الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[فَصْلٌ فِي مَنْ زَادَ فِي شَهَادَتِهِ]
فَصْلٌ (وَمَنْ زَادَ فِي شَهَادَتِهِ) كَأَنْ شَهِدَ بِمِائَةٍ ثُمَّ قَالَ: هِيَ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ (أَوْ نَقَصَ) فِي شَهَادَتِهِ بِأَنْ شَهِدَ بِمِائَةٍ، ثُمَّ قَالَ: هِيَ تِسْعُونَ بِحَضْرَةِ حَاكِمٍ أَوْ قَبْلَ أَنْ يَحْضُرَ إلَيْهِ (لَا بَعْدَ حُكْمِ) حَاكِمٍ بِشَهَادَتِهِ؛ قُبِلَ نَصًّا، وَحَكَمَ بِمَا شَهِدَ بِهِ أَخِيرًا، لِأَنَّهَا شَهَادَةُ عَدْلٍ غَيْرِ مُتَّهَمٍ لَمْ يَرْجِعْ عَنْهَا، أَشْبَهَ مَا لَوْ لَمْ يَتَقَدَّمْهَا مَا يُخَالِفُهَا، وَلَا تُعَارِضُهَا الشَّهَادَةُ الْأُولَى لِبُطْلَانِهَا بِرُجُوعِهِ عَنْهَا.
(أَوْ أَدَّى) الشَّهَادَةَ (بَعْدَ إنْكَارِهَا) بِأَنْ شَهِدَ عَلَى إنْسَانٍ بَعْدَ قَوْلِهِ لَيْسَ لِي عَلَيْهِ شَهَادَةٌ، وَقَالَ كُنْت أُنْسِيتهَا؛ قُبِلَ نَصًّا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى} [البقرة: 282] فَقَبِلَهَا بَعْدَ إثْبَاتِ الضَّلَالِ وَالنِّسْيَانِ فِي حَقِّهَا، وَلِأَنَّ الْإِنْسَانَ مُعَرَّضٌ لِلْخَطَأِ وَالنِّسْيَانِ، فَلَوْ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ مَا ذَكَرَهُ بَعْدَ أَنْ نَسِيَهُ؛ لَضَاعَتْ الْحُقُوقُ بِتَقَادُمِ عَهْدِهَا (وَكَذَا قَوْلُهُ: لَا أَعْرِفُ الشَّهَادَةَ، ثُمَّ شَهِدَ) فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُ؛ لِأَنَّهُ أَوْلَى بِالْقَبُولِ عَمَّا قَبْلَهَا.
(وَإِنْ رَجَعَ) شَاهِدٌ عَنْ شَهَادَتِهِ قَبْلَ حُكْمٍ بِهَا (لَغَتْ) شَهَادَتُهُ؛ لِأَنَّ رُجُوعَهُ عَنْهَا يُوجِبُ ظَنَّ بُطْلَانِهَا، وَلَا يَجُوزُ الْعَمَلُ بِهَا مَعَ ظَنِّهِ (وَلَا) يَجُوزُ (حُكْمٌ) بِشَهَادَةٍ بَعْدَ رُجُوعٍ عَنْهَا (وَلَوْ أَدَّاهَا بَعْدُ، وَلَمْ يَضْمَنْ) رَاجِعٌ عَنْ شَهَادَتِهِ قَبْلَ الْحُكْمِ بِهَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتِمَّ (وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ) شَاهِدٌ (بِرُجُوعٍ) عَنْ شَهَادَتِهِ (بَلْ قَالَ لِلْحَاكِمِ تَوَقَّفْ) عَنْ الْحُكْمِ، فَتَوَقَّفَ الْحَاكِمُ عَنْهُ (ثُمَّ أَعَادَهَا) ؛ أَيْ: الشَّهَادَةَ (قُبِلَتْ) لِاحْتِمَالِ زَوَالِ رِيبَةٍ عَرَضَتْ
لَهُ، وَفِي وُجُوبِ إعَادَتِهَا احْتِمَالَانِ. قَالَ فِي " الْإِنْصَافِ " الْأَوْلَى عَدَمُ الْإِعَادَةِ.
