الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(رَبَّانِيِّين) :
جمع ربانيّ، وهو العالم.
وقيل الذي يربّ الناس بصغار العلم قبل كبره.
قال الجواليقي: قال أبو عبيدة: العرب لا تعرف الربانيين، وإنما يعرفها
الفقهاء وأهل العلم.
قال: وأحسب الكلمة ليست بعربية، وإنما هي عبرانية أو سريانية.
وجزم أبو القاسم بأنها سريانية.
قال محمد ابن الحنفية حين مات ابن عباس: اليوم مات ربانيّ هذه الأمة.
وقال أبو العباس ثعلب: إنما قيل للفقهاء
ربّانيّون، لأنهم يربّون العلم، أي يقومون به.
(رَابِطوا) : أقيموا في الثّغُورِ مُرَابطين، واربطوا
خَيْلَكم مستعدين للجهاد.
وقيل: هو مرابطة العبْد فيما بينه وبين الله تعالى، أي معاهدته على فعل
الطاعات وترك المعصية.
والأول أظهر وأشهر، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: " رِبَاط
يَوْمٍ في سبيل الله خَيْرٌ من صيام شهرٍ وقيامه ".
وأما قوله صلى الله عليه وسلم في انتظار الصلاة: فذلكم الرِّباط - فهو تشبيه بالرباط في سبيل الله لِعظَم أجْره.
والمرابط عند الفقهاء: هو الذي يسكن الثغور ليرَابط فيها، وهي غَيْر موطنه.
وأما سكناها دائماً للمعاش فليسوا بمرابطين، ولكنهم حماة.
حكاه ابن عطية.
وقال غيره: إذا سكن بأهْلِه بقَصْد إعفافه وقيامها بشؤونه فيعد منهم.
وفضل الله أوْسع.
(ربُّكم) :
أي مرَبّيكم بالنعم.
قال الطيبي بعد كلام نَقَله: الفرق بين قوله اعبدوا الله - وبين قوله: اعبدوا ربكم - أن في الثاني إيجاب العبادة بواسطة
النعمة التي بها قوامهم، وفي: اعبدوا إيجاب عبادته لمراعاته عز وجل من غير
واسطة، فحيث ذكر الناس بقوله:(يا أيها الناس) ذكر الربوبية، كقوله:
يا أيها الناس اتَّقوا ربكم.
وحيث ذكر الإيمان، بقوله: يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله.
(رَقِيباً)
، أي حافظا، وهو من أسماء الله.
وإذا تحقَّقَ العَبْد بهذا الاسم العظيم وأمثاله استفاد مقام المراقبة، وهو مقام شَرِيف، أصله علم
وحال، ثم يثمر حالين، أما العِلْم: فهو معرفة العبد بأن الله مطَّلع عليه، ناظِرٌ إليه، يرى جميع أعماله، ويسمع جميع أقواله، وكلّ ما يخطر على باله.
وأما الحال: فهو ملازمة هذا العلم للقلب بحيث يغلب عليه ولا يغفل عنه.
ولا يكفي العلم دون هذه الحال.
فإذا حصل العلم والحال كانت ثمرتهما عند أصحاب اليمين الحياء من الله -
وهو يوجب بالضرورة ترك المعاصي، والجد في الطاعات، وكانت ثمرتهما عند الْمقَرّبين المشاهدة التي توجب التعظيم والإجلال لذي الجلال، وإلى هاتين الثمرتين أشار صلى الله عليه وسلم بقوله:" الإحسان أن تَعْبدَ الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك "، إشارة إلى الثمرة الثانية وهي المشاهدة الموجبة للتعظيم، كمن يشاهد
ملكاً عظيما فإنه يعظمه إذ ذاك بالضرورة.
وقوله: فإنْ لم تَكنْ تَرَاه فإنّه يَرَاك، إشارة إلى الثمرة الأولى.
ومعناه إن لم تكن من أهل المشاهدة التي هي مقام المقربين فاعلم أنه يراك، فإنه من أهل الحياء الذي هو مقام أصحاب اليمين، فلما فسر الإحسان أول مرة بالمقام الأعْلَى رأى أن كثيراً من الناس قد يعجزون عنه، فنزل عنه إلى المقام الآخر.
واعْلَم أَنَ المراقبةَ لا تستَقِيم حتى تتقدَّم قبلها المشارطة والمرابطة، ويتأخر عنها
المحاسبة والمعاقبة.
فأما المشارطة: ففي اشتراطِ العَبْد على نفسه التزام الطاعة، وترك المعاصي.
وأما المرابطة: فهي معاهدة العبد لربِّه على ذلك، ثم بعد المشارطة والمرابطة في أَوَّلِ الأمر تكون المراقبة إلى الرب.
وبعد ذلك يحاسب العبد نفسه على ما اشترطه وعاهد عليه، فإنْ وجد نفسه قد وفّى بما عاهد عليه الله حَمِد الله، وإنْ وجد نفسه قد حلّ عَقْد المشارطة، ونقض عقد المرابطة - عاقب النفس عقاباً
بأن يزجرها عن العَوْدَة إلى مثل ذلك.
ثم عاد إلى المشارطة والمرابطة وحافظ على
المراقبة، تم اختبر بالمحاسبة، فهكذا يكون العبد مع ربه.