الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(أَوْ لَكَمَ غَيْرَهُ فِي غَيْرِ مَقْتَلٍ، أَوْ أَلْقَاهُ فِي مَاءٍ قَلِيلٍ، أَوْ سَحَرَهُ بِمَا لَا يَقْتُلُ غَالِبًا، فَمَاتَ، أَوْ صَاحَ بِعَاقِلٍ اغْتَفَلَهُ أَوْ بِصَغِيرٍ أَوْ مَعْتُوهٍ، لَا إنْ) صَاحَ (بِمُكَلَّفٍ عَلَى سَطْحٍ، فَسَقَطَ، فَمَاتَ) أَوْ ذَهَبَ عَقْلُهُ، وَنَحْوَهُ (فَفِيهِ) ؛ أَيْ: الْقَتْلِ بِكُلٍّ مِنْ تِلْكَ (الْكَفَّارَةُ فِي مَالِ جَانٍ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} [النساء: 92] وَالْخَطَأُ مَوْجُودٌ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ قَتْلَهُ بِفِعْلِهِ ذَلِكَ (وَ) فِيهِ (الدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ) ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ} [النساء: 92] "، وَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ:«اقْتَتَلَتْ امْرَأَتَانِ مِنْ هُذَيْلٍ، فَرَمَتْ إحْدَاهُمَا الْأُخْرَى، فَقَتَلَتْهَا، وَمَا فِي بَطْنِهَا فَقَضَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: أَنَّ دِيَةَ جَنِينِهَا غُرَّةٌ عَبْدٌ أَوْ وَلِيدَةٌ وَقَضَى بِدِيَةِ الْمَرْأَةِ عَلَى عَاقِلَتِهَا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ فَأَوْجَبَ دِيَتَهَا عَلَى الْعَاقِلَةِ، وَهِيَ لَا تَحْمِلُ الْعَمْدَ
[فَصْلٌ قَتْلُ الْخَطَأ ضَرْبَانِ]
فَصْلٌ
(وَالْخَطَأُ)(ضَرْبَانِ: ضَرْبٌ) مِنْهُمَا (فِي الْقَصْدِ، وَهُوَ) ؛ أَيْ: الضَّرْبُ الْمَذْكُورُ (نَوْعَانِ: أَحَدُهُمَا أَنْ يَرْمِيَ مَا يَظُنُّهُ صَيْدًا) فَيَقْتُلَ إنْسَانًا، أَوْ يَرْمِيَ مَنْ يَظُنُّهُ (مُبَاحَ الدَّمِ) كَحَرْبِيٍّ، وَمُرْتَدٍّ فَيَقْتُلُ مَعْصُومًا (فَيَبِينُ) مَا ظَنَّهُ صَيْدًا (آدَمِيًّا مَعْصُومًا، أَوْ يَفْعَلُ مَا لَهُ فِعْلُهُ) كَقَطْعِ لَحْمٍ (فَيَقْتُلُ إنْسَانًا، أَوْ يَتَعَمَّدُ الْقَتْلَ صَغِيرٌ أَوْ) يَتَعَمَّدُهُ (مَجْنُونٌ) ؛ لِأَنَّهُ لَا قَصْدَ لَهُمَا، فَعَمْدُهُمَا كَخَطَإِ الْمُكَلَّفِ، بِخِلَافِ السَّكْرَانِ اخْتِيَارًا (فَفِي مَالِهِ) أَيْ: الْقَاتِلِ خَطَأً فِي هَذِهِ الصُّورَةِ كُلِّهَا (الْكَفَّارَةُ، وَعَلَى عَاقِلَتِهِ الدِّيَةُ) لِمَا سَبَقَ، وَإِذَا فَعَلَ (مَا لَيْسَ لَهُ فِعْلُهُ كَأَنْ يَرْمِيَ حَيَوَانًا مُحْتَرَمًا فَيَقْتُلَ آدَمِيًّا، فَيُقْتَلُ بِهِ نَصًّا) قَالَهُ الْقَاضِي فِي رِوَايَتَيْهِ، وَهُوَ
ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ، وَخَرَّجَهُ الْمُوَفَّقُ عَلَى قَوْلِ أَبِي بَكْرٍ فِيمَنْ رَمَى نَصْرَانِيًّا فَلَمْ يَقَعْ بِهِ السَّهْمُ، أَنَّهُ عَمْدٌ يَجِبُ بِهِ الْقِصَاصُ (خِلَافًا لَهُ) ؛ أَيْ: لِصَاحِبِ " الْإِقْنَاعِ " فِي قَوْلِهِ: وَالْخَطَأُ كَرَمْيِ صَيْدٍ أَوْ غَرَضٍ أَوْ شَخْصٍ، وَلَوْ مَعْصُومًا، أَوْ بَهِيمَةٍ، وَلَوْ مُحْتَرَمَةً، فَيُصِيبُ آدَمِيًّا مَعْصُومًا لَمْ يَقْصِدْهُ، انْتَهَى؛ أَيْ: فَلَا يُقَادُ بِهِ.
