الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بِرُجُوعِ الشُّهُودِ أَوْ بَعْضِهِمْ، لَكِنْ يُحَدُّ الرَّاجِعُ لِإِقْرَارِهِ بِالْقَذْفِ، فَيَلْزَمُهُ حَدُّهُ إذَا كَانَ الْحَدُّ جَلْدًا أَوْ رَجْمًا وَطَالَبَهُ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ، فَيُحَدُّ بِطَلَبِ الْوَرَثَةِ.
(وَإِنْ شَهِدَ أَرْبَعَةٌ بِزِنَاهُ)، أَيْ: فُلَانٍ (بِفُلَانَةَ، فَشَهِدَ أَرْبَعَةٌ آخَرُونَ [أَنْ الشُّهُودَ هُمْ الزُّنَاةُ بِهَا] ) دُونَ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ (حُدَّ) الْأَرْبَعَةُ (الْأَوَّلُونَ) الشَّاهِدُونَ بِهِ (فَقَطْ) دُونَ الشُّهُودِ عَلَيْهِ لِقَدْحِ الْآخَرِينَ فِي شَهَادَتِهِمْ عَلَيْهِ (لِلْقَذْفِ وَالزِّنَا) لِأَنَّهُمْ شَهِدُوا بِزِنًا لَمْ يَثْبُتْ فَهُمْ قَذَفَةٌ، وَيَثْبُتُ عَلَيْهِمْ الزِّنَا بِشَهَادَةِ الْآخَرِينَ.
وَإِذَا كَمَلَتْ الشَّهَادَةُ بِحَدٍّ، ثُمَّ مَاتَ الشُّهُودُ أَوْ غَابُوا، لَمْ يَمْنَعْ ذَلِكَ إقَامَةَ الْحَدِّ كَسَائِرِ الْحُقُوقِ، وَاحْتِمَالُ رُجُوعِهِمْ لَيْسَ شُبْهَةً يُدْرَأُ بِهِ الْحَدُّ، لِبُعْدِهِ، وَإِنْ شَهِدَ أَرْبَعَةٌ بِزِنًا قَدِيمٍ، أَوْ أَقَرَّ الزَّانِي بِهِ، وَجَبَ الْحَدُّ، لِعُمُومِ الْآيَةِ وَكَسَائِرِ الْحُقُوقِ.
وَتَجُوزُ الشَّهَادَةُ بِالْحَدِّ مِنْ غَيْرِ مُدَّعٍ نَصَّصَ عَلَيْهِ لِقِصَّةِ أَبِي بَكْرَةَ.
(وَإِنْ حَمَلَتْ مَنْ لَا زَوْجَ لَهَا وَلَا سَيِّدَ، لَمْ تُحَدَّ بِمُجَرَّدِ ذَلِكَ) الْحَمْلِ، لَكِنْ تُسْأَلُ وَلَا يَجِبُ سُؤَالُهَا، لِمَا فِيهِ مِنْ إشَاعَةِ الْفَاحِشَةِ، وَهُوَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ، فَإِنْ ادَّعَتْ إكْرَاهًا أَوْ وَطْئًا بِشُبْهَةٍ، أَوْ لَمْ تُقِرَّ بِزِنًا أَرْبَعًا، لَمْ تُحَدَّ، وَرَوَى سَعِيدٌ أَنَّ امْرَأَةً رُفِعَتْ إلَى عُمَرَ لَيْسَ لَهَا زَوْجٌ وَقَدْ حَمَلَتْ، وَسَأَلَهَا عُمَرُ فَقَالَتْ: إنِّي امْرَأَةٌ ثَقِيلَةُ الرَّأْسِ وَقَعَ عَلَيَّ رَجُلٌ وَأَنَا نَائِمَةٌ، فَمَا اسْتَيْقَظْتُ حَتَّى نَزَعَ، فَدَرَأَ عَنْهَا الْحَدَّ.
وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ إذَا كَانَ فِي الْحَدِّ لَعَلَّ وَعَسَى فَهُوَ مُعَطَّلٌ وَلَا خِلَافَ أَنَّ الْحَدَّ يُدْرَأُ بِالشُّبُهَاتِ، وَهِيَ مُتَحَقِّقَةٌ.
[بَابُ الْقَذْفِ]
ِ (الْقَذْفُ وَهُوَ) لُغَةً الرَّمْيُ بِقُوَّةٍ ثُمَّ غَلَبَ عَلَى (الرَّمْيِ بِزِنًا أَوْ لِوَاطٍ أَوْ شَهَادَةٍ بِأَحَدِهِمَا)، أَيْ: الزِّنَا وَاللِّوَاطِ (وَلَمْ تَكْمُلْ الْبَيِّنَةُ) بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَهُوَ مُحَرَّمٌ إجْمَاعًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى
{إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [النور: 23] وَقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «اجْتَنِبُوا السَّبْعَ الْمُوبِقَاتِ، قَالُوا وَمَا هِيَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: الشِّرْكُ بِاَللَّهِ وَالسِّحْرُ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إلَّا بِالْحَقِّ، وَأَكْلُ الرِّبَا، وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ، وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ، وَقَذْفُ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
(فَمَنْ)(قَذَفَ وَهُوَ) ؛ أَيْ: الْقَاذِفُ (مُكَلَّفٌ مُخْتَارٌ وَلَوْ أَخْرَسَ) وَقَذَفَ (بِإِشَارَةٍ) مَفْهُومَةٍ لَا بِكِتَابَةٍ وَلَوْ فِي غَيْرِ دَارِ الْإِسْلَامِ (مُحْصَنًا وَلَوْ مَجْبُوبًا) ؛ أَيْ مَقْطُوعَ الذَّكَرِ (أَوْ) كَانَتْ مَقْذُوفَةً (ذَاتَ مَحْرَمٍ) مِنْ قَاذِفٍ (أَوْ) كَانَتْ مَقْذُوفَةً (رَتْقَاءَ)(حُدَّ) لِعُمُومِ الْآيَةِ وَالْأَخْبَارِ (ثَمَانِينَ) جَلْدَةً لِقَوْلِهِ تَعَالَى: " {فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} [النور: 4] .
(وَ) حَدُّ قَاذِفُ (قِنٍّ وَلَوْ عَتَقَ عَقِبَ قَذْفٍ) اعْتِبَارًا بِوَقْتِ الْوُجُوبِ كَالْقِصَاصِ (أَرْبَعِينَ) جَلْدَةً (وَ) حَدُّ قَاذِفِ (مُبَعَّضٍ بِحِسَابِهِ) فَمَنْ نِصْفُهُ حُرٌّ وَنِصْفُهُ رَقِيقٌ يُجْلَدُ سِتِّينَ، لِأَنَّهُ حَدٌّ يَتَبَعَّضُ؛ فَكَانَ عَلَى الْقِنِّ فِيهِ نِصْفُ مَا عَلَى الْحُرِّ وَالْمُبَعَّضُ بِالْحِسَابِ كَحَدِّ الزِّنَا، وَهُوَ يَخُصُّ عُمُومَ الْآيَةِ.
(وَيَجِبُ) حَدُّ قَذْفٍ (بِقَذْفٍ) نَحْوُ (قَرِيبٍ) كَأُخْتٍ وَلَوْ (عَلَى وَجْهِ الْغَيْرَةِ) بِفَتْحِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ (كَقَوْلِهِ لِأُخْتِهِ) وَنَحْوِهَا (يَا زَانِيَةُ زَجْرًا لَهَا) كَأَجْنَبِيٍّ، لِعُمُومِ الْآيَةِ.
