الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْعَلِيلَةُ وَتُطْلَقَ الصَّحِيحَةُ، وَيَصِيحَ رَجُلٌ مِنْ مَوْضِعٍ يَسْمَعُهُ وَيُعْمَلُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي نَقْصِ الْبَصَرِ فِي إحْدَى الْعَيْنَيْنِ وَيَأْخُذُ مِنْ دِيَةِ سَمْعِ الْأُذُنِ بِقَدْرِ نَقْصِهِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْعَيْنِ.
وَإِنْ ادَّعَى نُقْصَانَ السَّمْعِ فِي أُذُنَيْهِ، حَلَفَ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْ جِهَتِهِ وَلَا يَتَأَتَّى الْعَرْضُ عَلَى أَهْلِ الْخِبْرَةِ، بِخِلَافِ الْبَصَرِ، وَوَجَبَتْ فِيهِ حُكُومَةٌ.
(وَيَرُدُّ الدِّيَةَ آخِذٌ لَهَا عُلِمَ كَذِبُهُ) لِتَبَيُّنِ أَنَّهُ قَبْضَهَا بِغَيْرِ حَقٍّ.
[تَتِمَّةٌ الْجِنَايَةُ عَلَى الصَّغِيرِ وَالْمَجْنُونِ]
ِ كَالْجِنَايَةِ عَلَى الْمُكَلَّفِ فِيمَا تُوجِبُهُ مِنْ قِصَاصٍ أَوْ دِيَةٍ، لَكِنَّ الْمُكَلَّفَ خَصْمٌ لِنَفْسِهِ، وَالْخَصْمُ لِلصَّغِيرِ وَالْمَجْنُونِ وَلِيُّهُمَا؛ لِقِيَامِهِ مَقَامَهُمَا كَالْأَمْوَالِ، فَإِذَا تَوَجَّهَتْ الْيَمِينُ عَلَيْهِمَا لَمْ يَحْلِفَا؛ لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِمَا، وَلَمْ يَحْلِفْ الْوَلِيُّ عَنْهُمَا؛ لِأَنَّهَا لَا تَدْخُلُهَا النِّيَابَةُ؛ وَلِذَلِكَ لَمْ يَصِحَّ التَّوْكِيلُ فِيهَا، فَإِذَا كُلِّفَا حَلَفَا.
قَالَ فِي " شَرَحَ الْإِقْنَاعِ ": وَظَاهِرُهُ لَا يَحْتَاجُ لِإِعَادَةِ الدَّعْوَى؛ لِعَدَمِ اعْتِبَارِ الْمُولَاةِ.
[فَصْلٌ فِي دِيَةُ الشُّعُورِ]
فَصْلٌ: (وَفِي كُلِّ) وَاحِدٍ (مِنْ الشُّعُورِ الْأَرْبَعَةِ الدِّيَةُ) كَامِلَةً (وَلَا قِصَاصَ فِيهَا) ؛ أَيْ: الشُّعُورِ الْأَرْبَعَةِ (لِعَدَمِ إمْكَانِ الْمُسَاوَاةِ)، (وَهِيَ شَعْرُ رَأْسٍ وَ) شَعْرُ (لِحْيَةٍ وَحَاجِبَيْنِ وَ) شَعْرُ (أَهْدَابِ عَيْنَيْنِ وَلَوْ لِأَعْمَى) رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ: فِي الشَّعْرِ الدِّيَةُ؛ وَلِأَنَّهُ أَذْهَبَ الْجَمَالَ عَلَى الْكَمَالِ كَأُذُنَيْ الْأَصَمِّ وَأَنْفِ الْأَخْشَمِ، بِخِلَافِ الْيَدِ الشَّلَّاءِ فَلَيْسَ جَمَالُهَا كَامِلًا (وَفِي حَاجِبٍ نِصْفُ) دِيَةٍ؛ لِأَنَّ فِيهِ مِنْهُ شَيْئَيْنِ (وَفِي هُدْبٍ رُبُعُ) دِيَةٍ؛ لِأَنَّ فِيهِ مِنْهُ أَرْبَعَةً (وَفِي بَعْضِ كُلٍّ) مِنْ الشُّعُورِ الْأَرْبَعَةِ (بِقِسْطِهِ) مِنْ الدِّيَةِ بِقَدْرِ الْمِسَاحَةِ كَالْأُذُنَيْنِ.
