الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(وَيَتَّجِهُ أَنَّهُ لَوْ قَطَعَهُمَا) ؛ أَيْ: ذَكَرَهُ وَخُصْيَتَيْهِ (مَعًا) فَعَلَيْهِ (قِيمَتَانِ كَامِلَتَانِ) كَمَا لَوْ ذَهَبَ سَمْعُهُ وَبَصَرُهُ بِجِنَايَةٍ وَاحِدَةٍ، فَإِنَّ فِي كُلٍّ مِنْ ذَلِكَ مِنْ الْحُرِّ دِيَةً كَامِلَةً، وَهُوَ مُتَّجِهٌ، بَلْ مُصَرَّحٌ بِهِ فِي " شَرْحِ الْمُنْتَهَى " وَغَيْرِهِ.
[فَصْلٌ دِيَةُ الْجَنِينِ]
فَصْلٌ (وَدِيَةُ جَنِينٍ حُرٍّ مُسْلِمٍ وَلَوْ أُنْثَى) وَالْجَنِينُ: الْوَلَدُ الَّذِي فِي الْبَطْنِ مِنْ الْإِجْنَانِ وَهُوَ السَّتْرُ؛ (لِأَنَّهُ أَجَنَّهُ بَطْنُ أُمِّهِ) ؛ أَيْ: سَتَرَهُ.
قَالَ تَعَالَى: {وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ} [النجم: 32](أَوْ مَا تَصِيرُ بِهِ أَمَةٌ أُمَّ وَلَدٍ) وَهُوَ مَا تَبَيَّنَ فِيهِ خَلْقُ إنْسَانٍ وَلَوْ خَفِيًّا، لَا مُضْغَةً أَوْ عَلَقَةً (إنْ ظَهَرَ) الْجَنِينُ مَيِّتًا (أَوْ) ظَهَرَ (بَعْضُهُ) كَيَدٍ وَرَأْسٍ (مَيِّتًا وَلَوْ) كَانَ ظُهُورُهُ (بَعْدَ مَوْتِ أُمِّهِ بِجِنَايَةٍ عَمْدًا أَوْ خَطَأً) وَكَذَا مَا فِي مَعْنَى الْجِنَايَةِ كَمَا مَرَّ فِيمَنْ أَسْقَطَتْ فَزَعًا مِنْ طَلَبِ سُلْطَانٍ أَوْ بِرِيحِ نَحْوِ طَعَامٍ (فَسَقَطَ) الْجَنِينُ فِي الْحَالِ، (أَوْ بَقِيَتْ) أُمُّهُ (مُتَأَلِّمَةً حَتَّى سَقَطَ) الْجَنِينُ، فَإِنْ لَمْ يَسْقُطْ كَأَنْ قَتَلَ حَامِلًا وَلَمْ يُسْقِطْ جَنِينَهَا، أَوْ ضَرَبَ مَنْ بِبَطْنِهَا حَرَكَةٌ أَوْ انْتِفَاخٌ، فَزَالَ ذَلِكَ؛ فَلَا شَيْءَ فِيهِ (وَلَوْ) كَانَ إسْقَاطُهَا (بِفِعْلِهَا) كَإِجْهَاضِهَا بِشُرْبِ دَوَاءٍ (أَوْ كَانَتْ أَمَةً ذِمِّيَّةً حَامِلًا مِنْ ذِمِّيٍّ وَمَاتَ) الذِّمِّيُّ وَالْجَنِينُ بِهِ بِدَارِنَا (لِلْحُكْمِ بِإِسْلَامِهِ) إذَنْ تَبَعًا لِلدَّارِ (وَيُرَدُّ قَوْلُهَا) ؛ أَيْ: الذِّمِّيَّةِ (إنْ لَمْ يَمُتْ الْجَنِينُ) الَّذِي (حَمَلَتْ بِهِ مِنْ مُسْلِمٍ) .
