الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إلى الدنيا، أو دخول الجنة، أو الانتفاع بالإيمان حينئذ، فئحَال بينهم وبين
شهوتهم.
(ما يفْتَح اللَّهُ للناسِ مِنْ رَحمة)
.
الفتح في هذه الآية: عبارة عن العطاء، والإمساك عبارة عن الْمَنْع، والإرسال والإطلاق بعد المنع، والرحمة كل ما يمنّ الله به على عباده من خير الدنيا والآخرة.
فمعنى الآية لا مانع لما أعطى الله، ولا معْطي لما منع.
فإن قيل: لم أَنّث الضمير في قوله: (فلا ممسك لها) ، وذكّره في قوله (فلا مرسل له) ، وكلاهما يعود على ما الشرطية؟
فالجواب أنه لما فَسَّر الأول بقوله: (من رحمة) - أنث لتأنيث الرحمة، وترك
الآخر على الأصل من التذكير.
(أفمنْ زُيِّنَ له سوءُ عَملِه) :
توقيف، وجوابه محذوف، تقديره أفمن زيِّنَ له سوءُ عمله كمن لم يزَيّن له.
ثم بنى على ذلك ما بعده، فالذي زين له سوءُ عمله هو الذي أضلَّه الله، والذي لم يزينّ له سوء عمله هو الذي هداه.
(مَكْر أولئكَ هو يَبور) .
قد قدمْنَا في حرف الباء أنَّ البَوارَ معناه الهلاك، ومعناه هنا أنَّ مكرهم يبطل ولا ينفعهم.
(ما يعَمَّر مِنْ معَمَّر) .
معناها أنَّ التعمير - وهو طول العمر، والنقص وهو قصره - مكتوب في اللوح المحفوظ.
فإن قيل: إن التعمير والنقص لا يجتمعان في شخص واحد، فكيف أعاد
الضمير في قوله: (ولا ينْقَص من عمره) على الشخص المعمر؟
فالجواب من ثلاثة أوجه:
الأول: وهو الصحيح - أن المعنى لا يزاد في عمر إنسان، ولا ينقص من
عمره إلا في كتاب، فوضع من معمر في موضع من أحد، وليس المراد شخصاً واحدا، وإنما ذلك كقولك: لا يعاقب الله عبدا ولا يثيبه إلا بحق.
والثاني: أن المعنى لا يزَاد في عمر إنسان ولا ينقص من عمره إلا في
كتاب، وذلك أن يكتبه في اللوح المحفوظ إن تصدَّق فلانٌ فعمره ستّون سنة، وإن لم يتصدق فعمره أربعون، وهذا ظاهر قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: صلَة الرحم تزيد في العمر، إلا أن ذلك مذهب المعتزلة القائلين بالأجلين، وليس مذهب الأشعرية.
وقد قال كعب حين طعن عمر: لو دعا الله فزاد في أجله، فأنكر
الناس ذلك عليه، فاحتج بهذه الآية.
والثالث: أن التعمير هو كَتْب ما يستقبل من العمر، والنقص هو كتب ما
مضى منه في اللوح المحفوظ، وذلك في حق كل شخص.
(ما يَسْتَوِي البَحْرَان) :
قد قدمنا معنى البحرين، والقَصْد في هذه الآية التنبيه على قدرة الله ووحدانيته وإنعامه على عباده.
وقال الزمخشري: إن الله ضرب البحرين الملح والعذب مثلين للمؤمن والكافر، وهذا بعيد
(مَا يَسْتَوِي الْأَحْيَاءُ وَلَا الْأَمْوَاتُ) :
الآية تمثيل لمن آمن، فهو كالحيّ، ومن لم يؤمن فهو كالميت.
وقوله: (وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ) ، عبارة عن عدم سمع الكفَّار للبراهين والمواعظ، فشبّههم بالموتى في عدم إحساسهم.
وقيل المعنى أنَّ أهل القبور وهم الموتى حقيقة لا يسمعون، فليس عليك أن
تسمعهم، وإنما بعثت إلى الأحياء.
وقد استدلت عائشة بالآية على أنَّ الموتى لا يسمعون، وأنكرت ما ورد من
خطاب النبي صلى الله عليه وسلم لِقَتْلى بَدْر حين جعلوا في القَلِيب، وقوله: ما أنت بأسمع لما أقول لهم منهم، ولكن يمكن الجَمْع بين قولها وبين الحديث بأن الموتى في القبور إذا رُدَّت إليهم أرواحهم سمعوا، وإن لم ترد إلى أجسادهم لم يسمعوا، فردَّ اللَه إلى أهل القليب أرواحهم ليسمعوا خطابه صلى الله عليه وسلم تهويلاً لهم وحسرةً في قلوبهم.
(ما أُنْذِرَ آباؤهم) : (ما) نافية.
والمعنى لم يرسَل إليهم