الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يَأْكُلَ مَا يَعُدُّهُ النَّاسُ أَكْلَةً) وَهِيَ الْمَرَّةُ مِنْ الْأَكْلِ (وَالْأُكْلَةُ بِالضَّمِّ اللُّقْمَةُ) وَمِنْهُ حَدِيثُ «فَلْيُنَاوِلْهُ فِي يَدِهِ أُكْلَةً أَوْ أُكْلَتَيْنِ» .
(وَ) إنْ حَلَفَ (لَا يَسْكُنُ الدَّارَ) أَوْ الْبَلَدَ (فَدَخَلَهَا، أَوْ كَانَ فِيهَا غَيْرَ سَاكِنٍ) كَالزَّائِرِ (فَدَامَ جُلُوسُهُ، لَمْ يَحْنَثْ) قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: الزِّيَارَةُ لَيْسَتْ بِسُكْنَى اتِّفَاقًا، وَلَوْ طَالَتْ مُدَّتُهَا.
(وَ) إنْ حَلَفَ (لَا يَدْخُلُ دَارًا) أَوْ نَحْوَهَا (فَحُمِلَ وَأُدْخِلَهَا، وَأَمْكَنَهُ الِامْتِنَاعُ فَلَمْ يَمْتَنِعْ) حَنِثَ، لِدُخُولِهِ غَيْرَ مُكْرَهٍ، وَمَتَى دَخَلَهَا بَعْدَ اخْتِيَارٍ - حَنِثَ (أَوْ) حَلَفَ (لَا يَسْتَخْدِمُ رَجُلًا) مَثَلًا حُرًّا أَوْ عَبْدًا (فَخَدَمَهُ) الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ (وَهُوَ)، أَيْ: الْحَالِفُ (سَاكِنٌ حَنِثَ) ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ عَلَى خِدْمَتِهِ اسْتِخْدَامٌ لَهُ، وَلِهَذَا يُقَالُ: فُلَانٌ اسْتَخْدَمَ عَبْدَهُ إذَا خَدَمَهُ وَلَوْ بِلَا أَمْرِهِ.
(وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ)، أَيْ: الْمُكْرَهَ (الِامْتِنَاعُ لَمْ يَحْنَثْ) نَصًّا؛ لِأَنَّ فِعْلَ الْمُكْرَهِ لَا يُنْسَبُ إلَيْهِ، (وَيَحْنَثُ مَنْ أُكْرِهَ بِالِاسْتِدَامَةِ بَعْدَ زَوَالِ الْإِكْرَاهِ) ؛ لِأَنَّ اسْتِدَامَةَ الدُّخُولِ بِمَنْزِلَةِ ابْتِدَائِهِ، أَشْبَهَ مَا لَوْ دَخَلَ مُخْتَارًا، وَمَتَى دَخَلَ بِاخْتِيَارِهِ - حَنِثَ سَوَاءٌ كَانَ مَاشِيًا أَوْ رَاكِبًا أَوْ مَحْمُولًا، أَوْ أَلْقَى نَفْسَهُ فِي مَاءٍ فَجَرَّهُ إلَيْهَا أَوْ سَبَحَ فِيهَا فَدَخَلَهَا، وَسَوَاءٌ دَخَلَ مِنْ بَابِهَا أَوْ تَسَوَّرَ حَائِطَهَا، أَوْ دَخَلَ مِنْ طَاقَةٍ فِيهَا، أَوْ نَقَبَ حَائِطَهَا وَدَخَلَ مِنْ ظَهْرِهَا، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ. .
