الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وُطِئَتْ فِي الطَّوَافِ فَقَضَى عُثْمَانَ فِيهَا بِسِتَّةِ آلَافٍ وَأَلْفَيْنِ تَغْلِيظًا لِلْحَرَمِ.
وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَجُلًا قَتَلَ رَجُلًا فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ وَفِي بَلَدِ الْحَرَامِ، فَقَالَ: دِيَتُهُ اثْنَا عَشَرَ أَلْفًا، وَلِلشَّهْرِ الْحَرَامِ أَرْبَعَةُ آلَافٍ، وَلِلْبَلَدِ الْحَرَامِ أَرْبَعَةُ آلَافٍ، وَهَذَا فِي مَظِنَّةِ الشُّهْرَةِ، وَلَمْ يُنْكَرْ (فَمَعَ اجْتِمَاعِ) حَالَاتِ التَّغْلِيظِ (كُلِّهَا) يَجِبُ (دِيَتَانِ) وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِالْخَطَأِ هُنَا مَا يَعُمُّ شِبْهَ الْعَمْدِ.
(وَإِنْ قَتَلَ مُسْلِمٌ كَافِرًا) ذِمِّيًّا أَوْ مُعَاهَدًا (عَمْدًا) لَا خَطَأً (وَنَحْوَهُ أُضْعِفَتْ دِيَتُهُ) ؛ أَيْ: الْكَافِرِ عَلَى الْمُسْلِمِ؛ لِإِزَالَةِ الْقَوَدِ، قَضَى بِهِ عُثْمَانُ.
رَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَجُلًا قَتَلَ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ، فَرُفِعَ إلَى عُثْمَانَ، فَلَمْ يَقْتُلْهُ، وَغَلَّظَ عَلَيْهِ أَلْفَ دِينَارٍ، فَذَهَبَ أَحْمَدُ إلَيْهِ، وَلَهُ نَظَائِرُ فِي مَذْهَبِهِ، فَإِنَّهُ أَوْجَبَ عَلَى الْأَعْوَرِ إذَا قَلَعَ عَيْنَ صَحِيحٍ مُمَاثِلَةً؛ لِعَيْنِهِ دِيَةً كَامِلَةً؛ لِمَا دُرِئَ عَنْهُ الْقِصَاصُ، وَظَاهِرُهُ لَا إضْعَافَ فِي جِرَاحَةٍ وَعَلَيْهِ جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ.
[فَصْلٌ دِيَةُ الْقِنِّ]
فَصْلٌ (وَدِيَةُ قِنٍّ) ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى أَوْ خُنْثَى، صَغِيرٍ أَوْ كَبِيرٍ وَلَوْ مُدَبَّرًا أَوْ أُمَّ وَلَدٍ وَلَوْ مُكَاتَبًا (قِيمَتُهُ) عَمْدًا كَانَ الْقَتْلُ أَوْ خَطَأً (وَلَوْ) كَانَتْ قِيمَتُهُ (فَوْقَ دِيَةِ حُرٍّ) ؛ لِأَنَّهُ مَالٌ مُتَقَوِّمٌ فَضُمِنَ بِكَمَالِ قِيمَتِهِ كَالْفَرَسِ، وَضَمَانُ الْحُرِّ لَيْسَ بِضَمَانِ مَالٍ، وَلِذَلِكَ لَمْ يَخْتَلِفْ بِاخْتِلَافِ صِفَاتِهِ الَّتِي تَزِيدُ بِهَا قِيمَتُهُ لَوْ كَانَ قِنًّا، وَإِنَّمَا يُضْمَنُ بِمَا قَدَّرَهُ الشَّارِعُ، وَضَمَانُ الْقِنِّ ضَمَانُ مَالٍ يَزِيدُ بِزِيَادَةِ الْمَالِيَّةِ، وَيَنْقُصُ بِنُقْصَانِهَا.