وَسَوَاءٌ كَانَتْ هَذِهِ الشُّعُورُ كَثِيفَةً أَوْ خَفِيفَةً، جَمِيلَةً أَوْ قَبِيحَةً، مِنْ صَغِيرٍ أَوْ كَبِيرٍ كَسَائِرِ مَا فِيهِ دِيَةٌ مِنْ الْأَعْضَاءِ، (وَفِي) شَعْرِ (شَارِبٍ حُكُومَةٌ) نَصًّا (وَمَا عَادَ) مِنْ شَعْرٍ (سَقَطَ مَا فِيهِ) مِنْ دِيَةٍ أَوْ بَعْضِهَا أَوْ حُكُومَةٍ
كَمَا تَقَدَّمَ فِي سِنَّهِ وَنَحْوِهَا إذَا عَادَ، وَإِنْ عَادَ بَعْدَ أَخْذِ مَا فِيهِ رَدَّهُ، وَإِنْ رُجِيَ عَوْدُهُ انْتَظَرَ مَا يَقُولُ أَهْلُ الْخِبْرَةِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ تَفْصِيلُهُ.
وَإِنْ أَزَالَ إنْسَانٌ مِنْ الشُّعُورِ الْأَرْبَعَةِ (وَتَرَكَ مِنْ لِحْيَةٍ أَوْ غَيْرِهَا مَا لَا جَمَالَ فِيهِ) ؛ أَيْ: الْمَتْرُوكِ، فَعَلَيْهِ (دِيَةٌ كَامِلَةٌ) ؛ لِإِذْهَابِهِ الْمَقْصُودَ مِنْهُ كُلِّهِ كَمَا لَوْ أَذْهَبَ ضَوْءَ عَيْنِهِ؛ وَلِأَنَّهُ رُبَّمَا احْتَاجَ بِجِنَايَتِهِ لِإِذْهَابِ الْبَاقِي لِزِيَادَةٍ فِي الْقُبْحِ.
(وَإِنْ قَطَعَ جَفْنًا بِهُدْبِهِ؛ فَدِيَتُهُ فَقَطْ) ؛ لِتَبَعِيَّةِ الشَّعْرِ لَهُ فِي الزَّوَالِ كَالْأَصَابِعِ مَعَ الْكَفِّ.
(وَإِنْ قَلَعَ اللَّحْيَيْنِ بِأَسْنَانِهِمَا) فَعَلَيْهِ (دِيَةُ الْكُلِّ) مِنْ اللَّحْيَيْنِ وَالْأَسْنَانِ فَلَا تَدْخُلُ دِيَةُ الْأَسْنَانِ فِي دِيَةِ اللَّحْيَيْنِ؛ لِأَنَّ الْأَسْنَانَ لَيْسَتْ مُتَّصِلَةً بِاللَّحْيَيْنِ، بَلْ مَغْرُوزَةٌ فِيهِمَا، وَكُلٌّ مِنْ اللَّحْيَيْنِ وَالْأَسْنَانِ يَنْفَرِدُ بِاسْمِهِ عَنْ الْآخَرِ، وَاللَّحْيَانِ يُوجَدَانِ قَبْلَ الْأَسْنَانِ وَيَبْقَيَانِ بَعْدَ قَلْعِهَا، بِخِلَافِ الْكَفِّ مَعَ الْأَصَابِعِ.
(وَإِنْ قَطَعَ كَفًّا بِأَصَابِعِهِ لَمْ يَجِبْ غَيْرُ دِيَةِ يَدٍ) ؛ لِدُخُولِ الْكُلِّ فِي مُسَمَّى الْيَدِ كَقَطْعِ ذَكَرٍ بِحَشَفَةٍ (وَإِنْ كَانَ بِهِ) ؛ أَيْ: الْكَفِّ (بَعْضُهَا) ؛ أَيْ: الْأَصَابِعِ (دَخَلَ فِي دِيَةِ الْأَصَابِعِ مَا حَاذَاهَا) مِنْ الْكَفِّ؛ لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ سَالِمَةً كُلُّهَا لَدَخَلَ أَرْشُ الْكَفِّ كُلُّهُ فِي دِيَتِهَا (وَعَلَيْهِ) ؛ أَيْ: الْجَانِي (أَرْشُ بَقِيَّةِ الْكَفِّ) الَّتِي لَمْ تُحَاذِ الْأَصَابِعَ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ مَا يَدْخُلُ فِي دِيَتِهِ، فَوَجَبَ أَرْشُهُ كَمَا لَوْ كَانَتْ الْأَصَابِعُ كُلُّهَا مَقْطُوعَةً.
(وَفِي ذِرَاعٍ بِلَا كَفٍّ) ثُلُثُ دِيَتِهِ (وَفِي كَفٍّ بِلَا أَصَابِعَ) ثُلُثُ دِيَتِهِ (وَفِي عَضُدٍ بِلَا ذِرَاعٍ ثُلُثُ دِيَتِهِ) ؛ أَيْ: الْكَفِّ بِمَعْنَى الْيَدِ، قَدَّمَهُ فِي " الْمُبْدِعِ " وَقَطَعَ بِهِ فِي " التَّنْقِيحِ " وَتَبِعَهُ فِي الْمُنْتَهَى " وَصَحَّحَهُ فِي " الْإِنْصَافِ " قَالَ: وَقَدْ شَبَّهَ الْإِمَامُ ذَلِكَ بِعَيْنٍ قَائِمَةٍ (بِلَا حُكُومَةٍ خِلَافًا لَهُ) ؛ أَيْ: لِصَاحِبِ " الْإِقْنَاعِ " فَإِنَّهُ قَالَ: وَفِي كَفٍّ بِلَا أَصَابِعَ، وَذِرَاعٍ بِلَا كَفٍّ، وَعَضُدٍ
بِلَا ذِرَاعٍ حُكُومَةٌ انْتَهَى.
وَمَا قَالَهُ فِي " الْإِقْنَاعِ " رِوَايَةٌ، وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ خِلَافُهَا (وَكَذَا تَفْصِيلُ رِجْلٍ) وَمُقْتَضَى تَشْبِيهِ الْإِمَامِ بِالْعَيْنِ الْقَائِمَةِ أَنَّ فِيهِ حُكُومَةً قَالَهُ فِي " شَرْحِ الْإِقْنَاعِ ".
(وَفِي عَيْنِ أَعْوَرَ دِيَةٌ كَامِلَةٌ) قَضَى بِهِ عُمَرُ وَابْنُهُ وَعُثْمَانُ وَعَلِيٌّ، وَلَا يُعْلَمُ لَهُمْ مُخَالِفٌ مِنْ الصَّحَابَةِ؛ وَلِأَنَّهُ أَذْهَبَ الْبَصَرَ كُلَّهُ؛ فَوَجَبَ عَلَيْهِ جَمِيعُ دِيَتِهِ، كَمَا لَوْ أَذْهَبَهُ مِنْ الْعَيْنَيْنِ؛ فَإِنَّهُ يَحْصُلُ بِعَيْنِ الْأَعْوَرِ مَا يَحْصُلُ بِعَيْنِ الصَّحِيحِ؛ لِرُؤْيَتِهِ الْأَشْيَاءَ الْبَعِيدَةَ؛ وَإِدْرَاكِهِ (الْأَشْيَاءَ) اللَّطِيفَةَ، وَعَمَلُهُ عَمَلُ الْبَصَرِ.
