الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كَمَا لَوْ أَمَرَهُ بِإِلْقَاءِ مَتَاعِهِ فِي الْبَحْرِ فَفَعَلَ (وَيَأْثَمُ) مَقُولٌ لَهُ بِفِعْلِهِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُكْرَهٍ، وَ (كَ) ذَا لَوْ قَالَ لَهُ:(اُقْتُلْنِي) أَوْ اجْرَحْنِي (وإلَّا قَتَلْتُك) فَفَعَلَ؛ فَهَدَرٌ (وَلَا إثْمَ هُنَا) ؛ أَيْ: فِي هَذِهِ الصُّورَةِ (وَلَا كَفَّارَةَ) لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُ فِيهِ، وَقَدْ أَذَنَهُ فِي إتْلَافِهِ، كَمَا لَوْ أَذِنَهُ فِي إتْلَافِ مَالِهِ.
(وَلَوْ قَالَهُ) ؛ أَيْ: اُقْتُلْنِي أَوْ اجْرَحْنِي، وَإِلَّا قَتَلْتُك (قِنٌّ) فَفَعَلَ الْمَقُولُ لَهُ (ضَمِنَ) ؛ أَيْ: ضَمِنَهُ الْقَاتِلُ (لِسَيِّدِهِ بِقِيمَتِهِ) أَوْ أَرْشِ جِرَاحَتِهِ؛ لِأَنَّ إذْنَ الْقِنِّ فِي إتْلَافِ نَفْسِهِ لَا يَسْرِي عَلَى سَيِّدِهِ.
[فَصْلٌ أَمْسَكَ إنْسَانًا لِآخَرَ لِيَقْتُلَهُ فَقَتَلَهُ أَوْ قَطَعَ طَرَفَهُ فَمَاتَ]
فَصْلٌ
(وَمَنْ أَمْسَكَ إنْسَانًا لِآخَرَ لِيَقْتُلَهُ، لَا لِلَعِبٍ، وَنَحْوِهِ) كَضَرْبٍ (فَقَتَلَهُ، أَوْ قَطَعَ طَرَفَهُ، فَمَاتَ، أَوْ فَتَحَ فَمَهُ حَتَّى سَقَاهُ) الْآخَرُ (سُمًّا) فَمَاتَ (قُتِلَ قَاتِلٌ) قَالَ فِي " الْمُبْدِعِ ": بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ؛ لِأَنَّهُ قَتَلَ مَنْ يُكَافِئُهُ عَمْدًا بِغَيْرِ حَقٍّ (وَحُبِسَ مُمْسِكٌ حَتَّى يَمُوتَ) عَلَى الْمَذْهَبِ، جَزَمَ بِهِ الْخِرَقِيِّ وَالْوَجِيزُ وَالْمُنَوِّرُ "، وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ "، وَغَيْرُهُمْ، وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَالشَّرِيفُ، وَأَبُو الْخَطَّابِ فِي خِلَافَاتِهِمْ وَالشِّيرَازِيُّ، وَهُوَ مِنْ الْمُفْرَدَاتِ، (وَ) ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ (يُطْعَمُ وَيُسْقَى) خِلَافًا " لِلْمُبْدِعِ "، وَلَا قَوَدَ عَلَيْهِ، وَلَا دِيَةَ؛ لِمَا رَوَى ابْنُ عُمَرَ مَرْفُوعًا:«إذَا أَمْسَكَ الرَّجُلَ، وَقَتَلَهُ الْآخَرُ؛ يُقْتَلُ الَّذِي قَتَلَ، وَيُحْبَسُ الَّذِي أَمْسَكَ» .
وَلِأَنَّهُ حَبَسَ إلَى الْمَوْتِ فَيُحْبَسُ الْآخَرُ إلَيْهِ (وَإِنْ كَانَ الْمُمْسِكُ لَا يَعْلَمُ أَنَّهُ) ؛ أَيْ: الْقَاتِلَ (يَقْتُلُهُ؛ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ) لِأَنَّ مَوْتَهُ لَيْسَ بِفِعْلِهِ، وَلَا بِأَثَرِ فِعْلِهِ، بِخِلَافِ الْجَارِحِ؛ فَإِنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ فِيهِ قَصْدُ الْقَتْلِ؛ لِأَنَّ السِّرَايَةَ أَثَرُ جُرْحِهِ الْمَقْصُودِ لَهُ.
