الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لِاقْتِضَاءِ قَرِينَةِ الْحَالِ إرَادَةَ عَكْسِ الْمَفْهُومِ مِنْ اللَّفْظِ.
(وَ) قَالَ (فِي الرِّعَايَةِ " مَنْ قَالَ لِظَالِمِ ابْنِ ظَالِمٍ جَبَرَكَ اللَّهُ وَيَرْحَمُ سَلَفَك احْتَمَلَ الْمَدْحَ) لِأَنَّهُ الظَّاهِرُ (وَ) احْتَمَلَ (التَّهَزُّؤُ وَأَنَّهُ) ؛ أَيْ: التَّهَزُّؤُ؛ (أَظْهَرُ مِنْهُ؛ فَيُعَزَّرُ) لِعَدَمِ إمْكَانِ حَمْلِ اللَّفْظِ عَلَى ظَاهِرِهِ.
[فَصْلٌ قَذَفَ أَهْلَ بَلْدَةٍ]
فَصْلٌ (وَمَنْ قَذَفَ أَهْلَ بَلْدَةٍ) عُزِّرَ (أَوْ) قَذَفَ (جَمَاعَةً لَا يُتَصَوَّرُ الزِّنَا مِنْهُمْ عَادَةً) عُزِّرَ؛ لِأَنَّهُ لَا عَارَ عَلَيْهِمْ بِذَلِكَ؛ لِلْقَطْعِ بِكَذِبِ الْقَاذِفِ (أَوْ اخْتَلَفَا فِي شَيْءٍ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا: الْكَاذِبُ ابْنُ الزَّانِيَةِ؛ عُزِّرَ، وَلَا حَدَّ) عَلَيْهِ نَصًّا؛ لِعَدَمِ تَعْيِينِ الْقَاذِفِ (كَقَوْلِهِ مَنْ رَمَانِي بِالزِّنَا فَهُوَ ابْنُ الزَّانِيَةِ) وَيُعَزَّرُ. قَالَ فِي " الْفُرُوعِ " لَكِنْ يُتَوَجَّهُ أَنَّهُ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى تَحْرِيمِ غِيبَةِ أَهْلِ قَرْيَةٍ لَا أَحَدَ هَؤُلَاءِ.
أَوْ وَصَفَ رَجُلًا بِمَكْرُوهٍ لِمَنْ لَا يَعْرِفُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَأَذَّى غَيْرُ الْمُعَيَّنِ، كَقَوْلِهِ فِي الْعَالِمِ مَنْ يَزْنِي وَنَحْوَهُ إلَّا أَنْ يُعْرَفَ بَعْدَ الْبَحْثِ.
(وَمَنْ قَالَ لِمُكَلَّفٍ: اقْذِفْنِي، فَقَذَفَهُ؛ لَمْ يُحَدَّ؛ لِأَنَّهُ) ؛ أَيْ: الْحَدَّ (حَقٌّ لَهُ) ؛ أَيْ: الْمَقْذُوفِ وَقَدْ سَقَطَ بِالْإِذْنِ فِيهِ (وَعُزِّرَ) لِفِعْلِهِ مَعْصِيَةً، وَ (لِأَنَّهُ رَضِيَ أَنْ يُشْتَمَ أَوْ يُغْتَابَ أَوْ يُجْنَى عَلَيْهِ وَنَحْوَهُ) كَمَا لَوْ تَصَدَّقَ بِعَرْضِهِ عَلَى النَّاسِ؛ لَمْ يَمْلِكْهُ وَلَمْ يُبَحْ لِأَنَّهُ إسْقَاطُ الْحَقِّ قَبْلَ وُجُودِ سَبَبِهِ، وَهُوَ لَا يَصِحُّ.
(وَلَيْسَ لِوَلَدِ مُحْصَنٍ) ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى (قُدِفَ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ (مُطَالَبَةٌ) عَلَى قَاذِفِ وَالِدِهِ (مَا دَامَ وَالِدُهُ) أَيْ وَالِدُ الْمَقْذُوفِ (حَيًّا) ؛ لِأَنَّ صَاحِبَ الْحَقِّ مَوْجُودٌ؛ فَلَيْسَ لِغَيْرِهِ الْمُطَالَبَةُ بِدُونِ تَوْكِيلِهِ.