(وَفِي جِرَاحِهِ) ؛ أَيْ: الْقِنِّ (إنْ قُدِّرَ مِنْ حُرٍّ بِقِسْطِهِ مِنْ قِيمَتِهِ) ؛ لِأَنَّ قِيمَتَهُ كَدِيَةِ الْحُرِّ (فَفِي يَدِهِ نِصْفُ قِيمَتِهِ، وَفِي أُصْبُعِهِ عُشْرُهَا، وَفِي مُوضِحَةٍ نِصْفُ عُشْرِ) قِيمَتِهِ (سَوَاءٌ نَقَصَ بِجِنَايَةٍ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ أَوْ أَكْثَرَ
مِنْهُ، وَإِلَّا) يَكُنْ فِيهِ مُقَدَّرٌ مِنْ الْحُرِّ كَالْعُصْعُصِ وَخَرَزَةِ الصُّلْبِ؛ فَعَلَى جَانٍ (مَا نَقَصَهُ) بِجِنَايَتِهِ بَعْدَ بُرْئِهَا؛ لِأَنَّ الْأَرْشَ جَبْرٌ لِمَا فَاتَ بِالْجِنَايَةِ، وَقَدْ أَنْجَبَرَ بِذَلِكَ؛ فَلَا يُزَادُ عَلَيْهِ كَغَيْرِهِ مِنْ الْحَيَوَانَاتِ (فَلَوْ جُنِيَ عَلَى رَأْسِهِ) ؛ أَيْ: الْقِنِّ (دُونَ مُوضِحَةٍ) أَوْ جُنِيَ عَلَى وَجْهِهِ دُونَ مُوضِحَةٍ، ضُمِنَ بِمَا نَقَصَ، (وَلَوْ أَنَّهُ) ؛ أَيْ: مَا نَقَصَ بِالْجِنَايَةِ (أَكْثَرُ مِنْ أَرْشِ مُوضِحَةٍ) كَسَائِرِ الْأَمْوَالِ إذَا نَقَصَهَا (وَفِي مُنَصَّفٍ) ؛ أَيْ: مَنْ نِصْفُهُ حُرٌّ وَنِصْفُهُ قِنٌّ إذَا قُتِلَ (نِصْفُ دِيَةِ حُرٍّ وَنِصْفُ قِيمَتِهِ، وَكَذَا جِرَاحُهُ) مِنْ طَرَفٍ وَغَيْرِهِ، فَإِنْ كَانَ ذَكَرًا وَالْقَتْلُ خَطَأٌ وَالْقَاتِلُ حُرٌّ، فَعَلَيْهِ نِصْفُ قِيمَتِهِ فِي مَالِهِ وَعَلَى عَاقِلَتِهِ نِصْفُ دِيَتِهِ؛ لِأَنَّهَا نِصْفُ دِيَةِ حُرٍّ، وَكَذَا لَوْ قَطَعَ أَنْفَهُ أَوْ يَدَهُ أَوْ رِجْلَيْهِ وَنَحْوَ ذَلِكَ، وَإِنْ قَطَعَ إحْدَى يَدَيْهِ، فَالْجَمِيعُ فِي مَالِ جَانٍ؛ لِأَنَّ نِصْفَ الدِّيَةِ رُبُعُ دِيَةٍ؛ فَلَا تَحْمِلُهُ الْعَاقِلَةُ؛ لِنَقْصِهِ عَنْ ثُلُثِ الدِّيَةِ (وَلَيْسَتْ أَمَةٌ كَحُرَّةٍ فِي رَدِّ أَرْشِ جِرَاحٍ بَلَغَ ثُلُثَ قِيمَتِهَا أَوْ أَكْثَرَ إلَى نِصْفٍ) ؛ أَيْ: أَرْشِ جِرَاحِهَا؛ لِأَنَّ فِي الْحُرَّةِ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ؛ لِكَوْنِ الْأَصْلِ زِيَادَةَ الْأَرْشِ بِزِيَادَةِ الْجِنَايَةِ، وَأَنَّهُ كُلَّمَا زَادَ نَقْصُهَا وَضَرَرُهَا زَادَ فِي ضَمَانِهَا، فَإِذَا خُولِفَ الْأَصْلُ فِي الْحُرَّةِ لِلْحَدِيثِ، بَقِيَ فِي الْأَمَةِ عَلَى وَفْقِ الْأَصْلِ.
(وَمَنْ قَطَعَ خُصْيَتَيْ عَبْدٍ) أَوْ ذَكَرَهُ (أَوْ أَنْفِهِ أَوْ أُذُنَيْهِ) وَنَحْوَهُمَا مِمَّا فِيهِ مِنْ الْحُرِّ دِيَةٌ (لَزِمَتْهُ قِيمَتُهُ) كَامِلَةً لِسَيِّدِهِ؛ لِأَنَّهَا بَدَلُ الدِّيَةِ (وَإِنْ قَطَعَ ذَكَرَهُ ثُمَّ خَصَاهُ؛ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ) صَحِيحًا (لِقَطْعِ ذَكَرِهِ، وَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ أَيْضًا مَقْطُوعًا) أَيْ: نَاقِصًا بِقَطْعِ ذَكَرِهِ؛ لِقَطْعِ خُصْيَتَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْطَعْهُمَا إلَّا وَقَدْ نَقَصَتْ قِيمَتُهُ بِقَطْعِ الذَّكَرِ، وَإِنْ خَصَاهُ ثُمَّ قَطَعَ ذَكَرَهُ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ كَامِلَةً؛ لِقَطْعِ الْخُصْيَتَيْنِ، وَمَا نَقَصَ بِقَطْعِ ذَكَرِهِ؛ لِأَنَّهُ ذَكَرُ خَصِيٍّ لَا دِيَةَ فِيهِ وَلَا مُقَدَّرًا (وَمِلْكُ سَيِّدِهِ بَاقٍ عَلَيْهِ) رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ وَاسْتِصْحَابًا لِلْأَصْلِ؛ وَلِأَنَّ مَا أَخَذَهُ بَدَلُ مَا ذَهَبَ مِنْهُ لَا بَدَلَ نَفْسِهِ.