الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(مَنْ جاء بالحسنة) .
وما الحكمة في أنَّ الله ذكر الصدقةَ بلفظ القرض، وما الحكمة في
الإضعاف؟.
فالجواب أن الله تعالى لو أعطى الثواب بغير شيء لكان يجب أن يعطي
الكفّار مثلَ ما يعطي المؤمنين، فجعل الحسنات إلى المؤمنين لتمنع الثواب عن
الكفار بها، ولا تكون حجة عند الله.
وذكر الصدقة بلفظ القرض، لأن المقرض محتاج، فذكر أنك محتاج إليه مضطر، فلا يمنعك لاحتياجك، ولتعلم أنه يخْلفه لك.
والقرض ليس فيه مذلّة، بخلاف الصدقة.
ومن أقرضته لا يمنُّ عليك.
ولما كان للأمم الخالية عمر طويل وطاعات كثيرة بخلاف هذه الأمة، فخصَّها الله بتضعيف الطاعات، وتفصيل الأوقات، لتكون أعمالهم زاكيةً عليهم.
ولما كان في الطاعات تقصيرٌ جعل لهم الإضعاف، إذ هو بغير تقصير، وبه تنال الجنة، لأنها من فضله ورحمته لا بعملهم وسعْيهم وإن ظلموا بعضهم بعضا تؤخذ حسناتهم بقدر مظلمتهم حتى تفنى ولا يبقى إلا التضعيف، فيقولون: يا ربنا، أعطنا من أضعاف عملنا.
فيقول الله لهم: ذلك ليس منْ الفعل، وإنما هو من فضلي ورحمتي، فلا نصيب لكم فيها، فلا تؤخذ منهم.
(مَنَافِعُ لِلنَّاسِ) :
يعني أنَّْ الحديد فيه منافع لسكك الحرث والمسامير، وذلك أن كلَّ صنعة لهم مفتقرة إليه، فلا يستغنى عنه.
(مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ) : يعني أنَّ الله أنزل الحديد
ليعمل منه السلاخ لقتال أعْداءَ الله، وليعلم الله مَنْ ينصره، أي ليعلمه موجوداً فالمتغير ليس في علم الله، بل في هذا الحديث الذي خرج من العدم إلى الوجود.
ومعنى (بالغيب) بما سمع من الأوصاف الغائبة عنه، فآمن به لقيام الأدلة
عليها، فأى عذر لتاركِ الجهاد في سبيل الله، وقد أخبر أنه أرسل رسلاً، وأنزل كتباً، وعدلاً مشروعا، وسلاحاً يقاتل به من عاند، ولم يهتد بهَدْي الله.
(ما كتَبْنَاهَا عليهم إلَاّ ابتغاءَ رِضْوَان الله) :
أي فرضنا وشرعنا.
وفي هذا قولان:
أحدهما أن الاستثناء منقطع.
والمعنى ما كتبنا على الذين اتّبعوا عيسى الرهبانية من الاعتزال عن الناس، ورَفْض النساء، وتَرْك الدنيا، ولكنهم فعلوها من تِلْقَاء أنفسهم ابتغاء رضوان الله.
والآخر أنَّ الاستثناء متصل: والمعنى كتبناها عليهم ابتغاء رضوان الله.
والأول أرجح، لقوله: ابتدعوها، ولقراءة عبد الله بن مسعود ما كتبناها
عليهم، لكن ابتدعوها.
والمعتزلة يعربون (رهبانية) مفعولاً بفعل مضمر يفسره ابتدعوها، لأن مذهبهم أنً الإنسانَ يخلق أفعاله، فأعربوها على مذهبهم الفاسد.
(ما رَعَوْهَا حقَّ رِعَايَتِها) ..
أي لم يدوموا عليها، ولم يحافظوا على الوفاء بها.
والضمير في (رعَوْها) للذين ابتدعوها لرهبانيةٍ، وكان
يجب عليهم إتمامها، وإن لم يكتبها الله عليهم، لأن من دخل في شيء من النوافل وجب عليه إتمامُه، ولهذا أشار صلى الله عليه وسلم بقوله لعبد الله بن عمر: إنك لا تطيق ذلك، أحب العمل إلى الله أدْوَمه وإن قل.
حتى قال: يا ليتني قبلت رخصة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وكان أحبَّ العمل إليه ما كان ديمةً.
(ما هُن أُمهاتِهم) :
ردّ الله بهذا على من كان يوقع الظهار ويعتقده حقيقة، وأخبر تعالى أنَّ تصيير الزوجة أُمًّا باطل، لأن الأم في الحقيقة الوالدة التي ولدت.
(ما يكون مِنْ نَجْوَى ثلاثةٍ إلا هو رَابِعُهم) المجادلة: 7.
يحتمل أن تكون النجوى هنا بمعنى الكلام الخفي، فيكون ثلاثة مضافاً إليه، أو بمعنى الجماعة من الناس، فيكون ثلاثة بدلاً أو صفة، والأول أحسن.
(ما هم مِنْكُمْ ولا مِنْهُم) :
يعني أنَّ المنافقين ليسوا من المسلمين ولا من اليهود، فهو كقوله تعالى فيهم:(مُذَبْذَبين بين ذلك) .
وإذا عُوتبوا على سوء قولهم وأفعالهم حلفوا أنهم ما قالوا ولا فعلوا.
وقد صدر ذلك منهم مراراً كثيرة مذكورة في السير وغيرها.