الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وكلٌّ من الشيطان، والقُوى الحيوانية، وما في الدنيا من الأمور البهيَّة والأشياءِ الشهيةِ مُزيَّنٌ بالعَرْض.
{وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا}
ــ
(بالعرض)" باعتبار مدخليتها فيه."(1)
{وَيَسْخَرُونَ} : " إما جملة حال بتقدير: وهم يسخرون، أو معطوف على {زُيِّنَ}."(2)(ش)
وفي (ك):
" كان الكفرة يسخرون من المؤمنين الذين لا حظ لهم من الدنيا كابن مسعود (3) وعمار وصهيب وغيرهم، أي لا يريدون غيرها.
(1) المرجع السابق لوحة (341 / ب).
(2)
حاشية الشهاب على البيضاوي (2/ 297).
وينظر: فتح القدير (1/ 244)، روح المعاني (1/ 495)، محاسن التأويل (2/ 94)، التحرير والتنوير (2/ 296).
وقال صاحب " الدر المصون "(2/ 371): " قَوْلُهُ: {وَيَسْخَرُونَ} يَحْتَمِل أن يكونَ من باب عَطْفِ الجملةِ الفعلية على الجملة الفعليةِ، لا من بابِ عطفِ الفعلِ وحدَه على فعلٍ آخرَ، فيكونُ من عطف المفردات، لِعَدَمِ اتِّحادِ الزمانِ." وينظر: البحر المحيط (2/ 354).
ويرى الإمام الْوَاحِدِيُّ في تفسيره " البسيط "(4/ 106) أن: " قَوْلُهُ: {وَيَسْخَرُونَ} مُسْتَأْنَفٌ غَيْرُ مَعْطُوفٍ عَلَى {زُيِّنَ}."
وتبعه الإمام الرازي في " مفاتيح الغيب (6/ 369).
وتبعهما كل من الإمام أبي حيان في " البحر المحيط "(2/ 354)، والإمام السمين الحلبي في " الدر المصون "(2/ 371)، ومحي الدين درويش في " إعراب القرآن وبيانه "(1/ 311) في أحد قولين لهم.
حيث قال الإمام أبو حيان: " وَقِيلَ: هُوَ عَلَى الِاسْتِئْنَافِ أَيِ: الْفِعْلُ الْمُضَارِعُ، وَمَعْنَى الِاسْتِئْنَافِ أَنْ يَكُونَ عَلَى إِضْمَارِهِمُ التَّقْدِيرَ: وَهُمْ يَسْخَرُونَ، فَيَكُونُ خَبَرَ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ، وَيَصِيرُ مِنْ عَطْفِ الْجُمْلَةِ الِاسْمِيَّةِ عَلَى الْجُمْلَةِ الْفِعْلِيَّةِ."
(3)
ابن مسعود: هو عبد الله بن مسعود بن غافل بن حبيب الهذلي، أبو عبد الرحمن، المتوفي: 32 هـ، صحابي. من أكابرهم فضلا وعقلا، وقربا من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان من السابقين إلى الإسلام، وأول من جهر بقراءة القرآن بمكة. وكان خادم رسول الله الأمين، وصاحب سره، ورفيقه في حله وترحاله وغزواته، يدخل عليه كل وقت ويمشي معه. نظر إليه عمر يوما وقال: وعاء ملئ علما. وولي بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بيت مال الكوفة. ثم قدم المدينة في خلافة عثمان، فتوفي فيها عن نحو ستين عاما. له 848 حديثا. ينظر: الاستيعاب (3/ 987)، أسد الغابة (3/ 381)، الإصابة (4/ 198).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وهم يسخرون ممن لا حظ له فيها، أو ممن يطلب غيرها." (1) أهـ
فكتب السعد:
" (أي لا يريدون غيرها) حيث زينت لهم؛ بحيث اقتصرت همتهم عليها، ووفر حظهم منها، فهم يسخرون ممن ليس كذلك، إما من جهة عدم الحظ منها، أو من جهة اهتمامه بغيرها كالمؤمنين.