[فَصْلٌ حَلَفَ لَيَشْرَبَنَّ هَذَا الْمَاءَ غَدًا]
فَصْلٌ (وَمَنْ حَلَفَ لَيَشْرَبَنَّ هَذَا الْمَاءَ غَدًا) أَوْ فِي غَدٍ (أَوْ) حَلَفَ لَيَضْرِبَنَّ غُلَامَهُ غَدًا أَوْ فِي غَدٍ (فَتَلِفَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ)، أَيْ: الْمَاءُ بِأَنْ أُرِيقَ وَنَحْوِهِ، أَوْ الْغُلَامُ بِأَنْ مَاتَ (قَبْلَ الْغَدِ أَوْ فِيهِ)، أَيْ: الْغَدِ (قَبْلَ الشُّرْبِ أَوْ الضَّرْبِ - حَنِثَ حَالَ تَلَفِهِ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْ مَا حَلَفَ عَلَى فِعْلِهِ فِي وَقْتِهِ بِلَا إكْرَاهٍ وَلَا نِسْيَانَ، وَهُوَ
مِنْ أَهْلِ الْحِنْثِ كَمَا لَوْ أَتْلَفَهُ بِاخْتِيَارٍ، (وَكَمَا لَوْ حَلَفَ لَيَحُجَّنَّ الْعَامَ فَلَمْ يَقْدِرْ لِمَرَضٍ أَوْ عَدَمِ نَفَقَةٍ) فَيَحْنَثُ.
(وَيَتَّجِهُ وَكَذَا) لَوْ حَلَفَ (لَيَقْضِيَنَّهُ حَقَّهُ غَدًا، فَأَعْسَرَ) قَبْلَ مَجِيءِ الْغَدِ أَوْ فِيهِ، أَوْ مَاتَ الْحَالِفُ، فَيَحْنَثُ لِلْيَأْسِ مِنْ فِعْلِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ.
وَ (لَا) يَحْنَثُ (إنْ جُنَّ حَالِفٌ) لَيَفْعَلَنَّ كَذَا غَدًا أَوْ فِي غَدٍ (قَبْلَ الْغَدِ حَتَّى خَرَجَ الْغَدُ)، أَيْ: الْمَجْنُونُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْحِنْثِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُنْسَبُ إلَيْهِ فِعْلٌ وَلَا تَرْكٌ يُعْتَدُّ بِهِ، (وَإِنْ أَفَاقَ) مِنْ جُنُونِهِ (قَبْلَ خُرُوجِهِ، أَيْ: الْغَدِ حَنِثَ أَمْكَنَهُ فِعْلُهُ) بِأَنْ أَدْرَكَ جُزْءًا مِنْ الْغَدِ يَسَعُهُ (أَوْ لَا) ؛ لِأَنَّهُ أَدْرَكَ جُزْءًا يَصِحُّ أَنْ يَنْسُبَ إلَيْهِ الْحِنْثَ، وَيَحْكُمَ بِحِنْثِهِ (مِنْ أَوَّلِ الْغَدِ) كَمَا لَوْ أَفَاقَ فِي أَوَّلِ جُزْءٍ وَلَوْ لَمْ يَتَّسِعْ لِلْعَقْلِ ثُمَّ جُنَّ بَقِيَّتَهُ.
(وَيَتَّجِهُ بِاحْتِمَالٍ قَوِيٍّ مَا لَمْ يَتْلَفْ) مَحْلُوفٌ عَلَيْهِ (حَالَ جُنُونِهِ)، أَيْ: الْحَالِفِ، فَإِنْ أَفَاقَ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْغَدِ وَوُجِدَ مَحْلُوفٌ عَلَيْهِ تَالِفًا، فَلَا يَحْنَثُ، لِتَعَذُّرِ فِعْلِ مَا حَلَفَ عَلَى فِعْلِهِ. (وَ) يَتَّجِهُ (أَنَّ إغْمَاءً وَنَوْمًا) طَرَأَ عَلَى الْحَالِفِ (كَجُنُونٍ) لِفَقْدِهِ شُعُورَهُ بِطُرُوءِ ذَلِكَ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَيْهِ حُكْمٌ لِسُقُوطِ اخْتِيَارِهِ بِذَلِكَ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ.
