الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(معَوِّقِين) ، أي يمنعونْ الناسَ من الجهاد، ويعوقونهم
بأقوالهم وأفعالهم.
ويقال عاقه عن الأمر، وعَوّقه وعَقَاه.
(مُقْمَحُون) : يقال قَمَحَ البعير إذا رفع رأسه، وأقْمَحَه غَيْره
إذا فعل به ذلك.
والمعنى أنهم لما اشتدت الأغلال حتى وصلت إلى أذقانهم اضطرت رؤوسهم
إلى الارتفاع.
وقيل: مُقْمَحون ممنوعون من كلّ خير.
(مظلِمُون) : داخلون في الظلام.
(مدْبِرين) : أى تركوا إبراهيم إعراضاً منهم، وخرجوا
إلى عيدهم.
وقيل: إنه أراد بالسقم الطاعون، وهو داء يُعْدِي، فخافوا منه
وتباعدوا عنه مخافة العدوى.
(مسْتَسْلِمون) : أي معطون بأيد يهم.
(مشْتركون) ، أي في النار.
(مُحْسِنين) : جمع محسن، ووصف به إبراهيم لما ابتلاه
فوجده مجِدًّا في طاعته.
فإن قلت: لم قال في حقه كذلك دون قوله (إنَّا) وقال في غيره إنا
كذلك؟
فالجواب أنه تقدم في قصة إبراهيم نفسها (إنّا كذلك) ، فأغنى عن تكرار (إنا) هنا.
ْ
(مدْحَضِين)
.
أي مغلوب في القرعة والحجة.
وسبب مقارعته أنه لما ركب السفينة وقفت ولم تَجْرِ، فقالوا: إنما وقفت من حادثٍ حدث، فنَقْتَرع لنرى على مَنْ تخرج القرعة فنطرحه، فاقترعوا، فخرجت القرْعة على يونس، فطرحوه في البحر، فأوحى الله إلى حوت من حيتانه: اذهب فالتقمه، ولئن خدشْتَ له لحماً، أو كسرت له عظماً لأعذّبنك عذاباً لم أعذبْه
أحداً من العالمين، فالتقَمته ومشَتْ به البحار كلَّها تفخر على أبناء جنسها، حتى نبذَتْه بالعراء وهو سقيم بعد أربعين يوماً.
وروِيَ أن الحوت صام أربعين يوماً.
وأنتَ يا محمدي، أكرمك الله بالقرآن، وفضّلك بالإيمان، ولا تمتنع عن
الآثام، ولا تفخر على أبناء جنسك.
ولما خسف اللهُ بقارون، واستغاثت الأرضُ، وقالت: اللهم كما أريتنا عدوّاً
من أعدائك فأرِنا حبيبا من أحبابك لنتسلّى برؤية الحبيب.
وكذلك بيت المقدس لما خَرَّبه بخْت نَصّر استغاث بالله، فأراه الله نبينا
صلى الله عليه وسلم ليلة الإسراء، وهذه هي الحكمة في إسْرائه من بيت المقدس.
ولما أوحى اللَّهُ إلى البحر أنْ ينفلِقَ لفرعون حتى يدخلَ فيه استغاث، فدخل
فيه موسى أمامَه.
وكذلك النار لما علمت أنها دارُ أعدائه سألتْه أن يريها أحبّاءه، فأدْخل
المؤمنين النار لتتسلَّى برؤية الأحبّاء عن رؤية الأعْداء، قال تعالى: (وإنْ منكم
إلاّ وَاردهَا) .
والمقصود بورودهم إجابة دعوة النار لا الإحراق.
قال تعالى: (ثم نُنَجِّي الذين اتقَوْا ونَذَرُ الظالمين فيها جِثِيّا) .
واعلم أنَّ الله تعالى ابتلى تسعة من الأنبياء فوجدوا تسعة أشياء:
ابتلى آدمَ بوسوسة الشيطان فوجد التوبة، وإبراهيم بالنار فوجد الخلّة، وإسماعيل بالذبح فوجد الفداء، ويعقوب بالشدَّةِ والقَحْط فوجد الفرج، والملك، ويوسف بالسجن فوجد الصديقية، وأيوب بالبلاء فوجد الصبر، ويونس بالحوت فوجد النجاة، ونبينا محمدا صلى الله عليه وسلم باليتْم فوجد العزّة، قال تعالى:(فكان قَابَ قَوْسَيْنِ أو أدنى) .
وسليمان ابتلاه الله بزوال الملك فوجد الإنابة.
وسبب زوال ملكه أنه نظر إليه فابتلاه اللهُ بإلقاء الجسد على كرسيه وإلى مَلَئِه وقوّته فابتلاه بآصف، وإلى سياسته فابتلاه بالهدهد، فقال:(أحطْت بما لم تحِطْ به)
وإلى جنوده فابتلاه بنملة قالت له تنظر إلى جنودك ولو
عرضْت عليك جنودي سنةً لم يفرغوا (1) ، فإياك والنظر إلى غيره سبحانه، فتبتلى، لأنَّ من عادته سبحانه أنَّ من أحبّ شيئاً ابتلي بفراقه، فإن رجع إلى الله ردَّه اللَه عليه، كسليمان لما رجع إلى اللهِ ردَّ اللَّهُ عليه ملْكه.
وموسى لما رجع إلى الله ردَّ الله عليه عصاه، فقال له: خذْها ولا تخَفْ.
وَيعقوب قال: (إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ) جمع الله شَمْلَه به، وإبراهيم لما رجع إلى الله في ذَبْح ولده فداه الله بِذبْح عظيم.
وتأمَّلْ هذا اللطفَ منه سبحانه حيث لم يرِدْ مواجهة خليله بقَتْلِ ولده
بالوحي، فأراه في المنام، وكذلك الحق سبحانه يقول: ما تردّدت في شيء
كترددي في قَبْضِ روح المؤمن، هو يكره الموت وأنا أحبّ لقياه.
(مُلِيم) ، من اللوم، وهو التعيير، وذلك أنه فعل ما يلام عليه في خروجه من قومه بغير إذن رَبِّه، فحبسه في بطن الحوت حتى
طهره، وأخرجه بتسبيحة واحدة، وكذلك المؤمن يَحْبِسه في النار حتى يطهره من غير ألَمٍ يناله فيها لأن له عقدَ الوصلة، كأيوب حلف أن يضرب زوجته مائةَ سوط، فأمره اللَّهُ أن يأخذ بيده ضِغْثاً - وهو ملء كفٍّ من الحشيش كى لا تتأذّى امرأته بالضرب.
فإن قلت: كيف يجمع بين هذا وبين قوله: (فلولا أنه كان مِنَ المسبِّحين)
- فإنها تقتضي أنه لولا التسبيح لَلَبِث، فاللبث منْتَفٍ
لوجود التسبيح، وهذه تقتضي لولا تداركه النعمة لنبذ، وهو مذموم، فهو
يقتضي - انتفاء النبذ، وانتفاء النبذ هو اللّبْث، وهذه تقتضي ثبوت اللبث لا انتفاء اللبث، والأولى تقتضي انتفاء اللبث وكون اللبث مثبتا مَنْفِيّاً محال، أو يقال الأولى تقتضي ثبوت النبذ والثانية انتفاؤه؟
وأجاب بعض الفضلاء بأنّ لو الأولى في قوّة لولا التسبيح لثبت اللبث.
والثانية في قوة لو انتفت النعمة لنبذ، ولما كان الواقع مِنْ مراد الله تعالى أنَّ
(1) كيف يصح هذا وقد سخر له الكون كله إنساً وجنًّا وطيراً حتى الشيطان؟؟!!!
ثانيا: معاذ الله أن ينظر نبي الله سليمان عليه السلام إلى شيء من ذلك وقد قال الله في حقه (فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِنْ قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ (19) .
(وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ (30) .
وبعض هذا الكلام فيه نظر لا يخفى على أولي النهى.