(وَإِنْ رَجَعَ شُهُودُ مَالٍ، أَوْ) رَجَعَ شُهُودُ (عِتْقٍ بَعْدَ حُكْمٍ بِشَهَادَتِهِمْ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ مَالٍ أَوْ بَعْدَهُ؛ لَمْ يُنْقَضُ) الْحُكْمُ؛ لِتَمَامِهِ وَوُجُوبِ الْمَشْهُودِ بِهِ لِلْمَحْكُومِ لَهُ، وَرُجُوعُ الشُّهُودِ بَعْدَ الْحُكْمِ لَا يَنْقُضُهُ؛ لِأَنَّهُمْ إنْ قَالُوا: عَمَدْنَا فَقَدْ شَهِدُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْفِسْقِ؛ فَهُمَا مُتَّهَمَانِ بِإِرَادَةِ نَقْضِ الْحُكْمِ، كَمَا لَوْ شَهِدَ فَاسِقَانِ عَلَى الشَّاهِدَيْنِ بِالْفِسْقِ، فَإِنَّهُ لَا يُوجِبُ التَّوَقُّفَ فِي شَهَادَتِهِمَا وَإِنْ قَالُوا أَخْطَأْنَا لَمْ يَلْزَمْ نَقْضُهُ أَيْضًا؛ لِجَوَازِ خَطَئِهِمْ فِي قَوْلِهِمْ الثَّانِي، بِأَنْ اشْتَبَهَ عَلَيْهِمْ الْحَالُ (وَيَضْمَنُونَ) بَدَلَ مَا شَهِدُوا بِهِ مِنْ الْمَالِ، قُبِضَ أَوْ لَمْ يُقْبَضْ، قَائِمًا كَانَ أَوْ تَالِفًا، وَقِيمَةَ مَا شَهِدُوا بِعِتْقِهِ؛ لِأَنَّهُمْ أَخْرَجُوهُ مِنْ يَدِ مَالِكِهِ بِغَيْرِ حَقٍّ، وَحَالُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ، كَمَا لَوْ أَتْلَفُوهُ، وَمَحَلُّ ذَلِكَ (مَا لَمْ يُصَدِّقُهُمْ) عَلَى بُطْلَانِ الشَّهَادَةِ (مَشْهُودٌ لَهُ؛ فَيُؤْخَذُ مِنْهُ) ؛ أَيْ: مِنْ الْمَشْهُودِ لَهُ (مَا أَخَذَهُ) مِنْ مَالِ الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ أَوْ بَدَلَهُ إنْ تَلِفَ؛ لِاعْتِرَافِهِ بِأَخْذِهِ بِغَيْرِ حَقٍّ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَبَضَ شَيْئًا بَطَلَ حَقُّهُ مِنْ الْمَشْهُودِ بِهِ (أَوْ مَا لَمْ تَكُنْ الشَّهَادَةُ بِدَيْنٍ فَيَبْرَأُ مِنْهُ) الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ (قَبْلَ أَنْ يَرْجِعَا) عَنْ شَهَادَتِهِمَا؛ لِأَنَّ الْمَشْهُودَ عَلَيْهِ لَمْ يَغْرَمْ شَيْئًا، وَكَذَا لَوْ شَهِدَا عَلَى سَيِّدِ عَبْدٍ أَنَّهُ أَعْتَقَهُ عَلَى مِائَةٍ، وَهِيَ قِيمَتُهُ، ثُمَّ رَجَعَا، لَمْ يَغْرَمَا شَيْئًا؛ لِأَنَّهُمَا لَمْ يُفَوِّتَا عَلَى رَبِّ الْعَبْدِ شَيْئًا.
(وَلَوْ قَبَضَهُ) ؛ أَيْ: الدَّيْنَ الْمَشْهُودَ بِهِ (مَشْهُودٌ لَهُ، ثُمَّ وَهَبَهُ الْمَشْهُودَ عَلَيْهِ، ثُمَّ رَجَعَا) عَنْ شَهَادَتِهِمَا بِهِ (غَرِمَاهُ لِمَشْهُودٍ عَلَيْهِ) كَمَا لَوْ تَنَصَّفَ الصَّدَاقُ بَعْدَ هِبَتِهَا إيَّاهُ لِلزَّوْجِ.
(وَلَا يَغْرَمُ مُزْكٍ شَيْئًا بِرُجُوعِ مُزْكٍ) عَنْ، شَهَادَتِهِ بَعْدَ الْحُكْمِ؛ لِتَعَلُّقِ الْحُكْمِ بِشَهَادَةِ الشُّهُودِ لَا الْمُزَكِّينَ، لِأَنَّهُمْ أَخْبَرُوا بِظَاهِرِ حَالِ الشُّهُودِ، وَأَمَّا بَاطِنُهُ فَعِلْمُهُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى.
(وَإِنْ رَجَعَ بَعْدَ حُكْمٍ شُهُودُ طَلَاقٍ غَرِمُوا) إنْ كَانَ رُجُوعُهُمْ (قَبْلَ دُخُولٍ
نِصْفَ الْمُسَمَّى) أَوْ غَرِمُوا بَدَلَهُ، وَهُوَ الْمُتْعَةُ إنْ لَمْ يُسَمَّ لَهَا مَهْرٌ؛ لِإِلْزَامِهِمْ إيَّاهُ بِشَهَادَتِهِمْ بِطَلَاقِهَا، كَمَا يَغْرَمُهُ مَنْ فَسَخَ نِكَاحَهُ لِنَحْوِ رَضَاعٍ قَبْلَ دُخُولٍ، وَإِنْ رَجَعُوا بَعْدَهُ؛ أَيْ: الدُّخُولِ - فَلَا غُرْمَ عَلَيْهِمْ صَحَّحَهُ فِي " الْإِنْصَافِ " وَقَالَ فِي " تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ " لَمْ يَغْرَمُوا شَيْئًا فِي الْأَشْهَرِ.
قَالَ فِي " النُّكَتِ " هَذَا هُوَ الْمُرَجَّحُ فِي الْمَذْهَبِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ " وَ " الْهِدَايَةِ " وَ " الْمُذَهَّبِ " وَ " الْخُلَاصَةِ " وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَ " مُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ " وَغَيْرِهِمْ، وَقَطَعَ بِهِ فِي الْإِقْنَاعِ " " وَالْمُنْتَهَى " لِأَنَّهُمْ لَمْ يُقَرِّرُوا عَلَى الزَّوْجِ شَيْئًا بِشَهَادَتِهِمْ؛ لِتَقَرُّرِهِ عَلَيْهِ بِالدُّخُولِ، وَلَمْ يُخْرِجُوا عَنْ مِلْكِهِ شَيْئًا مُتَقَوِّمًا؛ أَشْبَهَ مَا لَوْ أَخْرَجُوا الْبُضْعَ عَنْ مِلْكِهِ بِقَتْلِهَا، أَوْ أَخْرَجَتْهُ هِيَ بِرِدَّتِهَا (وَعَنْهُ) ؛ أَيْ: الْإِمَامِ أَحْمَدَ (يَغْرَمُونَ) ؛ أَيْ: الرَّاجِعُونَ عَنْ شَهَادَتِهِمْ بِطَلَاقِهَا بَعْدَ الدُّخُولِ (كُلَّ الْمَهْرِ اخْتَارَهُ الشَّيْخُ) تَقِيُّ الدِّينِ؛ لِأَنَّهُمْ فَوَّتُوا عَلَى الزَّوْجِ النِّكَاحَ بِرُجُوعِهِمْ عَنْ الشَّهَادَةِ (وَهُوَ) ؛ أَيْ: الْقَوْلُ بِالْغُرْمِ (قِيَاسُ مَا مَرَّ فِي الرَّضَاعِ) قَالَ فِي " النُّكَتِ " وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُسَمَّى لَا يَتَقَرَّرُ بِالدُّخُولِ، وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ " يَتَقَرَّرُ.
(وَإِنْ) شَهِدَ اثْنَانِ عَلَى شَخْصٍ أَنَّهُ اشْتَرَى هَذَا الْقِنَّ، وَشَهِدَ آخَرُ أَنَّهُ ابْنُهُ أَوْ أَخُوهُ وَنَحْوُهُ، وَحَكَمَ الْحَاكِمُ بِعِتْقِهِ (رَجَعَ شُهُودُ قَرَابَةٍ وَشُهُودُ شِرَاءٍ) عَنْ شَهَادَتِهِمْ بِقِيمَةِ الْعَتِيقِ (عَلَى شُهُودِ الْقَرَابَةِ) لِأَنَّهُمْ هُمْ الْمُفَوِّتُونَ عَلَيْهِ الْقِنَّ، دُونَ شُهُودِ الشِّرَاءِ.
(وَإِنْ رَجَعَ شُهُودُ قَوَدٍ أَوْ) رَجَعَ شُهُودُ (حَدٍّ بَعْدَ حُكْمٍ) بِشَهَادَتِهِمْ (وَقَبْلَ اسْتِيفَاءِ قَوَدٍ أَوْ حَدٍّ؛ لَمْ يُسْتَوْفَ) قَوَدٌ وَلَا حَدٌّ؛ لِأَنَّهُ عُقُوبَةُ لَا سَبِيلَ إلَى جَبْرِهَا إنْ اُسْتُوْفِيَتْ بِخِلَافِ الْمَالِ، وَلِأَنَّ رُجُوعَهُمْ شُبْهَةٌ، وَالْحَدُّ يُدْرَأُ
بِهَا، وَالْقَوَدُ فِي مَعْنَاهُ (وَوَجَبَتْ دِيَةُ قَوَدٍ) شَهِدُوا بِهِ لِمَشْهُودٍ لَهُ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ بِالْعَمْدِ أَحَدُ شَيْئَيْنِ، فَإِذَا امْتَنَعَ أَحَدُهُمَا تَعَيَّنَ الْآخَرُ، وَيَرْجِعُ غَارِمٌ بِمَا غَرِمَهُ مِنْ دِيَةٍ عَلَى الشُّهُودِ (وَإِنْ اُسْتُوْفِيَ) قَوَدٌ أَوْ حَدٌّ حُكِمَ بِهِ بِشَهَادَتِهِمْ (ثُمَّ قَالُوا: أَخْطَأْنَا؛ عُزِّرُوا، وَغَرِمُوا دِيَةَ مَا تَلِفَ) مِنْ نَفْسٍ أَوْ مَا دُونَهَا (أَوْ أَرْشِ الضَّرْبِ نَصًّا لَا عَلَى الْعَاقِلَةِ وَيُقَسَّطُ الْغُرْمُ عَلَى عَدَدِهِمْ) لِحُصُولِ التَّفْوِيتِ مِنْ جَمِيعِهِمْ، كَمَا لَوْ أَتْلَفَ جَمَاعَةٌ مَالًا (فَلَوْ رَجَعَ رَجُلٌ وَعَشْرَةُ نِسْوَةٍ) شَهِدُوا فِي مَالٍ غَرِمَ الرَّجُلُ (سُدُسًا وَهُنَّ) ؛ أَيْ: النِّسْوَةُ الْعَشَرَةُ الْبَقِيَّةُ كُلَّ وَاحِدَةٍ نِصْفَ سُدُسٍ (وَكَذَا رَضَاعٌ) شَهِدَ بِهِ رَجُلٌ وَعَشْرُ نِسْوَةٍ بَيْنَ زَوْجَيْنِ؛ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا قَبْلَ دُخُولٍ، ثُمَّ وَزَّعَ نِصْفَ الصَّدَاقِ عَلَيْهِمْ، عَلَى الرَّجُلِ سُدُسُهُ، وَعَلَيْهِنَّ الْبَقِيَّةُ؛ لِمَا تَقَدَّمَ.
(وَلَوْ شَهِدَ أَرْبَعَةٌ بِأَرْبَعِمِائَةٍ) فَحَكَمَ الْحَاكِمُ بِهَا (ثُمَّ رَجَعَ بَعْدِ حُكْمٍ: وَاحِدٌ عَنْ مِائَةٍ، وَرَجَعَ: آخَرُ عَنْ مِائَتَيْنِ، وَرَجَعَ: الثَّالِثُ عَنْ ثَلَاثِمِائَةٍ، وَرَجَعَ: الرَّابِعُ عَنْ الْأَرْبَعِمِائَةِ) فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِمَّا رَجَعَ عَنْهُ بِقِسْطِهِ (فَعَلَى الْأَوَّلِ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ) رُبْعُ الْمِائَةِ الَّتِي رَجَعَ عَنْهَا؛ لِأَنَّهُ وَاحِدٌ مِنْ أَرْبَعَةٍ (وَعَلَى الثَّانِي خَمْسُونَ) رُبْعُ الْمِائَتَيْنِ اللَّتَيْنِ رَجَعَ عَنْهُمَا، وَهُوَ وَاحِدٌ مِنْ أَرْبَعَةٍ (وَعَلَى الثَّالِثِ خَمْسَةٌ وَسَبْعُونَ) رُبْعُ الثَّلَاثِمِائَةِ (وَعَلَى الرَّابِعِ مِائَةٌ) رُبْعُ الْأَرْبَعِمِائَةِ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مُقِرٌّ بِأَنَّهُ فَوَّتَ عَلَى الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ رُبْعَ مَا شَهِدَ بِهِ عَلَيْهِ.
(وَلَوْ شَهِدَ سِتَّةٌ بِزِنَا) فَرُجِمَ مَشْهُودٌ عَلَيْهِ، ثُمَّ رَجَعُوا عَنْهُ (أَوْ شَهِدَ) أَرْبَعَةٌ بِزِنَا (وَاثْنَانِ) مِنْ غَيْرِهِمْ (بِإِحْصَانِ زَانٍ فَرُجِمَ ثُمَّ رَجَعُوا) ؛ أَيْ: السِّتَّةُ عَنْ شَهَادَتِهِمْ (لَزِمَتْهُمْ الدِّيَةُ أَسْدَاسًا) لِأَنَّهُ قُتِلَ بِشَهَادَةِ الْجَمِيعِ (وَإِنْ كَانُوا) أَيْ؛ الشُّهُودُ (خَمْسَةً بِزِنَا فَأَخْمَاسًا) يَغْرَمُونَ دِيَتَهُ؛ لِمَا تَقَدَّمَ (وَلَوْ رَجَعَ بَعْضُهُمْ) ؛ أَيْ: الشُّهُودِ (غَرِمَ بِقِسْطِهِ مَعَ حَدِّهِ) لِلْقَذْفِ، فَعَلَى وَاحِدٍ مِنْ سِتَّةٍ سُدُسٌ، وَمِنْ خَمْسَةٍ خُمُسٌ، وَهَكَذَا.
(وَلَوْ شَهِدَ أَرْبَعَةٌ بِزِنَا، وَشَهِدَ اثْنَانِ
مِنْهُمْ بِالْإِحْصَانِ؛ فَرُجِمَ؛ ثُمَّ رَجَعُوا؛ فَعَلَى مَنْ شَهِدَ بِالْإِحْصَانِ وَالزِّنَا ثُلُثُ الدِّيَةِ) ثُلُثٌ لِشَهَادَتِهِمَا بِالْإِحْصَانِ، وَثُلُثٌ لِشَهَادَتِهِمَا بِالزِّنَا (وَعَلَى الْآخَرَيْنِ ثُلُثُهَا) لِشَهَادَتِهِمَا بِالزِّنَا وَحْدَهُ.
(وَإِنْ رَجَعَ زَائِدٌ عَنْ الْبَيِّنَةِ) كَأَنْ شَهِدَ خَمْسَةٌ بِزِنَا، ثُمَّ رَجَعَ أَحَدُهُمْ (قَبْلَ حُكْمٍ أَوْ بَعْدَهُ؛ اُسْتُوْفِيَ) حَدُّ الزِّنَا؛ لِبَقَاءِ نِصَابِهِ عَلَى شَهَادَتِهِمْ (وَيُحَدُّ الرَّاجِعُ) مِنْهُمْ حَدَّ الْقَذْفِ (لِقَذْفِهِ) الْمَشْهُودَ عَلَيْهِ بِشَهَادَتِهِ الَّتِي رَجَعَ عَنْهَا (مَعَ غُرْمِهِ بِقِسْطٍ؛ فَيَغْرَمُ خَامِسٌ رَجَعَ فِي) شَهَادَةِ (زِنَا خُمُسًا) مِنْ دِيَةِ مَشْهُودٍ عَلَيْهِ (وَلَوْ رَجَعَ شُهُودُ زِنَا) دُونَ إحْصَانٍ، غَرِمُوا الدِّيَةَ كَامِلَةً؛ لِأَنَّهُ رُجِمَ بِشَهَادَتِهِمْ، وَأَمَّا الْإِحْصَانُ فَشَرْطٌ لَا مُوجِبٌ، أَوْ رَجَعَ شُهُودُ (إحْصَانٍ) فَقَطْ (غَرِمُوا الدِّيَةَ كَامِلَةً) لِحُصُولِ الْقَتْلِ بِشَهَادَتِهِمْ؛ إذْ لَوْلَا ثُبُوتُ الْإِحْصَانِ؛ لَمْ يَجِبْ الْقَتْلُ.
(وَرُجُوعُ شُهُودِ تَزْكِيَةٍ كَرُجُوعِ مَنْ زَكَّوْهُمْ) مِنْ الْمَسَائِلِ. (وَإِنْ رَجَعَ شُهُودُ تَعْلِيقِ عِتْقٍ) وَشُهُودُ شَرْطِهِ، وَرَجَعَ شُهُودُ تَعْلِيقِ (طَلَاقٍ) قَبْلَ دُخُولٍ، وَرَجَعَ (شُهُودُ شَرْطِهِ) الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ (غَرِمُوا) قِيمَةَ الْعَتِيقِ أَوْ نِصْفَ الصَّدَاقِ (بِعَدَدِهِمْ) كَشُهُودِ الزِّنَا وَالْإِحْصَانِ؛ لِأَنَّ شُهُودَ التَّعْلِيقِ كَشُهُودِ الزِّنَا، وَشُهُودُ شَرْطِهِ كَشُهُودِ الْإِحْصَانِ.
(وَإِنْ رَجَعَ شُهُودُ كِتَابَةٍ؛ غَرِمُوا مَا بَيْنَ قِيمَتِهِ) ؛ أَيْ: الْمَشْهُودِ لَهُ بِالْكِتَابَةِ (قِنًّا وَمُكَاتَبًا) لِنَقْصِ قِيمَةِ الْمُكَاتَبِ عَنْ الْقِنِّ الْحَاصِلِ بِشَهَادَتِهِمْ (فَإِنْ عَتَقَ) الْمَشْهُودُ لَهُ بِالْكِتَابَةِ ثُمَّ رَجَعُوا عَنْ شَهَادَتِهِمْ بِهَا بِأَدَاءِ مَالِ الْكِتَابَةِ، ثُمَّ رَجَعُوا عَنْ شَهَادَتِهِمْ؛ فَعَلَيْهِمْ غُرْمُ (مَا بَيْنَ قِيمَتِهِ قِنًّا وَمَالِ كِتَابَةٍ) إنْ نَقَصَ عَنْهَا وَإِلَّا فَلَا غُرْمَ.
(وَإِنْ شَهِدُوا بِتَأْجِيلِ نَحْوِ ثَمَنِ) مَبِيعٍ كَأُجْرَةٍ (وَحَكَمَ بِهِ) الْحَاكِمُ (ثُمَّ رَجَعُوا؛ غَرِمُوا تَفَاوُتَ مَا بَيْنَ حَالٍّ وَمُؤَجَّلٍ) لِأَنَّهُ فَاتَ بِسَبَبِ شَهَادَتِهِمْ، وَكَذَا لَوْ شَهِدُوا (بِاسْتِيلَادِ أَمَةٍ) ؛ ثُمَّ رَجَعُوا، فَإِنَّهُمْ يَغْرَمُونَ نَقْصَ قِيمَتِهَا وَهُوَ مَا بَيْنَ قِيمَتِهَا قِنًّا وَأُمَّ وَلَدٍ (فَإِذَا عَتَقَتْ بِمَوْتِ سَيِّدِهَا) فَيَغْرَمُونَ (تَمَامَ قِيمَتِهَا) لِأَنَّهُمْ فَوَّتُوهَا بِذَلِكَ، كَمَا لَوْ شَهِدُوا بِعِتْقِهَا ابْتِدَاءً.