وَ (لَا) يَجِبُ حَدُّ قَذْفٍ (عَلَى أَبَوَيْنِ وَإِنْ عَلَوَا بِقَذْفِ وَلَدِهِمَا) وَإِنْ سَفَلَ مِنْ وَلَدِ الْبَنِينَ وَالْبَنَاتِ، كَمَا لَا يَجِبُ قَوَدٌ لِوَلَدٍ وَإِنْ سَفَلَ عَلَى أَبَوَيْهِ (وَإِنْ عَلَوَا فَلَا يَرِثُهُ) ؛ أَيْ حَدَّ قَذْفِ وَلَدٍ وَإِنْ سَفَلَ (عَلَيْهِمَا) ؛ أَيْ: عَلَى أَبَوَيْهِ وَإِنْ عَلَوَا (وَإِنْ وَرِثَهُ) ؛ أَيْ: الْحَدَّ (أَخُوهُ) ؛ أَيْ: أَخُو الْوَلَدِ (لِأُمِّهِ) كَأَنْ قَذَفَ رَجُلٌ امْرَأَتَهُ، وَطَالَبَتْهُ بِحَدِّ الْقَذْفِ، ثُمَّ مَاتَتْ عَنْ وَلَدَيْنِ أَحَدُهُمَا مِنْ
الْقَاذِفِ، فَلَا يَرِثُ الْحَدَّ عَلَى أَبِيهِ (وَحَدُّ الْقَاذِفِ لَهُ)، أَيْ: لِلْقَذْفِ بِطَلَبِ الْوَلَدِ الْآخَرِ (لِتَبَعُّضِهِ) ؛ أَيْ: مَلَكَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ الطَّلَبَ بِهِ كَامِلًا مَعَ تَرْكِ بَاقِيهِمْ إذَا طَالَبَ بِهِ مُوَرِّثُهُمْ قَبْلَ مَوْتِهِ، لِلُحُوقِ الْعَارِ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْوَرَثَةِ عَلَى انْفِرَادِهِ.
(وَالْحَقُّ فِي حَدِّهِ) أَيْ الْقَذْفِ (لِلْآدَمِيِّ) كَالْقَوَدِ (فَلَا يُقَامُ) حَدُّ قَذْفٍ (بِلَا طَلَبٍ) ؛ أَيْ: الْمَقْذُوفِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَعْرِضَ لَهُ إلَّا بِطَلَبِهِ. ذَكَرَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ إجْمَاعًا (لَكِنْ لَا يَسْتَوْفِيهِ) مَقْذُوفٌ (بِنَفْسِهِ، فَلَوْ فَعَلَ) بِأَنْ اسْتَوْفَاهُ بِنَفْسِهِ (لَمْ يَسْقُطْ) لِأَنَّهُ يَعْتَبِرُ نِيَّةَ الْإِمَامِ أَنَّهُ حَدٌّ.
(وَيَسْقُطُ) حَدُّ قَذْفٍ (بِعَفْوِهِ) ؛ أَيْ: الْمَقْذُوفِ (وَلَوْ عَفَا بَعْدَ طَلَبِهِ) بِهِ، كَمَا لَوْ عَفَا قَبْلَهُ، وَكَذَا يَسْقُطُ بِإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ بِمَا قَذَفَهُ بِهِ، وَبِتَصْدِيقِ مَقْذُوفٍ لَهُ فِيهِ، وَبِلِعَانِهِ إنْ كَانَ زَوْجًا، وَلَا يَسْقُطُ حَدُّ قَذْفٍ بِعَفْوٍ (عَنْ بَعْضِهِ، قَالَهُ الْقَاضِي) كَمَا لَوْ كَانَ الْمَقْذُوفُ جَمَاعَةً بِكَلِمَةٍ؛ فَإِنَّ عَلَيْهِ لِجَمِيعِهِمْ حَدًّا وَاحِدًا، وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ حَقٌّ فِي مُطَالَبَتِهِ، فَلَوْ كَانُوا خَمْسَةً مَثَلًا، وَعَفَا أَحَدُهُمْ عَنْ حَقِّهِ، لَمْ يَسْقُطْ حَقُّ الْأَرْبَعَةِ الْبَاقِينَ، فَلَوْ طَلَبَ أَحَدُهُمْ حَقَّهُ، فَلَمَّا جَلَدَ عِشْرِينَ قَالَ: عَفَوْتُ عَنْ بَاقِي الْحَدِّ؛ لَمْ يَسْقُطْ حَقُّ الثَّلَاثَةِ الْبَاقِينَ مِنْ تَتِمَّتِهِ الْحَدَّ، فَلَوْ طَلَبَهَا أَحَدُ الثَّلَاثَةِ الْبَاقِينَ فَلَمَّا جَلَدَ عِشْرِينَ أُخْرَى قَالَ عَفَوْتُ عَنْ بَاقِي الْحَدِّ؛ لَمْ يَسْقُطْ حَقُّ الِاثْنَيْنِ الْبَاقِيَيْنِ مِنْ تَتِمَّتِهِ [فَلَوْ طَلَبَهَا] أَحَدُهُمَا فَلَمَّا جَلَدَ عِشْرِينَ قَالَ عَفَوْتُ عَنْ تَتِمَّتِهِ؛ لَمْ يَسْقُطْ حَقُّ الْوَاحِدِ الْبَاقِي؛ فَلَهُ طَلَبُ جَلْدِ الْعِشْرِينَ الْبَاقِيَةِ مِنْ الثَّمَانِينَ.
