الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ويحتمل أن يكون جرى له ذلك بعد بلوغه وتكليفه، وأنه قال ذلك لقومه
على وجه الرد عليهم والتوبيخ لهم، وهذا أرجح، لقوله بعد ذلك:(إني بريءٌ مما تشْرِكون) .
ولا يتصور أن يقول ذلك وهو منفرد في الغار، لأن ذلك يقتضي محاجَّة وردًّا على قومه، وذلك أنهم كانوا يعبدون
الأصنام والشمس والقمر والكواكب، فأراد أن يبين لهم الخطأ في دينهم.
ويرْشِدهم إلى أن هذه الأشياء لا يصح أن يكون واحد منها إلهاً لقيام الدليل
على حدوثها، وأن الذي أحدثها ودبر طلوعها وغرونها وأفولها وانتقالها هو
الواحد المنفرد.
فإن قلت: لم احتجَّ بالأفول دون الطلوع، وكلاهما دليل على الحدوث لأنهما انتقال من حال إلى حال؟
قلت: الأفول أظهر في الدلالة، لأنه انتقال مع خفاء واحتجاب.
(بَيْنكم) :، وَصْلكم.
ومن قرأه بالرفع أسند الفعل إلى الطرْف، واستعمله استعمال الأسماء، أو يكون البين بمعنى الفرْقَة، أو بمعنى الوصل، لأنه من الأضداد.
ومن قرأه بالنصب فالفاعل مصدر الفعل، أو محذوف تقديره تقطّع الاتصال بينكم.
(بَصَائر) ، جمع تصِيرة، وهي نور القلب، والبَصر نور العين، وهذا الكلام على لسان النبي صلى الله عليه وسلم لقوله:(وما أنا عليكم بحَفِيظ) .
(بَوَّأكمْ) :
أنزلكم، والضمير لقوم صالح، وكانت
أرضهم بين الحجاز والشام، وقد دخلها صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فقال لهم: لا تدخلوا على هؤلاء المعذّبين إلا وأنتم باكون مخافةَ أن يصيبكم مثل الذي أصابهم.
(بأساً) : شدة.
ويقال أيضاً: بؤس، أي فقر وسوء حال.
(بنَان) : أصابع، واحدتها بنانة.
(براءة) : خروج من الشيء ومفارقته.
والمراد التبرّي من المشركين.
(بوَّأْنا) ، أي أنزلنا.
والمراد أن الله أنزل بني إسرائيل
منزلاً حسناً، وهو مصر والشام.
ويقال جعلناهم مبَوّأ، وهو المنزل الملزوم.
(بادي الرأي) : أي أول الرأي من غير نظر ولا تدبر.
وبادي منصوب على الظرفية، أصله وقت حدوث أول رأيهم.
والعامل فيه اتبعوك على أصح الأقوال.
والمعنى اتبعك الأراذِل، وإنما وصفوهم بذلك
لفقرهم جهْلاً منهم، واعتقادا أن الشرف بالمال والجاه، وليس الأمر كما
اعتقدوا، بل المؤمنون كانوا أشرفَ منهم على حال فَقْرِهم وخمولهم في الدنيَا، وهذه عادة الله في أتباع الرسل، لا يتبعهم إلا الضعفاء، لأَن المال يُورِث التجبّر على الله ووسله.
وقيل: إنهم كانوا حاكَة ونجّامين.
واختار ابن عطية أنهم أرادوا أنهم أرذالٌ في أفعالهم، لقول نوح: وما علمي
بما كانوا يعملون.
ويحتمل أن يكون بادي الرأي بغير همز، أي ظاهر الرأي.
أي ظهر لهؤلاء صلاح رأيهم فتهكَّفوا بهم.
(بَعْلاً) : ربًّا، بلغة اليمن.
وأما قوله في الصافّات: (أتدْعونَ بَعْلاً) ، فهو اسم صنم كان لقوم إلياس.
وروى البخاري عن ابن عباس قال: ودّ، وسوَاع، ويغوث، ويعوق.
ونَسْرا، وبعلاً، أسماء رجال صالحين من قوم نوح، فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم أن انصبوا في مجالسهم التي كانوا يجلسون أنصاباً، وسمّوها بأسمائهم، ففعلوا، فلم تعْبد، حتى إذا هلك أولئك وتفسخ العلم عبدت.
(بَعِير) قال مقاتل: هو كل ما يحمل عليه بالعبرانية.
وأخرج البزار عن مجاهد في قوله: (كَيْل بَعير) ، أي كيْل حمار على وجه الجعل.