الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[فَصْلٌ بِيَدِهِ عَبْدٌ ادَّعَى أَنَّهُ اشْتَرَاهُ وَادَّعَى الْبَائِع اعتاقه]
فَصْلٌ (وَمَنْ بِيَدِهِ عَبْدٌ ادَّعَى أَنَّهُ اشْتَرَاهُ مِنْ زَيْدٍ، وَادَّعَى الْعَبْدُ أَنْ زَيْدًا أَعْتَقَهُ) وَأَقَامَ كُلٌّ بَيِّنَةً؛ صَحَّحْنَا أَسْبَقَ التَّصَرُّفَيْنِ إنْ عُلِمَ التَّارِيخُ (أَوْ ادَّعَى شَخْصٌ أَنَّ زَيْدًا بَاعَهُ) أَيْ: الْعَبْدَ لَهُ (أَوْ وَهَبَهُ لَهُ وَادَّعَى آخَرُ مِثْلَهُ، وَأَقَامَ كُلٌّ مِنْهُمَا بَيِّنَةً) بِدَعْوَاهُ (صَحَّحْنَا أَسْبَقَ التَّصَرُّفَيْنِ إنْ عُلِمَ التَّارِيخُ) لِمُصَادَفَةِ التَّصَرُّفِ الثَّانِي مِلْكَ غَيْرِهِ، فَوَجَبَ بُطْلَانُهُ، (وَإِلَّا) يُعْلَمْ التَّارِيخُ، أَوْ اتَّفَقَ (تَسَاقَطَتَا) لِتَعَارُضِهِمَا وَعَدَمِ الْمُرَجِّحِ.
(وَيَتَّجِهُ) أَنَّ مَحَلَّ صِحَّةِ أَسْبَقِ التَّصَرُّفَيْنِ (بِشَرْطِ أَنْ يَقُولَ) مَنْ شَهِدَ بِالسَّبْقِ بَاعَهُ الْعَبْدَ أَوْ وَهَبَهُ لَهُ (وَهُوَ مِلْكُهُ) وَهَذَا فِيهِ نَظَرٌ يَظْهَرُ لِلْمُتَأَمِّلِ، فَإِنَّهُ إذَا شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِانْتِقَالِ الْمِلْكِ، وَعُلِمَ السَّابِقُ يُحْكَمُ لَهُ بِهِ، وَلَا حَاجَةَ إلَى قَوْلِ الْبَيِّنَةِ وَهُوَ مِلْكُهُ، لِأَنَّهُ قَدْ عُلِمَ بِالسَّبْقِ أَنَّ الْعَبْدَ لَمْ يَكُنْ فِي مِلْكِ الْمُدَّعِي الثَّانِي وَقْتَ انْتِقَالِهِ لِلْأَوَّلِ.
بَقِيَ لَوْ اتَّحَدَ تَارِيخُهُمَا، وَزَادَ كُلٌّ وَهُوَ مِلْكُهُ، فَهَلْ يَتَنَاصَفَاهُ كَمَا ذَكَرُوا فِي الْعَيْنِ الَّتِي بِأَيْدِيهِمَا أَمْ هَذَا الْحُكْمُ دَاخِلٌ تَحْتَ قَوْلِهِمْ وَإِلَّا تَسَاقَطَتَا؟ الظَّاهِرُ الْأَوَّلُ.
(وَيَتَّجِهُ أَنَّهُ مَعَ تَسَاقُطِ) الْبَيِّنَتَيْنِ بِالتَّعَارُضِ (يُقْبَلُ مِنْ زَيْدٍ دَعْوَاهُ) الْعَبْدَ (لِنَفْسِهِ) بِيَمِينِهِ، فَيَحْلِفُ لَهُمَا يَمِينًا وَاحِدَةً أَنَّ الْعَبْدَ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ مِلْكِهِ (وَيَأْخُذُهُ كَمَا يَأْتِي) وَهُوَ مُتَّجِهٌ.
(وَكَذَا إنْ كَانَ الْعَبْدُ بِيَدِ نَفْسِهِ) نَصًّا
إلْغَاءً لِهَذِهِ الْيَدِ لِلْعِلْمِ بِمُسْتَنَدِهَا، وَهُوَ الدَّعْوَى، وَلَمْ تَثْبُتْ كَمَنْ بِيَدِهِ عَبْدٌ ادَّعَى أَنَّهُ اشْتَرَاهُ مِنْ زَيْدٍ وَأَنْكَرَهُ زَيْدٌ، فَلَا يُحْكَمُ لَهُ بِهَذِهِ الْيَدِ.