(وَ) لَا يَحْنَثُ (إنْ مَاتَ حَالِفٌ قَبْلَ الْغَدِ أَوْ أُكْرِهَ) عَلَى تَرْكِ شُرْبِهِ أَوْ ضَرَبِهِ حَتَّى خَرَجَ الْغَدُ (وَإِنْ قَالَ:) وَاَللَّهِ لَأَشْرَبَنَّ هَذَا الْمَاءَ أَوْ لَأَضْرِبَنَّ غُلَامِي وَنَحْوَهُ (الْيَوْمَ، وَيَتَّجِهُ أَوْ أَطْلَقَ) بِأَنْ لَمْ يَقُلْ الْيَوْمَ (خِلَافًا لَهُمَا) أَيْ: لِلْإِقْنَاعِ وَالْمُنْتَهَى (فَأَمْكَنَهُ) فِعْلُ مَحْلُوفٍ عَلَيْهِ بِأَنْ مَضَى بَعْدَ يَمِينِهِ
مَا (يَتَّسِعُ لِفِعْلِهِ) فَتَلِفَ (مَحْلُوفٌ عَلَيْهِ قَبْلَهُ)(حَنِثَ عَقِبَهُ) لِلْيَأْسِ مِنْ فِعْلِهِ بِتَلَفِهِ، وَقَوْلُهُ خِلَافًا لَهُمَا، أَيْ: لِلْمُنْتَهَى مِنْ وَجْهٍ وَلِلْإِقْنَاعِ مِنْ وَجْهَيْنِ، فَصَاحِبُ الْمُنْتَهَى لَمْ يَتَعَرَّضْ لِلْإِطْلَاقِ هُنَا، وَعِبَارَتُهُ:" وَإِنْ قَالَ الْيَوْمَ فَأَمْكَنَهُ، فَتَلِفَ - حَنِثَ عَقِبَهُ ". وَصَاحِبُ الْإِقْنَاعِ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِلْإِطْلَاقِ وَظَاهِرُهُ أَيْضًا أَنَّهُ يَحْنَثُ بِتَلَفِ مَحْلُوفٍ عَلَيْهِ قَبْلَ تَمَكُّنُهُ مِنْ فِعْلِهِ، وَعِبَارَتُهُ:" وَإِنْ حَلَفَ لَيَضْرِبَنَّ هَذَا الْغُلَامَ أَوْ لِيَأْكُلْنَ هَذَا الرَّغِيفَ الْيَوْمَ، وَمَاتَ الْحَالِفُ حَنِثَ " وَنُصُوصُهُمْ تَأْبَى مَا قَالَاهُ مِنْ عَدَمِ الْإِطْلَاقِ، وَلَكِنَّهَا صَرِيحَةٌ بِظَاهِرِ الْإِقْنَاعِ مِنْ أَنَّهُ يَحْنَثُ الْحَالِفُ بِتَلَفِ مَحْلُوفٍ عَلَيْهِ قَبْلَ تَمَكُّنِهِ مِنْ فِعْلِهِ.
قَالَ فِي الْإِنْصَافِ لَوْ حَلَفَ لَيَفْعَلَنَّ شَيْئًا وَعَيَّنَ وَقْتًا أَوْ أَطْلَقَ، فَمَاتَ الْحَالِفُ، وَتَلِفَ، الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يَمْضِيَ وَقْتٌ يُمْكِنُ فِعْلُهُ فِيهِ حَنِثَ، نَصَّ عَلَيْهِ كَإِمْكَانِهِ (وَلَا يَبَرُّ) مَنْ حَلَفَ لَيَضْرِبَنَّهُ غَدًا أَوْ فِي غَدٍ أَوْ يَوْمِ كَذَا (بِضَرْبِهِ قَبْلَ وَقْتٍ عَيَّنَهُ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ فِي وَقْتِهِ الْمُعَيَّنِ، كَمَا لَوْ حَلَفَ لَيَصُومَنَّ الْجُمُعَةَ فَصَامَ يَوْمَ الْخَمِيسِ، وَمَحَلُّ هَذَا مَا لَمْ يَقْصِدْ عَدَمَ مُجَاوَزَتِهِ كَمَا تَقَدَّمَ أَوَّلَ الْبَابِ، وَصُرِّحَ بِهِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَةِ (وَ) لَا يَبَرُّ بِضَرْبِهِ (مَيِّتًا) ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ إنَّمَا تَنْصَرِفُ لِضَرْبِهِ حَيًّا تَأْلِيمًا لَهُ
(وَلِهَذَا لَا يَبَرُّ بِضَرْبٍ لَا يُؤْلِمُ) الْمَضْرُوبَ، (وَيَبَرُّ) الْحَالِفُ (بِضَرْبِهِ مَجْنُونًا) حَالٌ مِنْ الْمَفْعُولِ؛ لِأَنَّهُ يَتَأَلَّمُ مِنْ الضَّرْبِ كَالْعَاقِلِ.
