الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَعَلَى الْأَوَّلِ نِصْفُ الْقِيمَةِ، وَلَا قِصَاصَ عَلَى الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُكَافِئْهُ حِينَ الْجِنَايَةِ، وَإِنْ كَانَ الْقَاتِلُ ثَالِثًا فَقَدْ اسْتَقَرَّ الْقَطْعَانِ؛ لِأَنَّ قَتْلَ الثَّالِثِ لَهُ قَطَعَ سِرَايَتَهُمَا، وَعَلَى الْأَوَّلِ نِصْفُ الْقِيمَةِ لِلسَّيِّدِ؛ لِأَنَّهُ جَنَى حِينَ كَانَ رَقِيقًا، وَعَلَى الثَّانِي الْقِصَاصُ فِي الرِّجْلِ (أَوْ نِصْفُ الدِّيَةِ) لِوَرَثَتِهِ، وَعَلَى الثَّالِثِ الْقِصَاصُ فِي النَّفْسِ أَوْ الدِّيَةِ مَعَ الْعَفْوِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ حُرًّا حِينَ جِنَايَتِهِمَا.
(وَمَنْ قَتَلَ مَنْ يَعْرِفُهُ أَوْ يَظُنُّهُ كَافِرًا) غَيْرَ حَرْبِيٍّ؛ إذْ قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ إذَا قَتَلَ مَنْ يَظُنُّهُ حَرْبِيًّا فَبَانَ مُسْلِمًا فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ فَقَطْ (أَوْ قِنًّا؛ أَوْ) قَتَلَ مَنْ يَظُنُّهُ (قَاتِلَ أَبِيهِ، فَبَانَ تَغَيُّرُ حَالِهِ) بِأَنْ أَسْلَمَ الْكَافِرُ، أَوْ عَتَقَ الْقِنُّ، (أَوْ) تَبَيَّنَ (خِلَافُ ظَنِّهِ) بِأَنْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ غَيْرُ قَاتِلِ أَبِيهِ (فَعَلَيْهِ الْقَوَدُ) اعْتِبَارًا بِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، لَا بِمَا فِي ظَنِّ الْمُكَلَّفِ؛ لِقَتْلِهِ مَنْ يُكَافِئُهُ عَمْدًا مَحْضًا بِغَيْرِ حَقٍّ؛ أَشْبَهَ مَا لَوْ عَلِمَ بِحَالِهِ.
[فَصْلٌ مِنْ شُرُوط الْقِصَاص كَوْنُ الْمَقْتُولِ لَيْسَ بِوَلَدٍ وَإِنْ سَفَلَ لِقَاتِلٍ]
فَصْلٌ (الشَّرْطُ الرَّابِعُ: كَوْنُ مَقْتُولٍ لَيْسَ بِوَلَدٍ، وَإِنْ سَفَلَ) لِقَاتِلٍ (وَلَا بِوَلَدِ بِنْتٍ، وَإِنْ سَفَلَتْ لِقَاتِلٍ؛ فَيُقْتَلُ وَلَدٌ بِأَبٍ وَأُمٍّ وَجَدٍّ وَجَدَّةٍ) ؛ أَيْ: بِقَتْلِهِ وَاحِدًا مِنْ أُصُولِهِ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى} [البقرة: 178] ، وَهُوَ عَامٌّ فِي كُلِّ قَتِيلٍ، فَخُصَّ مِنْهُ صُورَتَانِ بِالنَّصِّ، وَبَقِيَ مَا عَدَاهُمَا وَ (لَا) يُقْتَلُ (أَحَدُهُمْ) ؛ أَيْ: الْأَبُ وَالْأُمُّ وَالْجَدُّ وَالْجَدَّةُ، وَإِنْ عَلَا (بِمَنْ يُنْسَبُ بِهِ) ؛ أَيْ: بِالْوَلَدِ، وَوَلَدِ الْبِنْتِ، وَإِنْ سَفَلَا؛ لِحَدِيثِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا:«لَا يُقْتَلُ وَالِدٌ بِوَلَدِهِ» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ.