إنْ لَمْ تَكُنْ زَوْجَةً أَوْ أَمَةً لَهُ؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ (أَوْ) كَانَتْ أُمُّ الْجَنِينِ (أَمَةً وَهُوَ حُرٌّ) لِغُرُورٍ أَوْ شَرْطٍ أَوْ إعْتَاقِهِ وَحْدَهُ، فَتَقْدِيرُ أَمَةٍ حُرَّةٍ، وَقَوْلُهُ:(غُرَّةٌ) خَبَرُ دِيَةِ جَنِينٍ
(عَبْدٌ أَوْ أَمَةٌ) بَدَلٌ مِنْ غُرَّةٍ، وَأَصْلُهَا الْخِيَارُ، سَمَّى بِهَا الْعَبْدَ وَالْأَمَةَ؛ لِأَنَّهُمَا مِنْ أَنْفَسِ الْأَمْوَالِ وَوَجْهُ وُجُوبِ الْغُرَّةِ فِي الْجَنِينِ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ. قَالَ:«اقْتَتَلَتْ امْرَأَتَانِ مِنْ هُذَيْلٍ، فَرَمَتْ إحْدَاهُمَا الْأُخْرَى بِحَجَرٍ فَقَتَلَتْهَا وَمَا فِي بَطْنِهَا، فَاخْتَصَمُوا إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَضَى أَنَّ دِيَةَ جَنِينِهَا غُرَّةٌ عَبْدٌ أَوْ أَمَةٌ وَقَضَى بِدِيَةِ الْمَرْأَةِ عَلَى عَاقِلَتِهَا، وَوَرِثَهَا وَلَدُهَا وَمَنْ مَعَهُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
قَوْلُهُ (قِيمَتُهَا خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ) صِفَةٌ لِغُرَّةٍ، وَذَلِكَ نِصْفُ عُشْرِ الدِّيَةِ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ وَزَيْدٍ؛ لِأَنَّهُ أَقَلُّ مَا قَدَّرَهُ الشَّرْعُ فِي الْجِنَايَةِ، وَهُوَ أَرْشُ الْمُوضِحَةِ، وَأَمَّا الْأُنْمُلَةُ فَقَدْرُهَا ثَبَتَ بِالْحِسَابِ مِنْ دِيَةِ الْأُصْبُعِ (مَوْرُوثَةٌ عَنْهُ) ؛ أَيْ: الْجَنِينِ (كَأَنَّهُ سَقَطَ حَيًّا) ثُمَّ مَاتَ؛ لِأَنَّهَا بَدَلُهُ، وَلِأَنَّهَا دِيَةُ آدَمِيٍّ فَوَجَبَ أَنْ تُورَثَ عَنْهُ كَسَائِرِ الدِّيَاتِ (فَلَا حَقَّ فِيهَا لِقَاتِلٍ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَرِثُ الْمَقْتُولَ (وَلَا كَامِلِ رِقٍّ) لِأَنَّهُ مَانِعٌ لِلْإِرْثِ وَيَرِثُ الْمُبَعَّضُ مِنْهَا بِقَدْرِ حُرِّيَّتِهِ كَغَيْرِهَا.
(فَيَرِثُهَا) ؛ أَيْ: الْغُرَّةَ (عَصَبَةُ سَيِّدٍ قَتَلَ وَلَدَهُ مِنْ أَمَةٍ) كَأَنْ ضَرَبَ بَطْنَ أُمِّ وَلَدِهِ فَأَسْقَطَتْ وَلَدَهَا مِنْهُ؛ فَلَا يَرِثُهُ هُوَ لِأَنَّهُ قَاتِلٌ، وَيَرِثُهُ مَنْ عَدَاهُ مِنْ وَرَثَتِهِ، وَكَذَا لَوْ ضَرَبَ السَّيِّدُ بَطْنَ عَتِيقَتِهِ فَأَسْقَطَتْ جَنِينَهَا؛ كَانَ عَلَيْهِ غُرَّةٌ يَرِثُهَا أُمُّ الْجَنِينِ وَعَصَبَةُ السَّيِّدِ دُونَهُ؛ لِأَنَّهُ قَاتِلٌ.
(وَتَعَدُّدُ الْغُرَّةِ بِتَعَدُّدِ جَنِينٍ وَإِنْ أَلْقَتْ) بِجِنَايَةٍ (رَأْسَيْنِ أَوْ أَرْبَعَ أَيْدٍ) أَوْ أَرْجُلٍ (فَغُرَّةٌ وَاحِدَةٌ) ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِنْ جَنِينٍ وَاحِدٍ، وَمَا زَادَ مَشْكُوكٌ فِيهِ فَلَمْ يَجِبْ بِهِ شَيْءٌ (أَوْ) أَلْقَتْ (مَا لَيْسَ فِيهِ صُورَةُ آدَمِيٍّ) أَوْ أَلْقَتْ مُضْغَةً فَشَهِدَ ثِقَاتٌ مِنْ الْقَوَابِلِ أَنَّهُ مَبْدَأُ خَلْقِ آدَمِيٍّ لَوْ بَقِيَ تَصَوَّرَ آدَمِيًّا (فَلَا شَيْءَ فِيهِ) ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِوَلَدٍ (كَمَا لَوْ ضَرَبَ بَطْنَ حَرْبِيَّةٍ) حَامِلٍ (أَوْ) بَطْنَ (مُرْتَدَّةٍ) حَامِلٍ (فَأَسْلَمَتْ، ثُمَّ أَلْقَتْهُ مَيِّتًا) فَلَا شَيْءَ فِيهِ. (وَيَتَّجِهُ)(هَذَا) الْمَذْكُورُ مِنْ أَنَّهُ لَا شَيْءَ فِيهِ (إنْ) كَانَتْ قَدْ (حَمَلَتْ بِهِ