الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(وَمَجْنُونٍ أَفَاقَ؛ لَزِمَهُ) مَا كَانَ يَلْزَمُهُ مَا كَانَ كَذَلِكَ جَمِيعَ الْحَوْلِ؛ لِوُجُودِهِ وَقْتَ الْوُجُوبِ وَهُوَ أَهْلٌ لِلْوُجُوبِ.
(وَإِنْ حَدَثَ بِهِ مَانِعٌ بَعْدَ الْحَوْلِ) كَأَنْ جُنَّ فَعَلَيْهِ (قِسْطُهُ) ؛ أَيْ: ذَلِكَ الْحَوْلِ الَّذِي كَانَ فِيهِ أَهْلًا لِلْوُجُوبِ، (وَ) إنْ حَدَثَ بِهِ (قَبْلَهُ) ؛ أَيْ: بِالْحَوْلِ فِي أَثْنَائِهِ أَوْ مَعَهُ (سَقَطَ) قِسْطُ ذَلِكَ الْحَوْلِ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ مَالٌ يَجِبُ مُوَاسَاةً فَسَقَطَ بِحُدُوثِ الْمَانِعِ قَبْلَ تَمَامِ الْحَوْلِ كَالزَّكَاةِ.
[بَابُ كَفَّارَةِ الْقَتْلِ]
الْكَفَّارَةُ: مَأْخُوذَةٌ مِنْ الْكَفْرِ، وَهُوَ السَّتْرُ؛ لِأَنَّهُ غَطَّى الذَّنْبَ وَسَتَرَهُ.
وَالْأَصْلُ فِيهَا الْإِجْمَاعُ، وَسَنَدَهُ قَوْله تَعَالَى:{وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلا خَطَأً} [النساء: 92] الْآيَةَ، فَذَكَرَ فِي الْآيَةِ ثَلَاثَ كَفَّارَاتٍ: إحْدَاهُنَّ: بِقَتْلِ الْمُسْلِمِ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ خَطَأً.
الثَّانِيَةُ: بِقَتْلِهِ فِي دَارِ الْحَرْبِ وَهُوَ لَا يُعْرَفُ إيمَانُهُ.
الثَّالِثَةُ: بِقَتْلِ الْمُعَاهَدِ وَهُوَ الذِّمِّيُّ.
(تَلْزَمُ) الْكَفَّارَةُ (كَامِلَةً فِي مَالِ قَاتِلٍ لَمْ يَتَعَمَّدْ) الْقَتْلَ بِأَنْ قَتَلَ خَطَأً أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ؛ لِلْآيَةِ وَأُلْحِقَ بِالْخَطَأِ شِبْهُ الْعَمْدِ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَاهُ، بِخِلَافِ الْعَمْدِ الْمَحْضِ (وَلَوْ كَانَ) الْقَاتِلُ (كَافِرًا أَوْ قِنًّا أَوْ صَغِيرًا أَوْ مَجْنُونًا) ؛ لِأَنَّهَا حَقٌّ مَالِيٌّ يَتَعَلَّقُ بِالْفِعْلِ، أَشْبَهَتْ الدِّيَةَ، وَأَيْضًا هِيَ عِبَادَةٌ مَالِيَّةٌ أَشْبَهَتْ الزَّكَاةَ (أَوْ إمَامًا فِي خَطَأٍ يَحْمِلُهُ بَيْتُ الْمَالِ أَوْ مُشَارِكًا) فِي الْقَتْلِ؛ لِأَنَّ الْكَفَّارَةَ مُوجِبُ (قَتْلِ آدَمِيٍّ) ، فَوَجَبَ إكْمَالُهَا عَلَى كُلٍّ مِنْ الشُّرَكَاءِ فِيهِ كَالْقِصَاصِ، (وَسَوَاءٌ قَتَلَ بِمُبَاشَرَةٍ
