الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ) :
قد قدمنا سرَّ الإفصاح بأمه، ولم يسمّ امرأة في القرآن
غيرها، وذلك لنفي التهمة، لأن العادة بين الْخَلق ألَاّ يصرح الرجل باسم امرأته، فسمّاها الله باسمها كي لا يظنَّ ظانّ أنها زوجته، وخلقه الله بغير أبِ.
وكلّم الناسَ في الْمَهد ككلامه في حال الكهولة، وعلّمه التوراةَ في بطن أمهَ، وأحيا الموتى على يديه، وأبرأ الأكْمَه والأبْرَصَ، وأكرمه الله بالزُّهد في الدنيا حيث لم يتخذ من الدنيا شيئاً، ولهذا قال عليه السلام:"مَنْ أراد أن ينظرَ إلى زهْد عيسى فلينظر إلى زُهد أبي ذَرٍّ".
وعلمه الخطَّ الجيد، ولذلك قال عليه الصلاة والسلام:
الخط عشرة أجزاء: أحدها لجميع الْخَلْق وتسعة لعيسى ابن مريم خاصة.
وكانت مدة حَمْله ساعة.
وقيل ثلاث ساعات.
وحملَتْ به وهي بنْت عشر سنين.
وقيل بنت خمس عشرة سنة.
ورفعه الله إلى السماء، وله ثلاث وثلاثون سنة.
ونؤمن بنزوله في آخر الزمان، ويقتل الدجال.
وفي مسند أحمد من حديث جابر:
يَخْرُجُ الدَّجَّالُ فِي خَفْقَةٍ مِنْ الدِّينِ وَإِدْبَارٍ مِنْ الْعِلْمِ فَلَهُ أَرْبَعُونَ لَيْلَةً يَسِيحُهَا فِي الْأَرْضِ الْيَوْمُ مِنْهَا كَالسَّنَةِ وَالْيَوْمُ مِنْهَا كَالشَّهْرِ وَالْيَوْمُ مِنْهَا كَالْجُمُعَةِ ثُمَّ سَائِرُ أَيَّامِهِ كَأَيَّامِكُمْ هَذِهِ وَلَهُ حِمَارٌ يَرْكَبُهُ عَرْضُ مَا بَيْنَ أُذُنَيْهِ أَرْبَعُونَ ذِرَاعًا فَيَقُولُ لِلنَّاسِ أَنَا رَبُّكُمْ وَهُوَ أَعْوَرُ وَإِنَّ رَبَّكُمْ لَيْسَ بِأَعْوَرَ مَكْتُوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ كَافِرٌ ك ف ر مُهَجَّاةٌ يَقْرَؤُهُ كُلُّ مُؤْمِنٍ كَاتِبٌ وَغَيْرُ كَاتِبٍ يَرِدُ كُلَّ مَاءٍ وَمَنْهَلٍ إِلَّا الْمَدِينَةَ وَمَكَّةَ حَرَّمَهُمَا اللَّهُ عَلَيْهِ وَقَامَتْ الْمَلَائِكَةُ بِأَبْوَابِهَا وَمَعَهُ جِبَالٌ مِنْ خُبْزٍ وَالنَّاسُ فِي جَهْدٍ إِلَّا مَنْ تَبِعَهُ وَمَعَهُ نَهْرَانِ أَنَا أَعْلَمُ بِهِمَا مِنْهُ نَهَرٌ يَقُولُ الْجَنَّةُ وَنَهَرٌ يَقُولُ النَّارُ فَمَنْ أُدْخِلَ الَّذِي يُسَمِّيهِ الْجَنَّةَ فَهُوَ النَّارُ وَمَنْ أُدْخِلَ الَّذِي يُسَمِّيهِ النَّارَ فَهُوَ الْجَنَّةُ قَالَ وَيَبْعَثُ اللَّهُ مَعَهُ شَيَاطِينَ تُكَلِّمُ النَّاسَ وَمَعَهُ فِتْنَةٌ عَظِيمَةٌ يَأْمُرُ السَّمَاءَ فَتُمْطِرُ فِيمَا يَرَى النَّاسُ وَيَقْتُلُ نَفْسًا ثُمَّ يُحْيِيهَا فِيمَا يَرَى النَّاسُ لَا يُسَلَّطُ عَلَى غَيْرِهَا مِنْ النَّاسِ وَيَقُولُ أَيُّهَا النَّاسُ هَلْ يَفْعَلُ مِثْلَ هَذَا إِلَّا الرَّبُّ عز وجل قَالَ فَيَفِرُّ الْمُسْلِمُونَ إِلَى جَبَلِ الدُّخَانِ بِالشَّامِ فَيَأْتِيهِمْ فَيُحَاصِرُهُمْ