(وَيَتَّجِهُ أَوْ ضَرَبَ الْحَالِفُ كَذَلِكَ)، أَيْ: لَوْ جُنَّ الْحَالِفُ وَضَرَبَ مَنْ حَلَفَ لَيَضْرِبَنَّهُ، فَإِنَّهُ يَبَرُّ بِيَمِينِهِ، إذْ الْمَقْصُودُ تَأْلِيمُ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ وَقَدْ حَصَلَ وَهُوَ مُتَّجِهٌ.
(وَ) إنْ حَلَفَ لِرَبِّ حَقٍّ (لَيَقْضِيَنَّهُ حَقَّهُ غَدًا فَأَبْرَأَهُ) رَبُّ الْحَقِّ (الْيَوْمَ) ، لَمْ يَحْنَثْ؛ لِأَنَّهُ مَنَعَهُ بِإِبْرَائِهِ مِنْ قَضَائِهِ أَشْبَهَ الْمُكْرَهَ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَقْصُودَ الْيَمِينِ الْبَرَاءَةُ إلَيْهِ فِي الْغُدُوِّ، (وَقَدْ حَصَلَتْ) أَوْ أَخَذَ رَبُّ الْحَقِّ (عَنْهُ عَرَضًا) لِحُصُولِ الْإِيفَاءِ كَحُصُولِهِ بِجِنْسِ الْحَقِّ (أَوْ مُنِعَ الْحَالِفُ مِنْهُ)، أَيْ: مِنْ قَضَاءِ الْحَقِّ (كُرْهًا) بِأَنْ أُكْرِهَ عَلَى عَدَمِ الْقَضَاءِ، فَلَا حِنْثَ كَمَا لَوْ حَلَفَ عَلَى تَرْكِ فِعْلٍ فَأُكْرِهَ عَلَى فِعْلِهِ، (أَوْ مَاتَ) رَبُّ الْحَقِّ (فَقَضَاهُ) الْحَالِفُ (لِوَرَثَتِهِ لَمْ يَحْنَثْ) لِقِيَامِ وَارِثِهِ فِي الْقَضَاءِ مَقَامَهُ كَوَكِيلِهِ.
(وَيَتَّجِهُ وَكَذَا لَوْ غَابَ) مَحْلُوفٌ عَلَيْهِ (فَدَفَعَهُ)، أَيْ: الْحَقَّ (لِوَكِيلِهِ) أَيْ: وَكِيلِ رَبِّ الْحَقِّ (لَمْ يَحْنَثْ وَإِلَّا) يَدْفَعْهُ لِوَكِيلِهِ، بِأَنْ أَبْقَاهُ تَحْتَ يَدِهِ أَوْ جَعَلَهُ أَمَانَةً عِنْدَ مَنْ لَمْ يَسْتَأْمِنْهُ رَبُّ الْحَقِّ (حَنِثَ) الْحَالِفُ، لِعَدَمِ بَرَاءَتِهِ بِذَلِكَ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ.
