الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قلت: فلك أن تسأل وتقول: قد سميت سورة جَرَتْ فيها قصص أنبياء
بأسمائهم، كسورة نوح، وسورة هود، وسورة إبراهيم، وسورة يونس، وسورة آل عمران، وسورة طس سليمان، وسورة يوسف، وسورة محمد صلى الله على جميع الأنبياء، وسورة مريم، وسورة لقمان، وسورة المؤمن.
وسورة أقوام: كسورة بني إسرائيل، وسورة أصحابِ الكَهْف، وسورة الحِجْر، وسورة سبأ، وسورة الملائكة، وسورة الجِن، وسورة المنافقين، وسورة المطَفّفين.
ومع هذا لم يفْرَدْ لموسى سورة تسمّى به، مع كثرة ذكره في القرآن، حتى قال بعضهم: كاد القرآن أن يكون كله موسى، وكان أولى سورة تسمى به سورة طه أو القصص أو الأعراف لبسط قصته في الثلاثة مما لم تبْسط في غيرها.
وكذلك قصة آدم ذكرَتْ في عِّدةِ سوَر، ولم تسمّ به سورة كأنه اكتفي
بسورة الإنسان.
وكذلك قصة الذَّبيح من بدائع القصص، ولم تسَمّ به سورة الصافات.
وقصة داوود ذكرت في (ص) ولم تسم به، فانظر في حكمة ذلك.
على أني رأيت بعد ذلك في جمال القراء للسخَاوي أن سورة طه تسمى سورة
الكلِيم، وسماها الهُذَلي في كماله سورة موسى.
وأن سورة ص تسمى سورة داود.
ورأيت في كلام الجعبري أن سورة الصافّات تسمى سورة الذبيح، وذلك يحتاج إلى مستند من الرأي.
(ليس على الأعْمى حَرَج) :
اختلف والمعنى الذي رفع الله
به الحرج عن الأعرج والأعمى والمريض هذه الآية، فقيل: هو في هذه الآية
الغزو، أي لا حَرَجَ عليهم في تأخرهم عنه، وحكمهم عام في كل جهاد إلى يوم القيامة إلا أن يحزب حازب في حصرةٍ ما، فواجب عليهم بحسب الوسْع.
فإن قلت: أما رَفْع الحرج عن هؤلاء في هذه الآية فمفهوم تعقيبه به في عَتْب
المتخلّفين من القبائل، وأما ذكرهم في سورة النور، فلم أفهم له معنى؟
فالجواب: إنما ذكرهم في سورة النور لأنهم كانوا إذا نهضوا إلى الغَزْو
وخلّفوا أهلَ هذه الأعذار في بيوتهم، فكانوا يتجنّبون أكل مال الغائب، فنزلت في ذلك.
وقيل: إن الناس كانوا يتجنبّون الأكل معهم تقذَّرا، فنزلت الآية.
وهذا ضعيف، لأن رفع الحرج عن أهل الأعذار لا عن غيرهم.
والصواب أن يقال: إن الحرج مرفوع عن هؤلاء الثلاثة في كل ما يمنعهم منه
أعذارهم من الجهاد وغيره، ألا ترى أنه أباح الأكل للإنسان في هذه البيوت
المذكورة في الآية، من الآباء والأبناء والأخوات وغيرهم.
فإن قلت: إذا رفع الحرج عن هؤلاء فما معنى الآية: (انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ) .
فالجواب: أنه اختلف في الخفيف والثقيل، من هو، على أقوال: فقيل الخفيف الغنيّ، والثقيل الفقير.
وقيل الخفيف الشاب والثقيل الشيخ.
وقيل الخفيف النشيط، والثقيل الكسلان.
وهذه الأقوال أمثلة في الثقل والخفّة.
وقيل: إن هذه الآية منسوخة بقوله تعالى: (ليس على الضّعَفَاء ولا عَلَى المرْضَى) .
وعلى كلِّ تقديرٍ فجائز لأصحاب الأعذار الغَزْو، وأجرهم فيه مضاعف، لأن الأعرج قد يكون أجرأ الناس بالصبر وألَاّ يفر.
وقد غزا ابن أمِّ مكتوم، وكان يمسك الراية في بعض حروب القادسية، وقد خرّج النسائي في بعض هذا المعنى.
وذكر ابن أم مكتوم رحمه الله.
(للفقراء) : هذا بدل من قوله (لذي القربى واليتامي
والمساكين وابن السبيل) ، ليبين أن المراد بذلك (المهاجرين) ، ووصفهم بأنهم أخرجوا من ديارهم وأموالهم، لأنهم هاجروا من
مكة وتركوا فيها ديارهم وأمْوالهم.
(لقد زَيّنّا السماء الدّنيا بِمَصابِيح) .
السماء الدنيا -: هي القريبة منا.
والمصابيح يراد بها النجوم، فإن كانت النجوم كلها في السماء الدنيا فلا
إشكال.
وإن كانت في غيرها من السماوات فقد زينت السماء الدنيا، لأنها ظاهرة
فيها لنا.