الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
خَمْسُونَ مِنْكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ فَيُدْفَعُ إلَيْكُمْ بِرُمَّتِهِ» وَإِنْ تَشَاحُّوا حَلَفَ مِنْهُمْ خَمْسُونَ بِقُرْعَةٍ.
[فَائِدَةٌ يُقْسِمُ عَلَى الْعَبْدِ الْمَقْتُولِ سَيِّدُهُ]
فَائِدَةٌ: وَيُقْسِمُ عَلَى الْعَبْدِ الْمَقْتُولِ سَيِّدُهُ؛ لِقِيَامِهِ مَقَامَ وَارِثِهِ، وَأُمُّ الْوَلَدِ وَالْمُدَبَّرُ وَالْمُكَاتَبُ وَالْمُعَلَّقُ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ قَبْلَ وُجُودِهَا كَالْقِنِّ، يُقْسِمُ عَلَيْهِ سَيِّدُهُ. وَأَمَّا الْمُبَعَّضُ فَيُقْسِمُ عَلَيْهِ وَارِثُهُ وَسَيِّدُهُ بِحَسَبِ مَا فِيهِ مِنْ الْحُرِّيَّةِ وَالرِّقِّ، فَإِنْ قُتِلَ عَبْدُ الْمُكَاتَبِ فَلِلْمُكَاتَبِ أَنْ يُقْسِمَ عَلَى الْجَانِي، وَإِنْ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ قَبْلَ أَنْ يُقْسِمَ عَلَى الْجَانِي؛ فَلِسَيِّدِهِ أَنْ يُقْسِمَ عَلَيْهِ؛ لِعَوْدِهِ إلَيْهِ هُوَ وَمَا كَانَ بِيَدِهِ.
وَلَوْ اشْتَرَى الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ لَهُ فِي التِّجَارَةِ عَبْدًا أَوْ مَلَّكَهُ سَيِّدُهُ عَبْدًا، فَقُتِلَ؛ فَالْقَسَامَةُ لِسَيِّدِهِ؛ لِأَنَّهُ الْمَالِكُ دُونَهُ، وَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ لِامْرَأَةٍ أَوْ نِسَاءٍ فَكَمَا لَوْ كَانَ وَرَثَةٌ لِحُرٍّ كُلُّهُمْ نِسَاءٌ، وَيَأْتِي (وَيُعْتَبَرُ لَحَلِفٍ حُضُورُ مُدَّعٍ وَمُدَّعًى عَلَيْهِ وَقْتَهُ) ؛ أَيْ: وَقْتَ الْحَلِفِ (كَبَيِّنَةٍ عَلَيْهِ) ؛ أَيْ: الْقَتْلِ فَلَا تُسْمَعُ إلَّا بِحَضْرَةِ كُلٍّ مِنْ مُدَّعٍ وَمُدَّعًى عَلَيْهِ.
وَ (لَا) يُعْتَبَرُ فِيهَا (مُوَالَاةُ الْأَيْمَانِ وَلَا كَوْنُهَا فِي مَجْلِسٍ) وَاحِدٍ، فَلَوْ جِيءَ بِهَا فِي مَجَالِسَ أَجْزَأَتْهُ كَمَا لَوْ أَتَى مَنْ لَهُ بَيِّنَةٌ فِي كُلِّ مَجْلِسٍ بِشَاهِدٍ (وَمَتَى حَلَفَ الذُّكُورُ) مِنْ الْوَرَثَةِ (فَالْحَقُّ) الْوَاجِبُ بِالْقَتْلِ (حَتَّى فِي) قَتْلِ (عَمْدٍ لِلْجَمِيعِ) ؛ أَيْ: جَمِيعِ الْوَرَثَةِ ذُكُورٍ أَوْ نِسَاءٍ؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ ثَبَتَ لِلْمَيِّتِ فَصَارَ لِوَرَثَتِهِ كَالدَّيْنِ.
. وَصِفَةُ الْيَمِينِ أَنْ يَقُولَ: وَاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَه إلَّا هُوَ عَالِمُ خَائِنَةِ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ، لَقَدْ قَتَلَ فُلَانٌ بْنُ فُلَانٍ الْفُلَانِيُّ، وَيُشِيرُ إلَيْهِ فُلَانًا ابْنِي أَوْ أَخِي أَوْ نَحْوَهُ مُنْفَرِدًا بِقَتْلِهِ، مَا شَارَكَهُ غَيْرُهُ عَمْدًا أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ أَوْ خَطَأً بِسَيْفٍ أَوْ بِمَا يَقْتُلُ غَالِبًا، وَنَحْوُ ذَلِكَ مِمَّا يُؤَدِّي هَذَا الْمَعْنَى، فَإِنْ اقْتَصَرَ الْحَالِفُ عَلَى لَفْظَةِ " وَاَللَّهِ " كَفَّرَ؛ لِأَنَّ مَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ تَغْلِيظٌ، وَلَيْسَ بِلَازِمٍ كَمَا يَأْتِي فَلَا يَكُونُ نَاكِلًا بِتَرْكِهِ، " وَيَكُونُ لَفْظُ الْجَلَالَةِ بِالْجَرِّ، فَلَوْ قَالَ: " وَاَللَّهُ " مَضْمُومًا أَوْ مَنْصُوبًا أَجْزَأَهُ. قَالَ الْقَاضِي:
تَعَمَّدَهُ أَوْ لَمْ يَتَعَمَّدْ؛ لِأَنَّهُ لَحْنٌ لَا يُحِيلُ الْمَعْنَى، وَبِأَيِّ اسْمٍ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ صِفَةٍ مِنْ صِفَاتِ ذَاتِهِ حَلَفَ إذَا كَانَ إطْلَاقُهُ يَنْصَرِفُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى.