(وَيَتَّجِهُ) أَنَّهُ (لَا) يُقْتَلُ بِقَتْلِهِ آدَمِيًّا لَمْ يَقْصِدْهُ. قَدَّمَهُ فِي " الْمُغْنِي "، وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِهِ فِي " الْمُحَرَّرِ "، وَغَيْرِهِ، وَمَيْلُ الْمُصَنِّفِ إلَى مَا جَزَمَ بِهِ فِي " الْإِقْنَاعِ، " لَكِنَّ مَيْلَ صَاحِبِ " الْإِنْصَافِ " إلَى الْمَنْصُوصِ، وَهُوَ مَفْهُومُ " الْمُنْتَهَى ".
(وَمَنْ قَالَ: كُنْتُ يَوْمَ قَتَلْت صَغِيرًا أَوْ مَجْنُونًا، وَأَمْكَنَ) ذَلِكَ بِأَنْ احْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ الْقَتْلُ حَالَ صِغَرِهِ أَوْ عُهِدَ لَهُ حَالُ جُنُونٍ (صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) ؛ لِأَنَّهُ يُنْكِرُ وُجُودَ الْقَوَدِ، وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ، وَكَذَا لَوْ ثَبَتَ زَوَالُ عَقْلِهِ، وَقَالَ: كُنْت مَجْنُونًا، وَقَالَ الْوَلِيُّ: بَلْ سَكْرَانُ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ مَا ادَّعَاهُ لَمْ يُقْبَلْ.
تَنْبِيهٌ: وَإِنْ قَتَلَ، وَهُوَ عَاقِلٌ ثُمَّ جُنَّ لَمْ يَسْقُطْ عَنْهُ الْقِصَاصُ؛ لِأَنَّهُ كَانَ حِينَ الْجِنَايَةِ عَاقِلًا، سَوَاءٌ ثَبَتَ ذَلِكَ بِبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ، وَيُقْتَصُّ مِنْهُ فِي حَالِ جُنُونِهِ.
وَلَوْ ثَبَتَ عَلَيْهِ حَدُّ زِنًا أَوْ حَدُّ شُرْبٍ أَوْ سَرِقَةٍ بِإِقْرَارِهِ، ثُمَّ جُنَّ؛ لَمْ يُقَمْ عَلَيْهِ حَالَ جُنُونِهِ؛ لِأَنَّ رُجُوعَهُ عَنْ ذَلِكَ يَمْنَعُ إقَامَتَهُ، بِخِلَافِ الْقِصَاصِ، وَالسَّكْرَانُ وَشَبَهُهُ كَمَنْ زَالَ عَقْلُهُ بِسَبَبٍ لَا يُعْذَرُ فِيهِ، كَمَنْ يَشْرَبُ الْأَدْوِيَةَ الْمُخَبِّثَةَ، إذَا قَتَلَ فَعَلَيْهِ الْقِصَاصُ؛ لِأَنَّ الصَّحَابَةَ أَوْجَبُوا عَلَيْهِ حَدَّ الْقَذْفِ، وَإِذَا وَجَبَ حَدُّ الْقَذْفِ؛ فَالْقِصَاصُ الْمُتَمَحِّضِ حَقُّ آدَمِيٍّ أَوْلَى [؛ وَلِأَنَّهُ يَقْضِي إلَى أَنْ يَصِيرَ عِصْيَانُهُ] سَبَبًا لِإِسْقَاطِ الْعُقُوبَةِ عَنْهُ
(الثَّانِي) : مِنْ الضَّرْبِ الْأَوَّلِ (أَنْ يَقْتُلَ بِدَارِ الْحَرْبِ) مَنْ يَظُنُّهُ حَرْبِيًّا، فَيَبِينُ مُسْلِمًا (أَوْ) يَقْتُلُ بِ (صَفِّ كُفَّارٍ مَنْ ظَنَّهُ حَرْبِيًّا فَبَانَ مُسْلِمًا) لَمْ يَقْصِدْ، (أَوْ)
يَرْمِي وُجُوبًا (كُفَّارًا تَتَرَّسُوا بِمُسْلِمٍ، وَيَجِبُ) رَمْيُهُمْ إذَا تَتَرَّسُوا بِهِ (حَيْثُ خِيفَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ إنْ لَمْ يَرْمِهِمْ، فَيَقْصِدُهُمْ) ؛ أَيْ: الْكُفَّارَ بِالرَّمْيِ (دُونَهُ) ؛ أَيْ: الْمُسْلِمِ (فَيَقْتُلُهُ) بِلَا قَصْدٍ (فَفِيهِ) ؛ أَيْ: هَذَا النَّوْعِ (الْكَفَّارَةُ فَقَطْ) ؛ أَيْ: دُونَ الدِّيَةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى " {فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} [النساء: 92] وَلَمْ يَذْكُرْ دِيَةً، وَتَرَكَ ذِكْرَهَا فِي هَذَا النَّوْعِ مَعَ ذِكْرِهَا فِيمَا قَبْلَهُ، وَبَعْدَهُ ظَاهِرٌ فِي عَدَمِ وُجُوبِهَا فِيهِ، وَهَذَا فِيمَنْ كَانَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فِي بِلَادِ الْكُفَّارِ، كَالْأَسِيرِ، وَالْمُسْلِمِ الَّذِي لَا يُمْكِنُهُ الْخُرُوجُ مِنْ بَيْنِهِمْ، وَأَمَّا مَنْ (وَقَفَ بِصَفِّهِمْ اخْتِيَارًا) مِنْهُ، فَقُتِلَ (فَهَدَرٌ) لَا يُضْمَنُ بِحَالٍ؛ لِأَنَّهُ عَرَّضَ نَفْسَهُ لِلتَّلَفِ بِلَا عُذْرٍ. أَفَادَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ
(الضَّرْبُ الثَّانِي) : مِنْ ضَرْبَيْ الْخَطَإِ: خَطَأٌ [فِي الْفِعْلِ](وَهُوَ أَنْ يَرْمِيَ صَيْدًا أَوْ هَدَفًا، فَيُصِيبَ آدَمِيًّا) مَعْصُومًا اعْتَرَضَهُ (لَمْ يَقْصِدْهُ، أَوْ يَنْقَلِبَ نَحْوَ نَائِمٍ) كَمُغْمًى عَلَيْهِ (عَلَى إنْسَانٍ، فَيَمُوتُ فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ) فِي مَالِهِ (وَعَلَى عَاقِلَتِهِ الدِّيَةُ) كَسَائِرِ أَنْوَاعِ الْخَطَإِ (لَكِنْ لَوْ كَانَ الرَّامِي ذِمِّيًّا فَأَسْلَمَ بَيْنَ رَمْيٍ وَإِصَابَةٍ؛ ضَمِنَ الْمَقْتُولَ فِي مَالِهِ) لِمُبَايَنَتِهِ دِينَ عَاقِلَتِهِ بِإِسْلَامِهِ، وَلَا يُمْكِنُ ضَيَاعُ دِيَةِ الْمَقْتُولِ، فَوَجَبَتْ هِيَ، وَالْكَفَّارَةُ فِي مَالِ الْجَانِي.
(، وَمَنْ قُتِلَ بِسَبَبٍ كَحَفْرِ بِئْرٍ، وَنَصْبِ نَحْوِ سِكِّينٍ، وَحَجَرٍ تَعَدِّيًا، إنْ قَصَدَ جِنَايَةً فَهُوَ شِبْهُ عَمْدٍ) ؛ لِأَنَّهُ بِالنَّظَرِ إلَى الْقَصْدِ كَالْعَمْدِ، وَبِالنَّظَرِ إلَى عَدَمِ الْمُبَاشَرَةِ خَطَأٌ (وَإِلَّا) يَقْصِدْ جِنَايَةً فَهُوَ (خَطَأٌ) لِعَدَمِ قَصْدِ الْجِنَايَةِ.
(، وَإِمْسَاكُ الْحَيَّةِ مُحَرَّمٌ، وَجِنَايَةٌ) ؛ لِأَنَّهُ إلْقَاءٌ بِنَفْسِهِ إلَى التَّهْلُكَةِ (فَلَوْ قَتَلَتْ مُمْسِكَهَا مِنْ مُدَّعِي مَشْيَخَةٍ، فَقَاتِلٌ نَفْسَهُ) ؛ لِأَنَّهُ فَعَلَ بِهَا مَا يَقْتُلُ غَالِبًا (فَلَا يُسَنُّ لِلْإِمَامِ الْأَعْظَمِ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ) كَالْغَالِّ مِنْ الْغَنِيمَةِ، [ (وَ) أَمَّا إمْسَاكُ] الْحَيَّةِ (مَعَ ظَنِّ