الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الثَّالِثُ نَذْرُ طَاعَةٍ لَا أَصْلَ لَهَا فِي الْوُجُوبِ كَالِاعْتِكَافِ وَعِيَادَةِ الْمَرِيضِ، فَيَلْزَمُهُ الْوَفَاءُ بِهِ، لِمَا تَقَدَّمَ.
[تَتِمَّةٌ تَعْلِيقُ النَّذْرِ بِالْمِلْكِ]
تَتِمَّةٌ: قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: تَعْلِيقُ النَّذْرِ بِالْمِلْكِ نَحْوُ إنْ رَزَقَنِي اللَّهُ مَالًا فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَتَصَدَّقَ بِهِ أَوْ بِشَيْءٍ مِنْهُ يَصِحُّ اتِّفَاقًا، وَقَدْ دَلَّ عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى:{وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ} [التوبة: 75] الْآيَةَ.
(وَيَجُوزُ إخْرَاجُهُ) ؛ أَيْ: النَّذْرِ (قَبْلَهُ) ؛ أَيْ: قَبْلَ وُجُودِ شَرْطِهِ كَإِخْرَاجِ الْكَفَّارَةِ بَعْدَ الْيَمِينِ وَقَبْلَ الْحِنْثِ (وَقَالَ الشَّيْخُ فِيمَنْ قَالَ: إنْ قَدِمَ فُلَانٌ أَصُومُ كَذَا: هَذَا نَذْرٌ يَجِبُ الْوَفَاءُ بِهِ مَعَ الْقُدْرَةِ لَا أَعْلَمُ فِيهِ نِزَاعًا) وَمَنْ قَالَ لَيْسَ بِنَذْرٍ فَقَدْ أَخْطَأَ، وَقَالَ: قَوْلُ الْقَائِلِ: لَئِنْ ابْتَلَانِي اللَّهُ لَأَصْبِرَنَّ وَلَئِنْ لَقِيتُ الْعَدُوَّ لَأُجَاهِدَنَّ، وَلَوْ عَلِمْتُ أَيَّ الْعَمَلِ أَحَبَّ إلَى اللَّهِ لَعَمِلْتُهُ نَذْرٌ مُعَلَّقٌ بِشَرْطٍ، كَقَوْلِ الْآخَرِ:{لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ} [التوبة: 75] الْآيَةَ.
وَنَظِيرُ ابْتِدَاءِ الْإِيجَابِ تَمَنِّي لِقَاءِ الْعَدُوِّ، وَيُشْبِهُهُ سُؤَالُ الْإِمَارَةِ (وَنَصَّ. الْإِمَامُ أَحْمَدُ عَلَيْهِ فِي إنْ قَدِمَ فُلَانٌ تَصَدَّقْتُ بِكَذَا)
أَنَّهُ نَذْرٌ صَحِيحٌ، وَإِنْ لَمْ يُصَرَّحْ بِذِكْرِ النَّذْرِ؛ لِأَنَّ دَلَالَةَ الْحَالِ تَدُلُّ عَلَى إرَادَةِ النَّذْرِ.
(وَمَنْ نَذَرَ فِعْلَ طَاعَةٍ وَمَعْصِيَةٍ، لَزِمَهُ فِعْلُ الطَّاعَةِ، وَكَفَّرَ لِلْمَعْصِيَةِ)، نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ الشَّالَنْجِيِّ (وَلَوْ) (نَذَرَ الصَّدَقَةَ مَنْ تُسَنُّ لَهُ) بِأَنْ كَانَ لَا يَضُرُّ بِذَلِكَ نَفْسَهُ أَوْ عِيَالَهُ أَوْ غَرِيمَهُ (بِكُلِّ مَالِهِ أَوْ بِأَلْفٍ وَنَحْوِهِ) مِنْ الْأَعْدَادِ (وَهُوَ) أَيْ: الْأَلْفُ وَنَحْوُهُ (كُلُّ مَالِهِ بِقَصْدِ الْقُرْبَةِ) مُتَعَلِّقٌ بِنَذْرٍ؛ أَجْزَأَ ثُلُثُهُ يَوْمَ نَذْرِهِ يَتَصَدَّقُ بِهِ، وَلَا كَفَّارَةَ نَصًّا؛ «لِقَوْلِ كَعْبٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ مِنْ تَوْبَتِي أَنْ أَنْخَلِعَ مِنْ مَالِي صَدَقَةً، فَقَالَ لَهُ صلى الله عليه وسلم: أَمْسِكْ عَلَيْكَ بَعْضَ مَالِكَ هُوَ خَيْرٌ لَكَ» .
وَفِي قِصَّةِ تَوْبَةِ أَبِي لُبَابَةَ: وَأَنْ أَنْخَلِعَ مِنْ مَالِي صَدَقَةً لِلَّهِ وَرَسُولِهِ فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: «يُجْزِئُ عَنْكَ الثُّلُثُ» .
رَوَاهُ أَحْمَدُ. وَلِأَنَّ الصَّدَقَةَ بِالْجَمِيعِ مَكْرُوهَةٌ.
