَامِ ذَلِكَ مَقَامَ الْإِخْبَارِ بِهِ أَوْ الْغَمْزِ عَلَيْهِ (إنْ لَمْ يَنْوِ حَقِيقَةَ النُّطْقِ أَوْ الْغَمْزِ فَإِنْ نَوَاهَا فَلَا حِنْثَ بِذَلِكَ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ.
(وَمَنْ حَلَفَ لَيَتَزَوَّجَنَّ يَبَرُّ بِعَقْدِ) نِكَاحٍ (صَحِيحٍ) لَا فَاسِدٍ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَةَ لَا تَحِلُّ بِهِ، فَوُجُودُهُ كَعَدَمِهِ (وَإِنْ حَلَفَ لِيَتَزَوَّجَنَّ عَلَيْهَا)، أَيْ: عَلَى زَوْجَتِهِ (وَلَا نِيَّةَ وَلَا سَبَبَ) هَيَّجَ يَمِينَهُ (يَبِرُّ بِدُخُولِهِ بِزَوْجَةٍ نَظِيرَتِهَا) نَصًّا؛ لِأَنَّ ظَاهِرَ يَمِينِهِ قَصْدُ إغَارَتِهَا بِذَلِكَ وَغَيْظِهَا وَالتَّضْيِيقِ عَلَيْهَا فِي حُقُوقِهَا مِنْ قَسْمٍ وَغَيْرِهِ، وَذَلِكَ لَا يَحْصُلُ بِدُونِ مَنْ يُسَاوِيهَا فِي حُكْمِ الْقَسْمِ وَالنَّفَقَةِ، وَلَا يَجِبُ ذَلِكَ إلَّا بِالدُّخُولِ، فَلَا يَحْصُلُ مَقْصُودُ الْيَمِينِ بِدُونِهِ. قَالَهُ الْأَصْحَابُ، (أَوْ) بِدُخُولِهِ (بِمَنْ تَغُمُّهَا أَوْ تَتَأَذَّى بِهَا) كَأَعْلَى مِنْهَا.
(وَيَتَّجِهُ) أَنَّهُ يَبَرُّ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ الصَّحِيحِ (وَلَوْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا) ؛ لِأَنَّ الْإِغَارَةَ وَالْغَيْظَ يَحْصُلَانِ بِمُجَرَّدِ الْخِطْبَةِ، وَإِنْ حَصَلَ بِمَا ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ زِيَادَةٌ فِي الْغَيْظِ فَلَا تَلْزَمُهُ الزِّيَادَةُ عَلَى الْغَيْظِ الَّذِي يَحْصُلُ بِمَا يَتَنَاوَلُهُ الْعَقْدُ، كَمَا أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ نِكَاحُ اثْنَتَيْنِ وَلَا ثَلَاثٍ وَلَا أَعْلَى مِنْ نَظِيرَتِهَا، وَاَلَّذِي تَنَاوَلَتْهُ يَمِينُهُ مُجَرَّدَ التَّزْوِيجِ، وَلِذَلِكَ لَوْ حَلَفَ لَا يَتَزَوَّجُ عَلَى امْرَأَتِهِ - حَنِثَ بِمُجَرَّدِ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ، فَكَذَلِكَ يَحْصُلُ الْبِرُّ بِهِ؛ لِأَنَّ الْمُسَمَّى وَاحِدٌ فَمَا تَنَاوَلَهُ النَّفْيُ تَنَاوَلَهُ الْإِثْبَاتُ (خِلَافًا لَهُمَا)، أَيْ: الْإِقْنَاعِ وَالْمُنْتَهَى فِي جَعْلِهِمَا مَنْ حَلَفَ لَيَتَزَوَّجَنَّ عَلَى امْرَأَتِهِ لَا يَبَرُّ إلَّا بِدُخُولِهِ بِنَظِيرَتِهَا أَوْ بِمَنْ تَغُمُّهَا أَوْ تَتَأَذَّى مِنْهَا انْتَهَيَا
