الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقيل: إن الملائكة تقول: هؤلاء بنو آدم الذين اخترتهم وفضّلتهم وجعلتهم
خلفاء، وأمرتنا بالسجود لأبيهم قد عصوك، وتركوا خِدْمتك وأمْرَك (1) .
فيقول اللَه لهمْ: دعوهم فإنما استزلَّهم الشيطان وأغواهم هو وأولاده، ولو ابتليتكم بما ابتليتهم به لوقعتم فيما وقعوا فيه.
وفي الحديث أنه صلى الله عليه وسلم رأى ربَّه فقال: يا محمد.
فيم يختصم الملأ الأعلى، قال: لا أدري.
قال: في الكفّارات، وهي إسباغ الوضوء على المكاره.
وفي رواية في المسرات، والمشي بالأقدام إلى الجماعات، وانتظار
الصلاة بعد الصلاة.
وقيل الضمير في يختصمون للكفار، أي يختصمون في الملأ الأعلى، فيقول
بعضهم: هم بنات الله، ويقول آخرون: هم آلهة تعْبد، وهذا بعيد.
(ما أنا من المتَكلِّفين) :
أي الذين يتصنعون ويتخيّلون بما ليسوا من أهله.
(ما نعْبدهم إلا ليقرِّبونا إلى الله زلْفَى) :
أي يقول الكفار: ما نعبد هؤلاء الَالهة إلَا ليقرِّبونا إلى الله ويشفعوا لنا عنده.
ويعني بذلك الكفار الذين عبدوا الملائكة، أو الذين عبدوا الأصنام، أو الذين عبدوا عيسى أو عزَيراً، فإن جميعهم قالوا هذه المقالة.
(مَنْ هوَ كاذبٌ كَفّار) :
هذا إشارة إلى كذبهم في قولهم: (ليقرِّبونا إلى اللهَ) .
(ما شِئْتم مِنْ دونه) :
هذا تهديد ومبالغة في الخذلان والتّخْلِية لهم على ما هم عليه.
(مَثَانِي) :
جمع مثى، أي تثنَّى في القصص.
ويحتمل أن يكون مشتقاً من الثناء، لأنه يثني فيه على الله.
فإن قيل: مثاني جَمْع، فكيف يوصف به المفرد؟
فالجواب أن القرآن ينقسم إلى سور وآيات كثيرة، فهو جمع بهذا الاعتبار.
(1) لا يصح لأن فيه فيه سوء أدب مع الله تعالى، وهو لا يليق بحال الملائكة الكرام، وقد مدحهم الله بقوله (بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ (26) لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ (27) يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ (28) .
وقوله تعالى (لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ) .
ويجوز أن يكون كقولهم: برْمَة أعشار، وثوب أخلاق.
أو يكون تمييزاً من متشابه، كقولك: حسن شمائل.
(ما كنْتم تَكسِبون)، أي يقال للكفار والعصاة: ذوقوا ما
كسبتم من الكفر والمعصية.
(مَيِّتون) :
في هذا وعيد للكفار، لأنهم إذا ماتوا ظهر لهم
مَنْ كان على الحق ومَنْ كان على الباطل.
وفيه إخبار أيضا أنه صلى الله عليه وسلم يموت لئلا
يختلف الناس في موته، كما اختلفت الأمم في غيره.
(فَمَنْ أظلم مِمَّن كذَب على الله) :
أي لا أحد أظلم مِمَّنْ كذب على الله بأنه اتخذ صاحبةً وولدا.
وفي آية أخرى: (ومَنْ أظْلَم مِمَّن منَعَ مساجدَ اللَهِ) .
وفي أخرى: (ومن أظلم مِمّن افْتَرى على الله كذِباً) .
وفي أخرى: (ومَنْ أظْلَم مِمن ذُكِّرَ بآيات ربِّه) .
وهذه الأظلمية تختلف باختلاف الأنواع، وتطلق كلُّ آية على
ما يليق بها من الكذب وغيره، حسبما بيناه في غير هذا الموضع.
(مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ)،: من الأوامِر واجتناب نواهيه.
(مَقَالِيد) : بالفارسية مفاتيح.
وقيل خزائن.
واحدها إقْليد، وقيل مِقْليد.
وقيل لا واحد لها من لفظها.
ومعناها مالك السماوات ومدبِّر أمرها وحفظها، وهي من باب الكناية، لأن حافظ الخزائن ومدبر أمرها هو الذي يملك مقاليدَها، كما أن الخزائن أيضاً تجيء في جهة الله عز وجل إنما تجيء استعارة بمعنى اتساع قدْرته، وأنه المبتدع المخترع.
ويشبه أن يقال فما قد أوجد من المخلوقات، وهذا يتجوّز به على جهة التقريب والتفهيم للسامعين.
وقد ورد القرآن بذكر الخزائن، ووقعت في الحديث الصحيح: ماذا فتح الليلة من الخزائن.
والحقيقة في هذا غير بعيدة، لكنه ليس باختزان حاجة ولا قلة قدرة، كما هو اختزان الشيء.
قال عثمان بن عفان: فسألت رسولَ الله صلى الله عليه وسلم عن مقاليد السماوات والأرض، فقال: هي لا إله إلا الله، والله أكبر، وسبحان الله، والحمد لله، ولا حول ولا قوة إلا بالله، هو الأول والآخر، والظاهر والباطن، بيده الخير يحْيي ويميت وهو على كل شيء قدير.
فإن صح هذا الحديث فمعناه أنَّ مَنْ قال هذه الكلمات صادقا مخلصاً نال
الخيراتِ والبركات من السماء والأرض، لأن هذه الكلمات توصل إلى ذلك، فكأنها مفاتح له، وللَه سبحانه سبع خزائن: خزانة المطر في السماء، وخزانة النبات في الأرض، وخزانة اللؤلؤ والمرجان في البحر، وخزانة الموزونة في الجبال، وخزانة الأفكار للكفار، وخزانة الرضوان للأبرار، وخزانة المعرفة في القلوب.
وفي الحديث: إن بعضَ الأنبياء قال: يا رب، لكلّ ملك خزانة، فما
خزانتك، قال: خزانة أوسع من الكرسي، وأعظم من العرش، وأطيب من
الجنة، وأَزين من الملكوت، أرضها المعرفة، وسماؤها الإيمان، وشمسها الشوق، وقمرها المحبة، ونجومها الخواطر، وترابها الهمّة، وجدارها اليقين، وسحابها العقل، ومطرها الرحمة، وأشجارها الطاعة، وثمرها الحكمة، ولها أربعة أركان: التوكل، والتفكر، والأنس، والذكر.
ولها أربعة أبواب: العلم، والحلم، والرضا، والصبر، ألَا وهي القلب (1) .
(مَنْ شاء الله) :
يعني أَن جميع من في السماوات والأرض يموت عند نَفْخَةِ الصعق، إلَاّ جبريل وميكائيل وإسرافيل وملك الموت، ثم يميتهم الله بعد ذلك.
(مَا مَكروا) :
الضمير يعود على قوم فرعون، يعني أن الله وقى مؤمنهم مِنْ مكرهم، كما هو عادته سبحانه في وقاية مَنْ فَوَّض أمره إليه.
(ما للظَالمين مِنْ حَمِيم) :
المراد بهم الكفَّار، يعني أنهم ليس لهم من يشفع فيهم.
(1) يفتقر إلى سند صحيح.