وَرَوَى النَّسَائِيّ حَدِيثَ عُمَرَ. وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ
هُوَ حَدِيثٌ مَشْهُورٌ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحِجَازِ وَالْعِرَاقِ مُسْتَفِيضٌ عِنْدَهُمْ يُسْتَغْنَى بِشُهْرَتِهِ وَقَبُولِهِ، وَالْعَمَلِ بِهِ عَنْ الْإِسْنَادِ، حَتَّى يَكُونَ الْإِسْنَادُ فِي مِثْلِهِ مَعَ شُهْرَتِهِ تَكَلُّفًا
وَلِأَنَّهُ سَبَبُ إيجَادِهِ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُسَلَّطَ بِسَبَبِهِ عَلَى إعْدَامِهِ.
(وَلَوْ أَنَّهُ) أَيْ: الْوَلَدَ أَوْ وَلَدَ الْبِنْتِ وَإِنْ سَفَلَ (حُرٌّ مُسْلِمٌ وَالْقَاتِلُ) لَهُ مِنْ آبَائِهِ أَوْ أُمَّهَاتِهِ، وَإِنْ عَلَوْا (كَافِرٌ قِنٌّ) ؛ لِانْتِفَاءِ الْقِصَاصِ لِشَرَفِ الْأُبُوَّةِ، وَهُوَ مَوْجُودٌ فِي كُلِّ حَالٍ (وَيُؤْخَذُ حُرٌّ) مِنْ أَبٍ وَأُمٍّ وَجَدٍّ وَجَدَّةٍ قَتَلَ وَلَدَهُ، وَإِنْ سَفَلَ (بِالدِّيَةِ) أَيْ: دِيَةِ الْمَقْتُولِ كَمَا تَجِبُ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ فِي مَالِهِ، قَالَ فِي " الِاخْتِيَارَاتِ ": وَنَصَّ عَلَيْهِ الْإِمَامُ أَحْمَدُ، وَكَذَا لَوْ جَنَى عَلَى طَرَفِهِ لَزِمَتْهُ دِيَتُهُ انْتَهَى.
وَذَكَرَ فِي الشَّرْحِ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ أَخَذَ مِنْ قَتَادَةَ الْمُدْلِجِيِّ دِيَةَ ابْنِهِ، وَلَا تَأْثِيرَ لِاخْتِلَافِ الدِّينِ، وَالْحُرِّيَّةِ كَاتِّفَاقِهِمَا، وَلَوْ قَتَلَ الْكَافِرُ، وَلَدَهُ الْمُسْلِمَ أَوْ الْعَبْدُ وَلَدَهُ الْحُرَّ لَمْ يَجِبْ الْقِصَاصُ؛ لِشَرَفِ الْأُبُوَّةِ، إلَّا أَنْ يَكُونَ وَلَدُهُ مِنْ رَضَاعٍ أَوْ زِنًا فَيُقْتَلُ الْوَالِدُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِوَلَدٍ حَقِيقَةً
(وَمَنْ) تَدَاعَيَا نَسَبَ صَغِيرٍ مَجْهُولِ النَّسَبِ ثُمَّ (قَتَلَاهُ قَبْلَ إلْحَاقِ الْقَافَةِ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا؛ فَلَا قِصَاصَ عَلَيْهِمَا) ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ابْنَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَوْ ابْنَهُمَا.
تَنْبِيهٌ: وَإِنْ أَلْحَقَتْهُ الْقَافَةُ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا، ثُمَّ قَتَلَاهُ؛ لَمْ يُقْتَلْ أَبُوهُ وَقُتِلَ الْآخَرُ؛ لِأَنَّهُ أَجْنَبِيٌّ، وَإِنْ رَجَعَا عَنْ الدَّعْوَى لَمْ يُقْبَلْ رُجُوعُهُمَا عَنْ إقْرَارِهِمَا، كَمَا لَوْ ادَّعَاهُ وَاحِدٌ فَأُلْحِقَ بِهِ ثُمَّ جَحَدَهُ.
وَإِنْ رَجَعَ أَحَدُهُمَا عَنْ دَعْوَاهُ؛ صَحَّ رُجُوعُهُ، وَثَبَتَ نَسَبُهُ مِنْ الْآخَرِ؛ لِزَوَالِ الْمُعَارِضِ، وَيَثْبُتُ الْقِصَاصُ عَنْ الَّذِي لَمْ يَرْجِعْ؛ لِأَنَّهُ أَبٌ وَيَجِبُ الْقِصَاصُ عَلَى الرَّاجِعِ؛ لِأَنَّهُ أَجْنَبِيٌّ.