بِالْمَعْنَى (إلَّا إنْ كَانَ مَا) أَنْشَأَهُ مِنْ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ (عَقْدَ حِيلَةٍ) عَلَى حِلِّ يَمِينِهِ (لِيَتَخَلَّصَ) مِنْهَا مِثْلُ أَنْ يُوَاطِئَ امْرَأَتَهُ عَلَى نِكَاحٍ لَا يَغِيظُهَا بِهِ لِتَبَرَّ يَمِينُهُ (فَلَا يَبَرُّ إلَّا بِدُخُولٍ) ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ هُنَا جَعَلَهُ حِيلَةً، وَإِنَّمَا قُلْنَا إنَّهُ لَا يَبَرُّ فِي عَقْدِ الْحِيلَةِ؛ لِأَنَّ مَبْنَى الْأَيْمَانِ عَلَى الْمَقَاصِدِ وَالْبَيَانِ، أَفَادَهُ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَهُوَ مُتَّجِهٌ فَإِنْ حَلَفَ لَيَتَزَوَّجَنَّ عَلَى امْرَأَتِهِ، فَتَزَوَّجَ بِعَجُوزٍ زِنْجِيَّةٍ، لَمْ يَبَرَّ نَصًّا؛ لِأَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يُغِيرَهَا وَيَغُمَّهَا، وَبِهَذَا لَا تَغَارُ وَلَا تَغْتَمُّ، وَلَوْ قُدِّرَ أَنَّ تَزْوِيجَ الْعَجُوزِ يَغِيظُهَا وَالزِّنْجِيَّةِ، لَبَرَّ بِهِ، وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ أَحْمَدُ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّهُ لَا يَغِيظُهَا؛ لِأَنَّهَا تَعْلَمُ أَنَّهُ إنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ حِيلَةً، لِئَلَّا يَغِيظَهَا، أَفَادَهُ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ.
(وَإِنْ حَلَفَ) لِامْرَأَتِهِ (لَيُطَلِّقَنَّ ضَرَّتَهَا وَلَا نِيَّةَ وَلَا سَبَبَ فَطَلَّقَهَا طَلَاقًا رَجْعِيًّا، بَرَّ) ؛ لِأَنَّهُ طَلَاقٌ، فَإِنْ كَانَ نِيَّةٌ أَوْ قَرِينَةٌ تَقْتَضِي الْإِبَانَةَ، فَلَا يَبَرُّ إلَّا بِهَا (وَ) إنْ حَلَفَ (لَا يُكَلِّمُهَا هَجْرًا، فَوَطِئَهَا حَنِثَ) لِزَوَالِ الْهَجْرِ بِهِ وَلَا نِيَّةَ وَلَا سَبَبَ وَيَزُولُ أَيْضًا بِالسَّلَامِ.
(وَ) إنْ حَلَفَ (لَا يَأْكُلُ تَمْرًا لِحَلَاوَتِهِ حَنِثَ بِكُلِّ حُلْوٍ بِخِلَافِ أَعْتَقْتُهُ) لِأَنَّهُ أَسْوَدُ أَوْ لِسَوَادِهِ فَيُعْتَقُ وَحْدَهُ؛ لِأَنَّ الْعِلَّةَ وَهِيَ السَّوَادُ لَا تَطَّرِدُ فِي كُلِّ مَنْ يُعْتَقْ فَقَدْ يَكُونُ الْعَتِيقُ أَبْيَضَ، بِخِلَافِ الْعِلَّةِ فِي التَّمْرِ وَهِيَ الْحَلَاوَةُ، لِاطِّرَادِهَا فِي كُلِّ حُلْوٍ يُؤْكَلُ، وَقَالَ الْقَاضِي
وَأَبُو الْخَطَّابِ: لِأَنَّ عِلَّتَهُ يَجُوزُ أَنْ تُنْتَقَضَ. وَقَوْلُهُ لَا يَطَّرِدُ (أَوْ) بِخِلَافِ قَوْلِهِ لِوَكِيلِهِ (اعْتِقْهُ)، أَيْ: عَبْدِي فُلَانًا (لِأَنَّهُ أَسْوَدُ أَوْ لِسَوَادِهِ، فَلَا يَتَجَاوَزُهُ) بِالْعِتْقِ لِجَوَازِ الْمُنَاقَضَةِ عَلَيْهِ وَالْبَدْءِ (وَ) إنْ قَالَ لِشَخْصٍ (إذَا أَمَرْتُك بِشَيْءٍ لِعِلَّةٍ فَقِسْ عَلَيْهِ كُلَّ شَيْءٍ مِنْ مَالِي وَجَدْتُ فِيهِ تِلْكَ الْعِلَّةَ، ثُمَّ قَالَ اعْتِقْ عَبْدِي فُلَانًا؛ لِأَنَّهُ أَسْوَدُ، صَحَّ أَنْ يَعْتِقَ كُلَّ عَبْدٍ لَهُ أَسْوَدَ) وَهُوَ نَظِيرُ قَوْلِ صَاحِبِ الشَّرْعِ؛ لِأَنَّهُ تَعَبَّدَنَا بِالْقِيَاسِ.