(وَ) إنْ حَلَفَ (لَيَقْضِيَنَّهُ) حَقَّهُ (عِنْدَ رَأْسِ الْهِلَالِ أَوْ مَعَ) رَأْسِهِ (أَوْ إلَى رَأْسِهِ أَوْ) إلَى اسْتِهْلَالِهِ (أَوْ عِنْدَ) رَأْسِ الشَّهْرِ (أَوْ مَعَ رَأْسِ الشَّهْرِ فَمَحَلُّهُ) أَيْ الْقَضَاءُ الَّذِي يُبَرِّئُهُ (عِنْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ مِنْ آخَرِ الشَّهْرِ) فَيَبَرُّ بِقَضَائِهِ فِيهِ (وَيَحْنَثُ) بِقَضَائِهِ (بَعْدَهُ) أَيْ: غُرُوبِ الشَّمْسِ مِنْ آخِرِ الشَّهْرِ، لِفَوَاتِ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ (وَلَا يَضُرُّ تَأَخُّرُ فَرَاغِ كَيْلِهِ وَوَزْنِهِ وَعَدِّهِ وَذَرْعِهِ) لِكَثْرَتِهِ حَيْثُ شَرَعَ مِنْ الْغُرُوبِ، (وَ) لَا يَضُرُّ تَأَخُّرُ فَرَاغِ (أَكْلِهِ) إذَا حَلَفَ لَيَأْكُلْنَهُ عِنْدَ رَأْسِ الْهِلَالِ وَنَحْوِهِ، وَشَرَعَ فِيهِ إذَا تَأَخَّرَ لِكَثْرَتِهِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُقَصِّرٍ وَعَمَلًا بِالْعُرْفِ.
وَإِنْ حَلَفَ عَلَى غَرِيمِهِ (لَا أَخَذْتَ حَقَّكَ الْحَالَّ مِنِّي، فَأُكْرِهَ عَلَى دَفْعِهِ،
أَوْ أَخَذَهُ مِنْهُ حَاكِمٌ فَدَفَعَهُ لِغَرِيمِهِ فَأَخَذَهُ غَرِيمُهُ حَنِثَ) الْحَالِفُ نَصًّا لِحَلِفِهِ (لَا تَأْخُذُ حَقَّكَ عَلَيَّ) فَأَخَذَهُ لِوُجُودِ مَا حَلَفَ عَلَى تَرْكِهِ اخْتِيَارًا، وَهُوَ الْأَخْذُ (لَا إنْ أُكْرِهَ قَابِضٌ) عَلَى أَخْذِ حَقِّهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُنْسَبُ إلَيْهِ فِعْلُ الْأَخْذِ؛ لِأَنَّهُ مُكْرَهٌ عَلَيْهِ بِلَا حَقٍّ (وَلَا إنْ وَضَعَهُ) حَالِفٌ (بَيْنَ يَدَيْهِ)، أَيْ: الْغَرِيمِ، أَوْ وَضَعَهُ (فِي حِجْرِهِ) بِفَتْحِ الْحَاءِ وَكَسْرِهَا، وَلَمْ يَأْخُذْهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ الْمَحْلُوفُ عَلَى تَرْكِهِ، وَهُوَ الْأَخْذُ (إلَّا إنْ كَانَتْ يَمِينُهُ لَا أُعْطِيكَهُ) فَيَحْنَثُ بِوَضْعِهِ بَيْنَ يَدَيْهِ أَوْ فِي حِجْرِهِ؛ لِأَنَّهُ إعْطَاءٌ (لِبَرَاءَتِهِ)، أَيْ: مَنْ عَلَيْهِ الْحَقُّ (بِمِثْلِ هَذَا) الْفِعْلِ، أَيْ: الْوَضْعِ بَيْنَ يَدَيْهِ أَوْ فِي حِجْرِهِ (مِنْ ثَمَنٍ وَمُثَمَّنٍ وَأُجْرَةٍ وَزَكَاةٍ) وَنَحْوِهَا.