(وَلَوْ ادَّعَيَا) ؛ أَيْ: اثْنَانِ (زَوْجِيَّةَ امْرَأَةٍ) فَأَنْكَرَتْهُمَا أَوْ أَحَدَهُمَا دُونَ الْآخَرِ (وَأَقَامَ كُلٌّ مِنْهُمَا) الْبَيِّنَةَ بِدَعْوَاهُ (وَلَوْ كَانَتْ) الْمَرْأَةُ (بِيَدِ أَحَدِهِمَا) ؛ أَيْ: الْمُدَّعِيَيْنِ؛ (سَقَطَتَا) ؛ أَيْ: الْبَيِّنَتَانِ؛ لِتَعَارُضِهِمَا، وَالْيَدُ لَا تَثْبُتُ عَلَى الْحُرِّ، وَإِنْ أَقَرَّتْ لِأَحَدِهِمَا؛ لَمْ يُقْبَلْ، لِأَنَّهَا مُتَّهَمَةٌ، وَإِنْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ وَحْدَهُ؛ حُكِمَ لَهُ بِهَا، وَإِنْ ادَّعَاهَا وَاحِدٌ فَصَدَّقَتْهُ؛ قُبِلَ إقْرَارُهَا لِأَنَّهَا غَيْرُ مُتَّهَمَةٍ (إذَنْ، وَلَوْ أَقَامَ كُلٌّ مِمَّنْ الْعَيْنُ بِيَدَيْهِمَا بَيِّنَةً بِشِرَائِهَا مِنْ زَيْدٍ بِشَرْطِ أَنْ يَقُولَ: وَهِيَ) ؛ أَيْ: الْعَيْنُ (مِلْكُهُ بِكَذَا، وَاتَّحَدَ تَارِيخُهُمَا) ؛ أَيْ: الْبَيِّنَتَيْنِ (تَحَالَفَا، وَتَنَاصَفَاهَا) لِأَنَّ بَيِّنَةَ كُلٍّ مِنْهُمَا دَاخِلَةٌ فِي أَحَدِ النِّصْفَيْنِ خَارِجَةٌ فِي الْآخَرِ (وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا أَنْ يَرْجِعَ عَلَى زَيْدٍ بِنِصْفِ الثَّمَنِ) الَّذِي دَفَعَهُ لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُسَلِّمْ لَهُ سِوَى نِصْفِ الْمَبِيعِ، وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا (أَنْ يَفْسَخَ) الْبَيْعَ؛ لِتَبَعُّضِ الصَّفْقَةِ عَلَيْهِ (وَيَرْجِعَ) مَنْ فَسَخَ مِنْهُمَا (بِكُلِّهِ) ؛ أَيْ: الثَّمَنِ، وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا (أَنْ يَأْخُذَهَا كُلَّهَا) ؛ أَيْ: الْعَيْنَ بِكُلِّ الثَّمَنِ (مَعَ فَسْخِ الْآخَرِ) لِبَيْعٍ فِي نِصْفِهِ (وَإِنْ سَبَقَ تَارِيخُ) بَيِّنَةِ (أَحَدِهِمَا، فَهِيَ) ؛ أَيْ: الْعَيْنُ (لَهُ) لِصِحَّةِ عَقْدِهِ بِسَبْقِهِ (وَلِلثَّانِي) عَلَى بَائِعِهِ (الثَّمَنُ) إنْ كَانَ قَبَضَهُ مِنْهُ؛ لِتَبَيُّنِ بُطْلَانِ بَيْعِهِ (وَإِنْ أَطْلَقَتَا) ؛ أَيْ: بَيِّنَتَاهُمَا، أَوْ أَطْلَقَتْ (إحْدَاهُمَا تَعَارَضَتَا فِي مِلْكٍ إذَنْ لَا فِي شِرَاءٍ) لِجَوَازِ تَعَدُّدِهِ، بِخِلَافِ الْمِلْكِ (فَيُقْبَلُ مِنْ زَيْدٍ) الْبَائِعِ لَهُمَا (دَعْوَاهَا لِنَفْسِهِ بِيَمِينٍ) وَاحِدَةٍ (لَهُمَا) أَنَّ الْعَيْنَ لَمْ تَخْرُجْ عَنْ مِلْكِهِ. .