(وَلَا ضَمَانَ بِرُجُوعِ شُهُودٍ عَنْ شَهَادَةِ كَفَالَةٍ بِنَفْسٍ أَوْ بَرَاءَةٍ مِنْهَا) ؛ أَيْ: الْكَفَالَةِ بِنَفْسٍ أَوْ رُجُوعٍ عَنْ شَهَادَةٍ أَنَّهَا؛ أَيْ: فُلَانَةَ بِنْتَ فُلَانَةَ (زَوْجَتُهُ) أَوْ رُجُوعِ شُهُودٍ عَلَى وَلِيِّ دَمٍ (أَنَّهُ عَفَا عَنْ دَمٍ عَمْدٍ) ؛ لِعَدَمِ تَضَمُّنِهِ؛ أَيْ: الْمَشْهُودِ بِهِ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ مَالًا، قَالَهُ فِي " الْمُبْهِجِ " وَقَالَ الْقَاضِي: هَذَا لَا يَصِحُّ لِأَنَّ الْكَفَالَةَ تَتَضَمَّنُ الْمَالَ بِهَرَبِ الْمَكْفُولِ وَالْقَوَدُ قَدْ يَجِبُ بِهِ مَالٌ
(وَيَتَّجِهُ وَتَثْبُتُ كَفَالَةٌ وَزَوْجِيَّةٌ) وَيُؤْمَرُ الْكَفِيلُ بِالْوَفَاءِ وَالزَّوْجَةُ بِتَسْلِيمِ نَفْسِهَا، ثُمَّ إنْ كَانَ الْأَمْرُ بَاطِنًا كَمَا لَوْ شَهِدُوا؛ فَقَدْ وَقَعَ الْمَوْقِعَ، وَإِلَّا فَيَحْرُمُ عَلَى مَكْفُولٍ لَهُ تَكْلِيفُ الْكَفِيلِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ ظُلْمٌ، وَكَذَلِكَ يَحْرُمُ عَلَى الزَّوْجِ وَطْؤُهَا، وَيَكُونُ زَانِيًا؛ لِأَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ لَا يُزِيلُ الشَّيْءَ عَنْ صِفَتِهِ الْبَاطِنَةِ وَهُوَ مُتَّجِهٌ.
(وَمَنْ شَهِدَ بَعْدَ الْحُكْمِ بِمُنَافٍ لِلشَّهَادَةِ الْأُولَى) كَأَنْ شَهِدَ بِقَرْضٍ، وَحُكِمَ بِهِ، ثُمَّ شَهِدَ بِأَنَّهُ وَفَّاهُ قَبْلُ (فَكَرُجُوعٍ) عَنْ شَهَادَتِهِ (وَأَوْلَى) بِالضَّمَانِ مِنْ الرُّجُوعِ.
(قَالَ الشَّيْخُ) تَقِيُّ الدِّينِ (فِي شَاهِدٍ قَاسَ بَلَدًا وَكَتَبَ خَطَّهُ بِالصِّحَّةِ، فَاسْتَخْرَجَ الْوَكِيلُ عَلَى حُكْمِهِ، ثُمَّ قَاسَ وَكَتَبَ خَطَّهُ بِزِيَادَةٍ)، فَغَرِمَهَا أَيْ: الزِّيَادَةَ (الْوَكِيلُ) ؛ يَضْمَنُهَا الشَّاهِدُ (لِحُصُولِ غُرْمِ الزِّيَادَةِ بِسَبَبِهِ) ، تَعَمَّدَ الْكَذِبَ أَوْ أَخْطَأَ كَالرُّجُوعِ.
(وَإِنْ حَكَمَ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ، فَرَجَعَ الشَّاهِدُ؛ غَرِمَ الْمَالَ كُلَّهُ) نَصًّا؛ لِأَنَّهُ حُجَّةُ الدَّعْوَى؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ قَوْلُ الْخَصْمِ، وَقَوْلُهُ لَيْسَ حُجَّةً عَلَى خَصْمِهِ، وَإِنَّمَا هُوَ شَرْطُ الْحُكْمِ، فَجَرَى مَجْرَى طَلَبِ الْحُكْمِ.
وَإِنْ شَهِدَ رَجُلَانِ عَلَى آخَرَ بِنِكَاحِ امْرَأَةٍ بِصَدَاقٍ مُعَيَّنٍ وَآخَرَانِ بِدُخُولِهِ بِهَا ثُمَّ رَجَعُوا بَعْدَ الْحُكْمِ عَلَيْهِ بِصَدَاقِهَا؛ غَرِمَهُ شُهُودُ النِّكَاحِ، دُونَ الدُّخُولِ،
لِأَنَّهُمْ أَلْزَمُوهُ الْمُسَمَّى، وَإِنْ شَهِدَ مَعَ ذَلِكَ آخَرَانِ بِالطَّلَاقِ؛ لَمْ يَلْزَمْهُمَا شَيْءٌ؛ لِمَا تَقَدَّمَ.
(وَإِنْ بَانَ بَعْدَ حُكْمٍ كُفْرُ شَاهِدٍ بِهِ) ؛ أَيْ: الْحُكْمِ (أَوْ بَانَ فِسْقُهُمَا، أَوْ بَانَ أَنَّهُمَا مِنْ عَمُودَيْ نَسَبِهِ) ؛ أَيْ: الْمَحْكُومِ لَهُ، (أَوْ) بَانَ أَنَّهُمَا (عَدُوَّاهُ) ؛ أَيْ: عَدُوَّا الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ (نُقِضَ) لِتَبَيُّنِ فَسَادِهِ (وَلَمْ يَنْفُذْ) لِأَنَّ الْحَاكِمَ حَكَمَ بِمَا لَا يَعْتَقِدُهُ أَشْبَهَ لَوْ كَانَ عَالِمًا بِذَلِكَ (وَلَا غُرْمَ) عَلَى الشَّاهِدَيْنِ (وَرَجَعَ بِمَالٍ قَائِمٍ) أَوْ بِبَدَلِهِ (إنْ تَلِفَ عَلَى مَحْكُومٍ لَهُ)(وَرَجَعَ بِبَدَلِ قَوَدٍ مُسْتَوْفًى عَلَى مَحْكُومٍ لَهُ) لِنَقْضِ الْحُكْمِ؛ فَيَرْجِعُ الْحَقُّ إلَى مُسْتَحِقِّهِ (وَإِنْ كَانَ الْحُكْمُ لِلَّهِ تَعَالَى بِإِتْلَافِ حَيٍّ كَرَجْمٍ) فِي زِنَا وَقَطْعٍ فِي سَرِقَةٍ (أَوْ بِمَا سَرَى إلَيْهِ كَجَلْدٍ) فِي شُرْبٍ سَرَى إلَى النَّفْسِ (لَمْ يَضْمَنْ شُهُودٌ) لِأَنَّهُمْ مُقِيمُونَ عَلَى أَنَّهُمْ صَادِقُونَ (فِي شَهَادَتِهِمْ) وَإِنَّمَا الشَّرْعُ مَنَعَ قَبُولَ شَهَادَتِهِمْ، بِخِلَافِ الرَّاجِعِ، لِاعْتِرَافِهِ بِكَذِبِهِ (بَلْ يَضْمَنُ مُزَكُّونَ إنْ كَانُوا) لِتَعَذُّرِ رَدِّ مَحْكُومٍ بِهِ.
وَشُهُودُ التَّزْكِيَةِ أَلْجَئُوا الْحَاكِمَ إلَى الْحُكْمِ (وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْحَاكِمِ)، لِأَنَّهُ أَتَى بِمَا عَلَيْهِ مِنْ تَزْكِيَةِ الشُّهُودِ (وَإِلَّا) يَكُنْ مُزَكُّونَ فَحَاكِمٌ (أَوْ كَانُوا) ؛ أَيْ: الْمُزَكُّونَ (فَسَقَةً فَحَاكِمٌ) يَضْمَنُ؛ لِحُصُولِ التَّلَفِ بِفِعْلِهِ، وَهُوَ حُكْمُهُ، وَقَدْ فَرَّطَ بِتَرْكِهِ التَّزْكِيَةَ.
(وَإِذَا عَلِمَ حَاكِمٌ شَاهِدَ زُورٍ بِإِقْرَارِهِ) عَلَى نَفْسِهِ بِذَلِكَ (أَوْ تَبَيَّنَ كَذِبُهُ بِيَقِينٍ كَشَهَادَتِهِ بِقَتْلِ شَخْصٍ وَهُوَ حَيٌّ) أَوْ أَنَّ هَذِهِ الْبَهِيمَةَ لِفُلَانٍ مُنْذُ ثَلَاثَةِ أَعْوَامٍ، وَسِنُّهَا دُونَهَا (أَوْ أَنَّهُ فَعَلَ) كَذَا، وَعَلِمَ أَنَّهُ قَدْ مَاتَ قَبْلَهُ وَنَحْوَهُ مِمَّا يُعْلَمُ كَذِبُهُ، وَعَلِمَ تَعَمَّدَهُ لِذَلِكَ (عَزَّرَهُ حَاكِمٌ، وَلَوْ تَابَ) كَمَنْ تَابَ مِنْ حَدٍّ بَعْدَ رَفْعِهِ لِحَاكِمٍ.
وَشَهَادَةُ الزُّورِ مِنْ أَكْبَرِ الْكَبَائِرِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ} [الحج: 30] وَرَوَى أَبُو بَكْرَةَ مَرْفُوعًا: «أَلَا أُنَبِّئُكُمْ