(فَإِنْ مَاتَ) مَقْذُوفٌ (وَلَمْ يُطَالِبْ) قَاذِفًا (بِهِ) ؛ أَيْ: الْحَدِّ (سَقَطَ) كَالشَّفِيعِ إذَا مَاتَ قَبْلَ طَلَبِ الشُّفْعَةِ، (وَإِلَّا) بِأَنْ طَالَبَ بِهِ مَقْذُوفٌ قَبْلَ مَوْتِهِ (فَلَا) يَسْقُطُ؛ لِأَنَّهُ بِمُطَالَبَةِ الْمَيِّتِ قَبْلَ مَوْتِهِ عُلِمَ أَنَّهُ قَائِمٌ عَلَى حَقِّهِ؛ فَقَامَ وَارِثُهُ مَقَامَهُ فِي ذَلِكَ. (وَهُوَ) ؛ أَيْ: حَدُّ الْقَذْفِ حَقٌّ (لِجَمِيعِ الْوَرَثَةِ وَلَوْ زَوْجًا) أَوْ زَوْجَةً (كَإِرْثٍ) لِأَنَّهُ حَقٌّ وُرِثَ عَنْ الْمَيِّتِ؛ فَاشْتَرَكَ فِيهِ جَمِيعُ الْوَرَثَةِ كَسَائِرِ الْحُقُوقِ (فَلَوْ عَفَا بَعْضُهُمْ) ؛ أَيْ: الْوَرَثَةِ (حُدَّ لِبَاقٍ) مِنْ الْوَرَثَةِ الَّذِي لَمْ يَعْفُ (كَامِلًا) لِلُحُوقِ الْعَارِ لِكُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى انْفِرَادِهِ، وَلِأَنَّ حَدَّ الْقَذْفِ لَا يَسْقُطُ إلَى بَدَلٍ؛ فَلَا يَمْلِكُ أَحَدُهُمْ إسْقَاطَ حَقِّ غَيْرِهِ؛ فَوَجَبَ لِمَنْ لَمْ يَعْفُ كَامِلًا، كَمَا لَوْ اسْتَوْفَاهُ الْمَقْذُوفُ قَبْلَ مَوْتِهِ
(وَمَنْ قَذَفَ مَيِّتًا، وَلَوْ) كَانَ الْمَيِّتُ (غَيْرَ مُحْصَنٍ؛ حُدَّ) قَاذِفٌ (بِطَلَبِ وَارِثٍ مُحْصَنٍ خَاصَّةً) لِأَنَّ الْحَقَّ فِيهِ يَثْبُتُ لِلْوَارِثِ لِمَا يَلْحَقُهُ مِنْ الْعَارِ؛ فَاعْتُبِرَ إحْصَانُهُ، كَمَا لَوْ كَانَ هُوَ الْمَقْذُوفَ؛ لِأَنَّ حَدَّ الْقَذْفِ شُرِعَ لِلتَّشَفِّي بِسَبَبِ الطَّعْنِ وَالْفَرِيَّةِ، وَكَمَا يَلْحَقُ الْعَارُ بِقَذْفِهِ كَذَلِكَ يَلْحَقُ الْعَارُ وَارِثَ الْمَيِّتِ بِقَذْفِ مُوَرِّثِهِ؛ لِأَنَّهُ طَعْنٌ فِي أَصْلِهِ الَّذِي يَسْتَنِدُ إلَيْهِ؛ فَثَبَتَ لَهُ الْحَقُّ رَفْعًا لِلْعَارِ عَنْهُ.
(وَمَنْ قَذَفَ نَبِيًّا مِنْ الْأَنْبِيَاءِ) - عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - كُفِّرَ (أَوْ) قَذَفَ (أُمَّهُ) ؛ أَيْ: أُمَّ نَبِيٍّ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ - عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - (كُفِّرَ) لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ التَّعْرِيضِ لِلْقَدْحِ بِالنُّبُوَّةِ الْمُوجِبِ لِلْكُفْرِ (وَقُتِلَ) حَتَّى (وَلَوْ تَابَ) نَصًّا؛ لِأَنَّ تَوْبَتَهُ لَا تُقْبَلُ ظَاهِرًا (أَوْ كَانَ) الْقَاذِفُ فِي الصُّورَتَيْنِ (كَافِرًا مُلْتَزِمًا) لِأَحْكَامِنَا (فَأَسْلَمَ) بَعْدَ الْقَذْفِ؛ لِأَنَّ الْقَتْلَ هَا هُنَا حَدٌّ لِلْقَذْفِ.
وَحَدُّ الْقَذْفِ لَا يَسْقُطُ بِالتَّوْبَةِ كَقَذْفِ غَيْرِهِمَا، وَلِأَنَّهُ لَوْ قُبِلَتْ تَوْبَتُهُ لَسَقَطَ حَدُّهُ الَّذِي هُوَ الْقَتْلُ؛ فَيَصِيرُ
أَحَقَّ حُكْمًا مِنْ قَذْفِ آحَادِ النَّاسِ؛ لِأَنَّ حَدَّ غَيْرِهِمْ لَا يَسْقُطُ بِالتَّوْبَةِ، وَيُسْتَوْفَى مِنْهُ الْحَدُّ مَعَ تَوْبَتِهِ، وَكَوْنِهِ يُقْتَلُ - وَلَوْ قَذَفَ وَهُوَ كَافِرٌ ثُمَّ أَسْلَمَ - لِأَنَّ الْقَتْلَ هُوَ حَدُّ قَذْفِ الْأَنْبِيَاءِ وَأُمَّهَاتِهِمْ؛ فَلَا يَسْقُطُ بِالْإِسْلَامِ كَحَدِّ غَيْرِهِمْ. قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: قَذْفُ نِسَائِهِ صلى الله عليه وسلم كَقَذْفِهِ؛ لِقَدْحِهِ فِي دِينِهِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَقْتُلْهُمْ؛ لِأَنَّهُمْ تَكَلَّمُوا قَبْلَ عِلْمِهِ بَرَاءَتَهَا وَأَنَّهَا مِنْ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ؛ لِإِمْكَانِ الْمُفَارَقَةِ فَتَخْرُجُ بِهَا مِنْهُنَّ، وَتَحِلُّ لِغَيْرِهِ.
وَلَا يُقْتَلُ كَافِرٌ سَبَّ نَبِيًّا بِغَيْرِ الْقَذْفِ ثُمَّ أَسْلَمَ؛ لِأَنَّ سَبَّ اللَّهِ تَعَالَى يَسْقُطُ بِالْإِسْلَامِ، فَسَبُّ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَوْلَى، وَتَقَدَّمَ آخِرَ بَابِ أَحْكَامِ الذِّمَّةِ (وَلَا يُكَفَّرُ مَنْ قَذَفَ أَبَا شَخْصٍ إلَى آدَم) نَصًّا وَسَأَلَهُ حَرْبٌ عَنْ رَجُلٍ افْتَرَى عَلَى رَجُلٍ، فَقَالَ يَا ابْنَ كَذَا وَكَذَا إلَى آدَمَ وَحَوَّاءَ، فَعَظَّمَهُ جِدًّا، وَقَالَ عَنْ الْحَدِّ لَمْ يَبْلُغْنِي فِيهِ شَيْءٌ، وَذَهَبَ إلَى حَدٍّ وَاحِدٍ.
(وَيَتَّجِهُ أَوْ) ؛ أَيْ: وَلَا يُكَفَّرُ مَنْ (لَعَنَ شَرِيفًا وَأَجْدَادَهُ، أَوْ) لَعَنَ رَجُلًا (مُخْتَلَفٌ فِي نُبُوَّتِهِ كَالْخَضِرِ وَلُقْمَانَ) عليهم السلام إذَا لَمْ يَسْتَحِلَّهُ، بَلْ كَانَ ذَلِكَ مِنْهُ غَيْظًا أَوْ سَفَهًا أَوْ عَبَثًا وَلَعْنًا كَسَبِّ الصَّحَابَةِ - رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ - سَبًّا لَا يَقْدَحُ فِي دِينِهِمْ أَوْ عَدَالَتِهِمْ كَسَبِّهِ أَحَدَهُمْ أَوْ إيَّاهُ سَبًّا يَقْصِدُ غَيْظَهُ وَالْكَذِبَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْغِيبَةَ لَهُمْ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأَقْوَالِ الَّتِي عَلَّمَ اللَّهِ تَحْرِيمَهَا؛ فَإِنَّهُ مِنْ فَعَلَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ مُسْتَحِلًّا؛ كُفِّرَ، لِأَنَّ اقْتِرَانَ السَّبِّ مَعَ اعْتِقَادِ حِلِّهِ كُفْرٌ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ.
(وَمَنْ قَذَفَ جَمَاعَةً يُتَصَوَّرُ زِنَاهُمْ عَادَةً بِكَلِمَةٍ) وَاحِدَةٍ كَقَوْلِهِ هُمْ زُنَاةٌ