فَيَشْتَدُّ حِصَارُهُمْ وَيُجْهِدُهُمْ جَهْدًا شَدِيدًا ثُمَّ يَنْزِلُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ فَيُنَادِي مِنْ السَّحَرِ فَيَقُولُ يَا أَيُّهَا النَّاسُ مَا يَمْنَعُكُمْ أَنْ تَخْرُجُوا إِلَى الْكَذَّابِ الْخَبِيثِ فَيَقُولُونَ هَذَا رَجُلٌ جِنِّيٌّ فَيَنْطَلِقُونَ فَإِذَا هُمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ صلى الله عليه وسلم فَتُقَامُ الصَّلَاةُ فَيُقَالُ لَهُ تَقَدَّمْ يَا رُوحَ اللَّهِ فَيَقُولُ لِيَتَقَدَّمْ إِمَامُكُمْ فَلْيُصَلِّ بِكُمْ فَإِذَا صَلَّى صَلَاةَ الصُّبْحِ خَرَجُوا إِلَيْهِ قَالَ فَحِينَ يَرَى الْكَذَّابُ يَنْمَاثُ كَمَا يَنْمَاثُ الْمِلْحُ فِي الْمَاءِ فَيَمْشِي إِلَيْهِ فَيَقْتُلُهُ حَتَّى إِنَّ الشَّجَرَةَ وَالْحَجَرَ يُنَادِي يَا رُوحَ اللَّهِ هَذَا يَهُودِيٌّ فَلَا يَتْرُكُ مِمَّنْ كَانَ يَتْبَعُهُ أَحَدًا إِلَّا قَتَلَهُ.
وفي الصحيح أحاديث بمعنى ذلك.
وفي أحاديث أنه يتزوَّج ويولَدُ له الولد، ويمكث في الأرض سبع سنين، ويدْفن معه صلى الله عليه وسلم.
وفي الصحيح أنه رَبْعة أحمر كأنما خرج من دِيْمَاس - يعني حَمَّاما.
وعيسى اسم عبراني أو سرياني، وهو أحد الأربعة الذين سمّاهم الله قبل
وجودهم.
فإن قلت: قد اختاره الله لإقامةِ دينه، وخَصَّه بما لم يخصّ به أحد غيره، فلِمَ
لا يتقدم للصلاة بهذه الأمّة، وما الحكمة في تمثيل الله له بآدم، ولِمَ خلِق من
غير أب؟
والجواب أن الله ينزله لتجديد الشريعة المحمدية، فلو أمّ بهم لظنّوا أنه أتى
بشريعته المتقدمة، فنفى توهّم ذلك بقوله: ليتقدم إمامكم.
وأمَّا تمثيل اللهِ له بآدم فلأنَّ بقاءَ آدم بالتراب وبقاءَ النفس بالريح، والترابُ
طيّب والريح طيبة، والتراب يميز الخبيث من الطيب، والريح تميز الْحَبَّ من
التَبن، والريح رحمة والأرض رحمة، والأرض مسخرة، قال تعالى: (هو الذي
جعل لكم الأرْضَ ذَلُولا) .
والريح مسخّرة، والأرض مختلفة: خبيث وطيب، وحَزْن وسَهْل، والريح مختلفة منها لواقح وصَرْصر، وصَبا وشمال، ودَبور وجُنُب، والتراب يطفئ النار، والريح أيضاً يطفئها.
وكما مثّل الله عيسى بآدم مثّل الدنيا بماء السماء، قال تعالى:(إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ) .