الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الكثيرة، كقوله:(ولئن صبَرْتم لهو خَيْر للصابرين) .
وقوله: (فمَنْ عَفَا وأصْلَح فأجْرهُ على الله) .
والحديث: ما ازداد رجل بالعفو إلا عزا.
وفي حديث: فيقوم العافون عن الناس.
والتحريض على العفو لا يحْصى ذكره.
ويحكى عن الشيخ أبي الحسن الزبيدي رحمه الله أنه كان يوماً ببيت الأشياخ
في زاويته، وإذا به خارج هارب فارًّا بنفسه، فسئل عن ذلك، فقال: خطر لي أني لا أحلل أحداً ممن ظلمني، فتذكرت أن النبي صلى الله عليه وسلم أشد الناس حرصا على إنقاذ رجل من أمته من النار.
قلت: وأنا أتسبب في دخولهم إليها! فخفت سقوط البيت عليَّ، فهربت.
(مع الذين اتَّقوا) :
معناه مع الذين اتقوا بمعونته ونصْرته، وهو مصدر مشتق من الوقاية، فالتاء بدل من واو، ومعناه الخوف والتزام طاعة الله، وترك معاصيه، فهو جِمَاع كل خير.
وقد ضمن الله للْمتَمَسك به الهدى، لقوله: هدًى للمتقين، والولاية لقوله:
(واللَه وليّ المتقين) .
والمحبة لقوله: (إن الله يحبّ المتّقين) والمعرفة لقوله: (إنْ تَتَّقوا الله يَجْعَلْ لكم فرْقَانا) ، والمخرج من الغَمّ، والرزق من حيث لا يحتسب، لقوله:(ومَنْ يَتَّقِ الله يجعل له مَخْرجاً. ويَرْزُقْه من حيث لا يَحْتَسب) .
وتيسير الأمور لقوله: (ومَنْ يَتَّق اللَهَ يَجْعَلْ له مِنْ أمْره يسْراً) .
وغفران الذنوب وإعظامَ الأجور، لقوله تعالى:(ومن يَتّقِ اللهَ يُكَفِّر عنه سيئاته ويعْظِمْ له أجرا) .
وتقبل الأعمال، لقوله تعالى:(إنما يتَقَبَّل اللهُ مِنَ المتقين) .
والفَلَاح لقوله تعالى: (واتقوا الله لعلكم تفْلحون) .
والبشرى لقوله: (لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ) .
ودخول الجنة لقوله تعالى: (إنَّ للمتقين عند ربهم جنَّاتِ النَّعيم) .
والنجاة من النار، لقوله:(ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا) .
والباعث على التقوى عشرة: خوف العقاب الدنْيَوِي، وخوف العقاب
الأخْرَوِيّ، ورجاء، الثواب الدنيوي، ورجاء الثواب الأخروي، وخوفُ
الحساب، والحياء من نظر الله، وهو مقام المراقبة، والشكر على نعمه بطاعته، والعلم لقوله:(إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ) .
وتعظيم جلال الله، وهو مقام الهيْبة.
ودرجات التقوى خمسة: أن يتّقي العبد الكفر، وذلك مقام الإسلام.
وأن يتَّقي المعاصي والمحرّمات، وهو مقام التوبة.
وأن يتقي الشبهات، وهو مقام الورعَ.
وأن يتقي المباحات، وهو مقام الزهد.
وأن يتقي حضورَ غير الله على قلبه، وهو مقام المشاهدة.
(ما صَبْرُكَ إلا بِاللَه) :
هذا عزْم على النبي صلى الله عليه وسلم في خاصة نفسه على الصبر.
ويروى أنه قال لأصحابه: أمَّا أنا فأصبر كما أمِرت، فماذا تصنعون، قالوا:
نصبر كما ندبنا.
ثم أخبره أنه لا يصبر إلَاّ بمعونة الله.
وقد قيل إن ما في هذه الآية من الأمر بالصبْر منسوخ، وهذا إذا كان
الصبر يُرادُ به تركُ القتال، وأما إن كان الصبر يرادُ به ترك المثْلة التي فُعل مثلها بحمزة فذاك غير منسوخ.
قلت: وبالجملة فقد ورد ذكر الصبر في القرآن في أكثر من سبعين موضعاً.
وذلك لعظم موقعه في الدين.
قال بعض العلماء: كل الحسنات لها أجر محصور في
عشرة أمثالها إلى سبعمائة إلا الصبر فإنه لا يحصر أجره، لقوله تعالى:(إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ (10) .
وقال بعضهم: الأعمال البدنية الحسنة بعشر، والمالية الحسنة بسبعين، والقلبية - وهي الصبر ونحوه - إلى غير حد.
وقد ذكر الله للصابرين ثمانية أنواع من الكرامة: أولها: المحبة، لقوله:
(واللَه يُحِبُّ الصابِرين) .
والثاني: النصرة، لقوله:(إن الله مع الصابرين) .