(وَإِنْ نَكَلُوا) ؛ أَيْ: ذُكُورُ الْوَرَثَةِ عَنْ أَيْمَانِ الْقَسَامَةِ (أَوْ كَانُوا) ؛ أَيْ: الْوَرَثَةُ (كُلُّهُمْ خَنَاثَى أَوْ نِسَاءٌ؛ حَلَفَ مُدَّعًى عَلَيْهِ خَمْسِينَ يَمِينًا؛ كَ) قَوْلِهِ وَاَللَّهِ: مَا قَتَلْتُهُ وَلَا شَارَكْتُ فِي قَتْلِهِ وَلَا فَعَلْتُ شَيْئًا (مَاتَ مِنْهُ) وَلَا كَانَ سَبَبًا فِي مَوْتِهِ وَلَا مُعِينًا عَلَى مَوْتِهِ، وَيَبْرَأُ إنْ رَضُوا بِأَيْمَانِهِ لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «فَتُبَرِّئُكُمْ يَهُودُ بِأَيْمَانِ خَمْسِينَ مِنْهُمْ» أَيْ: يَبْرَءُونَ مِنْكُمْ وَفِي لَفْظٍ: " فَيَحْلِفُونَ خَمْسِينَ يَمِينًا وَيَبْرَءُونَ مِنْ دَمِهِ "(إنْ رَضُوا) ؛ أَيْ: الْوَرَثَةُ بِأَيْمَانِهِ؛ أَيْ: أَيْمَانِ مُدَّعًى عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ عليه الصلاة والسلام لَمْ يُحَلِّفْ الْيَهُودَ حِينَ قَالَ الْأَنْصَارُ: كَيْف تَأْخُذُ بِأَيْمَانِ قَوْمٍ كُفَّارٍ.
(فَإِنْ نَكَلَ) مُدَّعًى عَلَيْهِ عَنْ شَيْءٍ مِنْ الْخَمْسِينَ يَمِينًا (لَزِمَتْهُ الدِّيَةُ) لِأَنَّهُ حَقٌّ ثَبَتَ بِالنُّكُولِ؛ فَيَثْبُتُ فِي حَقِّهِ كَسَائِرِ الدَّعَاوَى، وَلَوْ رَدَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعِي؛ فَلَيْسَ لِلْمُدَّعِي أَنْ يَحْلِفَ؛ بَلْ يُقَالُ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ: إمَّا أَنْ تَحْلِفَ؛ أَوْ جَعَلْتُكَ نَاكِلًا، وَقَضَيْتُ عَلَيْكَ بِالنُّكُولِ.
(وَإِنْ نَكَلُوا) ؛ أَيْ: الْوَرَثَةُ عَنْ أَيْمَانِ الْقَسَامَةِ (وَلَمْ يَرْضَوْا بِيَمِينِهِ) ؛ أَيْ: الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (فَدَى الْإِمَامُ الْقَتِيلَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ) وَخَلَّى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ عليه الصلاة والسلام وَدَى الْأَنْصَارِيَّ مِنْ عِنْدِهِ لَمَّا لَمْ تَرْضَ الْأَنْصَارُ بِيَمِينِ الْيَهُودِ، وَلِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ سَبِيلٌ إلَى الثُّبُوتِ، وَلَمْ يُوجَدْ مَا يُوجِبُ السُّقُوطَ؛ فَوَجَبَ الْغُرْمُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ؛ لِئَلَّا يَضِيعَ الْمَعْصُومُ هَدَرًا (كَمَيِّتٍ فِي زَحْمَةٍ نَحْوِ جُمُعَةٍ وَطَوَافٍ) فَيُفْدَى مِنْ بَيْتِ الْمَالِ نَصًّا، وَاحْتَجَّ بِمَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ، وَمِنْهُ مَا رَوَى سَعِيدٌ فِي سُنَنِهِ " عَنْ إبْرَاهِيمَ قَالَ قُتِلَ رَجُلٌ فِي زِحَامِ النَّاسِ بِعَرَفَةَ، فَجَاءَ أَهْلُهُ إلَى عُمَرَ فَقَالَ: بَيِّنَتَكُمْ عَلَى مَنْ قَتَلَهُ: فَقَالَ عَلِيٌّ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ: لَا تُبْطِلْ دَمَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إنْ عَلِمْتَ قَاتِلَهُ، وَإِلَّا فَأَعْطِ دِيَتَهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ.