الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(وَلَوْ قَالَ أَشْهَدُ بِمَا وَضَعْت بِهِ خَطِّي، أَوْ قَالَ مَنْ تَقَدَّمَهُ غَيْرُهُ بِشَهَادَةٍ أَشْهَدُ بِمِثْلِ مَا شَهِدَ بِهِ؛ لَمْ يَصِحَّ) ذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِجْمَالِ وَالْإِبْهَامِ، وَلَوْ قَالَ (وَبِذَلِكَ) أَشْهَدُ أَوْ قَالَ (وَكَذَلِكَ أَشْهَدُ، صَحَّ) فِيهِمَا، لِاتِّضَاحِ مَعْنَاهُ وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ (وَالشَّيْخُ) تَقِيُّ الدِّينِ (وَابْنُ الْقَيِّمِ: لَا يُعْتَبَرُ لَفْظُ الشَّهَادَةِ) قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: وَلَا نَعْلَمُ عَنْ صَحَابِيٍّ وَلَا تَابِعِيٍّ لَفْظَ الشَّهَادَةِ وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ أَقُولُ إنَّ الْعَشَرَةَ فِي الْجَنَّةِ، وَلَا أَشْهَدُ، فَقَالَ لَهُ أَحْمَدُ مَتَى قُلْت فَقَدْ شَهِدْت وَنَقَلَ عَنْهُ الْمَيْمُونِيُّ أَنَّهُ قَالَ: وَهَلْ مَعْنَى الْقَوْلِ وَالشَّهَادَةِ إلَّا وَاحِدٌ: وَنَقَلَ أَبُو طَالِبٍ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: الْعِلْمُ شَهَادَةٌ، وَالْمَذْهَبُ مَا تَقَدَّمَ.
[بَابٌ الْيَمِينُ فِي الدَّعَاوَى]
أَيْ: صِفَتَهَا وَمَا يَجِبُ فِيهِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ (وَهِيَ تَقْطَعُ الْخُصُومَةَ حَالًا) ؛ أَيْ: عِنْدَ النِّزَاعِ (وَلَا تُسْقِطُ حَقًّا) فَتُسْمَعُ الْبَيِّنَةُ بَعْدَهَا، وَإِنْ رَجَعَ حَالِفٌ، وَأَدَّى مَا عَلَيْهِ؛ قُبِلَ مِنْهُ، وَحَلَّ لِمُدَّعٍ أَخْذُهُ (وَيُسْتَحْلَفُ مُنْكِرٌ) تَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ الْيَمِينُ فِي دَعْوَى صَحِيحَةٍ (فِي كُلِّ حَقِّ آدَمِيٍّ) لِحَدِيثِ:«لَوْ يُعْطَى النَّاسُ بِدَعْوَاهُمْ لَادَّعَى قَوْمٌ دِمَاءَ رِجَالٍ وَأَمْوَالَهُمْ؛ وَلَكِنَّ الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ» (غَيْرَ نِكَاحٍ وَرَجْعَةٍ وَطَلَاقٍ وَإِيلَاءٍ) إلَّا إذَا أَنْكَرَ مُولٍ مُضِيَّ الْأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ؛ فَإِنَّهُ يُسْتَحْلَفُ (وَغَيْرُ وَلَاءٍ وَاسْتِيلَادٍ) فَسَّرَهُ الْقَاضِي بِأَنْ يَدَّعِيَ اسْتِيلَادَ أَمَةٍ، فَتُنْكِرُهُ، وَقَالَ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ بَلْ هِيَ الْمُدَّعِيَةُ (وَغَيْرُ نَسَبٍ وَقَذْفٍ وَأَصْلِ رِقٍّ كَدَعْوَى
رَقِّ لَقِيطٍ) وَمَجْهُولِ نَسَبٍ؛ فَلَا يُسْتَحْلَفُ إذَا أَنْكَرَ (وَغَيْرَ قِصَاصٍ فِي غَيْرِ قَسَامَةٍ) فَلَا يَمِينَ فِي وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الصُّوَرِ؛ لِأَنَّهَا لَا يُقْضَى فِيهَا بِالنُّكُولِ.
(وَيَقْضِي فِي مَالٍ وَمَا يُقْصَدُ بِهِ مَالٌ بِنُكُولٍ) لِمَا تَقَدَّمَ عَنْ عُثْمَانَ.
وَغَيْرُ ذَلِكَ يُخَلِّي سَبِيلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِيهِ حَيْثُ لَا بَيِّنَةَ عَلَيْهِ إلَّا فِي اللِّعَانِ إذَا لَاعَنَ الرَّجُلُ، وَنَكَلَتْ حُبِسَتْ حَتَّى تُقِرَّ أَرْبَعًا، أَوْ تُلَاعِنَ وَتَقَدَّمَ.
(وَلَا يُسْتَحْلَفُ مُنْكِرٌ فِي حَقٍّ لِلَّهِ تَعَالَى كَحَدِّ) زِنًا أَوْ سَرِقَةٍ أَوْ مُحَارَبَةٍ؛ لِأَنَّهُ (لَا يَتَضَمَّنُ مَالًا، وَتَعْزِيرٍ) لِأَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ بِهَا، ثُمَّ رَجَعَ، قُبِلَ مِنْهُ، وَخُلِّيَ سَبِيلُهُ بِلَا يَمِينٍ، فَلِئَلَّا يُسْتَحْلَفَ مَعَ عَدَمِ الْإِقْرَارِ، وَلِأَنَّهُ يُسْتَحَبُّ سَتْرُهُ وَالتَّعْرِيضُ لِلْمُقِرِّ بِهِ لِيَرْجِعَ، وَقَالَ صلى الله عليه وسلم لِهَزَّالٍ فِي قِصَّةِ مَاعِزٍ:«لَوْ سَتَرْتَهُ بِثَوْبِكَ لَكَانَ خَيْرًا لَكَ» .
وَلَا يُسْتَحْلَفُ فِي (عِبَادَةٍ) كَصَلَاةٍ وَغَيْرِهَا، وَلَا فِي صَدَقَةِ زَكَاةٍ أَوْ تَطَوُّعٍ (وَلَا فِي كَفَّارَةٍ وَنَذْرٍ) لِأَنَّهُ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى، أَشْبَهَ الْحَدَّ، (وَلَا) يُسْتَحْلَفُ (شَاهِدٌ) وَلَا حَاكِمٌ (أَنْكَرَ) الشَّاهِدُ (شَهَادَتَهُ) أَوْ شَهِدَ، وَطَلَبَ يَمِينَهُ أَنَّهُ صَادِقٌ فِي شَهَادَتِهِ، وَلَا حَاكِمٌ أَنْكَرَ (حُكْمَهُ) أَوْ طَلَبَ يَمِينَهُ أَنَّهُ صَادِقٌ فِي حُكْمٍ بِحَقٍّ فَلَا يَحْلِفُ (وَلَا وَصِيٌّ عَلَى نَفْيِ دَيْنٍ عَلَى مُوصٍ، وَلَا) يُسْتَحْلَفُ (مُدَّعًى عَلَيْهِ بِقَوْلِ مُدَّعٍ لِيَحْلِفَ أَنَّهُ مَا حَلَّفَنِي أَنِّي مَا أُحَلِّفُهُ، وَلَا يُسْتَحْلَفُ مُدَّعٍ طَلَبَ يَمِينَ خَصْمِهِ، فَقَالَ لِيَحْلِفَ أَنَّهُ مَا أَحَلَفَنِي) لِأَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ لَا يُقْضَى فِيهِ بِنُكُولٍ؛ فَلَا فَائِدَةَ بِإِيجَابِ الْيَمِينِ فِيهِ.
(وَإِنْ ادَّعَى وَصِيٌّ وَصِيَّتَهُ لِلْفُقَرَاءِ، فَأَنْكَرَ الْوَرَثَةُ) أَنْ مُورِثَهُمْ وَصَّى بِهَا (حُلِّفُوا) عَلَى نَفْيِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ حَقُّ آدَمِيٍّ (فَإِنْ نَكَلُوا) عَنْ الْيَمِينِ (قَضَى عَلَيْهِمْ) بِالنُّكُولِ؛ لِأَنَّهَا دَعْوَى بِمَالٍ.
(وَمَنْ حَلَفَ عَلَى فِعْل غَيْرِهِ) كَأَنْ ادَّعَى أَنْ زَيْدًا غَصَبَهُ نَحْوَ ثَوْبٍ أَوْ اشْتَرَى مِنْهُ وَنَحْوَهُ، فَأَنْكَرَ، وَأَقَامَ الْمُدَّعِي شَاهِدًا بِدَعْوَاهُ، وَأَرَادَ الْحَلِفَ مَعَهُ، حَلَفَ عَلَى الْبَتِّ، أَوْ حَلَفَ عَلَى (دَعْوَى عَلَيْهِ) ؛ أَيْ: عَلَى غَيْرِهِ (فِي
إثْبَاتٍ) كَأَنْ ادَّعَى دَيْنًا عَلَى زَيْدٍ مِنْ نَحْوِ قَرْضٍ أَوْ ثَمَنٍ أَوْ أُجْرَةٍ أَوْ أَرْشٍ وَأَقَامَ بِهِ شَاهِدًا وَأَرَادَ الْحَلِفَ مَعَهُ، حَلَفَ عَلَى الْبَتِّ (أَوْ حَلَفَ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ) كَمَنْ حَلَفَ عَلَى الْبَتِّ.
(أَوْ حَلَفَ عَلَى دَعْوَى عَلَيْهِ) بِدَيْنٍ فَأَنْكَرَ - وَلَا بَيِّنَةَ - وَأَرَادَ يَمِينَهُ (حَلَفَ عَلَى الْبَتِّ) ؛ أَيْ: الْقَطْعَ؛ لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِرَجُلٍ حَلَّفَهُ قُلْ وَاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ مَالَهُ عِنْدِي شَيْءٌ» : رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَمِنْهُ لَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ بِعَيْنٍ بِيَدِهِ، فَأَنْكَرَ؛ فَيَحْلِفُ أَنَّهَا مِلْكُهُ، وَلَا يَكْفِي وَاَللَّهِ لَا أَعْلَمُ إلَّا أَنَّهَا مِلْكِي.
(وَمَنْ حَلَفَ عَلَى نَفْيِ فِعْلِ غَيْرِهِ) كَمَنْ ادَّعَى عَلَيْهِ أَنْ أَبَاهُ غَصَبَهُ، أَوْ سَرَقَ مِنْهُ كَذَا، فَأَنْكَرَ - وَلَا بَيِّنَةَ فَعَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ، أَوْ حَلَفَ عَلَى (نَفْيِ دَعْوَى عَلَى غَيْرِهِ) كَأَنْ ادَّعَى دَيْنًا عَلَى مُورِثِهِ، فَأَنْكَرَ - وَلَا بَيِّنَةَ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ (عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ) لِحَدِيثِ الْحَضْرَمِيِّ حَيْثُ قَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم «أَلَكَ بَيِّنَةٌ؟ قَالَ لَا وَلَكِنْ أُحَلِّفُهُ وَاَللَّهِ مَا يَعْلَمُ أَنَّهَا أَرْضِي اغْتَصَبَهَا أَبُوهُ، فَتَهَيَّأَ الْكِنْدِيُّ لِلْيَمِينِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فَأَقَرَّهُ عليه الصلاة والسلام وَلِأَنَّهُ لَا تُمْكِنُهُ الْإِحَاطَةُ بِفِعْلِ غَيْرِهِ، بِخِلَافِ فِعْلِ نَفْسِهِ؛ فَتَكْلِيفُهُ الْيَمِينَ عَلَى الْبَتِّ؛ حَمْلٌ لَهُ عَلَى الْيَمِينِ عَلَى مَا لَا يَعْلَمُهُ (وَرَقِيقُهُ كَأَجْنَبِيٍّ فِي حَلِفِهِ عَلَى نَفْيِ عِلْمِهِ) فَمَنْ ادَّعَى أَنْ عَبْدَ زَيْدٍ جَنَى عَلَيْهِ، فَأَنْكَرَ رَبُّهُ - وَلَا بَيِّنَةَ حَلَفَ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ أَنَّ عَبْدَهُ جَنَى عَلَى الْمُدَّعِي (وَأَمَّا بَهِيمَتُهُ) إذَا اُدُّعِيَ أَنَّهَا جَنَتْ (فَمَا يُنْسَبُ) الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (لِتَقْصِيرٍ وَتَفْرِيطٍ) فِيهِ (كَرَعْيِهَا زَرْعًا لَيْلًا) لِتَرْكِهِ إيَّاهَا بِلَا حَبْسٍ، فَيَحْلِفُ (عَلَى الْبَتِّ) بِأَنْ يَحْلِفَ أَنَّهُ مَا قَصَّرَ وَلَا فَرَّطَ، لِأَنَّهُ يَحْلِفُ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ (وَإِلَّا) يُنْسَبُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِجِنَايَةِ بَهِيمَةٍ إلَى تَقْصِيرٍ؛ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ (عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ كَرَاكِبِ) بَهِيمَةٍ (وَسَائِقٍ) وَقَائِدٍ اُدُّعِيَ عَلَيْهِ أَنَّهَا أَتْلَفَتْ شَيْئًا بِوَطْئِهَا بِيَدِهَا، فَأَنْكَرَ - وَلَا بَيِّنَةَ فَيَحْلِفُ أَنَّهُ مَا يَعْلَمُ أَنَّهَا أَتْلَفَتْهُ.
(وَمَنْ تَوَجَّهَ عَلَيْهِ حَلِفٌ لِجَمَاعَةٍ) ادَّعُوا عَلَيْهِ دَيْنًا أَوْ نَحْوَهُ (حَلَفَ لِكُلِّ