(وَإِنْ عَفَا بَعْضُهُمْ) ؛ أَيْ الْمَقْذُوفِينَ عَنْ الْقَاذِفِ، وَلَمْ يَعْفُ بَاقِيهِمْ (فَلِمَنْ لَمْ يَعْفُ إقَامَتُهُ) ؛ أَيْ: الْحَدَّ (كَامِلًا) فَلَا يَسْقُطُ بِالْمُصَالَحَةِ عَلَيْهِ وَلَا عَنْ بَعْضِهِ بِمَالٍ، وَهَذَا بِخِلَافِ عَفْوِ بَعْضِ مُسْتَحِقِّي الْقَوَدِ عَنْ حَقِّهِ؛ فَإِنَّهُ يَسْقُطُ بِذَلِكَ حَقُّ بَاقِيهِمْ؛ لِتَعَذُّرِ اسْتِيفَائِهِ، فَلَا حَقَّ لِلْعَافِي فَلَمْ يَتَبَعَّضْ، بِخِلَافِ حَدِّ الْقَذْفِ
لِأَنَّهُ لَيْسَ كَقَوَدٍ فَيَسْقُطُ، وَلَا يُسْتَوْفَى نَاقِصًا كَبَاقِي الْحُدُودِ.
(وَمَنْ قَذَفَ غَيْرَ مُحْصَنٍ [وَلَوْ قِنَّهُ] ) ؛ أَيْ: قِنَّ قَاذِفٍ (أَوْ) قَذَفَ (مَنْ أَقَرَّ بِزِنًا وَلَوْ دُونَ أَرْبَعِ) مَرَّاتٍ (عُزِّرَ) رَدْعًا لَهُ عَنْ أَعْرَاضِ الْمَعْصُومِينَ، وَكَفًّا عَنْ إيذَائِهِمْ (وَالْمُحْصَنُ هُنَا) ؛ أَيْ: فِي بَابِ الْقَذْفِ (الْحُرُّ الْمُسْلِمُ الْعَاقِلُ)[الَّذِي يَطَأُ] : مِثْلُهُ كَابْنِ عَشْرٍ (أَوْ يُوطَأُ مِثْلُهَا) كَبِنْتِ تِسْعٍ؛ لِلُحُوقِ الْعَارِ لَهُمَا، وَإِنْ لَمْ يَكُونَا بَالِغَيْنِ؛ إذْ الْبُلُوغُ لَيْسَ شَرْطًا لِلْوَطْءِ (الْعَفِيفِ عَنْ الزِّنَا ظَاهِرًا) أَيْ: فِي ظَاهِرِ حَالِهِ (وَلَوْ) كَانَ (تَائِبًا مِنْهُ) ؛ أَيْ: الزِّنَا؛ لِأَنَّ التَّائِبَ مِنْ الذَّنْبِ كَمَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ. (وَمُلَاعَنَةٌ وَوَلَدُهَا وَوَلَدُ زِنًا [كَغَيْرِهِمْ] نَصًّا) فَيُحَدّ بِقَذْفِ كُلٍّ مِنْهُمْ إنْ كَانَ مُحْصَنًا.
