الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإِنْ قَالَا: أَعْتَقَ أَبُونَا أَحَدَهُمَا، وَلَا نَعْلَمُ عَيْنَهُ، أَقْرَعَ بَيْنَ الْقِنَّيْنِ، فَمَنْ خَرَجَتْ لَهُ الْقُرْعَةُ؛ عَتَقَ ثُلُثَاهُ إنْ لَمْ يُجِيزَا بَاقِيَهُ، وَرَقَّ الْآخَرُ.
وَمَنْ رَجَعَ مِنْ الِابْنَيْنِ وَقَالَ: عَرَفْتُ الْمُعْتَقَ مِنْهُمَا؛ فَإِنْ كَانَ قَبْلَ الْقُرْعَةِ فَكَمَا لَوْ عَيَّنَهُ ابْتِدَاءً، وَإِنْ كَانَ بَعْدَهَا فَوَافَقَ تَعْيِينَهُ لَمْ يَتَغَيَّرْ الْحُكْمُ، وَإِنْ خَالَفَهَا عَتَقَ مِنْ الَّذِي عَيَّنَهُ ثُلُثُهُ بِتَعْيِينِهِ، فَإِنْ عَيَّنَ الَّذِي عَيَّنَهُ أَخُوهُ، عَتَقَ ثُلُثَاهُ، وَإِنْ عَيَّنَ الْآخَرَ عَتَقَ مِنْهُ ثُلُثُهُ، وَلَا يَبْطُلُ الْعِتْقُ فِي الَّذِي عَتَقَ بِالْقُرْعَةِ إنْ كَانَتْ بِحُكْمِ حَاكِمٍ، وَكَذَا إنْ كَانَتْ بِحَاكِمٍ وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِالْحُكْمِ؛ لِأَنَّ قُرْعَتَهُ حُكْمٌ، وَحُكْمَهُ لَا يُنْقَضُ بِمُجَرَّدِ قَوْلِ الِابْنِ إنَّهُ ظَهَرَ لَهُ خِلَافُهُ.
قَالَ فِي " شَرْحِ الْإِقْنَاعِ " قُلْتُ: إلَّا أَنْ يُثْبِتَ بَيِّنَتُهُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الطَّلَاقِ.
[بَابُ الْإِقْرَارِ بِالْمُجْمَلِ]
ِ (وَهُوَ مَا احْتَمَلَ أَمْرَيْنِ فَأَكْثَرَ عَلَى السَّوَاءِ) وَقِيلَ مَا لَا يُفْهَمُ مَعْنَاهُ عِنْدَ إطْلَاقِهِ (ضِدُّ الْمُفَسَّرِ) ؛ أَيْ: الْمُبَيَّنِ (مَنْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ شَيْءٌ، أَوْ) قَالَ: لَهُ عَلَيَّ كَذَا (أَوْ كَرَّرَهَا بِوَاوٍ) فَقَالَ لَهُ عَلَيَّ كَذَا وَكَذَا، (أَوْ كَرَّرَ ذَلِكَ بِدُونِهَا) ؛ أَيْ: الْوَاوِ بِأَنْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ كَذَا كَذَا؛ صَحَّ إقْرَارُهُ (وَقِيلَ لَهُ فَسِّرْ) وَيَلْزَمُهُ تَفْسِيرُهُ.
قَالَ فِي " الشَّرْحِ " بِغَيْرِ خِلَافٍ، وَيُفَارِقُ الْإِقْرَارُ الدَّعْوَى حَيْثُ لَا تَصِحُّ بِالْمَجْهُولِ؛ لِأَنَّهَا لِلْمُدَّعِي، وَالْإِقْرَارُ عَلَى الْمُقِرِّ؛ فَلَزِمَ تَبْيِينُ مَا عَلَيْهِ مِنْ الْجَهَالَةِ دُونَ الَّذِي لَهُ، وَأَيْضًا الْمُدَّعِي إذَا لَمْ تَصِحَّ دَعْوَاهُ لَهُ دَاعٍ مِنْ تَحْرِيرِهَا، وَالْمُقِرُّ لَا دَاعِيَ لَهُ، إلَى تَحْرِيرِ مَا أَقَرَّ بِهِ، وَلَا يُؤْمَنُ رُجُوعُهُ عَنْ إقْرَارِهِ، فَيَضِيعُ حَقُّ الْمُقَرِّ لَهُ.
