الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(تزْرَعُونه) ، المراد بالزراعة هنا إنبات مما يُزرع، وتمام
خلقته، لأن ذلك مما انفرد الله به ولا يَدّعيه غيره، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يقولنّ أَحَدكم زرعت، ولكن يقول حرثت.
وقد يقال لهذا زَارع".
ومنه قوله: (يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ) .
(تَفَكَّهون)
، أي تطرحون الفاكهة، وهي المسرّة، يقال:
رجل فكه، إذا كان مسروراً منْبَسط النّفس.
ويقال تفكه إذا زالت عنه الفاكهة
فصار حزيناً، لأن صيغة تفعل تأتي لزوال الشيء، كقولهم: تحرّج وتأثّم إذا
جانب الحرج والإثْم، فالمعنى صرتم تحزنون على الزرع لو جعله الله حُطَاماً.
وقد عبّر بعضهم عن تفكهون بأن معناه تفجعون.
وقيل: تندمون.
وقيل تعجبون.
وهذه معان متقاربة.
والأصل ما ذكرناه.
(تَذْكرة) ، أي تذكِّرُ بنار جهَنمّ.
(تجعلون رِزْقَكم) : قال ابن عطية: أجمع المفسرون على أن
الآية توبيخ للقائلين في المطر إنه نزل بنَوْءِ كذا وكذا، فالمعنى تجعلون شكرَ
رزقكم التكذيبَ، فحذف شكراً لدلالة المعنى عليه.
وقرأ علي بن أبي طالب:
وتجعلون شكركم أنكم تكذبون.
وكذا قرأ ابن عباس، إلا أنه قرأ تكذبون - بضم التاء والتشديد، كقراءة الجماعة.
وقراءة علي بن أبي طالب بفتح التاء وإسكان الكاف من الكذب، أي يكذبون في قولهم: نزل المطر بِنَوْءَ كذا.
ومن هذا المعنى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: يقول الله تعالى: أصبح من عبادي مؤمن بي كافر بالكوكب، وكافر بي مؤمن بالكوكب، فأما مَن قال مُطِرنا بفضل اللَه ورحمته فذلك مؤمن بي كافر بالكوكب، وأما مَنْ قال مُطِرْنا بِنَوْء كذا وكذا
فذاك كافر بي مؤمن بالكوكب.
والنهيّ عنه في هذا الباب أن يعتقد أن للكواكب تأثيرا في المطر، وأما
مراعاة العوائد التي أجراها الله تعالى فلا بَأْسَ به، كقوله صلى الله عليه وسلم: إذا نشأت تجرية ثم تشاءمت فتلك عَيْن غدَيْقَة.
وقال عمر للعباس - وهما في الاستسقاء: كم بقي من نَوْء الثريا، فقال
العباس: العلماء يقولون إنها تعترض في الأفق بعد.
سقوطها سبعاً.
قال ابن المسيَّب: فما مضت سبع حتى مطروا.
وقيل: إن معنى الآية تجعلون سببَ رزقكم تكذيبكم للنبي صلى الله عليه وسلم، فإنهم كانوا يقولون إن آمنّا حرمنا اللهُ الرزق، كقولهم: إن نتبع الهدى معك نتخطّف من أرضنا، فأنكر الله عليهم ذلك.
وإعراب " أنكم " على هذا القول مفعول
بتجعلون على حَذْفِ مضاف، تقديره تجعلون رزقكم حاصلاً من أجل أنكم
تكذبون.
وأما على القول الآخر فإعراب أنكم تكذّبون مفعولاً لا غير.
(تشتكي إلى الله) : ضمير المؤنث يعود على خَوْلة بنت
حَكِيم على أحد الأقوال لمَا ظاهر منها أَوس بن الصامت الأنصاري، وكان
الظِّهَارُ في الجاهلية يوجب تحريماً مؤبَّدا، فلما فعل جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله، إنَّ أوْساً أكل شبابي، ونثرت له بطني، فلما كبرت ومات أهلي ظاهَرَ منّي.
فقال صلى الله عليه وسلم: ما أراكِ إلَاّ قد حَرُمْتِ عليه.
فقالت: يا رسول الله، لا تفعَلْ فإني وحيدة ليس لي أهْلٌ سواه.
فراجعها صلى الله عليه وسلم بمثْلِ مَقَالته، فرجعت إلى الله.
وقالت: اللهم إني أشكو إليك حالي وانفرادي وفَقْري.
وقيل: إنها قالت اللهم إن لي منه صبيةً صغاراً إن ضَمَمْتهم إليّ جاعوا، وإن
ضممتهم إليه ضاعوا.
فأنزل الله كفّارة الظهار.
وهكذا عادته سبحانه في كل ملهوف يرجع إليه يفرج عنه.
(تَحَاوُرَكما) ، أي مراجعتكما.
وضمير التثنية يعود على النبي صلى الله عليه وسلم، وخَولة.
قالت عائشة رضي الله عنها: سبحان مَنْ وسِعَ سمعه الأصوات! لقد كنْتُ
حاضرةً، وكان بعض كلام خَولة يخفى عليَّ، وسمع الله كلامها، ونزل القرآن