الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يستغفرون لهم، حتى إن جبريل طلب منه صلى الله عليه وسلم أن تجوز أمّته على جناحه ليقيهم من حَرّ نار جهنم، وطلبت الملائكة يوم بَدْر وحنين ربها في نصرتهم إكراما وتشريفاً لنبيهم، ألا تراهم ليلة القدر يطلبون النزول إليهم للسلام عليهم، والحضور معهم، يرغبون في غفران ذنوبهم والتشفّع فيهم، فمَنْ أولى منك يا محمدي بالتشريف إن كنتَ من أمة النبي الشريف، اللهم بحرمته عندك، ومكانته لديك، لا تحرمنا من رؤيته وجِوَاره في مستقرّ رحمتك، واغفر لنا ما جنيناه، إنك أنت الغفور الرحيم.
(ما عملَتْه أيديهم) :
(ما) معطوفة على ثمره، أي ليأكلوا من ثمره وممَّا عملت أيديهم بالحَرْث والزراعة والغراسة.
وقيل: (ما) نافية.
وقرئ: "وما عملت" بغير هاء، وما على هذا معطوفة.
(مَنَازل) :
مساكن ومواطن، ومنازل القمر ثمانية وعشرون
ينزل القمر كلّ ليلة واحدةً منها مِنْ أول الشهر ثم يستتر في آخره ليلة أو ليلتين.
قال الزمخشري: وهذه المنازل هي مواقع النجوم.
(ما يَنْطرون إلَاّ صَيْحةً واحِدةً تأخذهم) :
يعني النفخة الأولى في الصور، وهي نفخة الصعق تأخذهم بغتة.
(مَنْ بَعثَنا مِنْ مَرْقَدِنا)
.
المرقد يحتمل أن يكونَ اسم مصدر، أو اسم مكان، قال أبي بن كعب ومجاهد: إن البشر ينامون نومة قبل الحشر.
ابن عطية: وهذا غير صحيح الإسناد، وإنما الوجه في معنى قولهم: (مِنْ
مرقدنا) أنها استعارة وتشبيه، يعني أنَّ قبورهم شبِّهت بالمضاجع، لكونهم فيها على هيئة الراقد، وإن لم يكن رقاد في الحقيقة.
(ما وَعدَ الرحمن وصدَق الْمرْسَلون) :
هذا مبتدأ محذوف الخبر، ويحتمل أن يكون هذا الكلام مِنْ بقية كلامهم، أو يكون من كلام الله تعالى، والمؤمنون يقولونها للكفار على وَجْهِ التقريع.
(مَكَانَتِهم) : مكانهم.
والمعنى لو نشاء لمسخناهم مَسْخاً يقعدهم في مكانهم، فلا يقدرون على الذهاب ولا على الرجوع.
(مَنْ نعَمِّرْه ننَكسْه في الخَلْق) .
أي نحوّل خلقته من القوة إلى الضعف، ومن الفهم إلى البله، ومن الشباب إلى الهرم، وشِبْه ذلك، كما قال تعالى:(ثم جعل مِنْ قوّةٍ ضَعْفاً وشَيْبَة) .
واختلف في حد التعمير الذي يصل الإنسان فيه إلى هذا.
والصحيح أنَّ ذلك يختلف باختلاف الأشخاص، وقد قدمنا الحديث:
"مَنْ صدق في صغره حفظه الله في كبره".
فالذي تراه صادقَ اللهجة يحفظه في كبره من ذهاب عقله.
ومقصود الآية الاستدلال على قدرة الله - في مشاهدتهم - على تنكيس الإنسان إذا هرم فالذي يقدر على هذا يقدر على مسخكم لولا رحمته بكم، ولذلك ختم الآية بالعقل الذي هو أسّ الأمور.
(ما عَلَّمْنَاه الشِّعْرَ وما ينْبَغِي لَه) .
هذه الضمائر راجعةٌ لنبيِّنا ومولانا محمد صلى الله عليه وسلم، لأنهم قالوا له شاعر، فرد الله عليهم بهذه الآية، واعجبا
منهم! وهم يرونه لا يزن شعراً ولا يذكره، وإذا ذَكَر بيتاً منه كسره، ويقولون فيه شاعر! تَبًّا لهم!
فإن قلت: قد تكلّم بكلام على وزْن الشعر، كقوله صلى الله عليه وسلم: هل أنت إلا أصبع دميت. وفي سبيل الله ما لقيت.
وقال: أنا النبي لا كذب. أنا ابن عبد الطلب.
فالجواب أن هذا ليس بشعر، ولم يقصده، وإنما جاء بالاتفاق لا بالقصد.
كالكلام المنثور.
ومثل هذا يقال فيما جاء في القرآن من الكلام الموزون الذي
تحدَّاهم الله بسورة منه فلم يقدروا، مع أنهم طبعوا على الفصاحة والشعر، فهو من أعظم المعجزات.
كأنه قال لهم: إن قلتم فيه إنه شاعر فأتوا بشعر مثله، مع أنه
ليس بشعر، ولا ينبغي له الشعر لصدقه وأمانته، (وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ (224) أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ (225) .
ولهذا ذمّ الله الشعراء، لإفراط التجوّز فيه، وإنْ ورد
في الحديث: إنَّ من الشعر لحكمة - فإنما يصدق على ما هو عَرِيّ عن الأوصاف الذميمة، ورحم الله الشافعي في قوله: الشعر كلام، والكلام منه حسن ومنه قبيح.
(مَنَافِعُ وَمَشَارِب) :
قد قدمنا في النحل معناه.
(مَثَلاً ونَسِيَ خَلْقَه) .
يعني أن العاصي بن وائل أو أمية بن خلف، أو أبي بن خلف، على اختلاف الروايات أتى إلى رسول اللَه صلى الله عليه وسلم بعظم
رميم، فقال له: يا محمد، مَنْ يُحْيى هذا؟ فقال له: الله يحييه، ويميتك ثم يحييك، ويدخلك جهنم، فانظر كيف نَسِي خلقته الأولى، واستعظم وجودَ الثانية، هل هذا إلا من المعاندة في المحسوس، فكيف يطلق اسم الخالق على من لم يخلق جميع الناس، ولقد أنزل الله خمس آيات على نبيه لو لم يكن منها إلا واحدة لمنعَتْنَا من التمتع بهذه الدنيا:(أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ (21) .
(أَفَمَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِنًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ) .
(أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لَا يَسْتَوُونَ (18) .
(سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلَانِ (31) .
(أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ (115) .
فجميعُ المخلوقات على أصنافها لم يخلقها الله إلا لحكمة: الملائكة لخدمته.
وما منّا إلا مقَام معلوم.
والأرض للعبرة بها، قل سيروا في الأرض.
وفي الأرض آياتٌ للمُوقنين.
والأنعام للمنفعة، لتركبوا منها ومنها تأكلون.
والعارف لعبادته، وما خلقْتُ الجن والإنْسَ إلا ليَعْبدون.
والعالم للرحمة، قال تعالى:(ولا يزالون مختلفين إلا مَنْ رحم رَبُّك) .
فهنيئاً لمن فتح الله بصيرته وتَبًّا لمَنْ أعماها له.
(ما كانوا يَعْبُدون) :
يعني الأصنام والآدميين الذين كانوا يرضون بذلك.
وقد قدمنا أن فائدةَ دخول الأصنام والمعبودات النار
زيادةُ نَكالهم.