وَتَصِحُّ الشَّهَادَةُ بِالْإِقْرَارِ بِالْمَجْهُولِ (فَإِذَا فَسَّرَهُ بِشَيْءٍ) وَصَدَّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ (ثَبَتَ وَإِنْ أَبَى) تَبْيِينَهُ حُبِسَ (حَتَّى يُفَسِّرَ) لِامْتِنَاعِهِ مِنْ حَقٍّ عَلَيْهِ؛ فَحُبِسَ بِهِ كَمَا لَوْ عَيَّنَهُ وَامْتَنَعَ مِنْ أَدَائِهِ، وَإِنْ عَيَّنَهُ الْمُقَرُّ لَهُ، وَادَّعَاهُ، وَصَدَّقَهُ الْمُقِرُّ؛ ثَبَتَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَذَّبَهُ، وَامْتَنَعَ مِنْ الْبَيَانِ، حُبِسَ حَتَّى يُفَسِّرَ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ.
قَالَهُ فِي " تَصْحِيحِ الْفُرُوعِ " وَلَا يُقْضَى عَلَيْهِ بِالنُّكُولِ خِلَافًا لِلْقَاضِي.
(وَتُقْبَلُ الشَّهَادَةُ عَلَى الْإِقْرَارِ بِالْمَجْهُولِ) لِأَنَّ الْإِقْرَارَ بِهِ صَحِيحٌ، وَلِذَلِكَ تُسْمَعُ الدَّعْوَى بِهِ (وَيُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ بِحَدِّ قَذْفٍ) عَلَيْهِ لِلْمُقَرِّ لَهُ؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ عَلَيْهِ؛ فَيُحَدُّ لِقَذْفِهِ بِطَلَبِهِ، وَيُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ (بِحَقِّ شُفْعَةٍ) لِأَنَّهُ حَقٌّ وَاجِبٌ يَئُولَ إلَى الْمَالِ، وَيُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ أَيْضًا (بِمَا يَجِبُ رَدُّهُ كَكَلْبٍ مُبَاحٍ) نَفْعُهُ كَكَلْبِ الصَّيْدِ وَالْمَاشِيَةِ؛ لِأَنَّهُ شَيْءٌ يَجِبُ رَدُّهُ وَتَسْلِيمُهُ إلَى الْمُقَرِّ لَهُ، وَالْإِيجَابُ تَنَاوَلَهُ؛ فَقُبِلَ لِذَلِكَ، وَكَذَلِكَ يَجِبُ رَدُّ (جِلْدِ) مَيْتَةٍ مَأْكُولَةٍ لَوْ ذُكِّيَتْ (وَلَوْ لَمْ يُدْبَغْ) لِأَنَّهُ يُبَاحُ اسْتِعْمَالُهُ بَعْدَ دَبْغِهِ فِي الْيَابِسَاتِ، وَيُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ أَيْضًا (بِأَقَلِّ مَالٍ) لِأَنَّهُ يَتَنَاوَلُهُ الشَّيْءُ (لَا بِمَيْتَةٍ نَجِسَةٍ وَخَمْرٍ وَخِنْزِيرٍ) لِأَنَّهَا حَقًّا عَلَيْهِ، فَإِنْ كَانَتْ الْمَيْتَةُ طَاهِرَةً كَسَمَكٍ وَجَرَادٍ يُتَمَوَّلُ، قُبِلَ.
وَلَا بِرَدِّ (سَلَامٍ، وَتَشْمِيتِ عَاطِسٍ، وَعِيَادَةِ مَرِيضٍ، وَإِجَابَةِ دَعْوَةٍ، وَصِلَةِ رَحِمٍ) لِأَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ لَا يَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ؛ وَإِقْرَارُهُ يَدُلُّ عَلَى ثُبُوتِ حَقِّهِ فِي ذِمَّتِهِ، وَلَا يُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ (بِغَيْرِ مُتَمَوِّلٍ عَادَةً كَقِشْرِ جَوْزَةٍ، وَحَبَّةِ بُرٍّ، أَوْ حَبَّةِ شَعِيرٍ) أَوْ نَوَاةٍ وَنَحْوِهَا؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُ اعْتِرَافٌ بِحَقٍّ عَلَيْهِ ثَبَتَ مِثْلُهُ فِي الذِّمَّةِ، بِخِلَافِ نَحْوِ هَذِهِ (فَإِنْ مَاتَ) الْمُقِرُّ بِمُجْمَلٍ (قَبْلَ تَفْسِيرِهِ، لَمْ يُؤْخَذْ وَارِثُهُ بِشَيْءٍ) ، وَ (إنْ) أَبَى وَلَوْ (خَلَفَ الْمُقِرُّ تَرِكَةً) لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ حَدَّ قَذْفٍ، أَوْ لَمْ يَمُتْ مُقِرٌّ، وَلَمْ يُنْكِرْ، بَلْ (قَالَ مُقِرٌّ لَا أَعْلَمُ لِي بِمَا أَقْرَرْت بِهِ) مِنْ قَوْلِي لَهُ شَيْءٌ أَوْ كَذَا وَنَحْوُهُ؛ حَلَفَ عَلَى ذَلِكَ إنْ طَلَبَهُ مُقَرٌّ لَهُ (وَلَزِمَهُ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ الِاسْمُ كَالْوَصِيَّةِ بِشَيْءٍ) فَتُعْطَى الْوَرَثَةُ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ الِاسْمُ، وَقَوْلُهُ (غَصَبْتُ مِنْهُ شَيْئًا أَوْ غَصَبْتُهُ شَيْئًا؛ يُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ
بِخَمْرٍ وَنَحْوِهِ) كَكَلْبٍ وَجِلْدِ مَيْتَةٍ نَجِسَةٍ، لِوُقُوعِ اسْمِ الشَّيْءِ عَلَيْهِ وَالْغَصْبِ وَالِاسْتِيلَاءِ.
وَلَا يُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ (بِنَفْسِهِ) ؛ أَيْ: الْمُقَرَّ لَهُ (أَوْ) ؛ أَيْ: وَلَا بِغَصْبِ وَلَدِهِ؛ لِأَنَّ الْغَصْبَ لَا يَثْبُتُ عَلَيْهِ وَلَا عَلَى وَلَدِهِ، وَإِنْ قَالَ (غَصَبْته فَقَطْ) وَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا يُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ (بِحَبْسِهِ وَسَجْنِهِ) لِأَنَّ غَصْبَ الْحُرِّ هُوَ ذَلِكَ.
(وَلَهُ عَلَيَّ مَالٌ) يُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ بِأَقَلِّ مُتَمَوَّلٍ؛ لِأَنَّهُ يَقَعُ عَلَيْهِ لَفْظُ الْمَالِ حَقِيقَةً وَعُرْفًا، أَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ (مَالٌ عَظِيمٌ، أَوْ مَالٌ خَطِيرٌ، أَوْ مَالٌ جَلِيلٌ، أَوْ مَالٌ نَفِيسٌ، أَوْ) مَالٌ (عَزِيزٌ، أَوْ زَادَ عِنْدَ اللَّهِ) بِأَنْ قَالَ عَظِيمٌ عِنْدَ اللَّهِ، أَوْ خَطِيرٌ عِنْدَ اللَّهِ، أَوْ قَالَ عَظِيمٌ، أَوْ خَطِيرٌ، أَوْ جَلِيلٌ وَنَحْوَهُ (عِنْدِي؛ يُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ ذَلِكَ بِأَقَلِّ مُتَمَوَّلٍ) لِأَنَّ الْعَظِيمَ وَالْخَطِيرَ وَالْكَثِيرَ وَالْجَلِيلَ وَالنَّفِيسَ وَالْعَزِيزَ لَا حَدَّ لَهُ شَرْعًا، وَلَا لُغَةً، وَلَا عُرْفًا، وَيَخْتَلِفُ النَّاسُ فِيهِ، فَقَدْ يَكُونُ عَظِيمًا عِنْدَ بَعْضٍ حَقِيرًا عِنْدَ غَيْرِهِ، وَمَا مِنْ مَالٍ إلَّا وَهُوَ عَظِيمٌ، كَثِيرٌ خَطِيرٌ نَفِيسٌ جَلِيلٌ - وَلَوْ عِنْدَ بَعْضٍ - يُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ (بِأُمِّ وَلَدٍ) لِأَنَّهَا مَالٌ؛ لِغُرْمِ قَاتِلِهَا قِيمَتَهَا.
(وَلَهُ عَلَيَّ دَرَاهِمُ أَوْ دَرَاهِمُ كَثِيرَةٌ؛ قُبِلَ) تَفْسِيرُهُ بِثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ فَأَكْثَرَ، وَكَذَا لَوْ قَالَ دَرَاهِمُ عَظِيمَةٌ أَوْ وَافِرَةٌ؛ لِأَنَّ الْكَثِيرَةَ وَالْعَظِيمَةَ وَالْوَافِرَةَ لَا حَدَّ لَهَا لُغَةً وَلَا شَرْعًا، وَتَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْإِضَافَاتِ وَأَحْوَالِ النَّاسِ، وَالثَّلَاثَةُ أَكْثَرُ مِمَّا دُونَهَا وَأَقَلُّ مِمَّا فَوْقَهَا، وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَسْتَعْظِمُ الْيَسِيرَ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَحْتَقِرُ الْكَثِيرَ، وَلِأَنَّ الثَّلَاثَةَ أَقَلُّ الْجَمْعِ وَهِيَ الْيَقِينُ؛ فَلَا يَجِبُ مَا زَادَ عَلَيْهَا بِالِاحْتِمَالِ.
وَلَا يُقْبَلُ (تَفْسِيرُهُ بِمَا يُوزَنُ بِالدَّرَاهِمِ عَادَةً كَإِبْرَيْسَم وَنَحْوِهِ) كَزَعْفَرَانٍ لِأَنَّهُ خِلَافُ الْمُتَبَادَرِ (وَقَوْلُهُ لَهُ عَلَيَّ حَبَّةٌ أَوْ لَهُ عَلَيَّ جَوْزَةٌ يَنْصَرِفُ) إطْلَاقُهُ (إلَى الْحَقِيقَةِ، وَلَا يُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ) ذَلِكَ (بِنَحْوِ حَبَّةِ بُرٍّ) كَحَبَّةِ شَعِيرٍ أَوْ أَرْزٍ أَوْ
بَاقِلَاءَ؛ لِأَنَّهَا لَا تُتَمَوَّلُ عَادَةً، وَلَا يُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ (بِشَيْءٍ) مِنْ خُبْزٍ وَنَحْوِهِ (قَدْرَ جَوْزَةٍ) لِأَنَّهُ غَيْرُ حَقِيقَةِ الْجَوْزَةِ.
(وَلَهُ عَلَيَّ كَذَا دِرْهَمًا، أَوْ كَذَا وَكَذَا دِرْهَمًا أَوْ كَذَا وَكَذَا بِالرَّفْعِ أَوْ النَّصْبِ لِدِرْهَمٍ لَزِمَهُ دِرْهَمٌ) فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ، أَمَّا فِي الرَّفْعِ؛ فَلِأَنَّ تَقْدِيرَهُ مَعَ عَدَمِ التَّكْرَارِ شَيْءٌ هُوَ دِرْهَمٌ، فَالدِّرْهَمُ بَدَلٌ مِنْ كَذَا، وَالتَّكْرَارُ لِلتَّأْكِيدِ لَا يَقْتَضِي زِيَادَةً، كَأَنَّهُ قَالَ: شَيْءٌ شَيْءٌ هُوَ دِرْهَمٌ، التَّكْرَارُ مَعَ الْوَاوِ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ شَيْئَانِ هُمَا دِرْهَمٌ؛ لِأَنَّهُ ذَكَرَ شَيْئَيْنِ، وَأَبْدَلَ مِنْهُمَا دِرْهَمًا أَوْ النَّصْبِ فَالدِّرْهَمُ مُمَيِّزٌ لِمَا قَبْلَهُ، فَهُوَ مُفَسِّرٌ، وَقَالَ بَعْضُ النُّحَاةِ: هُوَ مَنْصُوبٌ عَلَى الْقَطْعِ كَأَنَّهُ قَطَعَ مَا أَقَرَّ بِهِ وَأَقَرَّ بِدِرْهَمٍ.
