الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فالجواب أنه أراد تفصيلَ الشجر إلى شجرة شجرة حتى لا يبقى منها واحدة.
فإن قلت: لم قال: (كلمات الله) ولم يقل كلم الله. بجمع الكثرة؟
فالجواب أن هذا أبلغ، لأنه إذا لم تنفد الكلمات مع أنها جَمْع قلةٍ فكيف
ينفد الجمع الكثير.
وروي أن سبب نزول الآية قول اليهود قد أوتينا التوراة وفيها العِلْم كله.
فنزلت الآية، لتدلَّ على أنَّ ما عندهم قليل من كثير، والآية على هذا مدنية.
وقيل سببها أنَّ قريشاً قالوا: إن القرآن سينفد.
(مولودٌ هو جَازٍ عن وَالدِهِ شَيْئاً) :
يعني أنَّ الوالد لا ينفع ولده، والولد لا ينفع والده، لأن كلَّ واحد مشغول بنفسه.
فإن قلت: ما فائدة إبراز الضمير في الولد دون الوالد؟
قلت: لِمَا جُبل عليه الوالد من المحبة والشفقة لولده، بخلاف الولد، فإنه لا
يصل لتلك المحبة والشفقة، ولو كان في غاية البر.
(مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا) :
أي من خير أو من شر، أو طاعة أو معصية، أو عافية أو بلية، وفيه الإشارة إلى أنَّ العاقل ينظر ما يفعل الله به، فيسلّم له أموره، ويشكره على النعم، ويتوب إليه من المعاصي، ويصبر للنقم.
(مَلَك الْمَوْتِ) :
اسمه عزرائيل، تحت يده ملائكة، وبهذا يجمع بين قوله:(قل يتوَفَّاكمْ مَلَكُ الموت) .
وبين قوله: (تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا)، وسبب توليته لقَبْض أرواح بني آدم:
استغاثة القَبْضَة من التراب التي خلق الله منها آدم، فقال لها: امتثال أمر الله أولى من رحمتك، فلما ولاه على قبض الأرواح قال: يا رب، يسبونني ويبغضونني.
فقال الله له: سأجعل لموتهم أسباباً من مرَضٍ وغَرَق، وحرق وقَتْل، حتى لا
يذكروك.
(مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ) : يعني أنه لا يعلم أحد مقدار
ما يعطيهم الله من النعيم، ورضوان الله أكبر من ذلك.
وقرئ بإسكان الياء، على أن يكون فعل المتكلم، وهو الله تعالى.
(أفمَنْ كان مؤْمِنا كمن كان فاسقاً لا يَسْتَوون) :
يعني المؤمنين والفاسقين على العموم.
وقيل المؤمن علي بن أبي طالب، والفاسق عقبة ابن أبي معيط.
(ماءٍ مَهين) ، أي ضعيف.
وفيه إشارة إلى الاعتبار بهذه الخلقة من نطفة مذرة، ويحمل في جوفه العذرة، ويرجع جيفة قذرة، فيعرف نفسه، وينزلها منزلتها من الضعف والافتقار، ويدع العزةَ والاستكبار.
(ما جعَلَ اللَّهُ لرجل مِنْ قَلْبَيْن في جَوْفِهِ) ، لأنه كالإناء
إذا ملأته بشيء لم يكن لشيء آخر فيه مجَال، وهذا هو السبب في زهد أهل
الصفوة في الدنيا لئلا تشغلهم عن محبوبهم.
قال ابن عباس: كان في قريش رجل يقال له ذو قَلْبين لشدة فهْمه، فنزلت
الآية، نفَتْ ذلك.
ويقال إنه ابن خَطَل، وقيل جميل بن معمر.
وقيل: إنما جاء هذا اللفظ توطئةً لما بعده من النفي، أي كما لم يجعل الله لرجل من قلبين في جوفه كذلك لم يجعل أزواجكم أمهاتكم ولا أدعياءكم أبناءكم.
فإن قلت: قد قال الله تعالى: (النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ) .
وفي قراءة أبي: وهو أبٌ لهم - فما فائدة هذا النهي؟
فالجواب أنه أولى بهم من أنفسهم في شفقته عليهم وإنقاذهم من النار.
ألا ترى أنه في الدنيا قال: أمَّتي أمَّتي.
وفي الحشر: لا أسألكَ فاطمةَ ابنتي ولا نفسي، وإنما أسألك أمتي.
وفي الصراط: اللهم سلِّم أمتي.
وفي الحساب: لا تفضح أمتي.
وفي الميزان يا إسرافيل أرجح لأمتي.
ولا يرضى صلى الله عليه وسلم أنْ يبقى أحد من
أمته في النار.
فيجب علينا حبّه أكثر من أنفسنا، وننصر دينه، ونترك حمية
أنفسنا، ونجعل لأزواجه الرضا والمبرة أكثر من أمهاتنا، وإن أوجب الله عليهم حَجْبهن عنا فلعظيم حرمتهنّ.
وأما كونه أباً لنا فالأَوْلَى نسبتنا لآبائنا، كما قال تعالى: (ادْعوهم
لآبائهم
…
) ، الآية، وسيأتي سِرُّ نسبتنا إلى أبينا إبراهيم، وذلك
أنه أمر بذَبْح ولده، فقال:(إني أرى في المنَامِ أني أذْبَحُك)، فقال الله: يا إبراهيم أرسلتك بالمشاورة، فبعزّتي إن نظرت إليَّ دون الولد، وقطعت عنه قلبك، وسلّمت لأمري لأجعلن أمة محمد أولادك.
قال تعالى: (مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ) .
وأما محمد صلى الله عليه وسلم فلم ينظر إلى شيء دون الله ألبتة: ليلة المعراج عرض عليه جميع الأشياء فلم يلتفت إلى شيء دونه، وهذا قوله:(ما زَاغَ البَصَر وما طَغَى) ، فلما لم ينظر عليه السلام إلى شيء دونه قطع عنه نسب المخلوقين، قال تعالى:(مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ) ، ولو كان النبي أبانا انقطع عنا لجُرْمِنا، كما أن يعقوب قطع عن أولاده بالجرم، بل كان نبيّاً، فلا يقطع عنا بالْجرم.
ولما كان الأب لا تقبل شهادته لابنه وهو صلى الله عليه وسلم شهيداً علينا ومزكياً لأعمالنا فتقْبل تَزْكيته.
(معروفاً) ، أي إحساناً، يعني أن نَفْع الأولياء الذين
ليسوا بقرابة الوصية لهم عند الموت مندوب إليه، وأما الميراث فللقرابة خاصة.
واختلف هل المراد بالأولياء المؤمنون أو الكفار، واللفظ أعمّ من ذلك.
(مسطورا) : مكتوباً.
(ما تَلَبَّثوا بها إلَاّ يسيرا) : الضمير للمدينة.
(ما وعدَنا اللَّهُ ورسوله إلا غرورا) :
قيل إن هذا الوعد ما أعلمهم رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أمر بحَفْر الخندق من أنَّ الكفار ينزلون عليهم، وأنهم ينصرفون خائبين.
وقيل: إنه قول الله تعالى: (أم حَسِبْتم أن تَدْخلُوا الجنّةَ ولمَّا يَأْتِكم مَثَل الذين خَلَوْا مِنْ قَبْلكم
…
) .
فعلموا أنهم يبتلون ثم ينصرفون.
(مَنْ قَضَى نَحْبَه) : يعني من قتل شهيداً