وَقَالَ فِي الْعُدَّةِ وَإِنَّ الْمُخَالِفَ احْتَجَّ بِأَنَّ أَهْلَ اللُّغَةِ لَا تَسْتَعْمِلُ الْقِيَاسَ، فَلَوْ قَالَ لِوَكِيلِهِ: اشْتَرِ لِي سَكَنْجَبِينًا، فَإِنَّهُ يَصْلُحُ لِلصَّفْرَاءِ، لَمْ يَصِحَّ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ رُمَّانًا وَإِنْ كَانَ يَصْلُحُ وَالْجَوَابُ أَنَّ السَّكَنْجَبِينَ يَخْتَصُّ بِمَعَانٍ لَا تُوجَدُ فِي الرُّمَّانِ، وَلِذَلِكَ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَشْتَرِيَهُ، وَقَدْ وَرَدَ عَنْ أَهْلِ اللُّغَةِ مَا يُوجِبُ الْقَوْلَ بِالْقِيَاسِ، فَإِنَّ اثْنَيْنِ لَوْ ضَرَبَا أُمَّهُمَا، فَضَرَبَ الْأَبُ أَحَدَهُمَا؛ لِأَنَّهُ ضَرَبَ أُمَّهُ، صَلُحَ الرَّدُّ عَلَيْهِ بِأَنَّ الْآخَرَ ضَرَبَهَا فَلِمَ لَا تَضْرِبْهُ؟ (وَ) كَذَلِكَ (لَوْ قَالَ: لَا تُعْطِ فُلَانًا إبْرَةً يُرِيدُ عَدَمَ تَعَدِّيهِ بِهَا فَأَعْطَاهُ سِكِّينَةً، حَنِثَ) ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى مَنَعَهُ مِنْ إعْطَائِهِ مَا يَتَعَدَّى بِهِ، وَقَدْ وُجِدَ بِإِعْطَاءِ السِّكِّينِ، عَلَى أَنَّا نَقُولُ بِالْقِيَاسِ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي دَلَّ الشَّرْعُ عَلَيْهِ وَكَلَّفَنَا إيَّاهُ، وَفِي تِلْكَ الْمَوَاضِعِ لَمْ يَدُلَّ الشَّرْعُ عَلَيْهِ فَلَمْ يُصْلَحْ الْقَوْلُ بِهِ.
فَقَدْ أَجَابَ الْقَاضِي بِوَجْهَيْنِ: أَوَّلُهُمَا كَاخْتِيَارِ أَبِي الْخَطَّابِ، وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَوْ قَالَ قِسْ عَلَيْهِ كُلَّ مَا صَلُحَ لِلصَّفْرَاءِ، جَازَ، وَيَدُلُّ أَيْضًا عَلَى أَنَّهُ إذَا لَمْ يَعْتِقْ غَيْرَ مَا أَعْتَقَهُ مَعَ أَنَّهُ أَسْوَدُ، أَنَّ لِكُلِّ عَاقِلٍ مُنَاقَضَتُهُ وَيَقُولُ لَهُ لِمَ لَا تَعْتِقْ غَيْرَهُ مِنْ السُّودِ؟ وَكَذَا قَالَهُ أَبُو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُ، وَلَوْ قَالَ لَنَا قَائِلٌ قِيسُوا كَلَامِي بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ، ثُمَّ قَالَ وَاَللَّهِ لَا أَكَلْتُ السُّكَّرَ؛ لِأَنَّهُ حُلْوٌ شَرَكَ فِيهِ كُلَّ حُلْوٍ قَالَهُ فِي الْفُرُوعِ.
(وَ) إنْ حَلَفَ (لَا يُكَلِّمُ زَيْدًا لِشُرْبِهِ الْخَمْرَ، فَكَلَّمَهُ، وَقَدْ تَرَكَهُ)، أَيْ: شُرْبَ الْخَمْرِ (لَمْ يَحْنَثْ) لِدَلَالَةِ الْحَالِ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ مَا دَامَ يَشْرَبُهَا، وَقَدْ انْقَطَعَ ذَلِكَ (وَلَا يُقْبَلُ تَعْلِيلٌ بِكَذِبٍ) ؛ لِأَنَّ وُجُودَهُ كَعَدَمِهِ (فَمَنْ قَالَ لِقِنِّهِ