(وَمَنْ قَطَعَ طَرَفَ هَارِبٍ مِنْ الْقَتْلِ ظُلْمًا، فَحُبِسَ حَتَّى أَدْرَكَهُ قَاتِلُهُ)
فَقَتَلَهُ (أُقِيدَ مِنْهُ) فِي طَرَفِهِ، سَوَاءٌ حَبَسَهُ لِيَقْتُلَهُ الْآخَرُ أَوْ لَا (وَهُوَ) ؛ أَيْ: قَاطِعُ الطَّرَفِ فِيمَا يَجِبُ عَلَيْهِ (فِي النَّفْسِ كَمُمْسِكٍ) إنْسَانًا لِآخَرَ حَتَّى قَتَلَهُ؛ لِأَنَّهُ إذَا حَبَسَهُ لِلْقَتْلِ صَارَ كَأَنَّهُ أَمْسَكَهُ حَتَّى قَتَلَهُ، وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ حَبْسَهُ فَعَلَيْهِ الْقَطْعُ فَقَطْ، كَمَنْ أَمْسَكَ إنْسَانًا لِآخَرَ لَا يَعْلَمُ أَنَّهُ يَقْتُلُهُ، فَإِنْ قِيلَ: فَلِمَ اعْتَبَرْتُمْ قَصْدَ الْإِمْسَاكِ لِلْقَتْلِ ولَمْ تَعْتَبِرُوا إرَادَةَ الْقَتْلِ فِي الْجَارِحِ؟ قُلْنَا: إذَا مَاتَ مِنْ الْجُرْحِ فَقَدْ مَاتَ مِنْ سِرَايَتِهِ، وَأَثَرِهِ؛ فَيُعْتَبَرُ قَصْدُ الْجُرْحِ الَّذِي هُوَ السَّبَبُ دُونَ قَصْدِ الْأَثَرِ.
وَفِي مَسْأَلَتِنَا إنَّمَا كَانَ مَوْتُهُ بِأَمْرٍ غَيْرِ السِّرَايَةِ، وَالْفِعْلُ مُمْكِنٌ لَهُ، فَاعْتُبِرَ قَصْدُهُ لِذَلِكَ الْفِعْلِ، كَمَا لَوْ أَمْسَكَهُ
(وَلَوْ قَتَلَ الْوَلِيُّ الْمُمْسِكَ فَقَالَ الْقَاضِي) : يَجِبُ (عَلَيْهِ الْقِصَاصُ) ؛ لِأَنَّهُ تَعَمَّدَ قَتْلَهُ بِغَيْرِ حَقٍّ فِي قَتْلِهِ (وَخَالَفَهُ الْمَجْدُ) لِأَنَّ لَهُ شُبْهَةً فِي قَتْلِهِ، وَهِيَ اخْتِلَافُ الْعُلَمَاءِ (وَهُوَ حَسَنٌ) ، وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ يُقْتَلُ، اخْتَارَهُ أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ الْجَوْزِيِّ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ "، وَادَّعَاهُ سُلَيْمَانُ بْنُ مُوسَى إجْمَاعًا؛ لِأَنَّ قَتْلَهُ حَصَلَ بِفِعْلِهِمَا.
(وَإِنْ اشْتَرَكَ عَدَدٌ فِي قَتْلٍ لَا يُقَادُ بِهِ الْبَعْضُ) الْمُشَارِكُ (لَوْ انْفَرَدَ) بِالْقَتْلِ (كَحُرٍّ، وَقِنٍّ) اشْتَرَكَا (فِي قَتْلِ قِنٍّ، وَكَمُسْلِمٍ، وَكَافِرٍ) اشْتَرَكَا (فِي قَتْلِ كَافِرٍ، وَكَأَبٍ) ، وَأَجْنَبِيٍّ فِي قَتْلِ وَلَدِهِ، (أَوْ، وَلِيٍّ مُقْتَصٍّ، وَأَجْنَبِيٍّ) لَا حَقَّ لَهُ فِي الْقِصَاصِ فِي قَتْلِ مَنْ، وَجَبَ عَلَيْهِ الْقَوَدُ (وَكَخَاطِئٍ، وَعَامِدٍ) اشْتَرَكَا فِي قَتْلٍ أَوْ قَطْعٍ (وَكَمُكَلَّفٍ، وَغَيْرِ مُكَلَّفٍ) اشْتَرَكَا فِي قَتْلٍ أَوْ قَطْعٍ أَوْ مُكَلَّفٍ، وَ (سَبُعٍ، أَوْ) مُكَلَّفٍ، وَ (مَقْتُولٍ) اشْتَرَكَا فِي قَتْلِ نَفْسِهِ (فَالْقَوَدُ عَلَى قِنٍّ) شَارَكَ حُرًّا؛ لِأَنَّ الْقِصَاصَ سَقَطَ عَنْ الْحُرِّ؛ لِعَدَمِ مُكَافَأَةِ الْمَقْتُولِ لَهُ، وَهَذَا الْمَعْنَى لَا يَتَعَدَّى إلَى فِعْلِ شَرِيكِهِ؛ فَلَمْ يَسْقُطْ الْقِصَاصُ عَنْهُ، (وَ) الْقَوَدُ أَيْضًا عَلَى (شَرِيكِ أَبٍ) فِي قَتْلِ وَلَدِهِ؛ لِمُشَارَكَتِهِ فِي قَتْلِ الْعَمْدِ الْعُدْوَانِ فِيمَنْ يُقْتَلُ بِهِ لَوْ انْفَرَدَ، وَإِنَّمَا امْتَنَعَ الْقِصَاصُ فِي حَقِّ الْأَبِ لِمَعْنًى مُخْتَصٍّ بِالْمَحَلِّ، لَا لِقُصُورٍ فِي السَّبَبِ الْمُوجِبِ؛ فَلَا يُمْنَعُ عَمَلُهُ فِي الْمَحَلِّ الَّذِي لَا مَانِعَ فِيهِ، وَمِثْلُ الْأَبِ الْأُمُّ، وَالْجَدُّ، وَالْجَدَّةُ، وَإِنْ عَلَوْا.
(وَ) الْقَوَدُ
أَيْضًا عَلَى كَافِرٍ اشْتَرَكَ مَعَ (مُسْلِمٍ) فِي قَتْلِ كَافِرٍ (كَ) مَا يَجِبُ الْقَوَدُ عَلَى (مُكْرَهٍ) ، وَمُكْرَهَةٍ (أَبًا) أَوْ أُمًّا أَوْ جَدًّا أَوْ جَدَّةً (عَلَى قَتْلِ وَلَدِهِ) ، وَإِنْ سَفَلَ، دُونَ الْأَبِ، وَنَحْوِهِ (وَعَلَى شَرِيكِ قِنٍّ) فِي قَتْلِ قِنٍّ (نِصْفُ قِيمَةِ) قِنٍّ (قَتِيلٍ) لِمُشَارَكَتِهِ فِي إتْلَافِهِ؛ فَلَزِمَهُ بِقِسْطِهِ (وَعَلَى شَرِيكِ غَيْرِ أَبٍ، وَقِنٍّ فِي) قَتْلِ (حُرٍّ نِصْفُ دِيَتِهِ، وَفِي) قَتْلِ (قِنٍّ نِصْفُ قِيمَتِهِ) كَالشَّرِيكِ فِي إتْلَافِ مَالٍ، وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ الْقَوَدُ عَلَى الشَّرِيكِ؛ لِأَنَّ الْفِعْلَ لَمْ يَتَمَحَّضْ عُدْوَانًا، فَلَمْ يُوجِبْ الْقِصَاصَ، وَإِنَّمَا لَزِمَ نِصْفُ الدِّيَةِ؛ لِأَنَّهُ شَرِيكٌ فِي إتْلَافٍ فَلَزِمَ الْقِسْطُ، لَكِنْ تَجِبُ فِي مَالِهِمْ؛ لِأَنَّهُ عَمْدٌ، وَأَمَّا النِّصْفُ الثَّانِي فَعَلَى عَاقِلَةِ الْخَاطِئِ، وَغَيْرِ الْمُكَلَّفِ فِي مَسْأَلَتِهِمَا.
(وَمَنْ جُرِحَ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ (عَمْدًا، فَدَاوَاهُ) ؛ أَيْ: دَاوَى الْمَجْرُوحُ جُرْحَهُ (بِسُمٍّ) قَاتِلٍ، فَمَاتَ فِي الْحَالِ؛ فَلَا قَوَدَ عَلَى جَارِحِهِ؛ لِقَتْلِهِ نَفْسَهُ؛ أَشْبَهَ مَا لَوْ جُرِحَ فَذَبَحَ نَفْسَهُ، أَوْ جُرِحَ (فَخَاطَهُ فِي اللَّحْمِ الْحَيِّ) فَمَاتَ؛ فَكَذَلِكَ.
(، وَيَتَّجِهُ) وَإِنْ خَاطَهُ غَيْرُ الْمَجْرُوحِ بِإِذْنِهِ فِي اللَّحْمِ الْحَيِّ، أَوْ دَاوَاهُ بِسُمٍّ (وَلَمْ يَتَعَمَّدْ) فَمَاتَ الْمَجْرُوحُ؛ فَلَا قَوَدَ عَلَى الْجَارِحِ، وَلَا الْخَائِطِ أَوْ الْمُدَاوِي؛ لِأَنَّهُ قَصَدَ بِذَلِكَ مُدَاوَاةَ النَّفْسِ، فَكَانَ فِعْلُهُ عَمْدَ خَطَأٍ كَشَرِيكِ الْخَاطِئِ، وَعَلَى الْجَارِحِ نِصْفُ الدِّيَةِ، وَإِنْ خَاطَهُ غَيْرُهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ؛ فَهُمَا قَاتِلَانِ عَلَيْهِمَا الْقَوَدُ (وَإِلَّا) بِأَنْ تَعَمَّدَ خَائِطٌ أَوْ مُدَاوٍ الْخِيَاطَةَ فِي اللَّحْمِ الْحَيِّ أَوْ الْمُدَاوَاةَ بِالسُّمِّ (قُتِلَا) ؛ أَيْ: الْجَارِحُ أَوْ الْمُدَاوِي، أَوْ الْخَائِطُ؛ لِصَلَاحِيَةِ فِعْلِهِمَا الْقَتْلَ الْعَمْدَ الْعُدْوَانَ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ.
(أَوْ فَعَلَ ذَلِكَ، وَلِيُّهُ) ؛ أَيْ: دَاوَاهُ بِسُمٍّ