أَوْ بِسَبَبٍ) كَنَصْبِ سِكِّينٍ تَعَدِّيًا، وَلَوْ كَانَ الْقَتْلُ بِهَا (بَعْدَ مَوْتِهِ) ؛ أَيْ: الْمُتَسَبِّبِ (كَشَهَادَةِ زُورٍ، وَحَفْرِ بِئْرٍ تَعَدِّيًا نَفْسًا) مَفْعُولٌ لِقَاتِلِ (مُحَرَّمَةً، وَلَوْ نَفْسَهُ) ؛ أَيْ: الْقَاتِلِ (أَوْ) نَفْسَ (قِنِّهِ) ؛ لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى {وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً} [النساء: 92](أَوْ) كَانَ الْمَقْتُولُ (مُسْتَأْمَنًا) ؛ لِأَنَّهُ آدَمِيٌّ قُتِلَ ظُلْمًا، أَشْبَهَ الْمُسْلِمَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} [النساء: 92] " (أَوْ) كَانَ الْقَتِيلُ (جَنِينًا) بِأَنْ ضَرَبَ بَطْنَ حَامِلٍ فَأَلْقَتْ جَنِينًا مَيِّتًا، أَوْ حَيًّا ثُمَّ مَاتَ؛ لِأَنَّهُ نَفْسٌ مُحَرَّمَةٌ، وَلَا كَفَّارَةَ؛ بِإِلْقَاءِ مُضْغَةٍ لَمْ تَتَصَوَّرْ (غَيْرَ أَسِيرٍ حَرْبِيٍّ يُمْكِنُهُ) ؛ أَيْ: الَّذِي أَسَرَهُ (أَنْ يَأْتِيَ بِهِ الْإِمَامَ) فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ قَتْلُهُ، وَلَا كَفَّارَةَ فِيهِ، (وَغَيْرَ نِسَاءِ) أَهْلِ (حَرْبٍ وَذُرِّيَّتِهِمْ) غَيْرَ (مَنْ لَمْ تَبْلُغْهُ الدَّعْوَةُ) ؛ أَيْ: دَعْوَةُ الْإِسْلَامِ؛ فَيَحْرُمُ قَتْلُهُمْ وَلَا كَفَّارَةَ؛ لِمَفْهُومِ قَوْله تَعَالَى: {وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ} [النساء: 92] الْآيَةَ؛ وَلِأَنَّهُمْ لَا أَمَانَ لَهُمْ وَلَا إيمَانَ، وَالْمَنْعُ مِنْ قَتْلِهِمْ؛ لِلِافْتِئَاتِ عَلَى الْإِمَامِ أَوْ انْتِفَاعِ الْمُسْلِمِينَ بِهِمْ؛ أَوْ لِعَدَمِ الدَّعْوَةِ؛ وَلِأَنَّهُمْ غَيْرُ مَضْمُونِينَ بِقِصَاصٍ وَلَا دِيَةٍ، أَشْبَهُوا مُبَاحَ الدَّمِ.
وَ (لَا) كَفَّارَةَ (عَلَى قَاتِلِ نَفْسٍ مُبَاحَةٍ كَبَاغٍ وَمُرْتَدٍّ، وَزَانٍ مُحْصَنٍ) وَمَنْ تَحَتَّمَ قَتْلُهُ لِلْمُحَارَبَةِ، وَ (لَا) كَفَّارَةَ فِي (الْقَتْلِ قِصَاصًا أَوْ حَدًّا أَوْ دَفْعًا عَنْ نَفْسِهِ) لِصَوْلِهِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مَأْذُونٌ فِيهِ شَرْعًا، وَالْكَفَّارَةُ لَا تَجِبُ لِمَحْوِ الْمَأْذُونِ بِهِ، وَهُوَ عِتْقُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ؛ لِلْآيَةِ وَلَا إطْعَامَ فِيهَا.
(وَيُكَفِّرُ قِنٌّ بِصَوْمٍ) ؛ لِأَنَّهُ لَا مَالَ لَهُ يَعْتِقُ مِنْهُ (وَيُكَفِّرُ مِنْ مَالِ غَيْرِ