الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لِفُتْيَاهُ وَلَا لِخَطِّهِ اكْتِفَاءً بِمَا أَخَذَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، وَإِلَّا يَأْخُذُ رِزْقًا، أَوْ أَخَذَ مَا لَا يَكْفِيهِ؛ أَخَذَ) أُجْرَةَ خَطِّهِ فَقَطْ.
(وَيَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ فَرْضُ رِزْقٍ) مِنْ بَيْتِ الْمَالِ (يُغْنِي عَنْ التَّكَسُّبِ، فَمَنْ نَصَّبَ نَفْسَهُ لِتَدْرِيسِ عِلْمٍ وَفُتْيَا)
لِدُعَاءِ الْحَاجَةِ إلَى قِيَامِ ذَلِكَ وَالِانْقِطَاعِ لَهُ
، وَهُوَ فِي مَعْنَى الْإِمَامَةِ وَالْقَضَاءِ.
[فَصْلٌ يَجُوزُ لِلْإِمَامِ أَنْ يُوَلِّيَ الْقَاضِيَ عُمُومَ النَّظَرِ فِي عُمُومِ الْعَمَلِ]
فَصْلٌ (وَيَجُوزُ) لِلْإِمَامِ (أَنْ يُوَلِّيَ الْقَاضِيَ عُمُومَ النَّظَرِ فِي عُمُومِ الْعَمَلِ) بِأَنْ يُوَلِّيَهُ سَائِرَ الْأَحْكَامِ فِي سَائِرِ الْبِلَادِ، وَيَجُوزُ (أَنْ يُوَلِّيَهُ خَالِصًا فِي أَحَدِهِمَا) أَوْ خَاصًّا فِيهِمَا، فَيُوَلِّيهِ عُمُومَ النَّظَرِ بِمَحَلَّةٍ خَاصَّةٍ، أَوْ يُوَلِّيَهُ (خَالِصًا) كَعُقُودِ الْأَنْكِحَةِ مَثَلًا (بِمُحِلَّةٍ خَاصَّةٍ، فَيُنَفِّذُ حُكْمَهُ فِي مُقِيمٍ بِهَا) أَيْ: تِلْكَ الْمَحَلَّةِ (أَوْ فِي طَارِئٍ إلَيْهَا) وَمِنْ غَيْرِ أَهْلِهَا، لِأَنَّهُ يَصِيرُ مِنْ أَهْلِهَا فِي كَثِيرٍ مِنْ الْأَحْكَامِ بِدَلِيلِ أَنَّ الدِّمَاءَ الْوَاجِبَةَ لِأَهْلِ مَكَّةَ يَجُوزُ تَفْرِيقُهَا فِي الطَّارِئِ إلَيْهَا كَأَهْلِهَا (فَقَطْ) فَلَا يَنْفُذُ حُكْمُهُ فِيمَنْ لَيْسَ مُقِيمًا بِهَا وَلَا طَارِئًا إلَيْهَا، لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ تَحْتَ وِلَايَتِهِ (لَكِنْ لَوْ أَذِنَتْ لَهُ) امْرَأَةٌ (فِي تَزْوِيجِهَا) وَهِيَ فِي عَمَلِهِ (فَلَمْ يُزَوِّجْهَا حَتَّى خَرَجَتْ مِنْ عَمَلِهِ؛ لَمْ يَصِحَّ) تَزْوِيجُهَا؛ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ لَيْسَتْ فِي وِلَايَتِهِ (كَمَا لَوْ أَذِنَتْ لَهُ فِي تَزْوِيجِهَا، وَهِيَ فِي غَيْرِ عَمَلِهِ) ثُمَّ زَوَّجَهَا بَعْدَ أَنْ دَخَلَتْ إلَى عَمَلِهِ؛ فَلَا يَصِحُّ، إذْ لَا أَثَرَ فِي إذْنِهَا بِغَيْرِ عَمَلِهِ؛ لِعَدَمِ وِلَايَتِهِ عَلَيْهَا إذَنْ، كَمَا لَوْ لَمْ تَدْخُلْ إلَى عَمَلِهِ بَعْدَ إذْنِهَا لَهُ (فَلَوْ عَلَّقَتْ الْإِذْنَ) فِي تَزْوِيجِهَا (بِدُخُولِهِ عَمَلَهُ، صَحَّ) تَزْوِيجُهُ لَهَا، لِصِحَّةِ تَعْلِيقِ الْوَكَالَةِ بِالشَّرْطِ، وَالْإِذْنِ فِي مُعَيِّنِ الْوَكَالَةِ، وَلَيْسَ وَكَالَةً كَمَا تَقَدَّمَ فِي النِّكَاحِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَمْلِكُ عَزْلَهُ.
(وَلَا يَحْكُمُ) قَاضٍ (وَلَا يُوَلِّي، وَلَا يَسْمَعُ بَيِّنَةً فِي غَيْرِ عَمَلِهِ، وَهُوَ)
عَمَلُهُ (مَحَلُّ) نُفُوذِ (حُكْمِهِ) فَمَنْ وُلِّيَ الْقَضَاءَ بِمَجْلِسٍ مُعَيَّنٍ مِنْ مَسْجِدٍ أَوْ غَيْرِهِ؛ لَمْ يَنْفُذْ حُكْمُهُ إلَّا فِيهِ، وَلَا يَسْمَعُ بَيِّنَتَهُ إلَّا فِيهِ (وَتَجِبُ إعَادَةُ الشَّهَادَةِ) إذَا سَمِعَهَا فِي غَيْرِ عَمَلِهِ (فِيهِ) ؛ أَيْ: فِي عَمَلِهِ (كَتَعْدِيلِهَا) ؛ أَيْ: الْبَيِّنَةِ؛ فَلَا يَسْمَعُهُ فِي غَيْرِ عَمَلِهِ، فَإِنْ سَمِعَهُ فِي غَيْرِهِ أَعَادَهُ فِيهِ كَالشَّهَادَةِ؛ لِأَنَّ سَمَاعَ ذَلِكَ فِي غَيْرِ مَحَلِّ عَمَلِهِ كَسَمَاعِهِ قَبْلَ التَّوْلِيَةِ.
(وَإِنْ تَرَافَعَ إلَيْهِ خَصْمَانِ فِي غَيْرِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ؛ لَمْ يَحْكُمْ بَيْنَهُمَا بِحُكْمِ وِلَايَتِهِ) لِأَنَّهُ غَيْرُ مَأْذُونٍ فِي ذَلِكَ الْمَحَلِّ (فَإِنْ حَكَّمَاهُ) الْخَصْمَانِ بَيْنَهُمَا (صَحَّ) مِنْهُ (كَغَيْرِهِ؛ لِمَا تَقَدَّمَ، أَوْ يُوَلِّيهِ) أَيْ: يُوَلِّي الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ فِيهِ (الْحُكْمَ فِي الْمُدَايَنَاتِ خَاصَّةً، أَوْ يُوَلِّيهِ الْحُكْمَ فِي قَدْرٍ مِنْ الْمَالِ لَا يَتَجَاوَزُهُ كَأَنْ لَا يَحْكُمَ إلَّا فِي عَشَرَةٍ فَمَا دُونُ، أَوْ يُجْعَلَ إلَيْهِ) أَيْ: الْقَاضِي (عُقُودُ الْأَنْكِحَةِ خَاصَّةً) فِي جَمِيعِ الْبِلَادِ أَوْ فِي بَلَدٍ خَاصٍّ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ إلَى الْإِمَامِ، فَمَلَكَ الِاسْتِنَابَةَ فِي جَمِيعِهِ وَبَعْضِهِ، وَقَدْ صَحَّ: أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام «كَانَ يَسْتَنِيبُ أَصْحَابَهُ كُلًّا فِي كُلِّ شَيْءٍ، فَوَلَّى عُمَرُ الْقَضَاءَ، وَبَعَثَ عَلِيًّا قَاضِيًا إلَى الْيَمَنِ، وَكَانَ يَبْعَثُ أَصْحَابَهُ فِي جَمْعِ الزَّكَاةِ وَغَيْرِهَا، وَخُلَفَاءَهُ» .
(وَلَهُ) أَيْ: الْمُوَلِّي بِكَسْرِ اللَّامِ (أَنْ يُوَلِّيَ) قَاضِيًا (مِنْ غَيْرِ مَذْهَبِهِ) لِأَنَّ عَلَى الْقَاضِي أَنْ يَجْتَهِدَ رَأْيَهُ فِي قَضَائِهِ (وَلَهُ) أَنْ يُوَلِّيَ (قَاضِيَيْنِ فَأَكْثَرَ بِبَلَدٍ وَاحِدٍ، وَإِنْ اتَّحَدَ عَمَلُهُمَا) لِأَنَّ الْغَرَضَ فَصْلُ الْخُصُومَاتِ وَإِيصَالُ الْحَقِّ إلَى مُسْتَحِقِّهِ، وَهُوَ حَاصِلٌ بِذَلِكَ؛ فَأَشْبَهَ الْقَاضِيَ وَخُلَفَاءَهُ، وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا أَنْ يَحْكُمَ بِمَذْهَبِهِ، وَلَا اعْتِرَاضَ لِلْآخَرِ عَلَيْهِ (وَلِنَائِبِ الْإِمَامِ أَنْ يُوَلِّيَ مَعَ الْإِطْلَاقِ) .
قَالَ فِي " الِاخْتِيَارَاتِ " نَصَّ الْإِمَامُ أَحْمَدُ عَلَى أَنَّ لِلْقَاضِي أَنْ يَسْتَخْلِفَ مِنْ غَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ فَرْقًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْوَكِيلِ، وَجَعْلًا لَهُ كَالْوَصِيِّ (لَا إنْ نَهَاهُ) عَنْ الِاسْتِخْلَافِ، فَإِنْ نَهَاهُ الْإِمَامُ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَسْتَخْلِفَ غَيْرَهُ؛ لِأَنَّ وِلَايَتَهُ قَاصِرَةٌ.
(وَيَتَّجِهُ بَلْ) لِلْقَاضِي (أَنْ يَسْتَنِيبَ وَلَوْ نَهَاهُ) الْإِمَامُ (حَيْثُ قُلْنَا هُوَ)
أَيْ: الْقَاضِي نَائِبُ الْمُسْلِمِينَ لَا نَائِبُ (الْإِمَامِ) بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَا يَنْعَزِلُ بِعَزْلِ مَنْ وَلَّاهُ وَلَا بِمَوْتِهِ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ.
(وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقَلِّدَ الْقَضَاءَ لِوَاحِدٍ عَلَى أَنْ يَحْكُمَ بِمَذْهَبٍ بِعَيْنِهِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ} [ص: 26] وَالْحَقُّ لَا يَتَعَيَّنُ فِي مَذْهَبٍ، وَقَدْ يَظْهَرُ الْحَقُّ فِي غَيْرِ ذَلِكَ الْمَذْهَبِ، فَإِنْ وَلَّاهُ عَلَى أَنْ يَحْكُمَ بِمَذْهَبٍ بِعَيْنِهِ بَطَلَ الشَّرْطُ، وَصَحَّتْ الْوِلَايَةُ كَالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ فِي الْبَيْعِ.
(وَيَتَّجِهُ حَمْلُهُ) أَيْ: عَدَمُ الْجَوَازِ عَلَى قَاضٍ مُجْتَهِدٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ تَقْلِيدُ غَيْرِهِ، وَإِنَّمَا الْوَاجِبُ عَلَيْهِ الْعَمَلُ بِمَا أَدَّاهُ إلَيْهِ اجْتِهَادِهِ؛ فَتَقْلِيدُهُ الْقَضَاءَ عَلَى أَنْ يَحْكُمَ بِمَذْهَبِ مُجْتَهِدٍ غَيْرِهِ غَيْرُ جَائِزٍ (وَإِلَّا) ، نَحْمِلُ ذَلِكَ عَلَى الْمُجْتَهِدِ، فَلَا يَصِحُّ؛ (لِأَنَّ عَمَلَ النَّاسِ عَلَى خِلَافِهِ) قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: مَنْ أَوْجَبَ تَقْلِيدَ إمَامٍ بِعَيْنِهِ اُسْتُتِيبَ وَإِلَّا قُتِلَ.