وَإِنْ حَلَفَ عَلَى مَدِينِهِ لَا فَارَقَتْنِي حَتَّى أَسْتَوْفِيَ حَقِّي مِنْك، فَفَارَقَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ طَوْعًا لَا كَرْهًا قَبْلَ اسْتِيفَاءِ حَالِفٍ حَقَّهُ (حَنِثَ) ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى لَا حَصَلَ هُنَا فِرْقَةً وَقَدْ حَصَلَتْ طَوْعًا، وَإِنْ حَلَفَ لَافْتَرَقْنَا أَوْ لَا فَارَقْتُكَ حَتَّى أَسْتَوْفِيَ حَقِّي مِنْك، فَهَرَبَ مَنْ عَلَيْهِ الْحَقُّ مِنْهُ حَنِثَ نَصًّا، لِحُصُولِ الْفُرْقَةِ بِذَلِكَ (أَوْ فَلَّسَهُ حَاكِمٌ، وَحَكَمَ عَلَيْهِ)، أَيْ: الْحَالِفِ (بِفِرَاقِهِ) فَفَارَقَهُ حَنِثَ لِمَا تَقَدَّمَ أَوْ لَمْ يَحْكُمْ عَلَيْهِ الْحَاكِمُ بِغَرَامَةٍ فَفَارَقَهُ لِعِلْمِهِ، بِوُجُوبِ فِرَاقِهِ لِعُسْرَتِهِ حَنِثَ لِمَا سَبَقَ.
وَكَذَا إنْ أَبْرَأَهُ الْحَالِفُ مِنْ حَقِّهِ، فَفَارَقَهُ أَوْ أَذِنَ لَهُ أَنْ يُفَارِقَهُ، فَفَارَقَهُ، أَوْ فَارَقَهُ مِنْ غَيْرِ إذْنٍ لَهُ فِي الْفِرْقَةِ، فَيَحْنَثُ، لِمَا تَقَدَّمَ.
وَإِنْ قَضَاهُ الدَّيْنَ قَدْرَ حَقِّهِ، فَفَارَقَهُ ظَنًّا أَنَّهُ قَدْ وَفَّاهُ، فَخَرَجَ رَدِيئًا أَوْ مُسْتَحَقًّا فَكَنَاسٍ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَاهُ، فَيَحْنَثُ فِي طَلَاقٍ وَعَتَاقٍ لَا فِي يَمِينٍ بِاَللَّهِ وَنَذْرٍ، وَلَا يَحْنَثُ (إذَا أُكْرِهَا) أَوْ أَحَدُهُمَا عَلَى فِرَاقِهِ؛ لِأَنَّ فِعْلَهُمَا لَا يُنْسَبُ إلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا (أَوْ قَضَاهُ بِحَقِّهِ عَرَضًا) قَبْلَ فُرْقَتِهِ، لِحُصُولِ الِاسْتِيفَاءِ بِأَخْذِ الْعَرَضِ كَحُصُولِهِ بِجِنْسِ الْحَقِّ.
(وَيَتَّجِهُ وَلَوْ) أَعْطَاهُ الْعَرَضَ الْمَقْضِيَّ (بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ) كَمَا لَوْ كَانَ لَهُ
بِذِمَّتِهِ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ فَقَضَاهُ عَنْهَا عَرَضًا يُسَاوِي ثَمَانِيَةً، وَتَرَاضَيَا عَلَى ذَلِكَ فَلَا حَنِثَ، لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ بِذَلِكَ وَهُوَ الْقَضَاءُ، لَا إنْ فَعَلَ ذَلِكَ حِيلَةً عَلَى عَدَمِ الْحِنْثِ، إذْ الْحِيلَةُ لَا تُزِيلُ الشَّيْءَ عَنْ حُكْمِهِ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ.
