الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والجمهور أنكروا خروجها عن الظرفية، وقالوا - في الآية الأولى: إن حتى
حرف ابتداء دخل على الجملة بأسرها، ولا عمل له.
وفي الثانية إن إذا الثانية، بدل من الأولى والأولى ظرف، وجوابها محذوف لفَهْمِ المعنى، وحسَّنَه طول الكلام.
وتقديره بعد إذا الثانية، أي انقسمتم انقساماً، وكنتم أزواجاً ثلاثة.
وقد تخرج عن الاستقبال فترد للحال، نحو:(والليل إذا يغْشَى) .
فإنّ الغشيان مقارِنٌ لليل.
- (والنهار إذا تَجَلَّى) .
(والنجم إذا هوى) .
وللماضي، نحو:(وإذا رأوْا تجارة أو لَهْواً) .
فإن الآية نزلت بعد الرؤية والانفضاض.
وكذا قوله تعالى: (ولا على الّذِين إذَا ما أتَوْكَ لِتَحْمِلَهم) .
(حتى إذا بَلَغَ مَطْلعَ الشّمْسِ) .
(حتى إذا ساوَى بين الصدَفَيْنِ) .
وقد تخرج عن الشرطية، نحو:(وإذا ما غَضِبوا هم يغْفِرُون) .
(والذين إذا أصابهم البَغْى هم يَنتَصِرون) ، فإذا في الآيتين ظرف للمبتدأ بعدها، ولو كانت شرطية والجملة الاسمية جواب قرنت بالفاء.
وقول بعضهم: إنه على تقديرها مردودٌ بأنها لا تحذف إلا ضرورة.
وقول آخر: إن الضمير توكيد مبتدأ، وإن ما بعده الجواب - تعسُّف.
وقول آخر إن جوابها محذوف مدلولٌ عليه بالجملة بعدها تكلفٌ من غير
ضرورة.
تنبيهات
الأول - المحققون على أن ناصب (إذا) شرْطها، والأكثرون أنه ما في
جوابها مِنْ فعلٍ أو شبهه.
الثاني - قد تستعمل إذا للاستمرار في الأحوال الماضية والحاضرة والمستقبلة.
كما يستعمل الفعل المضارع لذلك.
ومنه: (وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ (14) .
أي هذا شأنهم أبداً.
وكذا قوله: (وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى) .
الثالث - ذكر ابن هشام في المغني إذا ولم يذكر إذا ما، وقد ذكرها الشيخ
بهاء الدين السبكي في عروس الأفراح في أدوات الشرط، فأمّا إذ مَا فلم تقع في القرآن.
ومذهب سيبويه أنها حرف.
وقال المبرد وغيره: إنها باقية على الظرفية
وأما " إذَا ما " فوقعت في القرآن في قوله: (وإذا ما غَضِبوا هم يَغْفِرون) .
(إذا ما أتَوكَ لتَحملهم) .
ولم أجِد مَنْ تعرّض لكونها باقيةً على الظرفية أو محولة إلى الحرفية.
ويحتمل أن يجري فيها القولان في إذ ما.
ويحتمل أن يُجزم ببقائها على الظرفية، لأنها أبعد عن
التركيب بخلاف " إذ ما "
الرابع: تختص " إذا " بدخولها على المتيقَّن، والمظنون، والكثير الوقوع.
بخلاف إن فإنها تستعمل في الشكوك والوهوم والنادر، ولهذا قال تعالى:(إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ) .
ثم قال: (وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا) .
فأتى بإذا في الوضوء لتكرُّره وكثرة أسبابه، وبإنْ في الجنابة لقلَّة
وقوعها بالنسبة إلى الحدث.
وقال تعالى: (فَإِذَا جَاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ قَالُوا لَنَا هَذِهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا) .
(وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً فَرِحُوا بِهَا وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ) .
أتى في جانب الحسنة بـ إذا لأنَّ نِعَمَ الله على العباد كثيرة ومقطوع بها، وبـ إن في جانب السيئة لأنها نادرة الوقوع
ومشكوك فيها.
نعم أشكل علىِ هذه القاعدة آيتان الأولى: (ولئن مِتُّم) ، (أفإنْ متَّ) ، مع أن الموت محقّق الوقوع.
والأخرى قوله: (وَإِذَا مَسَّ النَّاسَ ضُرٌّ دَعَوْا رَبَّهُمْ مُنِيبِينَ إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا أَذَاقَهُمْ مِنْهُ رَحْمَةً إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ) .
فأتى بـ إذا في الظرفين.