الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تَتِمَّةٌ: وَإِنْ شَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى إقْرَارِهِ بِالسَّرِقَةِ، ثُمَّ جَحَدَ، وَقَامَتْ الْبَيِّنَةُ بِذَلِكَ لَمْ يُقْطَعْ وَلَوْ أَقَرَّ مَرَّةً وَاحِدَةً أَوْ ثَبَتَ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ أَوْ إقْرَارٍ مَرَّتَيْنِ، ثُمَّ رَجَعَ؛ لَزِمَهُ غَرَامَةُ الْمَسْرُوقِ، وَلَا قَطْعَ، وَإِنْ كَانَ رُجُوعُهُ وَقَدْ قُطِعَ بَعْضُ الْمَفْصِلِ لَمْ يُتَمِّمْ إنْ كَانَ يُرْجَى بُرْؤُهُ، لِكَوْنِهِ قَطَعَ الْأَقَلَّ، وَإِنْ قُطِعَ لِأَكْثَرَ فَالْمَقْطُوعُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ قَطَعَهُ لِيَسْتَرِيحَ مِنْ تَعْلِيقِ كَفِّهِ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهُ وَلَا يَلْزَمُ الْقَاطِعَ قَطْعُهُ؛ لِأَنَّ قَطْعَهُ تَدَاوٍ وَلَيْسَ بِحَدٍّ.
وَإِنْ أَقَرَّ أَنَّهُ سَرَقَ مِنْ رَجُلَيْنِ، فَصَدَّقَهُ أَحَدُهُمَا أَوْ حَضَرَ أَحَدُهُمَا، فَطَالَبَ، وَلَمْ يُطَالِبْ الْآخَرُ، لَمْ يُقْطَعْ، فَإِذَا أَقَرَّ أَنَّهُ سَرَقَ مِنْ شَخْصٍ شَيْئًا يَبْلُغُ نِصَابًا، فَقَالَ الشَّخْصُ قَدْ فَقَدْتُهُ مِنْ مَالِي، فَيَنْغِي أَنْ يُقْطَعَ.
[فَصْلٌ إذَا وَجَبَ قَطْعُ السَّارِقِ قُطِعَتْ يَدُهُ الْيُمْنَى]
فَصْلٌ (وَإِذَا أُوجِبَ الْقَطْعُ قُطِعَتْ يَدُهُ الْيُمْنَى) لِقِرَاءَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ: " فَاقْطَعُوا " أَيْمَانَهُمَا وَهُوَ إمَّا قِرَاءَةٌ أَوْ تَفْسِيرٌ سَمِعَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؛ إذْ لَا يُظَنُّ بِمِثْلِهِ أَنْ يُثْبِتَ فِي الْقُرْآنِ بِرَأْيِهِ، وَلِأَنَّهُ قَوْلُ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَلَا مُخَالِفَ لَهُمَا مِنْ الصَّحَابَةِ (لِإِهْدَارِهَا) بِسَبَبِ جِنَايَتِهَا؛ إذْ السَّرِقَةُ لَا تَكُونُ غَالِبًا إلَّا بِهَا فَأُهْدِرَتْ لِذَلِكَ (مِنْ مِفْصَلِ كَفِّهِ) لِقَوْلِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ تُقْطَعُ يَمِينُ السَّارِقِ مِنْ الْكُوعِ وَلِأَنَّ الْيَدَ تُطْلَقُ عَلَيْهَا إلَى الْكُوعِ وَإِلَى الْمِرْفَقِ وَإِلَى الْمَنْكِبِ، وَإِرَادَةُ مَا سِوَى الْأَوَّلِ مَشْكُوكٌ فِيهِ؛ فَلَا يُقْطَعُ مَعَ الشَّكِّ.
(وَحُسِمَتْ وُجُوبًا) لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم فِي سَارِقٍ: «اقْطَعُوهُ وَاحْسِمُوهُ» . قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ فِي إسْنَادِهِ مَقَالٌ.
وَحَسْمُهَا بِغَمْسِهَا فِي زَيْتٍ مَغْلِيٍّ لِسَدِّ أَفْوَاهِ الْعُرُوقِ، فَيَنْقَطِعُ الدَّمُ، إذْ لَوْ تُرِكَ بِلَا حَسْمٍ لَنَزَفَ الدَّمُ، فَأَدَّى إلَى مَوْتِهِ الْعُرُوقُ.
(وَسُنَّ تَعْلِيقُهَا) ؛ أَيْ: يَدُ السَّارِقِ الْمَقْطُوعَةِ (فِي عُنُقِهِ ثَلَاثَةُ أَيَّامِ إنْ رَآهُ الْإِمَامُ) ؛ أَيْ: أَدَّاهُ اجْتِهَادُهُ إلَيْهِ لِتَتَّعِظَ السُّرَّاقُ (فَإِنْ عَادَ) مَنْ قُطِعَتْ يَمِينُهُ إلَى السَّرِقَةِ (قُطِعَتْ رِجْلُهُ الْيُسْرَى) مَعَ بُرْءِ يَدِهِ (الْأُولَى) ؛ أَيْ: الَّتِي قُطِعَتْ أَوَّلًا (وَإِلَّا) بِأَنْ عَادَ ثَانِيًا إلَى السَّرِقَةِ قَبْلَ الْبُرْءِ (ف) لَا تُقْطَعُ رِجْلُهُ (حَتَّى تَنْدَمِلَ) يَدُهُ؛ أَيْ يَبْرَأَ جُرْحَهَا (مِنْ مِفْصَلِ كَعْبِهِ بِتَرْكِ عَقِبِهِ) لِفِعْلِ عُمَرَ، وَعَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ كَانَ يَقْطَعُ مِنْ شَطْرِ الْقَدَمِ مِنْ مَعْقِدِ الشِّرَاكِ، وَيَتْرُكُ لَهُ عَقِبًا يَمْشِي عَلَيْهَا، وَالْأَصْلُ فِي قَطْعِ الرَّجُلِ فِي الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ مَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ فِي السَّارِقِ: إنْ سَرَقَ فَاقْطَعُوا يَدَهُ، ثُمَّ إنْ سَرَقَ فَاقْطَعُوا رِجْلَهُ» .
وَلِأَنَّهُ قَوْلُ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، وَلَا مُخَالِفَ لَهُمَا مِنْ الصَّحَابَةِ، فَكَانَ كَالْإِجْمَاعِ وَإِنَّمَا قُطِعَتْ الرِّجْلُ الْيُسْرَى؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ} [المائدة: 33] وَإِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فِي الْمُحَارَبَةِ ثَبَتَ فِي السَّرِقَةِ قِيَاسًا عَلَيْهَا؛ وَلِأَنَّ قَطْعَ الرِّجْلِ الْيُسْرَى أَرْفَقُ بِهِ؛ لِأَنَّ الْمَشْيَ عَلَى الرِّجْلِ الْيُمْنَى أَسْهَلُ وَأَمْكَنُ، وَيَبْعُدُ فِي الْعَادَةِ أَنْ يَتَمَكَّنَ مِنْ الْمَشْيِ عَلَى الْيُسْرَى، فَوَجَبَ قَطْعُ الْيُسْرَى لِئَلَّا تَتَعَطَّلَ مِنْهُ مَنْفَعَةٌ بِلَا ضَرُورَةٍ (وَحُسِمَتْ) وُجُوبًا، وَصِفَةُ الْقَطْعِ أَنْ يَجْلِسَ السَّارِقُ وَيُضْبَطَ، لِئَلَّا يَتَحَرَّكَ فَيَجْنِيَ عَلَى نَفْسِهِ، وَتُشَدَّ يَدُهُ بِحَبْلٍ، أَوْ تُجَرَّ حَتَّى يَتَيَقَّنَ الْمِفْصَلَ، ثُمَّ تُوضَعُ السِّكِّينُ، وَتُجَرُّ بِقُوَّةٍ لِيُقْطَعَ فِي مَرَّةٍ (فَإِنْ عَادَ) فَسَرَقَ بَعْدَ قَطْعِ يَدِهِ وَرِجْلِهِ (حُبِسَ حَتَّى يَتُوبَ، وَيَحْرُمُ أَنْ يُقْطَعَ) .
رُوِيَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: " حَضَرْت عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ أُتِيَ بِرَجُلٍ مَقْطُوعِ الْيَدِ وَالرِّجْلِ قَدْ سَرَقَ، فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ: مَا تَرَوْنَ فِي هَذَا؟ قَالُوا: اقْطَعْهُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ: أَقْتُلُهُ إذَنْ، وَمَا عَلَيْهِ الْقَتْلُ بِأَيِّ شَيْءٍ يَأْكُلُ الطَّعَامَ؛ بِأَيِّ شَيْءٍ يَتَوَضَّأُ لِلصَّلَاةِ؛ بِأَيِّ شَيْءٍ يَقُومُ لِحَاجَتِهِ؟ فَرَدَّهُ إلَى السِّجْنِ أَيَّامًا ثُمَّ أَخْرَجَهُ، فَاسْتَشَارَ أَصْحَابَهُ، فَقَالُوا مِثْلَ قَوْلِهِمْ الْأَوَّلِ؛ وَقَالَ لَهُمْ مِثْلَ مَا قَالَ أَوَّلَ مَرَّةٍ؛ فَجَلَدَهُ جَلْدًا شَدِيدًا ثُمَّ أَرْسَلَهُ ". رَوَاهُ سَعِيدٌ.
وَلِأَنَّ فِي قَطْعِ يَدِهِ
الْأُخْرَى تَفْوِيتًا لِمَنْفَعَةِ جِنْسِ الْيَدِ وَذَهَابِ عُضْوَيْنِ مِنْ شِقٍّ وَحِكْمَةُ حَبْسِهِ كَفُّهُ عَنْ السَّرِقَةِ وَتَعْزِيرُهُ.
(فَلَوْ سَرَقَ) شَخْصٌ (وَيَمِينُهُ) ؛ أَيْ: يَمِينُ يَدَيْهِ ذَاهِبَةٌ (أَوْ رِجْلُهُ الْيُسْرَى ذَاهِبَةٌ قُطِعَ الْبَاقِي مِنْهُمَا) ؛ أَيْ: مِنْ يَمِينِ يَدَيْهِ وَيُسْرَى رِجْلَيْهِ، فَتُقْطَعُ رِجْلُهُ الْيُسْرَى فِي الصُّورَةِ الْأُولَى؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ لَمَّا خَرَجَتْ عَنْ كَوْنِهَا مَحَلًّا لِلْقَطْعِ انْتَقَلَ الْقَطْعُ إلَى مَا يَلِي ذَلِكَ، وَهُوَ الرِّجْلُ الْيُسْرَى، وَتُقْطَعُ يَدُهُ الْيُمْنَى فِي الثَّانِيَةِ لِأَنَّهَا الْآلَةُ أَوْ مَحَلُّ الْقَطْعِ، لِأَنَّهُ مَنْفَعَةُ الْجِنْسِ لَا تَتَعَطَّلُ بِذَلِكَ، وَلَيْسَ مِنْ شِقٍّ وَاحِدٍ.
(وَلَوْ كَانَ الذَّاهِبُ) مِنْ السَّارِقِ (يَدَهُ الْيُسْرَى وَرِجْلَهُ الْيُمْنَى؛ لَمْ يُقْطَعْ مِنْهُ شَيْءٌ) لِتَعْطِيلِ مَنْفَعَةِ الْجِنْسِ، وَذَهَابِ عُضْوَيْنِ مِنْ شِقٍّ بِذَلِكَ الْقَطْعِ لَوْ فَعَلَ (وَلَوْ كَانَ) الذَّاهِبُ (يَدَيْهِ أَوْ يُسْرَاهُمَا؛ لَمْ تُقْطَعْ رِجْلُهُ الْيُسْرَى) لِذَهَابِ عُضْوَيْنِ مِنْ شِقٍّ (وَلَوْ كَانَ) الذَّاهِبُ (رِجْلَيْهِ أَوْ يُمْنَاهُمَا) أَيْ يُمْنَى رِجْلَيْهِ (قُطِعَتْ يُمْنَا يَدَيْهِ؛ لِأَنَّهَا الْآلَةُ، وَمَحَلُّ النَّصِّ) وَلَا يَذْهَبُ بِقَطْعِهَا مَنْفَعَةُ جِنْسِهَا (وَلَوْ ذَهَبَ بَعْدَ سَرِقَتِهِ يُمْنَى) يَدَيْهِ (أَوْ يُسْرَى يَدَيْهِ أَوْ) ذَهَبَ بَعْدَ سَرِقَتِهِ يُمْنَى أَوْ يُسْرَى يَدَيْهِ (مَعَ رِجْلَيْهِ أَوْ) ذَهَبَ يُمْنَى أَوْ يُسْرَى يَدَيْهِ مَعَ (إحْدَاهُمَا) ؛ أَيْ: إحْدَى رِجْلَيْهِ (سَقَطَ الْقَطْعُ) أَمَّا فِي الْأُولَى فَلِتَلَفِ مَحَلِّ الْقَطْعِ كَمَا لَوْ مَاتَ مَنْ عَلَيْهِ قَوَدٌ، وَأَمَّا سُقُوطُهُ فِي الثَّانِيَةِ فَلِذَهَابِ مَنْفَعَةِ الْجِنْسِ بِقَطْعِ يُمْنَاهُ، وَأَمَّا فِي الْأَخِيرَتَيْنِ فَكَذَلِكَ وَأَوْلَى.
وَلَا يَسْقُطُ الْقَطْعَ (إنْ كَانَ الذَّاهِبُ) بَعْدَ سَرِقَتِهِ (يُمْنَى) رِجْلَيْهِ (أَوْ يُسْرَى رِجْلَيْهِ أَوْ هُمَا)، أَيْ: رِجْلَيْهِ؛ لِبَقَاءِ مَنْفَعَةِ جِنْسِ الْمَقْطُوعَةِ.
(وَالشَّلَّاءُ) مِنْ يَدٍ أَوْ رِجْلٍ (وَلَوْ أَمِنَ تَلَفَهُ بِقَطْعِهَا) كَمَعْدُومَةٍ (وَمَا ذَهَبَ مُعْظَمُ نَفْعِهَا) مِنْ يَدٍ أَوْ رِجْلٍ (كَمَعْدُومَةٍ) كَأَنْ ذَهَبَ مِنْهَا ثَلَاثُ أَصَابِعَ (لَا مَا) أَيْ يَدٍ أَوْ رِجْلٍ (ذَهَبَ مِنْهَا خِنْصِرٌ أَوْ بِنْصِرٌ) بِكَسْرِ الصَّادِ فِيهِمَا فَقَطْ (أَوْ) ذَهَبَ مِنْ يَدٍ أَوْ رِجْلٍ (أُصْبُعٌ سِوَاهُمَا) أَيْ الْخِنْصِرِ وَالْبِنْصِرِ
(وَلَوْ) كَانَتْ الْإِصْبَعُ الذَّاهِبَةُ (الْإِبْهَامَ) فَلَيْسَتْ كَالْمَعْدُومَةِ؛ لِبَقَاءِ مُعْظَمِ نَفْعِهَا؛ فَيُقْطَعُ مِنْ السَّارِقِ مَا وَجَبَ قَطْعُهُ.
(وَإِنْ وَجَبَ قَطْعُ يُمْنَاهُ) هُوَ، أَيْ: السَّارِقِ (فَقَطَعَ قَاطِعٌ يُسْرَاهُ) بِلَا إذْنِهِ عَمْدًا فَعَلَيْهِ (الْقَوَدُ) لِقَطْعِهِ عُضْوًا مَعْصُومًا، كَمَا لَوْ لَمْ يَجِبْ قَطْعُ يُمْنَاهُ (وَإِلَّا يَتَعَمَّدْ قَطْعَ يُسْرَاهُ؛ ف) عَلَيْهِ (الدِّيَةُ) ؛ أَيْ: دِيَةُ الْيَدِ؛ لِأَنَّهُ خَطَأٌ.