(وَفِعْلُ وَكِيلِهِ)، أَيْ: الْحَالِفِ فِي كُلِّ مَا تَقَدَّمَ وَنَظَائِرُهُ كَفِعْلِهِ (هُوَ، فَمَنْ حَلَفَ لَا يَفْعَلُ كَذَا، فَوَكَّلَ مَنْ فَعَلَهُ فَفَعَلَهُ) الْوَكِيلُ (حَنِثَ) الْحَالِفُ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ الْمُبَاشَرَةَ بِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّ فِعْلَ وَكِيلِهِ كَفِعْلِهِ نَصَّ عَلَيْهِ، (وَ) كَذَا (لَوْ) حَلَفَ (لَيَفْعَلَنَّ كَذَا فَوَكَّلَ مَنْ فَعَلَهُ) بَرَّ؛ لِأَنَّ الْفِعْلَ يُضَافُ إلَى الْمُوَكِّلِ فِيهِ وَالْآمِرِ بِهِ، كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَحْلِقُ رَأْسَهُ فَأَمَرَ مَنْ حَلَقَهُ، (وَكَذَا لَوْ حَلَفَ لَا يَبِيعُ زَيْدًا فَبَاعَ مِمَّنْ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَشْتَرِيهِ لَهُ) فَيَحْنَثُ، لِقِيَامِ وَكِيلِ زَيْدٍ مَقَامَهُ، فَكَأَنَّهُ اشْتَرَاهُ بِنَفْسِهِ.
(وَيَتَّجِهُ بِاحْتِمَالٍ قَوِيٍّ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ) الْحَالِفُ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ اشْتَرَاهُ لِزَيْدٍ (فَلَا حِنْثَ عَلَيْهِ حَتَّى فِي طَلَاقٍ وَعَتَاقٍ، وَإِنَّمَا اُغْتُفِرَ هُنَا؛ لِأَنَّ الْمُبَاشِرَ غَيْرُ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ) وَهُوَ مُتَّجِهٌ.
(وَلَوْ تَوَكَّلَ حَالِفٌ لَا يَبِيعُ وَنَحْوَهُ) كَلَا يَسْتَأْجِرَ فِي (بَيْعٍ) أَوْ فِي إجَارَةٍ، وَبَاعَ أَوْ اسْتَأْجَرَ بِطَرِيقِ التَّوْكِيلِ عَنْ غَيْرِهِ لَمْ يَحْنَثْ؛ لِأَنَّ فِعْلَهُ مُضَافٌ إلَى مُوَكِّلِهِ دُونَهُ، وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ مَا إذَا (أَضَافَهُ لِمُوَكِّلِهِ) بِأَنْ قَالَ لِلْمُشْتَرِي بِعْتُكَ هَذَا عَنْ مُوَكِّلِي فُلَانٍ وَنَحْوَهُ أَوْ لَا بِأَنْ لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ مُضَافًا لِمُوَكَّلِهِ دُونَهُ. قَالَ الْبُهُوتِيُّ: قُلْتُ: إلَّا أَنْ يَكُونَ نِيَّةُ أَوْ سَبَبُ الْيَمِينِ الِامْتِنَاعَ عَنْ فِعْلِ ذَلِكَ لِنَفْسِهِ وَغَيْرِهِ، فَيَحْنَثُ إذَنْ بِذَلِكَ.
وَإِنْ حَلَفَ مَدِينٌ (لَا فَارَقْتُكَ حَتَّى أُوَفِّيك حَقَّكَ فَأُبْرِئَ) مَدِينُهُ مِنْهُ، لَمْ يَحْنَثْ بِفِرَاقِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ لَهُ حَقٌّ يُوَفِّيهِ لَهُ (أَوْ أُكْرِهَ عَلَى فِرَاقِهِ) فَفَارَقَهُ (لَمْ يَحْنَثْ) ؛ لِأَنَّ فِعْلَ الْمُكْرَهِ لَا يُنْسَبُ إلَيْهِ، (وَإِنْ كَانَ الْحَقُّ عَيْنًا) كَعَارِيَّةٍ أَوْ وَدِيعَةٍ (فَوُهِبَتْ لَهُ)، أَيْ: الْغَرِيمِ الْحَالِفِ (وَقَبِلَ الْهِبَةَ - حَنِثَ) بِفِرَاقِهِ؛ لِتَرْكِهِ