قَالَ فِي " الرَّوْضَةِ ": لَيْسَ لَنَا فِي نَذْرِ الطَّاعَةِ مَا يُجْزِئُ بَعْضُهُ إلَّا هَذَا الْمَوْضِعَ، وَلَوْ نَذَرَ الصَّدَقَةَ مَنْ تُسَنُّ لَهُ بِقَصْدِ التَّوْبَةِ (بِبَعْضٍ مِنْ مَالٍ مُسَمًّى) كَنِصْفٍ أَوْ أَلْفٍ، وَهُوَ بَعْضُ مَالِهِ؛ لَزِمَهُ مَا سَمَّاهُ، وَلَوْ كَانَ مَا سَمَّاهُ (أَكْثَرَ مِنْ نِصْفِ مَالِهِ) لِأَنَّهُ الْتِزَامُ مَا لَا يَمْنَعُ مِنْهُ شَيْءٌ كَسَائِرِ النُّذُورِ (وَإِنْ نَوَى) بِنَذْرِهِ الصَّدَقَةَ شَيْئًا (ثَمِينًا مِنْ مَالِهِ، أَوْ نَوَى مَالًا دُونَ مَالٍ؛ أُخِذَ بِنِيَّتِهِ) كَمَا لَوْ حَلَفَ عَلَيْهِ، فَإِنْ لَمْ تُسَنَّ لَهُ الصَّدَقَةُ بِأَنْ أَضَرَّ بِنَفْسِهِ أَوْ عِيَالِهِ أَوْ غَرِيمِهِ وَنَحْوِهِ مِمَّا ذُكِرَ فِي صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ، أَوْ لَمْ يَقْصِدْ بِهِ الْقُرْبَةَ؛ بِأَنْ كَانَ فِي لِجَاحِّ، أَجْزَأَتْهُ الْكَفَّارَةُ.
(وَإِنْ نَذَرَهَا بِمَالٍ وَنِيَّتُهُ أَلْفٌ يُخْرِجُ مَا شَاءَ) مِنْ مَالِهِ؛ لِأَنَّ اسْمَ الْمَالِ يَقَعُ عَلَى الْقَلِيلِ وَمَا نَوَاهُ زِيَادَةٌ عَمَّا تَنَاوَلَهُ الِاسْمُ، وَالنَّذْرُ لَا يَلْزَمُ بِالنِّيَّةِ (وَيَصْرِفُهُ لِلْمَسَاكِينِ) وَيُجْزِئُ لِوَاحِدٍ كَنَذْرِ (صَدَقَةٍ مُطْلَقَةٍ) فَإِنْ عُيِّنَتْ لِزَيْدٍ مَثَلًا لَزِمَ دَفْعُهَا إلَيْهِ، وَلَا يُجْزِئُهُ مِنْ نَذْرِ الصَّدَقَةِ بِمَالِهِ أَوْ بَعْضِهِ أَوْ بِمَالٍ (إسْقَاطُ دَيْنٍ) عَنْ مَدِينِهِ، وَلَوْ فَقِيرًا.
قَالَ أَحْمَدُ: لَا يُجْزِئُهُ حَتَّى يَقْبِضَهُ؛ أَيْ: لِأَنَّ الصَّدَقَةَ تَمْلِيكٌ، وَهَذَا إسْقَاطٌ كَالزَّكَاةِ.
(وَمَنْ نَذَرَ الصَّدَقَةَ بِكُلِّ مَالِهِ أَوْ بِبَعْضِهِ) ، وَعَلَيْهِ دَيْنٌ أَكْثَرُ مِمَّا يَمْلِكُهُ أَجْزَأَهُ إخْرَاجٌ ثُلُثِهِ يَوْمَ نَذْرِهِ لِأَنَّهُ وَقْتُ الْوُجُوبِ.
قَالَ فِي " الْهَدْيِ ": يُخْرِجُ قَدْرَ الثُّلُثِ يَوْمَ نَذْرِهِ، وَلَا يُدْخِلُ (مَا طَرَأَ) أَيْ: تَجَدَّدَ لَهُ مِنْ الْمَالِ (بَعْدَ نَذْرِهِ، وَمَنْ حَلَفَ) لَا رَدَدْتُ سَائِلًا أَوْ (نَذَرَ لَا رَدَدْت سَائِلًا، فَهُوَ كَمَنْ حَلَفَ) عَلَى الصَّدَقَةِ بِمَالِهِ (أَوْ نَذَرَ الصَّدَقَةَ بِمَالِهِ) لِأَنَّهُ فِي مَعْنَاهُ، فَيُجْزِئُهُ الصَّدَقَةُ بِثُلُثِهِ (فَإِنْ لَمْ يَتَحَصَّلْ لَهُ) أَيْ: الْحَالِفِ أَوْ النَّاذِرُ مِنْ نَحْوِ كَسْبِهِ (إلَّا مَا يَحْتَاجُهُ) لِنَفَقَتِهِ وَنَفَقَةِ عِيَالِهِ، فَعَلَيْهِ كَفَّارَةُ (يَمِينٍ) لِتَرْكِ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ أَوْ نَذَرَهُ (وَإِلَّا) بِأَنْ تَحَصَّلَ لَهُ فَوْقَ مَا يَحْتَاجُهُ (تَصَدَّقَ بِثُلُثِ الزَّائِدِ عَنْ حَاجَتِهِ وَنَحْوِ حَبَّةِ بُرٍّ) كَأَرْزَةٍ وَشَعِيرَةٍ (لَيْسَتْ سُؤَالَ السَّائِلِ) اعْتِبَارًا بِالْمَقَاصِدِ، وَحَدِيثِ: