الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(مسْتَقَرّ ومستَوْدعَ) :
يعني الولد في صلب الأب، وفي رحم الأم.
وقيل: الاستقرار فوق الأرض والاستيداع تحتها، لكن من كسر
القاف فهو اسم فاعل (ومستودع) اسم مفعول، والتقدير فمستقر ومستودع، ومَن فتحها فهو اسم مكان أو مصدر ومستودع مثله، والتقدير على هذا لكم مستقر ومستودع.
(متَرَاكِبا) : يعني السنبل أو الرمان، لأن بعضه على بعض.
(محَرَّمٌ على أزواجنا) :
إنما ذكر محرم حملا على لفظ ما، وكانوا يقولون في أجنة البَحِيرة والسائبة ما وُلد منها حيّاً فهو للرجال خاصة، ولا يأكل منها النساءُ، وما ولد منها ميّتا اشترك فيه الرجال والنساء.
(مخْتَلِفاً أكلُه) :
في اللون والطعم والرائحة والحجم.
وفي ذلك دليل على أن الخالق مختار مريد.
(مقَرَّبِين) : عطف على معنى " نَعَمْ "، كأنه قال: نعطيكم أجراً ونقربكم.
واختلف في عدد السحرة اختلافاً متبايناً، مِنْ سبعين رجلاً إلى سبعين ألفاً.
وكلّ ذلك لا أصْل له في صحة النقل.
(مُلْقِين) :
في تعبيرهم بهذه الجملة الاسمية إشارة إلى أنهم أهل الإلقاء المتمكنون فيه.
وتأمَّل إلى تعبيرهم عن إلقاء موسى في قولهم:
(إما أنْ تلْقِيَ) - بالفعل، وكيف لا يحقرون أمْرَ موسى وقد كان معهم من أسباب السحر سبعون وِقْراً، فلما رأى موسى ما عندهم أوجس في نفسه خيفه، فأوحى الله إليه لا تخف إنكَ أنْت الأعلى.
وكذلك المؤمن في حال النَّزْع يرى ملك الموت يقبض روحه، ويرى إبليس
يقصد إيمانه فيخاف ويحزن، فينزل الله الملائكة يبشّرونه بقولهم:(لا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون) .
يا محمدي، هذه الآية الشريفة التي أنزلها الله تعالى على نبيك، فلك فيها من
البشارة ما لا تحصيه العبارة.
وقد قيل فيها من الأقوال في الاستقامة والبشارة
نحو الخمسين قولاً، وقد قال هذه الكلمة المشرفة أربعة نفر، أولهم فرعون قالها اضطرارا، فأخذه الله نَكَال الآخرة والأولى.
وقالها المنافق استكباراً فأورثته الدَّرْكَ الأسفل.
وقالها قوم يونس افتقاراً فأورثتهم الأمان.
وقالها العارف افتخاراً فأورثته البِشارة والأمن من الخوف.
وأعظم من ذلك نزولُ الملائكة عليه، فسبحان مَنْ شرف هذه الأمة الكريمة
بخدمة الملائكة لهم، منهم من يستغفر لهم، ومنهم من يحفظ أرزاقهم وأنفسهم، ومنهم من يسوقُ إليهم الرياحَ والأمطار، ومنهم من يقبض أرواحَ الأبرار
والفجار.
فإن قلت: هل الخوف والحزن بمعنى؟
فالجواب أن الناسَ اختلفوا في الخوف والخزْن على ثلاثين قولاً أو أكثر
فقال جعفر الصادق: لاتخافوا مِنْ عَزْلِ الولاية، ولا تحزنوا من كثرة الجناية، وأبشروا بفضل العناية.
وقيل: لا تخافوا من الجحيم، ولا تحزنوا من فَوْتِ النعيم، وأبشروا برؤية
الكريم.
وقيل: لا تخافوا خَوْفَ الكفار، ولا تحزنوا حْنَ الفجّار، وأبشروا بثواب
الأبرار.
وقيل: لا تخافوا من كثرة العصيان، ولا تحزنوا من قلة الإحسان، وأبشروا
بلقاء الرحمن.
وقيل: لا تخافوا من العيوب، ولا تحزنوا من الذنوب، وأبشروا بالمطلوب.
وقيل: لا تخافوا من العقاب، ولا تحزنوا من الحساب، وأبْشِروا بحسن المآب.
وقيل: لا تخافوا من الشقاوة، ولا تحزنوا من القيامة، وأبشروا بحفْظِ الأمانة.
وقيل: لا تخافوا يا أهل الفريضة.
ولا تحزنوا يا أهْل السنة، وأبشروا يا أهل النافلة.
وقيل: الخوف لأولياء الله، والحزن لعباد الله، والبشارة لمن أطاع الله.
وقيل: لا تخافوا يا أهل الصلاة، ولا تحزنوا يا أهل الزكاة، وأبشروا يا
أهل الإيمان.
وقيل: لا تخافوا يا طالبي الدنيا، ولا تحزنوا يا طالبي العقْبى، وأبشروا يا
طالبي المولى.
وِقيل: لا تخافوا أيّها المذنبون، ولا تحزنوا أيها المطيعون، وأبشروا أيها
المشتاقون.
وقيل: لا تخافوا من السؤال، ولا تحزنوا من الحال، وأبشروا بالوصال.
وقيل: لا تخافوا يا أهل الملالة، ولا تحزنوا يا أهل الندامة، وأبشروا يا أهل
الكرامة.
وقيل: لا تخافوا أيها المريدون، ولا تحزنوا أيها الصديقون، وأبشروا أيها
المتقون.
وقيل غير ذلك من الأقاويل، كلّها لمن قال:(رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا) .
فإن قلت: شرط مع هذه الكلمة الاستقامة وأنى لنَيْلها؟
فالجواب أن " ثُمّ " على ثلاثة أوجه:
للتقديم، (ثم لنَحْن أعْلَم بالَّذين همْ أوْلى بها صِلِيّا) .
وللتقرير، (ثم كان من الذين آمَنُوا) .
وللترديف، وقَد قدَّمْنَاها في حرف الثاء.
وأما الاستقامة فأقرب ما قيل فيها: استقاموا على طريق الهداية والسنّة، ولا
يقدح الميل عنها ومخالفتها مَنِ استغفر وأناب، رزقنا الله التوبة والإنابة.