قَالَ: وَإِنْ قَالَ يَنْبَغِي تَقْلِيدُ إمَامٍ بِعَيْنِهِ كَانَ جَاهِلًا ضَالًّا، وَقَالَ: وَمَنْ كَانَ مُتَّبِعًا لِإِمَامٍ فَخَالَفَهُ فِي بَعْضِ الْمَسَائِلِ لِقُوَّةِ الدَّلِيلِ، أَوْ لِكَوْنِ أَحَدِهِمَا أَعْلَمَ أَوْ أَتْقَى؛ فَقَدْ أَحْسَنَ، وَلَمْ يَقْدَحْ فِي عَدَالَتِهِ بِلَا نِزَاعٍ.
قَالَ: وَفِي هَذِهِ الْحَالِ، أَيْ: حَالِ قُوَّةِ الدَّلِيلِ، أَوْ كَوْنِ أَحَدِهِمَا أَعْلَمَ أَوْ أَتْقَى يَجُوزُ تَقْلِيدُ مَنْ اتَّصَفَ بِذَلِكَ عَنْ أَئِمَّةِ الْإِسْلَامِ، بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ.
(وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُوَلِّيَ وَالِدَهُ، وَ) لَا أَنْ يُوَلِّيَ (وَلَدَهُ مِنْ أَيِّ: إنْسَانٍ فَرَضَ لَهُ الْإِمَامُ تَوْلِيَةَ الْقَضَاءِ) كَمَا لَوْ وَكَّلَهُ فِي صَدَقَةٍ لَمْ يَجُزْ لَهُ أَخْذُهُ وَلَا دَفْعُهُ إلَى هَذَيْنِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْوَكَالَةِ.
(وَيَتَّجِهُ بَلْ) يَجُوزُ لَهُ أَيْ: لِمَنْ فَوَّضَ إلَيْهِ الْإِمَامُ الْقَضَاءَ (ذَلِكَ) أَيْ: أَنْ يُوَلِّيَ وَالِدَهُ وَوَلَدَهُ كَغَيْرِهِمَا (لِمَا يَأْتِي) قَرِيبًا أَنَّ الْقَاضِيَ نَائِبُ الْمُسْلِمِينَ، لَا نَائِبُ الْإِمَامِ، وَإِذَا كَانَ نَائِبًا عَنْ الْمُسْلِمِينَ فَلَهُ تَوْلِيَةُ مَنْ شَاءَ (خِلَافًا لَهُ) أَيْ:" لِلْإِقْنَاعِ "(هُنَا) فِي قَوْلِهِ: وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُوَلِّيَ نَفْسَهُ وَلَا وَالِدَهُ كَمَا لَوْ وَكَّلَهُ فِي الصَّدَقَةِ بِمَالٍ، فَجَعَلَ حُكْمَهُ حُكْمَ الْوَكِيلِ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ فِي ذَلِكَ دَلِيلٌ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ.
(وَيُقَدَّمُ قَوْلُ طَالِبٍ) إذَا تَنَازَعَ خَصْمَانِ، وَطَلَبَ كُلٌّ مِنْهُمَا الْحُكْمَ عِنْدَ أَحَدِهِمَا؛ فَيُقَدَّمُ مُدَّعٍ (وَلَوْ عِنْدَ نَائِبٍ) وَالْآخَرُ عِنْدَ مُسْتَنِيبٍ؛ لِأَنَّ الدَّعْوَى حَقٌّ لِلْمُدَّعِي (فَإِنْ اسْتَوَيَا) أَيْ: الْخَصْمَانِ فِي الطَّلَبِ (كَمُدَّعَيْنِ اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ ثَمَنِ مَبِيعٍ بَاقٍ؛ فَأَقْرَبُ الْحَاكِمَيْنِ) يُقَدَّمُ؛ لِأَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَى كُلْفَةِ الْمُضِيِّ لِلْأَبْعَدِ
(ثُمَّ) إنْ اسْتَوَى الْحَاكِمَانِ أَيْضًا فِي الْقُرْبِ، يُقَدَّمُ مِنْ الْحَاكِمَيْنِ مَنْ خَرَجَتْ لَهُ (قُرْعَةٌ) لِأَنَّهُ لَا مُرَجِّحَ غَيْرُهَا.
(وَإِنْ زَالَتْ وِلَايَةُ الْإِمَامِ أَوْ عُزِلَ الْإِمَامُ وَمَنْ وَلَّاهُ مَعَ صَلَاحِيَّتِهِ) لِلْقَضَاءِ، (لَمْ تَبْطُلْ وِلَايَتُهُ، لِأَنَّهُ نَائِبُ الْمُسْلِمِينَ، لَا الْإِمَامِ) لِأَنَّ وِلَايَةَ الْقَضَاءِ الصَّادِرَةَ مِنْ الْإِمَامِ لِلْقَاضِي عَقْدٌ لِمَصْلَحَةِ الْمُسْلِمِينَ، فَلَمْ يَمْلِكْ عَزْلَهُ مَعَ سَدَادِ حَالِهِ، كَمَا لَوْ عَقَدَ النِّكَاحَ عَلَى مُوَلِّيَتِهِ، وَلِأَنَّ الْخُلَفَاءَ وَلَّوْا حُكَّامًا فِي زَمَانِهِمْ فَلَمْ يَنْعَزِلُوا بِمَوْتِهِمْ،
وَلِمَا فِي عَزْلِهِ بِمَوْتِ الْإِمَامِ وَنَحْوِهِ مِنْ الضَّرَرِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ بِتَعْطِيلِ الْأَحْكَامِ وَتَوَفُّقِهَا إلَى أَنْ يَتَوَلَّى الثَّانِي.
(وَلَوْ كَانَ الْمُسْتَنِيبُ قَاضِيًا، فَعَزَلَ نُوَّابَهُ فِي قَضَاءٍ أَوْ نَظَرِ وَقْفٍ أَوْ عَلَى أَيْتَامٍ أَوْ بَيْعِ تَرِكَةِ مَيِّتٍ أَوْ زَالَتْ وِلَايَتُهُ بِمَوْتٍ، أَوْ زَالَتْ بِنَحْوِ فِسْقٍ) كَاخْتِلَالِ بَعْضِ شُرُوطِهِ (انْعَزَلُوا عَلَى الصَّحِيحِ) مِنْ الْمَذْهَبِ، لِأَنَّهُمْ نُوَّابُهُ كَالْوُكَلَاءِ، بِخِلَافِ مَنْ وَلَّاهُ الْإِمَامُ قَاضِيًا، فَإِنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِهِ قَضَايَا النَّاسِ وَأَحْكَامُهُمْ عِنْدَهُ وَعِنْدَ نُوَّابِهِ بِالْبُلْدَانِ، فَيَشُقُّ ذَلِكَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ (لَا إنْ قَالَ) الْإِمَامُ لِلْقَاضِي (اسْتَخْلِفْ عَنِّي) فَاسْتَخْلَفَ شَخْصًا ثُمَّ عَزَلَهُ، لَمْ يَنْعَزِلْ، لِأَنَّهُ نَائِبُ الْإِمَامِ لَا الْقَاضِي.
(وَكَقَاضٍ) فِي الْحُكْمِ (وَالٍ وَمُحْتَسِبٍ وَأَمِيرِ جِهَادٍ وَوَكِيلِ بَيْتِ الْمَالِ) وَمَنْ نُصِّبَ لِجِبَايَةِ مَالٍ كَخَرَاجٍ وَصَرْفِهِ (وَيَتَّجِهُ إذَا وَلَّاهُمْ الْإِمَامُ) فَلَا يَنْعَزِلُونَ بِعَزْلِهِ وَلَا مَوْتِهِ، لِأَنَّهَا عُقُودٌ لِمَصْلَحَةِ الْمُسْلِمِينَ (وَإِلَّا) يَكُنْ وَلَّاهُمْ الْإِمَامُ فَهُمْ (كَنُوَّابِ قَاضٍ) يَنْعَزِلُونَ بِعَزْلِ مَنْ وَلَّاهُمْ، وَلِأَنَّهُمْ وُكَلَاؤُهُ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ.
(وَلَا يَبْطُلُ مَا فَرَضَهُ فَارِضٌ) مِنْ نَفَقَةٍ وَكِسْوَةٍ وَأُجْرَةِ مَسْكَنٍ وَخَرَاجٍ وَجِزْيَةٍ وَعَطَاءٍ مِنْ دِيوَانِ الْمَصْلَحَةِ (فِي الْمُسْتَقْبَلِ ثُمَّ) مَاتَ مَنْ فَرَضَهُ، أَوْ