الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[فَصْلٌ تَجَاذَبَ حُرَّانِ مُكَلَّفَانِ نَحْوَ حَبْلٍ كَثَوْبٍ فَانْقَطَعَ مَا تَجَاذَبَاهُ فَسَقَطَا فَمَاتَا]
فَصْلٌ
(وَإِنْ)(تَجَاذَبَ حُرَّانِ) بَصِيرَانِ أَوْ ضَرِيرَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا (مُكَلَّفَانِ نَحْوَ حَبْلٍ) كَثَوْبٍ (فَانْقَطَعَ) مَا تَجَاذَبَاهُ " (فَسَقَطَا فَمَاتَا) (فَعَلَى عَاقِلَةِ كُلٍّ) مِنْهُمَا (دِيَةُ الْآخَرِ) " هَذَا الْمَذْهَبُ، جَزَمَ بِهِ الْخِرَقِيِّ وَ " الْمُحَرَّرُ " وَ " الْمُغْنِي " وَ " الشَّرْحُ " وَالزَّرْكَشِيُّ " وَالنَّظْمُ " وَالْوَجِيزُ " وَ " الْمُنَوِّرُ " وَ " مُنْتَخَبُ الْآدَمِيِّ " وَغَيْرُهُمْ؛ لِتَسَبُّبِ كُلٍّ مِنْهُمَا فِي قَتْلِ الْآخَرِ (وَقِيلَ بَلْ) يَجِبُ (نِصْفُهَا) أَيْ الدِّيَةِ عَلَى عَاقِلَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، قَالَ فِي " الْإِنْصَافِ ": وَهُوَ تَخْرِيجٌ لِبَعْضِهِمْ (لِأَنَّهُ هَلَكَ بِفِعْلِ نَفْسِهِ وَ) فِعْلِ صَاحِبِهِ، (فَيُهْدَرُ فِعْلُ نَفْسِهِ) وَيَبْقَى فِعْلُ صَاحِبِهِ.
(وَيَتَّجِهُ صِحَّتُهُ) أَيْ: صِحَّةُ هَذَا الْقَوْلِ (لِمُوَافَقَتِهِ الْقَوَاعِدَ) وَالنَّفْسُ تَمِيلُ إلَيْهِ، لَكِنَّ الْمَذْهَبَ الْأَوَّلُ (فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُنْكَبًّا فَنِصْفُ دِيَتِهِ) عَلَى عَاقِلَةِ الْمُسْتَلْقِي (مُغَلَّظَةٍ) لِأَنَّ قَتْلَ الْمُنْكَبِّ شِبْهُ الْعَمْدِ، (وَنِصْفُ دِيَةِ الْمُسْتَلْقِي) عَلَى عَاقِلَةِ الْمُنْكَبِّ (مُخَفَّفَةٍ) لِأَنَّ قَتْلَهُ شِبْهُ الْخَطَأِ، قَالَهُ فِي الرِّعَايَةِ " (وَإِنْ اصْطَدَمَا وَلَوْ) كَانَا ضَرِيرَيْنِ (أَوْ) كَانَ أَحَدُهُمَا ضَرِيرًا، (فَمَاتَا فَ) هُمَا (كَمُتَجَاذِبَيْنِ) عَلَى عَاقِلَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا دِيَةُ الْآخَرِ.
رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ: وَإِنْ اصْطَدَمَتْ امْرَأَتَانِ حَامِلَتَانِ، فَكَالرَّجُلَيْنِ، فَإِنْ أَسْقَطَ كُلٌّ مِنْهُمَا جَنِينَهَا، فَعَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا نِصْفُ ضَمَانِ جَنِينِهَا وَنِصْفُ ضَمَانِ جَنِينِ صَاحِبَتِهَا؛ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي قَتْلِهِ، وَعَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا عِتْقُ ثَلَاثِ رِقَابٍ، وَاحِدَةٌ لِقَتْلِ صَاحِبَتِهَا، وَاثْنَتَانِ لِمُشَارَكَتِهَا فِي الْجَنِينِ.
وَإِنْ أَسْقَطَتْ إحْدَاهُمَا دُونَ الْأُخْرَى اشْتَرَكَتَا فِي ضَمَانِهِ، (وَعَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا عِتْقُ رَقَبَتَيْنِ، رَقَبَةٍ؛ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي قَتْلِ الْجَنِينِ) وَرَقَبَةٍ بِقَتْلِ كُلٍّ مِنْهُمَا الْأُخْرَى، وَدِيَةُ كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى عَاقِلَةِ الْأُخْرَى.
إنْ لَمْ يَكُنْ عَمْدًا يَقْتُلُ غَالِبًا، (وَإِنْ اصْطَدَمَا) أَيْ الْحُرَّانِ الْمُكَلَّفَانِ، بِأَنْ صَدَمَ كُلٌّ مِنْهُمَا الْآخَرَ، (عَمْدًا، أَوْ) ذَلِكَ الِاصْطِدَامُ (يَقْتُلُ غَالِبًا) فَهُوَ (عَمْدٌ يَلْزَمُ كُلًّا) مِنْهُمَا (دِيَةُ الْآخَرِ فِي ذِمَّتِهِ، فَيَتَقَاصَّانِ) إنْ كَانَا مُتَكَافِئَيْنِ بِأَنْ كَانَا ذَكَرَيْنِ (أَوْ) أُنْثَيَيْنِ مُسْلِمَيْنِ أَوْ كِتَابِيَّيْنِ أَوْ مَجُوسِيَّيْنِ حَيْثُ تَسَاوَتْ الدِّيَتَانِ، وَعِنْدَ اخْتِلَافِهِمَا يَسْقُطُ مِنْ الْأَكْثَرِ (بِقَدْرِ الْأَقَلِّ) وَيُؤْخَذُ مَا بَقِيَ مِنْ تَرِكَةِ الْآخَرِ.
تَنْبِيهٌ: لَوْ صَدَمَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ فَقَطْ، فَالضَّمَانُ عَلَى الصَّادِمِ وَحْدَهُ، فَإِنْ
كَانَ عَمْدًا فِي مَقْتَلٍ فَالْقَوَدُ، وَإِنْ كَانَ قَصْدًا فِي غَيْرِ مَقْتَلٍ فَشِبْهُ عَمْدٍ، وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ فَخَطَأٌ، (وَإِلَّا) يَكُنْ الصَّدْمُ يَقْتُلُ غَالِبًا (فَ) هُوَ (شِبْهُ عَمْدٍ) فِيهِ الْكَفَّارَةُ فِي مَالِهِمَا، وَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِمَا (وَإِنْ كَانَا) ؛ أَيْ: الْمُصْطَدِمَانِ (رَاكِبَيْنِ، أَوْ) كَانَ (أَحَدُهُمَا) رَاكِبًا وَالْآخَرُ مَاشِيًا (فَمَا تَلِفَ مِنْ دَابَّتَيْهِمَا) أَوْ دَابَّةِ أَحَدِهِمَا (فَقِيمَتُهُ عَلَى الْآخَرِ) وَلَوْ كَانَتْ إحْدَى الدَّابَّتَيْنِ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الْأُخْرَى؛ لِمَوْتِ كُلٍّ مِنْهُمَا مِنْ صَدْمَةِ الْآخَرِ كَمَا لَوْ كَانَتْ وَاقِفَةً، وَإِنْ نَقَصَتْ الدَّابَّتَانِ فَعَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا [نَقْصُ] دَابَّةِ الْآخَرِ، وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا يَسِيرُ بَيْنَ يَدَيْ الْآخَرِ، فَأَدْرَكَهُ فَصَدَمَهُ فَمَاتَتْ الدَّابَّتَانِ أَوْ إحْدَاهُمَا، فَالضَّمَانُ عَلَى اللَّاحِقِ؛ لِأَنَّهُ الصَّادِمُ، وَإِنْ غَلَبَتْ الدَّابَّةُ رَاكِبَهَا؛ لَمْ يَضْمَنْ. قَدَّمَهُ فِي " الرِّعَايَتَيْنِ " وَجَزَمَ بِهِ فِي، " التَّرْغِيبِ " وَ " الْوَجِيزِ " وَ " الْحَاوِي الصَّغِيرِ.
" (وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا) ؛ أَيْ: الْمُصْطَدِمَيْنِ (وَاقِفًا أَوْ قَاعِدًا) وَالْآخَرُ سَائِرًا (فَضَمَانُ مَالِهِمَا) ؛ أَيْ: الْوَاقِفِ وَالْقَاعِدِ (عَلَى سَائِرٍ) نَصًّا؛ لِأَنَّهُ الصَّادِمُ الْمُتْلِفُ (وَدِيَتُهُمَا) ؛ أَيْ: الْقَاعِدِ وَالْوَاقِفِ (عَلَى عَاقِلَتِهِ) ؛ أَيْ: السَّائِرِ؛ لِحُصُولِ التَّلَفِ بِصَدْمِهِ، وَإِنْ انْحَرَفَ الْوَاقِفُ فَصَادَفَتْ الصَّدْمَةُ انْحِرَافَهُ فَهُمَا كَالسَّائِرَيْنِ (كَمَا لَوْ كَانَا) ؛ أَيْ: الْوَاقِفُ وَالْقَاعِدُ (بِطَرِيقٍ ضَيِّقٍ مَمْلُوكٍ لَهُمَا) وَصَدَمَهُمَا السَّائِرُ فَيَضْمَنُهُمَا وَمَا يَتْلَفُ مِنْ مَالِهِمَا؛ لِتَعَدِّيهِ بِسُلُوكِهِ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ بِلَا إذْنِهِ (إلَّا إنْ كَانَا) ؛ أَيْ: الْوَاقِفُ وَالْقَاعِدُ (بِ) طَرِيقٍ (ضَيِّقٍ غَيْرِ مَمْلُوكٍ لَهُمَا، فَلَا يَضْمَنُهُمَا السَّائِرُ؛ لِتَعَدِّيهِمَا) بِالْوُقُوفِ وَالْقُعُودِ فِي الضَّيِّقِ غَيْرِ الْمَمْلُوكِ لَهُمَا (وَلَا يَضْمَنَانِ) ؛ أَيْ: لَا يَضْمَنُ وَاقِفٌ أَوْ قَاعِدٌ بِضَيِّقٍ غَيْرِ مَمْلُوكٍ سَائِرًا صَدَمَهُمَا (لِحُصُولِ الصَّدْمِ مِنْهُ) نَصًّا، قَدَّمَهُ فِي " الْمُحَرَّرِ " وَ " النَّظْمِ " وَ " الرِّعَايَتَيْنِ " وَ " الْحَاوِي الصَّغِيرِ " وَ " الْفُرُوعِ " وَصَحَّحَهُ فِي " الْإِنْصَافِ ".
(وَإِنْ اصْطَدَمَ قِنَّانِ مَاشِيَانِ فَمَاتَا؛ فَهُمَا هَدَرٌ) لِأَنَّ قِيمَةَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَجَبَتْ فِي رَقَبَةِ الْآخَرِ وَقَدْ تَلِفَ الْمَحَلُّ الَّذِي وَجَبَتْ فِيهِ، فَذَهَبَا هَدَرًا (وَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا فَقِيمَتُهُ) ؛ أَيْ: قِيمَةُ الْمَيِّتِ مِنْهُمَا (فِي رَقَبَةِ) الْعَبْدِ (الْآخَرِ كَسَائِرِ جِنَايَاتِهِ، وَإِنْ كَانَ) الْمُصْطَدِمَيْنِ (حُرًّا وَقِنًّا، وَمَاتَا فَقِيمَةُ قِنٍّ فِي تَرِكَةِ
حُرٍّ) لِأَنَّ الْعَاقِلَةَ لَا تَحْمِلُ قِيمَةَ عَبْدٍ (وَ) تَجِبُ (دِيَتُهُ) ؛ أَيْ: دِيَةُ الْحُرِّ كَامِلَةً (فِي تِلْكَ الْقِيمَةِ) إنْ اتَّسَعَتْ لَهَا.
(وَمَنْ أَرْكَبَ صَغِيرَيْنِ لَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَيَتَّجِهُ لَا إنْ أَرْكَبَهُمَا لِخَوْفٍ عَلَيْهِمَا) كَمَا لَوْ وَجَدَهُمَا فِي فَلَاةٍ مُنْقَطِعَةٍ، فَحَمَلَتْهُ الشَّفَقَةُ عَلَى إرْكَابِهِمَا، فَمُقْتَضَى مَحَاسِنِ الشَّرِيعَةِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مُحْسِنٌ، وَالْمُحْسِنُ لَا يُسَاءُ بِغُرْمِ الدِّيَةِ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ (فَاصْطَدَمَا فَمَاتَا فَدِيَتُهَا وَمَا تَلِفَ لَهُمَا مِنْ مَالِهِ) ؛ أَيْ: الْمُرْكِبِ لَهُمَا؛ لِتَعَدِّيهِ بِذَلِكَ، فَهُوَ سَبَبٌ لِلتَّلَفِ اخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ " وَجَزَمَ بِهِ فِي " الْهِدَايَةِ " وَ " الْمُذَهَّبِ " وَ " الْخُلَاصَةِ " وَ " الْهَادِي " وَ " الْكَافِي " وَ " الْمُحَرَّرِ " وَ " الْمُنَوِّرِ " وَغَيْرِهِمْ.
(وَيَتَّجِهُ وَعَلَيْهِ) ؛ أَيْ: الْمُتَعَدِّي بِإِرْكَابِهِمَا (كَفَّارَةٌ) ؛ لِأَنَّهُ تَسَبَّبَ فِي قَتْلِهِمَا؛ فَوَجَبَتْ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ لِمَحْوِ الذَّنْبِ الصَّادِرِ مِنْهُ؛ وَهُوَ مُتَّجِهٌ.
(وَإِنْ أَرْكَبَهُمَا وَلِيٌّ لِمَصْلَحَةٍ كَتَمْرِينٍ عَلَى رُكُوبِ) مَا يَصْلُحُ لِرُكُوبِهِمَا، وَكَانَا يَثْبُتَانِ بِأَنْفُسِهِمَا (أَوْ رَكِبَا مِنْ) عِنْدَ (أَنْفُسِهِمَا)(فَ) هُمَا (كَبَالِغَيْنِ مُخْطِئَيْنِ) عَلَى عَاقِلَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا دِيَةُ الْآخَرِ، وَعَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا مَا تَلِفَ مِنْ مَالِ الْآخَرِ.
(وَإِنْ اصْطَدَمَ كَبِيرٌ وَصَغِيرٌ، فَمَاتَ الصَّغِيرُ) فَقَطْ (ضَمِنَهُ الْكَبِيرُ، وَإِنْ مَاتَ الْكَبِيرُ) فَقَطْ (ضَمِنَهُ مُرْكِبُ الصَّغِيرِ) إنْ تَعَدَّى بِإِرْكَابِهِ، وَإِنْ أَرْكَبَهُ.
وَلِيُّهُ لِمَصْلَحَةٍ، أَوْ رَكِبَ مِنْ عِنْدَ نَفْسِهِ؛ فَكَبَالِغٍ مُخْطِئٍ عَلَى مَا سَبَقَ، وَنَقَلَ حَرْبٌ: إنْ حَمَلَ رَجُلٌ صَبِيًّا عَلَى دَابَّةٍ فَسَقَطَ؛ ضَمِنَهُ إلَّا أَنْ يَأْمُرَهُ أَهْلُهُ بِحَمْلِهِ.
(وَمَنْ قَرَّبَ صَغِيرًا مِنْ هَدَفٍ فَأُصِيبَ) بِسَهْمٍ (ضَمِنَهُ مُقَرِّبُهُ دُونَ رَامٍ لَمْ يَقْصِدْهُ) لِأَنَّ الْمُقَرِّبَ هُوَ الَّذِي عَرَّضَهُ لِلتَّلَفِ، وَالرَّامِي بِتَقْرِيبِهِ لَمْ يُفَرِّطْ، فَالرَّامِي كَحَافِرِ بِئْرٍ، وَالْمُقَرِّبُ كَالدَّافِعِ لِلْوَاقِعِ فِيهَا، فَإِنْ قَصَدَهُ الرَّامِي ضَمِنَهُ وَحْدَهُ، لِمُبَاشَرَتِهِ الْقَتْلَ، وَالْمُقَرِّبُ مُتَسَبِّبٌ، وَإِنْ لَمْ يُقَرِّبْهُ أَحَدٌ ضَمِنَهُ رَامِيهِ، وَمَفْهُومُهُ أَنَّ الْمُكَلَّفَ لَا يَضْمَنُهُ مُقَرِّبُهُ، وَلَعَلَّهُ إنْ عَلِمَ أَنَّ ذَلِكَ الْمَحَلَّ يُرْمَى وَأَنَّهُ يَسْتَطِيعُ الدَّفْعَ عَنْ نَفْسِهِ بِأَنْ لَا يَكُونَ مُقَيَّدًا مَغْلُولًا.
(وَمَنْ أَرْسَلَهُ) ؛ أَيْ: الصَّغِيرَ (لِحَاجَةٍ) وَلَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَيْهِ (فَأَتْلَفَ) الصَّغِيرُ فِي إرْسَالِهِ (نَفْسًا أَوْ مَالًا؛ فَجِنَايَتُهُ) ؛ أَيْ: الصَّغِيرِ (خَطَأٌ مِنْ مُرْسِلِهِ) فَعَلَيْهِ ضَمَانُ الْمَالِ، وَعَلَى عَاقِلَتِهِ الدِّيَةُ (وَإِنْ جُنِيَ عَلَيْهِ) ؛ أَيْ: عَلَى الصَّغِيرِ (ضَمِنَهُ) مُرْسِلُهُ؛ لِتَسَبُّبِهِ.
ذَكَرَهُ فِي الْإِرْشَادِ " وَغَيْرِهِ (قَالَ ابْنُ حَمْدَانَ: إنْ تَعَذَّرَ تَضْمِينُ الْجَانِي) ؛ أَيْ: عَلَى الصَّغِيرِ، فَإِنْ لَمْ يَتَعَذَّرْ تَضْمِينُهُ فَعَلَيْهِ الضَّمَانُ؛ لِأَنَّهُ مُبَاشِرٌ، وَالْمُرْسِلُ مُتَسَبِّبٌ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ، (وَيَتَّجِهُ) أَنَّهُ لَا يَضْمَنُهُ الْجَانِي ابْتِدَاءً (بَلْ) يَضْمَنُهُ مُرْسِلُهُ أَوَّلًا، وَ (قَرَارُ الضَّمَانِ) عَلَى الْجَانِي؛ لِمُبَاشَرَتِهِ (وَهُوَ) ؛ أَيْ: مَا قَالَهُ ابْنُ حَمْدَانَ (حَسَنٌ) ؛ لِمُوَافَقَتِهِ لِلْقَوَاعِدِ.
(وَإِنْ كَانَ) الْمُرْسَلُ فِي حَاجَةٍ مِنْ قِبَلِ مُرْسِلِهِ (قِنًّا) لَمْ يَسْتَأْذِنْ سَيِّدَهُ حِينَ إرْسَالِهِ (فَكَغَصْبِهِ) فَيَضْمَنُ جِنَايَتَهُ، وَالْجِنَايَةُ عَلَيْهِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْغَصْبِ.
(وَمَنْ أَلْقَى حَجَرًا أَوْ عِدْلًا مَمْلُوءًا بِسَفِينَةٍ، فَغَرِقَتْ) السَّفِينَةُ بِذَلِكَ (ضَمِنَ جَمِيعَ مَا فِيهَا) وَمَا تَلِفَ مِنْ أَجْزَائِهَا؛ لِحُصُولِ التَّلَفِ بِسَبَبِ فِعْلِهِ كَمَا لَوْ خَرَقَهَا.
(وَإِنْ رَمَى ثَلَاثَةً بِمَنْجَنِيقٍ فَقَتَلَ الْحَجَرُ رَابِعًا قَصَدُوهُ)، أَيْ: الرُّمَاةُ (فَعَمْدٌ) فِيهِ الْقَوَدُ، جَزَمَ بِهِ فِي الْمُنْتَهَى "؛ لِأَنَّهُمْ قَصَدُوا الْقَتْلَ بِمَا يَقْتُلُ غَالِبًا، كَمَا لَوْ ضَرَبُوهُ بِمُثَقَّلٍ يَقْتُلُ غَالِبًا.
وَفِي " الْإِقْنَاعِ " فَإِنْ قَصَدُوهُ وَقَصَدُوا جَمَاعَةً؛ فَهُوَ شِبْهُ عَمْدٍ، وَكَانَ عَلَى الْمُصَنِّفِ أَنْ يَقُولَ خِلَافًا لَهُ (وَإِلَّا) يَقْصِدُوهُ (فَعَلَى عَوَاقِلِهِمْ دِيَتُهُ أَثْلَاثًا) ؛ لِأَنَّهُ خَطَأٌ (وَإِنْ قَتَلَ) الْحَجَرُ (أَحَدَهُمْ) ؛ أَيْ: الرُّمَاةِ (سَقَطَ فِعْلُ نَفْسِهِ وَمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ) ؛ لِمُشَارَكَتِهِ فِي إتْلَافِ نَفْسِهِ، كَمَا لَوْ شَارَكَ فِي قَتْلِ عَبْدِهِ أَوْ دَابَّتِهِ (وَعَلَى عَاقِلَةِ صَاحِبِيهِ) لِوَرَثَتِهِ (ثُلُثَا دِيَتِهِ) رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ فِي مَسْأَلَةِ الْقَارِضَةِ وَالْقَارِصَةِ وَالْوَاقِصَةِ.
قَالَ الشَّعْبِيُّ وَذَلِكَ أَنَّ ثَلَاثَ جَوَارٍ اجْتَمَعْنَ، فَرَكِبَتْ إحْدَاهُنَّ عَلَى عُنُقِ الْأُخْرَى، وَقَرَصَتْ الثَّالِثَةُ الْمَرْكُوبَةَ فَقَمَصَتْ فَسَقَطَتْ الرَّاكِبَةُ فَوَقَصَتْ عُنُقَهَا، فَمَاتَتْ، فَرُفِعَ ذَلِكَ إلَى عَلِيٍّ، فَقَضَى بِالدِّيَةِ أَثْلَاثًا عَلَى عَوَاقِلِهِنَّ، وَأَلْغَى الثُّلُثَ الَّذِي قَابَلَ فِعْلَ الْوَاقِصَةِ؛ لِأَنَّهَا أَعَانَتْ عَلَى قَتْلِ نَفْسِهَا وَلِأَنَّ الْمَقْتُولَ شَارَكَ فِي الْقَتْلِ فَلَمْ تَكْمُلْ الدِّيَةُ عَلَى شَرِيكِهِ، كَمَا لَوْ قَتَلُوا غَيْرَهُمْ، وَقِيَاسُهُ مَسْأَلَةُ التَّجَاذُبِ وَالتَّصَادُمِ، وَهُوَ أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ فِيهِمَا.
قَالَ فِي " الْإِقْنَاعِ ": وَهُوَ الْعَدْلُ، لَكِنَّ الْمَذْهَبَ مَا تَقَدَّمَ (وَإِنْ زَادُوا) ؛ أَيْ: الرُّمَاةُ (عَلَى ثَلَاثَةٍ) وَقَتَلَ الْحَجَرُ (غَيْرَهُمْ)(فَالدِّيَةُ حَالَّةٌ فِي مَالِهِمْ) ؛ لِأَنَّ الْعَاقِلَةَ لَا تَحْمِلُ مَا دُونَ الثُّلُثِ وَلَا تَأْجِيلَ فِيهِ (وَلَا يَضْمَنُ مَنْ وَضَعَ الْحَجَرَ وَأَمْسَكَ الْكِفَّةَ) فَقَطْ حَيْثُ رَمَى غَيْرُهُ كَمَنْ (أَوْتَرَ) الْقَوْسَ (وَقَرَّبَ السَّهْمَ) وَلَمْ يَرْمِ، بَلْ يَكُونُ الضَّمَانُ عَلَى الرَّامِي.