(وَلَا يُحَدُّ قَاذِفٌ غَيْرُ بَالِغٍ حَتَّى يَبْلُغَ) وَيُطَالَبُ بِهِ بَعْدَ بُلُوغِهِ؛ إذْ لَا أَثَرَ لِطَلَبِهِ قَبْلَ بُلُوغِهِ لِعَدَمِ اعْتِبَارِ كَلَامِهِ، وَلَا طَلَبَ لِوَلِيِّهِ عَنْهُ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْهُ التَّشَفِّي؛ فَلَا يَقُومُ غَيْرُهُ مَقَامَهُ فِيهِ كَالْقَوَدِ (وَكَذَا لَوْ جُنَّ) مَقْذُوفٌ (أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ قَبْلَ طَلَبِهِ) فَلَا يَسْتَوْفِي حَتَّى يُفِيقَ وَيُطَالِبَ بِهِ، (وَ) إنْ جُنَّ مَقْذُوفٌ أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ (بَعْدَهُ) ؛ أَيْ: بَعْدَ الطَّلَبِ بِهِ (يُقَامُ)، أَيْ: يُقِيمُهُ الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ عَلَى الْقَاذِفِ؛ لِوُجُودِ شَرْطِهِ وَانْتِفَاءِ مَانِعِهِ.
(وَمَنْ قَذَفَ) مُحْصَنًا (غَائِبًا لَمْ يُحَدَّ) قَاذِفُهُ (حَتَّى يَثْبُتَ طَلَبُهُ) ؛ أَيْ: الْمَقْذُوفِ الْغَائِبِ (فِي غَيْبَتِهِ) بِشَرْطِهِ (أَوْ يَحْضُرَ وَيَطْلُبَ) بِنَفْسِهِ.
(وَمَنْ قَالَ لِمُحْصَنَةٍ زَنَيْت وَأَنْتِ صَغِيرَةٌ، فَإِنْ فَسَّرَهُ بِدُونِ تِسْعِ سِنِينَ عُزِّرَ) أَوْ قَالَهُ؛ أَيْ: زَنَيْت وَأَنْتَ صَغِيرٌ لِمُحْصَنٍ (ذَكَرَ، وَفَسَّرَهُ بِدُونِ عَشْرِ) سِنِينَ؛ عُزِّرَ لِمَا تَقَدَّمَ (وَإِلَّا) يُفَسِّرْهُ بِدُونِ ذَلِكَ (حُدَّ) لِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ بُلُوغُ مَقْذُوفٍ.
(وَإِنْ قَالَ) لِمُحْصَنَةٍ زَنَيْت (وَأَنْتِ كَافِرَةٌ، أَوْ) وَأَنْتِ (أَمَةٌ، أَوْ) وَأَنْتِ
(مَجْنُونَةٌ، وَلَمْ يُثْبِتْ كَوْنَهَا كَذَلِكَ) ؛ أَيْ: كَافِرَةً أَوْ أَمَةً أَوْ مَجْنُونَةً (حُدَّ) لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ ذَلِكَ (كَمَا لَوْ قَذَفَ مَجْهُولَةَ النَّسَبِ، وَادَّعَى رِقَّهَا فَأَنْكَرَتْ) فَيُحَدُّ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ الْحُرِّيَّةُ (وَإِنْ ثَبَتَ كَوْنُهَا كَذَلِكَ) ؛ أَيْ: كَانَتْ كَافِرَةً أَوْ مَجْنُونَةً أَوْ أَمَةً (لَمْ يُحَدَّ) لِإِضَافَةِ الزِّنَا إلَى حَالٍ لَمْ تَكُنْ فِيهَا مُحْصَنَةً.
