الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والمراد به الحث على الإكثار والانتظام في سلك الآخرين.
{مَن يَقُولُ}
أي: في ذكره:
{رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا}
أي اجعل إيتاءَنا ومنحتنا في الدنيا خاصة.
{وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ}
أي من حظ ونصيب؛ لاقتصار همه على الدنيا، فهو بيان لحاله في الآخرة.
ــ
(والمراد به الحث إلخ)" أي: المقصود من إيراد هذه الجملة المعترضة: الحث على الإكثار من الذكر، حيث نفى عن المُقل نصيب الآخرة، وأثبت للمكثر نصيب الدارين."(1)
(أي: اجعل إيتاءَنا)" إشارة إلى أن المفعول الثاني متروك؛ لأن هَمَّه الدنيا نفسها، كما أن هَمَّ طالب الدارين الحسنة."(2)(سعد).
وفي (ع):
" يعني أن المفعول الثاني متروك، نَزَّل الفعل بالقياس إليه منزلة اللازم (3)، ذهابا إلى العموم الفعلي، كما في قولنا: فلان يعطي، أي: اجعل كل إيتاءٍ لنا في [الدنيا] (4)؛ للإشارة إلى أن هَمَّه مقصور على مطالب الدنيا."(5) أهـ
(من حظ إلخ) " من خُلُق به، إذا لاق (6)؛ ولذا قال بعضهم: لا يستعمل إلا فيما له خطر.
(1) مخطوط حاشية السيالكوتي على البيضاوي لوحة (334 / ب).
(2)
مخطوط حاشية سعد الدين التفتازاني على الكشاف لوحة (132 / ب).
وينظر: مدارك التنزيل (1/ 172).
(3)
الفعل اللازم: هو ما لا يصل إلى مفعوله إلا بحرف جر، نحو: مررت بزيد، أو لا مفعول له، نحو: قام زيد. ويسمى لازما وقاصرا وغير متعد ويسمى متعديا بحرف جر.
ينظر: أوضح المسالك (2/ 156)، شرح ابن عقيل (2/ 145).
(4)
في ب: الدارين. والمثبت أعلى هو الصحيح.
(5)
مخطوط حاشية السيالكوتي على البيضاوي لوحة (334 / ب).
وينظر: مفاتيح الغيب (5/ 336)، البحر المحيط (2/ 309)، روح المعاني (1/ 486).
وقال صاحب " التحرير والتنوير "(2/ 247): " وَقَوْلُهُ: {آتِنَا} تَرَكَ الْمَفْعُولَ الثَّانِيَ؛ لِتَنْزِيلِ الْفِعْلِ مَنْزِلَةَ مَا لَا يَتَعَدَّى إِلَى الْمَفْعُولِ الثَّانِي؛ لِعَدَمِ تَعَلُّقِ الْغَرَضِ بِبَيَانِهِ، أَيْ: أَعْطِنَا عَطَاءً فِي الدُّنْيَا، أَوْ يُقَدَّرُ الْمَفْعُولُ بِأَنَّهُ: الْإِنْعَامُ أَوِ الْجَائِزَةُ أَوْ مَحْذُوفٌ؛ لِقَرِينَةِ قَوْلِهِ: {حَسَنَةً} فِيمَا بَعْدُ، أَيْ: آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً."
(6)
لَاقَ: لَاقَ الشَّيْءُ بِغَيْرِهِ، وَهُوَ يَلِيقُ بِهِ: إذَا لَزِقَ، وَمَا يَلِيقُ بِهِ أَنْ يَفْعَلَ كَذَا، أَيْ: لَا يَزْكُو وَلَا يُنَاسِبُ وَنَحْوُهُ، ولاق به الثَّوبُ ونحوُه: ناسبه ولاءمه، فهو لائق.
ينظر: مادة (ليق) في: المصباح المنير (2/ 561)، معجم اللغة العربية المعاصرة (3/ 2054).
أو من طلب خلاق، فهو بيان لحاله في الدنيا، وتأكيد لقصر دعائه على المطالب الدنيوية.
ــ
وقيل: من الخَلْق، كأنه النصيب الذي خُلِق له وقُدِر، كما أن النصيب سُمي به؛ لأنه نُصِب له.
وعن الراغب (1): " هو ما اكتسبه الإنسان من الفضيلة لخلقه."(2)
وعلى الوجه الأول: {وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ} إخبار من الله ببيان حاله في الآخرة.
وعلى الثاني: بيان لحاله في الدنيا، وتصريح بما عُلم ضمنا من قوله:{آتِنَا فِي الدُّنْيَا} تقريرا له وتأكيدا لكون هَمّه مقصورا على الدنيا.
وقوله: {فِي الْآخِرَةِ} حينئذ متعلق بخلاق، حال منه، لا بالطلب؛ إذ لا طلب في الآخرة، وإنما فيها الحظ و (3) الحرمان." (4)(ع)
وفي السعد:
" (أو من طلب إلخ) فإن قيل: الطلب إنما هو في الدنيا، وأما في الآخرة فليس إلا الحظ والحرمان، قلنا: لفظ في الآخرة ليس ظرفا للطلب، بل معناه: ليس له في حق الآخرة، وبالنسبة إليها طلب نصيب أصلا."(5) أهـ
وفي (ش):
" قيل: المراد ما له في شأن الآخرة طلب خلاق؛ ليدفع أنه ليس في الآخرة طلب، إنما فيها حظ وحرمان.
وقيل: كونها لا طلب فيها - ممنوع، فإن المؤمنين يطلبون فيها زيادة الدرجات، والكافرين يطلبون الخلاص، لكون ما طلبوه ليس نصيبا مقدرا لهم." (6) أهـ
(1) الراغب: هو الحسين بن محمد بن المفضل، أبو القاسم الأصفهاني، أو الأصبهاني، المعروف بالراغب، المتوفى: 502 هـ، أديب من الحكماء العلماء، من أهل أصبهان سكن بغداد، واشتهر حتى كان يقرن بالإمام الغزالي، من كتبه:(المفردات في غريب القرآن)، (حل متشابهات القرآن)، (محاضرات الأدباء)، (الأخلاق) ويسمى أخلاق الراغب، (جامع التفسير) أخذ عنه البيضاوي في تفسيره، (أفانين البلاغة). ينظر: طبقات المفسرين للداودي (2/ 329)، طبقات المفسرين للأدنروي (1/ 168).
(2)
المفردات في غريب القرآن - مادة خلق (1/ 297).
(3)
في حاشية السيالكوتي بلفظ (أو).
(4)
مخطوط حاشية السيالكوتي على البيضاوي لوحة (334 / ب - 335، أ).
وينظر: محاسن التأويل (2/ 77)، روح المعاني (1/ 486).
(5)
مخطوط حاشية سعد الدين التفتازاني على الكشاف لوحة (132 / ب).
(6)
حاشية الشهاب على البيضاوي (2/ 293).
وينظر: روح المعاني (1/ 486).