(وَإِنْ قَالَ الْكُلُّ) ؛ أَيْ: الصُّوَرُ الثَّلَاثُ (بِالْجَرِّ) ؛ أَيْ: جَرِّ دِرْهَمٍ؛ لَزِمَهُ بَعْضُ دِرْهَمٍ؛ لِأَنَّهُ مَخْفُوضٌ بِالْإِضَاقَةِ؛ فَالْمَعْنَى لَهُ بَعْضُ دِرْهَمٍ، فَإِنْ قَالَ: أَرَدْت نِصْفَ دِرْهَمٍ أَوْ رُبْعَهُ أَوْ ثُمُنَهُ وَنَحْوَهُ؛ قُبِلَ، وَإِذَا كَرَّرَ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَضَافَ جُزْءًا إلَى جُزْءٍ، ثُمَّ أَضَافَ الْجُزْءَ الْأَخِيرَ إلَى الدِّرْهَمِ (أَوْ وَقَفَ) بِأَنْ قَالَ لَهُ: عَلَيَّ كَذَا دِرْهَم أَوْ كَذَا وَكَذَا دِرْهَم أَوْ كَذَا كَذَا دِرْهَم، وَلَمْ يَرْفَعُ الدِّرْهَمَ، وَلَمْ يَنْصِبْهُ؛ وَلَمْ يَخْفِضْهُ فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ (لَزِمَهُ بَعْضُ دِرْهَمٍ) لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ مَجْرُورٌ، وَسَقَطَتْ حَرَكَتُهُ لِلْوَقْفِ (وَيُفَسِّرُهُ بِمَا شَاءَ) كَمَا لَوْ قَالَ (لَهُ عَلَيَّ بَعْضُ الْعَشَرَةِ) فَيُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ بِمَا شَاءَ مِنْهَا؛ لِأَنَّ الْبَعْضَ يَصْدُقُ بِكُلِّ جُزْءٍ، وَإِنْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ (شَطْرُهَا) ؛ أَيْ: الْعَشَرَةَ، فَهُوَ نِصْفُهَا، فَيَلْزَمُهُ خَمْسَةٌ؛ لِأَنَّهَا نِصْفُ الْعَشَرَةِ.
(وَلَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ وَفَسَّرَهُ بِجِنْسِ) وَاحِدٍ كَدَرَاهِمَ أَوْ ثِيَابٍ أَوْ تُفَّاحٍ أَوْ رُمَّانٍ وَنَحْوِهِ؛ قُبِلَ.
أَوْ فَسَّرَهُ بِأَجْنَاسٍ كَقَوْلِهِ مِائَةٌ مِنْ الدَّرَاهِمِ، وَمِائَةٌ مِنْ الثِّيَابِ وَمِائَةٌ مِنْ الْأَوَانِي، وَهَكَذَا، لَا إنْ كَانَ فَسَّرَ الْأَلْفَ (بِنَحْوِ كِلَابٍ؛ قُبِلَ) لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُهُ لَفْظُهُ، وَأَمَّا الْكِلَابُ وَالسِّبَاعُ وَنَحْوُهُمَا مِمَّا يَصِحُّ بَيْعُهُ؛ فَلَا يُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ بِهِ؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُ اعْتِرَافٌ بِحَقٍّ عَلَيْهِ يَثْبُتُ نَحْوُهُ فِي الذِّمَّةِ، بِخِلَافِ هَذِهِ.
وَإِنْ قَالَ لَهُ (عَلَيَّ أَلْفٌ وَدِرْهَمٌ أَوْ قَالَ) : لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ وَدِينَارٌ، أَوْ قَالَ:(لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ) وَثَوْبٌ أَوْ وَفَرَسٌ، أَوْ وَعَبْدٌ، أَوْ قَالَ: لَهُ (عَلَيَّ أَلْفٌ وَمُدَبَّرٌ) أَوْ أَلْفٌ وَتُفَّاحَةٌ، وَنَحْوُهُ (أَوْ أَخَّرَ الْأَلْفَ) فَقَالَ: لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ وَأَلْفٌ، أَوْ دِينَارٌ وَأَلْفٌ أَوْ ثَوْبٌ وَأَلْفٌ أَوْ مُدَبَّرٌ وَأَلْفٌ وَنَحْوُهُ، أَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ (أَلْفٌ وَخَمْسُمِائَةِ دِرْهَمٍ) أَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ (أَلْفٌ وَخَمْسُونَ دِينَارًا) أَوْ أَلْفٌ وَعِشْرُونَ فَرَسًا (أَوْ لَمْ يَعْطِفْ) بِأَنْ قَالَ: لَهُ أَلْفٌ وَخَمْسُمِائَةِ دِرْهَمٍ، أَوْ أَلْفٌ وَخَمْسُونَ دِينَارًا (أَوْ عَكَسَ) بِأَنْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ خَمْسُمِائَةِ دِرْهَمٍ وَأَلْفٌ، أَوْ لَهُ خَمْسُونَ دِينَارًا وَأَلْفٌ (فَالْمُهِمُّ) فِي هَذِهِ الْأَسْئِلَةِ وَنَحْوِهَا (مِنْ جِنْسِ مَا ذُكِرَ مَعَهُ) لِأَنَّ الْعَرَبَ تَكْتَفِي بِتَفْسِيرِ إحْدَى الْجُمْلَتَيْنِ عَنْ الْأُخْرَى لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا} [الكهف: 25] .
وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمُرَادَ تِسْعَ سِنِينَ، فَاكْتَفَى بِذِكْرِهَا فِي الْأَوَّلِ، وَلِأَنَّهُ ذَكَرَ مُبْهَمًا مَعَ مُفَسَّرٍ، وَلَمْ يَقُمْ الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهُ مِنْ جِنْسِهِ فَوَجَبَ حَمْلُهُ عَلَيْهِ، وَأَمَّا أَحَدٌ وَعِشْرُونَ دِرْهَمًا وَتِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ دِرْهَمًا، فَالْكُلُّ دَرَاهِمُ.
قَالَ فِي الشَّرْحِ: بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ (وَمِثْلُهُ)، أَيْ: مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْمَسَائِلِ عَلَيَّ (دِرْهَمٌ وَنِصْفٌ) فَالنِّصْفُ مِنْ دِرْهَمٍ (أَوْ) لَهُ عَلَيَّ (أَلْفٌ إلَّا دِرْهَمًا) فَالْجَمِيعُ دَرَاهِمُ، (أَوْ) لَهُ عَلَيَّ (أَلْفٌ إلَّا دِينَارًا) فَالْكُلُّ دَنَانِيرُ؛ لِأَنَّ الْعَرَبَ لَا تَسْتَثْنِي فِي الْإِثْبَاتِ إلَّا مِنْ الْجِنْسِ، فَمَتَى عُلِمَ أَحَدُ الطَّرَفَيْنِ عُلِمَ الْآخَرُ، كَمَا لَوْ عُلِمَ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ، وَيُقَالُ الِاسْتِثْنَاءُ مِعْيَارُ الْعُمُومِ.
(وَلَهُ عَلَيَّ دَرَاهِمُ بِدِينَارٍ؛ لَزِمَهُ دَرَاهِمُ بِسِعْرِهِ) ؛ أَيْ: الدِّينَارِ لِأَنَّهُ مُقْتَضَى لَفْظِهِ.
(وَلَهُ اثْنَا عَشَرَ دِرْهَمًا وَدِينَارًا بِنَصْبِ دِينَارٍ) فَمَعْنَاهُ أَنَّ الِاثْنَيْ عَشَرَ دَرَاهِمَ وَدَنَانِيرَ، (فَيَلْزَمُهُ مِنْ كُلِّ جِنْسٍ سِتَّةٌ) وَإِنْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ اثْنَا عَشَرَ
دِرْهَمًا وَدِينَارٌ بِرَفْعِهِ؛ أَيْ: الدِّينَارِ (تَلْزَمُهُ الدَّرَاهِمُ) الِاثْنَا عَشَرَ وَدِينَارٌ وَاحِدٌ، ذَكَرَهُ الْمُوَفَّقُ فِي فَتَاوِيهِ.