(وَإِنْ قَلَعَهَا) ؛ أَيْ: عَيْنَ الْأَعْوَرِ (صَحِيحٌ) الْعَيْنَيْنِ (أُقِيدَ) ؛ أَيْ: قُلِعَتْ عَيْنُهُ (بِشَرْطِهِ) السَّابِقِ؛ لِمَا تَقَدَّمَ (وَعَلَيْهِ) ؛ أَيْ الصَّحِيحِ (مَعَهُ) ؛ أَيْ: الْقَوَدِ فِي نَظِيرَتِهَا (نِصْفُ الدِّيَةِ) ؛ لِأَنَّهُ أَذْهَبَ بَصَرَ الْأَعْوَرِ كُلَّهُ، وَلَا يُمْكِنُ إذْهَابُ بَصَرِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ أَخْذِ عَيْنَيْنِ بِعَيْنٍ وَاحِدَةٍ، وَقَدْ اسْتَوْفَى نِصْفَ الْبَصَرِ تَبَعًا لِعَيْنِهِ بِالْقَوَدِ، وَبَقِيَ النِّصْفُ الَّذِي لَا يُمْكِنُهُ الْقِصَاصُ فِيهِ؛ فَوَجَبَتْ دِيَتُهُ.
(وَإِنْ قَلَعَ الْأَعْوَرُ مَا يُمَاثِلُ صَحِيحَتَهُ) ؛ أَيْ: عَيْنَهُ الصَّحِيحَةَ (مِنْ صَحِيحِ) الْعَيْنَيْنِ (عَمْدًا) فَعَلَى الْأَعْوَرِ (دِيَةٌ كَامِلَةٌ، وَلَا قَوَدَ) عَلَيْهِ فِي قَوْلِ عُمَرَ وَعُثْمَانَ وَلَا يُعْرَفُ لَهُمْ مُخَالِفٌ مِنْ الصَّحَابَةِ؛ لِأَنَّ الْقِصَاصَ يُفْضِي إلَى اسْتِيفَاءِ جَمِيعِ الْبَصَرِ وَهُوَ إنَّمَا أَذْهَبَ بَعْضَ الْبَصَرِ الصَّحِيحِ فَلَمَّا امْتَنَعَ الْقِصَاصُ وَجَبَتْ الدِّيَةُ كَامِلَةً؛ لِئَلَّا تَذْهَبَ الْجِنَايَةُ مَجَّانًا، وَكَانَتْ كَامِلَةً؛ لِأَنَّهَا بَدَلُ الْقِصَاصِ السَّاقِطِ عَنْهُ رِفْقًا بِهِ، وَلَوْ اقْتَصَّ مِنْهُ ذَهَبَ مَا لَوْ ذَهَبَ الْجِنَايَةُ، لَوَجَبَتْ فِيهِ دِيَةٌ كَامِلَةٌ.
(وَ) إنْ قَلَعَ الْأَعْوَرُ مَا يُمَاثِلُ عَيْنَهُ الصَّحِيحَةَ (خَطَأً فَنِصْفُهَا) ؛ أَيْ: الدِّيَةِ كَمَا لَوْ قَلَعَهَا صَحِيحٌ، وَكَذَا لَوْ قَلَعَ مَا لَا يُمَاثِلُ صَحِيحَتَهُ.
(وَإِنْ قَلَعَ) الْأَعْوَرُ (عَيْنَيْ صَحِيحٍ؛ فَالْقَوَدُ أَوْ الدِّيَةُ فَقَطْ) ؛ لِأَنَّهُ أَخَذَ جَمِيعَ بَصَرِهِ بِجَمِيعِ بَصَرِهِ؛ فَوَجَبَ الِاكْتِفَاءُ.
(وَفِي يَدِ أَقْطَعَ صَحِيحَةٍ أَوْ رِجْلِهِ الصَّحِيحَةِ) إنْ قُطِعَتْ يَدُهُ الْأُخْرَى أَوْ رِجْلَهُ الْأُخْرَى (وَلَوْ عَمْدًا أَوْ مَعَ إذْهَابِ) الْيَدِ أَوْ الرِّجْلِ (الْأُولَى حَالَ كَوْنِ الذَّهَابِ هَدْرًا نِصْفُ دِيَتِهِ) ؛