(وَلَوْ قَالَتْ أَرَدْتُ قَذْفِي حَالًا) ؛ أَيْ فِي الْحَالِ (وَأَنْكَرَهَا) لَمْ يُحَدَّ؛ لِاخْتِلَافِهِمَا فِي نِيَّتِهِ، وَهُوَ أَعْلَمُ بِهَا، وَقَوْلُهُ وَأَنْتِ كَافِرَةٌ وَنَحْوُهُ جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ، (وَيُصَدَّقُ قَاذِفٌ) مُحْصَنٌ (ادَّعَى أَنْ [قَذْفَهُ) كَانَ] (حَالَ صِغَرِ مَقْذُوفٍ) لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي صِغَرِهِ الْبَرَاءَةُ مِنْ الْحَدِّ (فَإِنْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ وَكَانَتَا مُطْلَقَتَيْنِ) بِأَنْ قَالَتْ إحْدَاهُمَا قَذَفَهُ وَهُوَ صَغِيرٌ وَالْأُخْرَى وَهُوَ [كَبِيرٌ (أَوْ) كَانَتَا (مُؤَرِّخَتَيْنِ تَارِيخَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ) بِأَنْ قَالَتْ إحْدَاهُمَا قَذَفَهُ: وَهُوَ صَغِيرٌ سَنَةَ عِشْرِينَ، وَالْأُخْرَى وَهُوَ كَبِيرٌ سَنَةَ ثَلَاثِينَ، مَثَلًا (فَهُمَا قَذْفَانِ مُوجَبُ) بِفَتْحِ الْجِيمِ (أَحَدِهِمَا الْحَدُّ) وَهُوَ] الْقَذْفُ فِي الْكِبَرِ (وَ) مُوجَبُ (الْآخَرِ) وَهُوَ الْقَذْفُ زَمَنَ الصِّغَرِ (التَّعْزِيرُ) إعْمَالًا لِلْبَيِّنَتَيْنِ؛ لِعَدَمِ التَّنَافِي وَإِنْ أَرَّخَتَا تَارِيخًا وَاحِدًا (وَقَالَتْ: إحْدَاهُمَا وَهُوَ) ؛ أَيْ: الْمَقْذُوفُ حَالَ قَذْفِهِ (صَغِيرٌ وَ) قَالَتْ (الْأُخْرَى وَهُوَ) إذْ (ذَاكَ كَبِيرٌ؛ فَعَارَضَتَا، وَسَقَطَتَا) لِأَنَّهُ لَا مُرَجِّحَ لِإِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى (وَكَذَا لَوْ كَانَ تَارِيخُ بَيِّنَةِ الْمَقْذُوفِ) الشَّاهِدَةِ بِكِبَرِهِ (قَبْلَ تَارِيخِ بَيِّنَةِ الْقَاذِفِ) الشَّاهِدَةِ بِصِغَرِ مَقْذُوفٍ؛ فَيَتَعَارَضَانِ؛ وَيَسْقُطَانِ؛ وَيُرْجَعُ لِقَوْلِ قَاذِفٍ أَنَّ الْقَذْفَ كَانَ حِينَ صِغَرِ الْمَقْذُوفِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَتُهُ مِنْ الْحَدِّ.
(وَمَنْ قَالَ لِابْنِ عِشْرِينَ سَنَةً زَنَيْت مِنْ ثَلَاثِينَ عَامًا) لَمْ يُحَدَّ (أَوْ) قَالَ لَهُ زَنَيْت (مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ) عَامًا (لَمْ يُحَدَّ) لِلْعِلْمِ بِكَذِبِهِ
(وَلَا يَسْقُطُ) حَدُّ قَذْفٍ (بِرِدَّةِ مَقْذُوفٍ بَعْدَ طَلَبٍ أَوْ زَوَالِ إحْصَانٍ وَلَوْ لَمْ يُحْكَمْ بِوُجُوبِهِ)، أَيْ: الْحَدِّ، اعْتِبَارًا بِوَقْتِ الْوُجُوبِ، وَكَمَا لَوْ زَنَى بِامْرَأَةٍ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا.