الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْوَفَاءَ بِاخْتِيَارِهِ، وَلَا يَحْنَثُ (إنْ أَقْبَضَهَا حَالِفٌ) لِرَبِّهَا قَبْلَ الْهِبَةِ ثُمَّ وَهَبَهُ إيَّاهَا ثُمَّ فَارَقَهُ لِحُصُولِ الْوَفَاءِ.
وَإِنْ كَانَ حَلَفَ مَنْ عَلَيْهِ أَوْ عِنْدَهُ الْحَقُّ لَا أُفَارِقُكَ وَلَك فِي قِبَلِي حَقٌّ فَأُبْرِئَ مِنْ الدَّيْنِ أَوْ وُهِبَ لَهُ الدَّيْنُ أَوْ الْعَيْنُ لَمْ يَحْنَثْ مُطْلَقًا سَوَاءٌ أَقْبَضَهُ الْعَيْنَ قَبْلَ الْهِبَةِ أَوْ لَا، إذَا لَمْ يَبْقَ لَهُ حَالَ الْفُرْقَةِ قِبَلَهُ حَقٌّ.
وَقَدْرُ الْفِرَاقِ مَا عُدَّ فِرَاقًا كَفِرَاقٍ فِي بَيْعٍ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُحَدَّ لَهُ حَدٌّ شَرْعًا فَرَجَعَ فِيهِ لِلْعُرْفِ كَالْحِرْزِ وَالْقَبْضِ.
وَإِنْ حَلَفَ لَا يَكْفُلُ مَالًا فَكَفَلَ بَدَنًا، وَشَرَطَ الْبَرَاءَةَ مِنْ الْمَالِ إنْ عَجَزَ عَنْ إحْضَارِهِ لَمْ يَحْنَثْ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكْفُلْ مَالًا، وَعُلِمَ مِنْهُ صِحَّةُ ذَلِكَ الشَّرْطِ فَإِنْ لَمْ يَشْرِطْ الْبَرَاءَةَ حَنِثَ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ إذَا عَجَزَ عَنْ إحْضَارِهِ.
[بَابُ النَّذْرِ]
ِ مَصْدَرُ نَذَرْتُ أَنْذِرُ بِضَمِّ الذَّالِ وَكَسْرِهَا، يُقَالُ نَذَرَ دَمَ فُلَانٍ؛ أَيْ: أَوْجَبَ قَتْلَهُ، وَالْأَصْلُ فِيهِ الْإِجْمَاعُ، وَسَنَدُهُ قَوْله تَعَالَى {يُوفُونَ بِالنَّذْرِ} [الإنسان: 7] ، وَقَوْلُهُ {وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ} [الحج: 29] ، وَقَوْلُهُ عليه الصلاة والسلام:«مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ، وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَ اللَّهَ فَلَا يَعْصِهِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ وَيَتَعَيَّنُ الْوَفَاءُ بِنَذْرِ التَّبَرُّرِ.