(وَإِنْ ادَّعَى اثْنَانِ ثَمَنَ عَيْنٍ بِيَدِ ثَالِثٍ، كُلٌّ مِنْهُمَا) يَقُولُ (إنَّهُ) ؛ أَيْ: وَاضِعَ الْيَدِ (اشْتَرَاهَا كُلَّهَا مِنْهُ بِثَمَنٍ سَمَّاهُ) فِي دَعْوَاهُ (فَمَنْ صَدَّقَهُ) مَنْ الْعَيْنُ بِيَدِهِ مِنْهُمَا؛ أَخَذَ مَا ادَّعَاهُ (أَوْ مَنْ أَقَامَ) مِنْهُمَا (بَيِّنَةً) بِدَعْوَاهُ (أَخَذَ مَا ادَّعَاهُ مِنْ الثَّمَنِ) وَإِلَّا يُصَدِّقْ وَاحِدًا مِنْهُمَا، وَلَا أَقَامَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا بَيِّنَةً
(حَلَفَ) لِكُلٍّ مِنْهُمَا يَمِينًا؛ لِجَوَازِ تَعَدُّدِ الْعَقْدِ (وَبَرِئَ وَإِنْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ، وَهُوَ مُنْكِرٌ) دَعْوَاهُمَا (فَإِنْ اتَّحَدَ تَارِيخُهُمَا) أَيْ: الْبَيِّنَتَيْنِ (تَعَارَضَتَا، وَتَسَاقَطَتَا) لِعَدَمِ إمْكَانِ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا، وَيَكُونُ كَمَا لَوْ ادَّعَيَا عَيْنًا بِيَدِ ثَالِثٍ، وَأَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ (وَإِنْ اخْتَلَفَ) تَارِيخُهُمَا (أَوْ أَطْلَقَتَا) بِأَنْ شَهِدَ كُلٌّ مِنْهُمَا أَنَّهُ اشْتَرَاهَا بِكَذَا، وَلَمْ تَذْكُرْ تَارِيخًا، أَوْ أَطْلَقَتْ (إحْدَاهُمَا) بِأَنْ قَالَتْ اشْتَرَاهَا مِنْهُ بِكَذَا فَقَطْ، وَأَرَّخَتْ الْأُخْرَى (عُمِلَ بِهِمَا) ؛ أَيْ: الْبَيِّنَتَيْنِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُمَا عَقْدَانِ شَهِدَ بِهِمَا بَيِّنَتَانِ فِي عَيْنٍ وَاحِدَةٍ عَلَى مُشْتَرٍ وَاحِدٍ، وَعَقْدُ الشِّرَاءِ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى اعْتِرَافِ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ بِالْمِلْكِ، وَمِنْ الْجَائِزِ أَنْ يَكُونَ اشْتَرَاهُ مِنْ الْأَوَّلِ، ثُمَّ انْتَقَلَ عَنْهُ بَيْعًا أَوْ هِبَةً إلَى الثَّانِي، ثُمَّ اشْتَرَاهُ مِنْ الثَّانِي، فَلَا تَعَارُضَ، وَيَلْزَمُهُ الثَّمَنَانِ الْمُدَّعَى بِهِمَا.
وَإِنْ كَانَتْ عَيْنٌ بِيَدِ إنْسَانٍ فَادَّعَاهَا اثْنَانِ (فَقَالَ أَحَدُهُمَا: غَصَبَنِيهَا، وَقَالَ الْآخَرُ مَلَّكَنِيهَا أَوْ أَقَرَّ لِي بِهَا، وَأَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ) أَيْ: أَقَامَ كُلٌّ مِنْهُمَا بَيِّنَةً بِدَعْوَاهُ (فَهِيَ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ) لِأَنَّ مَعَ بَيِّنَتِهِ زِيَادَةَ عِلْمٍ، وَهُوَ سَبَبُ ثُبُوتِ الْيَدِ، وَالْبَيِّنَةُ الْأُخْرَى إنَّمَا تَشْهَدُ بِتَصَرُّفِهِ فِيهَا، فَلَا تُعَارِضُهَا (وَلَا يَغْرَمُ) الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِلْآخَرِ الَّذِي ادَّعَى أَنَّهُ مَلَّكَهُ الْعَيْنَ أَوْ أَقَرَّ لَهُ بِهَا (شَيْئًا) لِعَدَمِ مُقْتَضِيهِ، إذْ بُطْلَانُ التَّمْلِيكِ أَوْ الْإِقْرَارُ لِثُبُوتِ مِلْكِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ فِعْلِهِ لَا يُوجِبُ عِوَضًا، بِخِلَافِ الْبَيْعِ؛ فَإِنَّهُ يُوجِبُ رَدَّ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّهُ أَخَذَهُ بِغَيْرِ حَقٍّ، وَإِنْ قَالَ كُلٌّ مِنْ الْمُدَّعِيَيْنِ غَصَبَنِيهَا، وَأَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ، فَكَمَا لَوْ ادَّعَى كُلٌّ مِنْهُمَا أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْهُ عَلَى مَا سَبَقَ.
(وَإِنْ ادَّعَى) رَبُّ دَارٍ عَلَى آخَرَ (أَنَّهُ أَجَرَهُ الْبَيْتَ)، أَيْ: بَيْتًا مُعَيَّنًا مِنْ الدَّارِ (بِعَشَرَةٍ، فَقَالَ الْمُسْتَأْجِرُ: بَلْ) أَجَرْتنِي (كُلَّ الدَّارِ) بِعَشَرَةٍ (وَأَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ) شَهِدَتْ لِكُلٍّ مِنْهُمَا لِمَنْ أَقَامَهَا بِدَعْوَاهُ (تَعَارَضَتَا وَلَا قِسْمَةَ هُنَا) ؛ أَيْ: لَا يَقْسِمَانِ بَقِيَّةَ مَنْفَعَةِ الدَّارِ.
قَالَ الْبُهُوتِيُّ: قُلْت: وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمُؤْجِرِ بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّهُ يُنْكِرُ إجَارَةَ غَيْرِ الْبَيْتِ.
وَمَنْ