(وَلَهُ فِي هَذَا الْعَبْدِ) أَوْ الثَّوْبِ أَوْ الْفَرَسِ أَوْ هَذِهِ الدَّارِ وَنَحْوِهَا (شِرْكٌ أَوْ قَالَ: هُوَ شَرِيكِي فِيهِ. أَوْ قَالَ: هُوَ شَرِكَةٌ بَيْنَنَا أَوْ قَالَ: هُوَ لِي وَلَهُ أَوْ قَالَ لَهُ فِيهِ سَهْمٌ؛ قُبِلَ تَفْسِيرُهُ قَدْرَ حَقِّ الشَّرِيكِ)
لِأَنَّ الشَّرِكَةَ تَارَةً تَقَعُ عَلَى النِّصْفِ، وَتَارَةً تَقَعُ عَلَى مَا دُونَهُ، وَتَارَةً تَقَعُ عَلَى مَا هُوَ أَكْثَرُ مِنْهُ، وَمَتَى تَرَدَّدَ اللَّفْظَانِ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ فَأَكْثَرَ، رَجَعَ فِي تَفْسِيرِهِ إلَى الْمُقِرِّ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْرَفُ إلَّا مِنْ جِهَتِهِ، وَلَيْسَ إطْلَاقُ الشَّرِكَةِ عَلَى مَا دُونَ النِّصْفِ مَجَازًا، وَلَا مُخَالِفًا لِلظَّاهِرِ، وَلِأَنَّ السَّهْمَ يُطْلَقُ عَلَى الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ.
وَقَالَ الْقَاضِي: يُحْمَلُ السَّهْمُ عَلَى السُّدُسِ، كَمَا فِي الْوَصِيَّةِ؛ لِمَا تَقَدَّمَ فِيهَا.
(وَ) إنْ قَالَ مَنْ بِيَدِهِ نَحْوُ عَبْدٍ (لَهُ) ؛ أَيْ: لِفُلَانٍ (عَلَيَّ فِيهِ) أَلْفٌ، أَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ (مِنْهُ أَلْفٌ) صَحَّ إقْرَارُهُ (وَقِيلَ لَهُ فَسِّرْ) سَبَبَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَعْلَمُ إلَّا مِنْ جِهَتِهِ (وَيُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ بِجِنَايَةِ) الْعَبْدِ عَلَى الْمُقِرِّ لَهُ؛ وَيُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ (بِقَوْلِهِ نَقَدَهُ) ؛ أَيْ: الْأَلْفَ (فِي ثَمَنِهِ) ؛ أَيْ: الْعَبْدَ وَنَحْوَهُ (أَوْ) ؛ أَيْ: وَيُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ بِقَوْلِهِ نَقْدُهُ (اشْتَرَى) الْمُقَرُّ لَهُ (رُبْعَهُ) ؛ أَيْ: الْعَبْدِ وَنَحْوِهِ (بِهِ) ؛ أَيْ: الْأَلْفَ أَوْ بِقَوْلِهِ (لَهُ فِيهِ شِرْكٌ) أَوْ بِقَوْلِهِ: إنَّ مُورِثِي أَوْصَى لَهُ بِأَلْفٍ مِنْ ثَمَنِهِ، (وَلَا) يُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ (بِأَنَّهُ رَهَنَهُ عِنْدَهُ بِهِ) ؛ أَيْ: الْأَلْفَ؛ لِأَنَّ حَقَّهُ فِي الذِّمَّةِ.
وَفِي " الْإِقْنَاعِ " قَبْلَ بَابِ الْإِقْرَارِ بِالْمُجْمَلِ بِثَلَاثَةِ فُصُولٍ: وَإِنْ قَالَ أَرَدْتُ أَنَّهُ رَهَنَ عِنْدَهُ بِأَلْفٍ؛ قُبِلَ. انْتَهَى. وَكَانَ عَلَى الْمُصَنِّفِ أَنْ يَقُولَ خِلَافًا لَهُ.
(وَلَهُ عَلَيَّ أَكْثَرُ مِمَّا لِفُلَانٍ) عَلَيَّ، فَفَسَّرَهُ بِأَكْثَرَ مِنْهُ قَدْرًا؛ قُبِلَ، (وَإِنْ قَلَّ الزَّائِدُ، وَإِنْ فَسَّرَهُ بِدُونِهِ) وَقَالَ أَرَدْت بِقَوْلِي أَكْثَرُ مِمَّا لِفُلَانٍ (لِكَثْرَةِ
نَفْعِهِ لِحِلِّهِ وَنَحْوِهِ) كَبَرَكَتِهِ؛ إذْ الْحَلَالُ أَنْفَعُ مِنْ الْحَرَامِ (قُبِلَ) مِنْهُ ذَلِكَ بِيَمِينِهِ؛ لِاحْتِمَالِ كَذِبِهِ وَسَوَاءٌ عَلِمَ الْمُقِرُّ بِمَا لِفُلَانٍ، أَوْ جَهِلَهُ، أَوْ قَامَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ أَنَّهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ الَّذِي لِفُلَانٍ كَذَا، أَوْ لَمْ تَقُمْ؛ لِأَنَّهُ فَسَّرَ إقْرَارَهُ بِمَا يُحْتَمَلُ؛ فَوَجَبَ قَبُولُهُ (وَلَهُ عَلَيَّ مَا فِي يَدِ زَيْدٍ يَلْزَمُهُ مِثْلُهُ) لِأَنَّهُ مُقْتَضَى لَفْظِهِ.
وَلَوْ قَالَ إنْسَانٌ لِآخَرَ (لِي عَلَيْك أَلْفِ دِرْهَمٍ) فَقَالَ فِي جَوَابِهِ (أَكْثَرُ؛ لَزِمَهُ) أَكْثَرُ مِنْ أَلْفٍ (وَيُفَسِّرُهُ) ؛ أَيْ: الْأَكْثَرَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَعْلَمُ مَا أَرَادَ إلَّا مِنْ جِهَتِهِ (وَلَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ) ؛ أَيْ: عَلَى شَخْصٍ (مَبْلَغًا، فَقَالَ فِي جَوَابِهِ لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَكْثَرُ مِمَّا لَك عَلَيَّ، وَقَالَ أَرَدْت التَّهَزُّؤَ؛ لَزِمَهُ حَقٌّ لَهُمَا) ؛ أَيْ: لِلْمُدَّعِي وَلِفُلَانٍ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ لِفُلَانٍ بِحَقٍّ مَوْصُوفٍ بِالزِّيَادَةِ عَلَى مَا لِلْمُدَّعِي؛ فَلَزِمَهُ، وَيَجِبُ لِلْمُدَّعِي حَقُّهُ؛ لِأَنَّ لَفْظَهُ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ لَهُ شَيْءٌ، وَإِرَادَةُ التَّهَزُّؤَ دَعْوَى تَتَضَمَّنُ الرُّجُوعَ عَنْ الْإِقْرَارِ؛ فَلَا تُقْبَلُ (وَيُفَسِّرُهُ) ؛ أَيْ: يَرْجِعُ فِي تَفْسِيرِ حَقِّ كُلٍّ مِنْهُمَا إلَيْهِ، وَلَوْ قَالَ لَهُ رَجُلٌ: لِي عَلَيْك أَلْفٌ فَقَالَ لَهُ: لَك عَلَيَّ مِنْ الذَّهَبِ أَكْثَرُ؛ لَمْ يَلْزَمْهُ أَلْفُ دِينَارٍ وَلَا أَكْثَرُ مِنْهَا، بَلْ تَرْجِعُ فِي مَعْنَى الْأَكْثَرِ.
وَفِي نَوْعِ الذَّهَبِ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ لَك عَلَيَّ مِنْ الذَّهَبِ أَكْثَرُ فَقَدْ عَيَّنَ شَيْئَيْنِ الْعَدَدَ وَأَنَّهُ ذَهَبٌ، وَأَبْهَمَ شَيْئَيْنِ قَوْلَهُ: أَكْثَرُ وَنَوْعَ الذَّهَبِ، فَرَجَعَ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ: أَكْثَرَ إلَيْهِ، فَإِنْ قَالَ: أَكْثَرُ عَدَدًا؛ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي قَدْرِ الْأَكْثَرِ أَيْضًا، وَيَرْجِعُ إلَيْهِ فِي تَفْسِيرِ نَوْعِ الذَّهَبِ، فَإِنْ فَسَّرَهُ بِجَيِّدٍ أَوْ رَدِيءٍ أَوْ مَضْرُوبٍ أَوْ غَيْرِ مَضْرُوبٍ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الذَّهَبَ أَنْوَاعٌ؛ فَيَرْجِعُ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ إلَيْهِ، قَالَهُ فِي " الْمُسْتَوْعِبِ ".