(وَالنَّذْرُ) فِي الشَّرْعِ (إلْزَامُ مُكَلَّفٍ مُخْتَارٍ وَلَوْ كَانَ كَافِرًا بِعِبَادَةٍ) لِحَدِيثِ عُمَرَ: «إنِّي كُنْتُ نَذَرْتُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَنْ أَعْتَكِفَ لَيْلَةً، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم -
أَوْفِ بِنَذْرِكَ» . وَلِأَنَّ نَذْرَ الْعِبَادَةِ لَيْسَ عِبَادَةَ (نَفْسَهُ) مَفْعُولُ إلْزَامٍ (لِلَّهِ تَعَالَى) مُتَعَلِّقٌ بِإِلْزَامٍ؛ لِحَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ مَرْفُوعًا: «لَا نَذْرَ إلَّا فِيمَا اُبْتُغِيَ بِهِ وَجْهُ اللَّهِ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد
(وَبِكُلِّ قَوْلٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ) أَيْ: الْإِلْزَامِ؛ فَلَا يَخْتَصُّ بِهِ، لِلَّهِ عَلَيَّ وَنَحْوِهِ، وَلَا يَنْعَقِدُ بِغَيْرِ الْقَوْلِ كَالنِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ (شَيْئًا) مَفْعُولٌ ثَانٍ لِإِلْزَامٍ، وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ (الشَّيْءُ لَازِمًا بِأَصْلِ الشَّرْعِ) عَلَى الْمَذْهَبِ، وَيَأْتِي؛ وَفِي " الْإِقْنَاعِ " وَالْمُنْتَهَى " " غَيْرُ لَازِمٍ بِأَصْلِ الشَّرْعِ، وَكَانَ عَلَى الْمُصَنِّفِ أَنْ يَقُولَ خِلَافًا لَهُمَا هُنَا غَيْرُ مُحَالٍ كَ: لِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمُ أَمْسِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَقَوَّى انْعِقَادُهُ وَلَا الْوَفَاءُ بِهِ؛ أَشْبَهَ الْيَمِينَ عَلَى الْمُسْتَحِيلِ؛ فَإِنَّهُ لَا كَفَّارَةَ فِيهَا، وَيَأْتِي (فَلَا تَكْفِي نِيَّتُهُ) ؛ أَيْ: النَّاذِرِ النَّذْرَ مِنْ غَيْرِ قَوْلٍ كَالْيَمِينِ، لِأَنَّهُ الْتِزَامٌ فَلَمْ يَنْعَقِدْ بِغَيْرِ الْقَوْلِ كَمَا تَقَدَّمَ.
(وَيَتَّجِهُ انْعِقَادُهُ) أَيْ: النَّذْرِ (بِإِشَارَةِ أَخْرَسَ) إذَا فُهِمَتْ مِنْهُ كَيَمِينِهِ وَهُوَ مُتَّجِهٌ.
(وَهُوَ) أَيْ: النَّذْرُ عَقْدُهُ وَالِالْتِزَامُ بِهِ (مَكْرُوهٌ، وَلَوْ عِبَادَةً) لِحَدِيثِ: «النَّذْرُ لَا يَأْتِي بِخَيْرٍ وَإِنَّمَا يُسْتَخْرَجُ بِهِ مِنْ الْبَخِيلِ» وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ وَغَيْرُهُ: لَا يَرُدُّ قَضَاءً وَلَا يَمْلِكُ بِهِ شَيْئًا مُحْدَثًا، قَالَ تَعَالَى:{وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ} [القصص: 68](بَلْ حَرَّمَهُ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ) وَنَقَلَ عَبْدُ اللَّهِ نَهَى عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إذَا تَقَرَّرَ هَذَا (فَيُصَلِّي النَّفَلَ كَمَا هُوَ أَيْ: لَا يَنْذُرُهُ ثُمَّ يُصَلِّيهِ) قَالَ فِي " الْفُرُوعِ " وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: الْحَدِيثُ: (إيجَابُ الْمُؤْمِنِ عَلَى نَفْسِهِ، أَيْ: إذَا أَوْجَبَ الْمُؤْمِنُ عَلَى نَفْسِهِ، إيجَابًا لَمْ يَحْتَجْ إلَيْهِ بِنَذْرِهِ إيَّاهُ وَعَهْدِهِ اللَّهَ عَلَيْهِ، وَطَلَبُ) حُصُولِ أَمْرٍ غَيْرِ حَاصِلٍ غَيْرِ مَشْرُوعٍ (وَسَوَاءٌ ذَلِكَ جَهْلٌ مِنْهُ أَوْ ظُلْمٌ) مَنْهِيٌّ عَنْهُ، إذْ مَا شَاءَ اللَّهُ كَانَ وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ، وَقَوْلُهُ: لَوْ ابْتَلَانِي اللَّهُ لَصَبَرْت وَنَحْوُ ذَلِكَ إنْ كَانَ