الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال: (أولم تُؤْمن) ، فالذي يقدر على رجوع التراب ذهباً في
يديك يقدر على رزقك حيثما كنْت.
والحكمةُ في هذا أن النفس لا تطمئن إلا بالمعاينة، وليس الخبر كالعيان.
(صُوَاعَ الملِك) :
أي مكياله، وهو السقاية، وكان يشرب
بها يوسف، ويكال بها الطعام، وكان من فضة.
وقيل من ذهب.
وقصد بجعله في رَحْلِ أخيه الاحتيالَ في أخْذه، إذ كان شرْع يعقوب أنَّ مَنْ سرق استعبده المسروق منه.
والسرّ فيه أن بنيامين لما تعرَّف إليه يوسف، وتحقَّق عنده بالمعرفة، لم يتنكر بأن نُودي عليه بالسرقة.
ولما رضي في معرفته بالبلاء كان ثمرته أن آواه إلى نفسه، كأَنّ مولاك يقول لك: لا تبال يا مؤمن ببلائي، فإن الجنة مَثْواك.
وورد في الحديث: "إن الله يطهّر المؤمن في الدنيا بأنواع البلاء، فإنْ بقِيتْ
عليه بقيةٌ طهَّرَه بشدة الموت، حتى يَلْقَى الله وليس عليه ذنب".
وقرأ يحيى بن يعمر: "صواغ الملك" - بغين معجمة: يذهب إلى أنه كان
مصوغأا، فسماه بالمصدر.
(صَخْرة) :
قيل أراد لقمان الصخرة التي عليها الأرض.
وهذا ضعيف، وإنما معنى الكلام أن مِثْقَالَ خَرْدَلة من الأعمال أو من الأشياء
لو كانت في أخفى موضع كجوف صخرة، فإن الله يأتي بها يوم القيامة.
وكذلك لو كانت في السماوات أو في الأرض.
وأما قول موسى: (أرأيتَ إذ أوَيْنَا إلى الصَّخرة) فإن المراد بها التي نام عندها.
ومعنى (أرأيت) ، أي أخبرني.
فإن قلت: ما وجه التئام هذا الكلام، وإن كلّ واحد من أرأيت، وإذ
أوينا، فإني نسيتُ الحوت - لا متعلّق له؟
والجواب أنه لما طلب موسى الحوت ذكر يوشع ما رأى منه، وما اعتراه من
نسيانه، فدهش فطفق يسأل موسى عن سبب ذلك، فكأنه قال: أرأيت ما دَهَاني إذ أوينا إلى الصخرة فإني نسيت الحوت، فحذف بعض الكلام.
(صَدَفَيْن) ، بضم الصاد وفتحها، بمعنى الجبلين.
(صُنْعَ الله) : مصدر العاملُ فيه محذوف.
وقيل هو منصوب على الإغراء، أي انظروا صُنْعَ الله، وهو فعله في مرور الجبال وهي جامدة.
(صحُفاً مطهَّرة) ، يعني القرآن في صحفه.
وأما قوله تعالى: (صحفاً مُنَشَّرة) - فقد قدمنا أنهم طلبوا مِنْ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعطي كلّ واحد منهم صحيفةً يأمره فيها بالإيمان.
وقوله تعالى: (إن هذا لفي الصحف الأولى) ، فالمراد به أن هذا الكتاب ثابت في كتب الأنبياء المتقدمين، كما ثبت هذا الكتاب.
قلت: من أمثلة ما نزل على بعض الأنبياء سورة الأعلى.
قال صلى الله عليه وسلم: كلّها في صحف موسى وإبراهيم.
ولما نزلت: (والنجم إذا هوى) فبلغ: (وإبراهيم الذي وفَّى)، قال:(وَفَّى ألا تَزر وازِرة وِزْرَ أخرى) إلى قوله (هذا نذير من النّذر الأولى) .
وأخرج الحاكم من طريق ابن القاسم، عن أبي أمامة، قال: أنزل الله على
إبراهيم مما أنزل على محمد: (التائِبُون العَابدون)، إلى قوله:(وبشِّر المؤمنين) .
و (قد أفلح المؤمنون)، إلى قوله:(هم فيها خالدون) .
و (إن المسلمين والمسلمات) ، الآية.
والتي في المعارج: (والذين هم على صلاتهم دائمون)، إلى قوله:(قَائمون) ، فلم يَفِ بهذه السهام إلا إبراهيم ومحمد - صلى الله عليهما وسلم -.
وأخرج البخاري، عن عبد الله بن عمرو بن العاص، أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم موصوف في التوراة ببعض صفته في القرآن:"يا أيها النبي إنَّا أرسلناك شاهداً ومبَشّراً ونَذيراً وحِرزاً للأميين" - الحديث.
وأخرج ابن الضّرَيس وغيره عن كعب قال: فتحت التوراةُ بـ (الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض) .
وختمت بـ (الحمد للَه الذي لم يتخذ ولداً)، إلى قوله:(وكبِّرْه تكبيرا) .
وأخرج عنه من وَجْهٍ آخر، قال: أول ما نزل في التوراة عشر آيات من سورة الأنعام: (قل تعالوا أتْل ما حَرَّم ربكم عليكم) الخ.
قال بعضهم: هذه الآيات العشر التي كتبها اللَّهُ لموسى في التوراة أول ما كتب، وهي توحيد الله، والنهي عن الشرك، واليمين الكاذبة، والقتل، والعقوق، والزنى، والسرقة، والزور، ومدّ العين إلى ما في يَدِ الغير، والأمر بتعظيم السَّبْت.
وأخرج الحاكم عن أبي مَيْسرة أنَّ هذه الآية مكتوبة في التوراة بسبعمائة آية:
أول سورة الجمعة: (يسبِّح لله ما في السماوات وما في الأرض) .
وأخرج ابن أبي حاتم عن محمد بن كعب القرظي، قال: البرهان الذي أُرِي
يوسف ثلاث آيات من كتاب الله: (وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ (10) كِرَامًا كَاتِبِينَ (11) يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ (12) .
وقوله تعالى: (وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا) .
وقوله تعالى: (أفمَنْ هوَ قائم على كلِّ نَفْس بما كسبت) .
زاد غيره آية أخرى: (ولا تَقْرَبوا الزنا) .
وأخرج ابن أبي حاتم، عن ابن عباس، في قوله: (لولا أنْ رأى برهَانَ
ربه) - قال: رأى آيةً من كتاب الله نهَتْهُ، مثّلت له في جدار
الحائط، فهذا ما وقفت عليه مما أنزل على غير نبينا صلى الله عليه وسلم (1) .
واختلف في بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.
والصحيح أنَّ سليمان تلفظ بها، لحديث الدارقُطْني من حديث برَيْدَة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لأعلِّمنّك آيةً لم تنزل على نبي
بعد سليمان غيري: (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) .
ومن أمئلة ما خص به الفاتحة، وآية الكرسي، وخاتمة البقرة.
(1) بعض هذا الكلام غير مسلم خصوصا ما ذكر في حق يوسف عليه السلام والعلم عند الله.