وَلَوْ اشْتَرَكَ رَجُلَانِ فِي وَطْءِ امْرَأَةٍ فِي طُهْرٍ وَاحِدٍ وَأَتَتْ بِوَلَدٍ يُمْكِنُ كَوْنُهُ مِنْهُمَا، وَلَهُمَا شُبْهَةٌ فِي وَطْئِهَا، أَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا زَوْجًا أَوْ سَيِّدًا، وَالْآخَرُ بِشُبْهَةٍ، فَقَتَلَاهُ قَبْلَ إلْحَاقِهِ بِأَحَدِهِمَا لَمْ يَجِبْ الْقِصَاصُ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا؛ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ الشَّرْطِ، وَإِنْ نَفَيَا
نَسَبَهُ لَمْ يَنْتَفِ إلَّا بِاللِّعَانِ بِشُرُوطِهِ الْمَذْكُورَةِ فِي بَابِهِ، وَإِنْ نَفَاهُ أَحَدُهُمَا لَمْ يَنْتَفِ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُ لَحِقَهُ بِالْفِرَاشِ؛ فَلَا يَنْتَفِي إلَّا بِاللِّعَانِ، بِخِلَافِ الَّتِي قَبْلَهَا؛ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا إذَا رَجَعَ هُنَا لَحِقَ الْآخَرَ، وَأَيْضًا ثُبُوتُهُ هُنَاكَ بِالِاعْتِرَافِ فَيَسْقُطُ بِالْجَحْدِ، وَهَا هُنَا بِالِاشْتِرَاكِ فَلَا يَنْتَفِي بِالْجَحْدِ.
(وَمَتَى وَرِثَ قَاتِلٌ) بَعْضَ دَمِهِ بِوُجُودِ وَاسِطَةٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَقْتُولِ (أَوْ) وَرِثَ (وَلَدُهُ) أَيْ: الْقَاتِلِ (بَعْضَ دَمِهِ) أَيْ: الْمَقْتُولِ (فَلَا قَوَدَ) عَلَى قَاتِلٍ؛ لِأَنَّ الْقِصَاصَ لَا يَتَبَعَّضُ، وَلَا يُتَصَوَّرُ وُجُوبُهُ لِلْإِنْسَانِ عَلَى نَفْسِهِ، وَلَا لِوَلَدِهِ عَلَيْهِ (فَلَوْ قَتَلَ) شَخْصٌ (زَوْجَتَهُ، فَوَرِثَهَا وَلَدُهُمَا) أَيْ: وَلَدُهَا مِنْهُ سَقَطَ الْقِصَاصُ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَجِبْ لِلْوَلَدِ عَلَى وَالِدِهِ بِجِنَايَتِهِ عَلَيْهِ، فَلَأَنْ لَا يَجِبَ بِالْجِنَايَةِ عَلَى غَيْرِهِ أَوْلَى، وَسَوَاءٌ كَانَ الْوَلَدُ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى، أَوْ كَانَ لِلْمَقْتُولِ وَارِثٌ سِوَاهُ أَوْ لَا؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَثْبُتْ بَعْضُهُ سَقَطَ كُلُّهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَبَعَّضُ (أَوْ قَتَلَ أَخَاهَا) ؛ أَيْ: زَوْجَتِهِ (فَوَرِثَتْهُ ثُمَّ مَاتَتْ) الزَّوْجَةُ (فَوَرِثَهَا الْقَاتِلُ) أَيْ: وَرِثَ مِنْهَا بِالزَّوْجِيَّةِ، (أَوْ) ، وَرِثَهَا (وَلَدُهُ؛ سَقَطَ) الْقِصَاصُ سَوَاءٌ كَانَ لَهَا وَلَدٌ مِنْ غَيْرِهِ أَوْ لَا، وَكَذَا لَوْ قَتَلَتْ أَخَا زَوْجِهَا، فَوَرِثَهَا زَوْجُهَا، ثُمَّ مَاتَ زَوْجُهَا فَوَرِثَتْهُ هِيَ أَوْ وَلَدُهَا.
(وَمَنْ قَتَلَ أَبَاهُ) فَوَرِثَهُ أَخَوَيْهِ (أَوْ) قَتَلَ (أَخَاهُ فَوَرِثَهُ أَخَوَيْهِ ثُمَّ قَتَلَ أَحَدُهُمَا) أَيْ: الْأَخَوَيْنِ (صَاحِبَهُ؛ سَقَطَ الْقَوَدُ عَنْ) الْقَاتِلِ (الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ وَرِثَ بِهِ بَعْضَ دَمِ نَفْسِهِ) لِأَنَّ أَخَوَيْهِ يَسْتَحِقَّانِ دَمَ أَبِيهِمَا أَوْ أَخِيهِمَا، فَإِذَا قَتَلَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ وَرِثَ الْقَاتِلُ الْأَوَّلُ مَا كَانَ يَسْتَحِقُّهُ الْمَقْتُولُ؛ لِأَنَّهُ أَخُوهُ، فَعَلَى هَذَا يَسْتَحِقُّ نِصْفَ دَمِهِ؛ لِأَنَّ دَمَ الْأَبِ أَوْ الْأَخِ بَيْنَ الْأَخَوَيْنِ نِصْفَيْنِ ضَرُورَةَ أَنَّ الْقَاتِلَ لَا يَرِثُ الْمَقْتُولَ.
(وَإِنْ قَتَلَ أَحَدُ ابْنَيْنِ أَبَاهُ، وَهُوَ زَوْجٌ لِأُمِّهِ) حِينَ قَتَلَ الْأَبَ (ثُمَّ قَتَلَ) الِابْنُ (الْآخَرُ أُمَّهُ فَلَا قَوَدَ عَلَى) الِابْنِ (قَاتِلِ أَبِيهِ، لِإِرْثِهِ ثَمَنَ أُمِّهِ) لِأَنَّ الْأُمّ وَرِثَتْ مِنْ زَوْجِهَا الثُّمُنَ، فَانْتَقَلَ كُلُّهُ إلَى ابْنِهَا قَاتِلِ الْأَبِ؛ لِأَنَّ قَاتِلَهَا لَا يَرِثُ
مِنْهُ شَيْئًا لِلْقَتْلِ فَقَدْ وَرِثَ قَاتِلُ الْأَبِ ثَمَنَ دَمِ الْمَقْتُولِ، فَيَسْقُطُ عَنْهُ الْقَوَدُ؛ لِأَنَّهُ صَارَ يَسْتَحِقُّ بَعْضَ دَمِ الْأَبِ، وَالْإِنْسَانُ لَا يَجِبُ لَهُ عَلَى نَفْسِهِ شَيْءٌ (وَعَلَيْهِ سَبْعَةُ أَثْمَانِ دِيَتِهِ) ؛ أَيْ: أَبِيهِ (لِأَخِيهِ) قَاتِلِ أُمِّهِ (وَلَهُ) أَيْ: قَاتِلِ الْأَبِ (قَتْلُهُ) أَيْ: أَخِيهِ بِأُمِّهِ (وَيَرِثُهُ) حَيْثُ لَا حَاجِبَ؛ لِأَنَّهُ قَتْلٌ بِحَقٍّ فَلَا يَمْنَعُ الْمِيرَاثَ، وَإِنْ عَفَا عَنْهُ إلَى الدِّيَةِ تَقَاصَّا بِمَا بَيْنَهُمَا، وَمَا فَضَلَ لِأَحَدِهِمَا أَخَذَهُ (وَعَلَيْهِمَا) أَيْ: الْقَاتِلَيْنِ (مَعَ عَدَمِ زَوْجِيَّةِ) أَبِيهِمَا لِأُمِّهِمَا (الْقَوَدُ) لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا وَرِثَ قَتْلَ أَخِيهِ وَحْدَهُ دُونَ قَاتِلِهِ، فَإِنْ تَشَاحَّا فِي الْمُبْتَدِئِ مِنْهُمَا بِالْقَتْلِ، احْتَمَلَ أَنْ يُبْدَأَ بِقَتْلِ الْقَاتِلِ الْأَوَّلِ، اخْتَارَهُ ابْنُ حَمْدَانَ، أَوْ يُقْرَعَ بَيْنَهُمَا، قَدَّمَهُ فِي " الْمُبْدِعِ " وَهُوَ قَوْلُ الْقَاضِي (وَأْيُهُمَا بَادَرَ وَقَتَلَ أَخَاهُ سَقَطَ عَنْهُ الْقِصَاصُ؛ لِإِرْثِهِ لَهُ إنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَقْتُولِ ابْنٌ) أَوْ ابْنُ ابْنٍ (فَإِنْ كَانَ) لَهُ ابْنٌ أَوْ ابْنُ ابْنٍ فَالْأَخُ مَحْجُوبٌ بِهِ (فَلَهُ) أَيْ: الِابْنِ أَوْ ابْنِ الِابْنِ (قَتْلُ عَمِّهِ، وَيَرِثُهُ) إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ سِوَاهُ؛ لِأَنَّ الْقَتْلَ بِحَقٍّ لَا يَمْنَعُ الْمِيرَاثَ.
تَتِمَّةٌ: وَإِنْ عَفَا أَحَدُ الْأَخَوَيْنِ عَنْ الْآخَرِ، ثُمَّ قَتَلَ الْمَعْفُوُّ عَنْهُ الْعَافِيَ وَرِثَهُ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَاجِبٌ؛ لِأَنَّهُ قَتْلٌ بِحَقٍّ، وَسَقَطَ عَنْهُ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ مِنْ الدِّيَةِ؛ إذْ لَا يَجِبُ لِلْإِنْسَانِ عَلَى نَفْسِهِ شَيْءٌ، وَإِنْ تَعَافَيَا جَمِيعًا عَلَى الدِّيَةِ تَقَاصَّا بِمَا اسْتَوَيَا فِيهِ؛ فَيَسْقُطُ مِنْ دِيَةِ الْأَبِ بِقَدْرِ دِيَةِ الْأُمِّ وَيَجِبُ لِقَاتِلِ الْأُمِّ الْفَضْلُ عَلَى قَاتِلِ الْأَبِ؛ لِأَنَّ دِيَتَهَا نِصْفُ دِيَةِ الْأَبِ، وَإِنْ كَانَ لِكُلِّ وَاحِد مِنْهُمَا بِنْتٌ، فَقَتَلَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ؛ سَقَطَ الْقِصَاصُ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَرِثُ نِصْفَ مِيرَاثِ أَخِيهِ وَنِصْفَ قِصَاصِ نَفْسِهِ؛ فَوَرِثَ مَالَ أَبِيهِ الَّذِي قَتَلَهُ أَخُوهُ أَوْ مَالَ أُمِّهِ الَّتِي قَتَلَهَا أَخُوهُ، وَوَرِثَ نِصْفَ مَالِ أَخِيهِ، وَنِصْفَ مَالِ أَبِيهِ الَّذِي قَتَلَهُ هُوَ، وَوَرِثَتْ الْبِنْتُ الَّتِي قُتِلَ أَبُوهَا نِصْفَ مَالِ أَبِيهَا، وَنِصْفَ مَالِ جَدِّهَا الَّذِي قَتَلَهُ عَمُّهَا، وَلَهَا عَلَى عَمِّهَا نِصْفُ دِيَةِ قَتِيلِهِ.
(وَإِذَا كَانَ أَرْبَعَةُ إخْوَةٍ، فَقَتَلَ الْأَوَّلُ الثَّانِيَ وَ) قَتَلَ (الثَّالِثُ الرَّابِعَ، فَالْقَوَدُ عَلَى الثَّالِثِ) دُونَ الْأَوَّلِ؛ لِإِرْثِهِ نِصْفَ دَمِهِ عَنْ الرَّابِعِ (وَوَجَبَ لَهُ) أَيْ: الثَّالِثِ (نِصْفُ الدِّيَةِ عَلَى الْأَوَّلِ) لِقَتْلِهِ أَخَاهُ ضَرُورَةَ أَنَّ الْقَاتِلَ لَا يَرِثُ (وَلِلْأَوَّلِ قَتْلُهُ) أَيْ: الثَّالِثِ بِأَخِيهِ الرَّابِعِ (وَ) إذَا قَتَلَهُ فَإِنَّهُ (يَرِثُهُ) ؛ لِأَنَّهُ قَاتِلٌ بِحَقٍّ وَيَرِثُ مَا يَرِثُهُ مِنْ أَخِيهِ الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ تَرِكَتِهِ، فَإِنْ عَفَا الْأَوَّلُ عَنْ الثَّالِثِ إلَى الدِّيَةِ، وَجَبَتْ عَلَى الثَّالِثِ بِكَمَالِهَا؛ يُقَاصُّهُ بِنِصْفِهَا الَّذِي وَرِثَهُ مِنْ الثَّانِي، وَيُعْطِيهِ نِصْفَهَا، وَإِنْ كَانَ لِلْأَوَّلِ وَالثَّالِثِ وَرَثَةٌ تَحْجُبُ الْآخَرَ أَوْ لَا بِتَفْصِيلِهَا كَاَلَّتِي قَبْلَهَا.
(وَمَنْ قَتَلَ مَنْ لَا يُعْرَفُ) بِإِسْلَامٍ وَلَا حُرِّيَّةٍ، (أَوْ) قَتَلَ (مَلْفُوفًا) لَا يُعْلَمُ مَوْتُهُ وَلَا حَيَاتُهُ (وَادَّعَى) قَاتِلٌ (كُفْرَهُ) أَيْ: مَنْ لَمْ يُعْرَفْ (أَوْ) ادَّعَى (رِقَّهُ) وَأَنْكَرَ وَلِيُّهُ؛ فَالْقَوَدُ وَيَحْلِفُ الْوَلِيُّ؛ لِأَنَّهُ مَحْكُومٌ بِإِسْلَامِهِ بِالدَّارِ؛ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ الْحُرِّيَّةُ، وَالرِّقُّ طَارِئٌ.
(أَوْ) ادَّعَى قَاتِلُ مَلْفُوفٍ (مَوْتَهُ) أَيْ: الْمَلْفُوفِ (أَوْ) ادَّعَى قَاتِلٌ (إهْدَارَ دَمِهِ) أَيْ: الْمَقْتُولِ (وَأَنْكَرَ وَلِيُّهُ) فَالْقَوَدُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ الْحَيَاةُ
لَوْ قَطَعَ طَرَفَ إنْسَانٍ، وَادَّعَى شَلَلَهُ، أَوْ قَلَعَ عَيْنًا وَادَّعَى عَمَاهَا، أَوْ قَطَعَ سَاعِدًا، وَادَّعَى أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ كَفٌّ، أَوْ سَاقًا وَادَّعَى أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ قَدَمٌ، وَأَنْكَرَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ؛ وَجَبَ الْقِصَاصُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ السَّلَامَةُ.
(أَوْ) قَتَلَ مُكَلَّفٌ (شَخْصًا فِي دَارِهِ وَادَّعَى) الْقَاتِلُ (أَنَّهُ دَخَلَ لِقَتْلِهِ أَوْ أَخْذِ مَالَهُ) أَوْ يُكَابِرُهُ عَلَى أَهْلِهِ (وَيَتَّجِهُ وَلَا قَرِينَةَ تُصَدِّقُهُ) أَيْ: تُصَدِّقُ مُدَّعِيًا شَيْئًا مِمَّا تَقَدَّمَ، بِأَنْ كَانَ الْمَقْتُولُ مَوْصُوفًا بِالْعَدَالَةِ أَوْ مَسْتُورَ الْحَالِ بِأَنْ لَمْ يُعْهَدْ فِيهِ وُقُوعُ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، أَمَّا إذَا قَامَتْ قَرَائِنُ مِنْ حَالِ الْمَقْتُولِ عَلَى صِدْقِ قَاتِلِهِ كَكَوْنِ الْمَقْتُولِ مِنْ أَهْلِ الْفُجُورِ أَوْ الْفُسَّاقِ الَّذِينَ لَا يُبَالُونَ بِالِارْتِكَابَاتِ الْقَبِيحَةِ عَلَى اخْتِلَافِ أَنْوَاعِهَا؛ فَلَا مَانِعَ مِنْ دَرْءِ الْحَدِّ عَنْهُ، وَإِلَى
هَذَا مَيْلُ صَاحِبِ الْفُرُوعِ "؛ لِأَنَّ الْقَرِينَةَ شُبْهَةٌ قَوِيَّةٌ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ (فَقَتَلَهُ دَفْعًا عَنْ نَفْسِهِ) أَوْ مَالِهِ أَوْ أَهْلِهِ (وَأَنْكَرَ وَلِيُّهُ) فَالْقَوَدُ حَيْثُ لَا بَيِّنَةَ، لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ ذَلِكَ وَيُؤَيِّدُهُ مَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ سُئِلَ عَمَّنْ وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا فَقَتَلَهُ فَقَالَ: إنْ لَمْ يَأْتِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَلْيُعْطَ بِرُمَّتِهِ فَإِنْ اعْتَرَفَ الْوَلِيُّ بِذَلِكَ فَلَا قِصَاصَ عَلَى قَاتِلٍ وَلَا دِيَةَ؛ لِمَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَوْمًا يَتَغَدَّى إذْ جَاءَ رَجُلٌ يَعْدُو وَفِي يَدِهِ سَيْفٌ مُلَطَّخٌ بِالدَّمِ، وَوَرَاءَهُ قَوْمٌ يَعْدُونَ خَلْفَهُ، فَجَاءَ حَتَّى جَلَسَ مَعَ عُمَرَ فَجَاءَ الْآخَرُونَ، فَقَالُوا: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إنَّ هَذَا قَتَلَ صَاحِبَنَا، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: مَا تَقُولُ؟ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إنِّي ضَرَبْتُ فَخِذَيْ امْرَأَتِي فَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا أَحَدٌ فَقَدْ قَتَلْته، فَقَالَ عُمَرُ: مَا تَقُولُونَ؟ فَقَالُوا: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إنَّهُ ضَرَبَ بِالسَّيْفِ فَوَقَعَ فِي وَسَطِ الرَّجُلِ وَفَخِذَيْ الْمَرْأَةِ، فَأَخَذَ عُمَرُ سَيْفَهُ فَهَزَّهُ ثُمَّ دَفَعَهُ إلَيْهِ، وَقَالَ: إنْ عَادُوا فَعُدْ رَوَاهُ سَعِيدٌ
وَلِأَنَّ الْخَصْمَ اعْتَرَفَ بِمَا يُبِيحُ قَتْلَهُ، فَسَقَطَ حَقُّهُ، كَمَا لَوْ أَقَرَّ بِقَتْلِهِ قِصَاصًا أَوْ فِي حَدٍّ يُوجِبُ قَتْلَهُ، وَإِنْ ثَبَتَ بَيِّنَةٌ فَكَذَلِكَ.
(أَوْ تَجَارَحَ اثْنَانِ، وَادَّعَى كُلٌّ) مِنْهُمَا (الدَّفْعَ عَنْ نَفْسِهِ؛ فَالْقَوَدُ) عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا بِشَرْطِهِ (أَوْ الدِّيَةُ) إنْ لَمْ يَجِبْ قَوَدٌ أَوْ عَفَا مُسْتَحِقُّهُ (وَيُصَدَّقُ مُنْكِرٌ) مِنْهُمَا (بِيَمِينِهِ) ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ مَا يَدَّعِيهِ الْآخَرُ (وَمَتَى صَدَّقَ الْوَلِيُّ) دَعْوَى شَيْءٍ مِمَّا سَبَقَ (فَلَا قَوَدَ وَلَا دِيَةَ) لِمَا تَقَدَّمَ عَنْ عُمَرَ.
(وَلَهُ قَتْلُ مَنْ وَجَدَهُ يَفْجُرُ بِأَهْلِهِ) ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ (لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِهِ) أَيْ: الْفَاجِرِ (مُحْصَنًا أَوْ لَا) رُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ (وَصَرَّحَ بِهِ الشَّيْخُ) تَقِيُّ الدِّينِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِحَدٍّ، وَإِنَّمَا هُوَ عُقُوبَةٌ عَلَى فِعْلِهِ، وَإِلَّا لَاعْتُبِرَتْ شُرُوطُ الْحَدِّ.