(وَلَا تُقْطَعُ يُمْنَى السَّارِقِ) بَعْدَ قَطْعِ يُسْرَاهُ؛ لِئَلَّا يُفْضِيَ إلَى تَعْطِيلِ مَنْفَعَةِ الْجِنْسِ.
جَزَمَ بِهِ فِي التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ، وَصَحَّحَهُ فِي " الْإِنْصَافِ " وَقَدَّمَهُ فِي الْمُنْتَهَى "؛ لِأَنَّهُ لَوْ سَرَقَ مَرَّةً ثَالِثَةً لَا تُقْطَعُ يُسْرَى يَدَيْهِ كَمَا تَقَدَّمَ (وَفِي " التَّنْقِيحِ " بَلَى) قَالَ: " وَإِنْ قَطَعَ الْقَاطِعُ يُسْرَاهُ عَمْدًا أَوْ خَطَأً قُطِعَتْ يُمْنَاهُ. وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ.
(وَيَجْتَمِعُ قَطْعٌ وَضَمَانٌ) عَلَى سَارِقٍ نَصًّا؛ لِأَنَّهُمَا حَقَّانِ يَجِبَانِ لِمُسْتَحِقَّيْنِ؛ فَجَازَ اجْتِمَاعُهُمَا كَالْجَزَاءِ وَالْقِيمَةِ فِي صَيْدِ مَمْلُوكٍ مِنْ الْحَرَمِ.
إذَا تَقَرَّرَ هَذَا (فَيَرُدُّ) سَارِقٌ " مَا سَرَقَهُ "(لِمَالِكِهِ، وَإِنْ تَلَفَ) مَسْرُوقٌ فَعَلَى سَارِقٍ (بَدَلُهُ) وَيَكُونُ مِثْلَ مِثْلَيْ وَقِيمَةَ مُتَقَوِّمٍ؛ مُوسِرًا كَانَ أَوْ مُعْسِرًا.
وَمَا رُوِيَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ مَرْفُوعًا: «إذَا أَقَمْتُمْ الْحَدَّ عَلَى السَّارِقِ فَلَا غُرْمَ عَلَيْهِ» . قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ الْحَدِيثُ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ
(وَيُعِيدُ) السَّارِقُ (مَا خَرَّبَ مِنْ حِرْزٍ) مُحْتَرَمٍ بِالنِّسْبَةِ لَهُ، لِتَعَدِّيهِ، لَا إنْ كَانَ لَهُ شُبْهَةٌ فِي هَتْكِهِ وَمِثْلُهُ مُحْرَزٌ كَمَا لَوْ سَرَقَ حَدِيدًا وَصَنَعَهُ إبَرًا، أَوْ أَوْ سَرَقَ ثَوْبًا، وَقَطَعَهُ، فَعَلَيْهِ إعَادَةُ الْإِبَرِ كَمَا كَانَتْ، وَرَدُّ الثَّوْبِ مَعَ أَرْشِ النَّقْصِ، لِتَعَدِّيهِ بِذَلِكَ كَالْغَاصِبِ.
(وَعَلَيْهِ) ؛ أَيْ: السَّارِقِ (أُجْرَةُ قَاطِعٍ) يَدَهُ أَوْ رِجْلَهُ؛ لِأَنَّ الْقَطْعَ حَقٌّ وَجَبَ عَلَيْهِ الْخُرُوجُ مِنْهُ، فَكَانَتْ مُؤْنَتُهُ عَلَيْهِ كَسَائِرِ الْحُقُوقِ (وَ) عَلَيْهِ (ثَمَنُ زَيْتٍ حُسِمَ) حِفْظًا لِنَفْسِهِ؛ إذْ لَا يُؤْمَنُ عَلَيْهَا التَّلَفُ بِدُونِهِ، وَهَذَا الْمَذْهَبُ صَحَّحَهُ فِي " التَّصْحِيحِ "" وَالنَّظْمِ "