وفي قوله: (وهم يسخرون) إشارة إلى أن الجملة واقعة في موقع الحال، فلا بد من تقدير المبتدأ؛ ليصح الواو. (2)
(1) تفسير الكشاف (1/ 255).
وينظر: المحرر الوجيز (1/ 284)، تفسير القرطبي (3/ 28)، فتح القدير (1/ 244).
وقال الإمام الثعلبي في " الكشف والبيان "(2/ 131) ما ملخصه: " قال بعضهم: نزلت هذه الآية في مشركي العرب أبي جهل وأصحابه كانوا يتنعّمون بما ينقل لهم في الدنيا ويسخرون من المؤمنين الذين يعزفون عن الدنيا، ويقبلون على الطاعة والعبادة مثل: أبي عمارة وصهيب وعمار وجابر بن عبد الله وأبي عبيدة بن الجراح وبلال وخبّاب وأمثالهم، وهذا معنى رواية الكلبي عن ابن عباس.
وقال مقاتل: نزلت في المنافقين عبد الله بن أبي وأصحابه، وكانوا يتنعمون في الدنيا ويسخرون من ضعفاء المؤمنين وفقراء المهاجرين.
وقال عطاء: نزلت في رؤساء اليهود ووفدهم من بني قريظة والنضير والقينقاع سخروا من فقراء المهاجرين فوعدهم الله أن يعطيهم أموال بني قريظة والنضير بغير قتال أسهل شيء وأيسره."
وينظر: معالم التنزيل (1/ 270)، زاد المسير (1/ 176)، البحر المحيط (2/ 352)، غرائب القرآن (1/ 584).
وقال الإمام الرازي في " مفاتيح الغيب "(6/ 367) بعد ذكره للثلاث طوائف: " وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا مَانِعَ مِنْ نُزُولِهَا في جميعهم."
إلا أن صاحب " التحرير والتنوير" يرى اختصاص الآية بالذين كفروا حيث قال (2/ 294): " وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالَّذِينَ كَفَرُوا: أَهْلَ الْكِتَابِ مِنْ مُعْلِنٍ وَمُنَافِقٍ كَمَا رُوِيَ عَنْ مُقَاتِلٍ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنِ اصْطِلَاحِ الْقُرْآنِ التَّعْبِيرُ عَنْهُمْ بِالَّذِينَ كَفَرُوا؛ وَلِأَنَّهُمْ لَوْ كَانُوا هُمُ الْمُرَادَ لَقِيلَ: زُيِّنَ لَهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا؛ لِأَنَّهُمْ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ؛ وَلِأَنَّ قَوْلَهُ: {وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا} يُنَاسِبُ حَالَ الْمُشْرِكِينَ، لَا حَالَ أَهْلِ الْكِتَابِ."
(2)
يشترط في الجملة الواقعة حالا أن تَشتملَ على رابط يربطُها بصاحب الحال، إما الواو أو ضمير صاحب الحال أو هما معا.
ولا يصح وقوع الواو مع المضارع المثبت، فإذا جاء من كلامهم ما ظاهره أن جملة الحال المصدرة بمضارع مثبت تلت الواو حمل على أن المضارع خبر لمبتدأ محذوف، من ذلك قولهم:" قمت وأصك عينه "، أي: وأنا أصك. ينظر: أوضح المسالك (2/ 292)، شرح ابن عقيل (2/ 281)، شرح الأشموني (2/ 30).
عطف على {زُيِّنَ} .
وإيثارُ صيغة الاستقبال؛ للدلالة على استمرار السُّخريةِ منهم.
وهم فقراء المؤمنين كبلالٍ وعمار وصهيب رضي الله عنهم، كانوا يسترذلونهم ويستهزءون بهم على رفضهم الدُّنيا وإقبالِهم على العقبى.
ومن ابتدائية، فكأنهم جعلوا السخرية مبتدأة منهم.
ــ
والظاهر: أنه لا مانع من العطف على {زُيِّنَ} ، والعدول إلى المضارع؛ لقصد الاستمرار.
ولا يبعد أن يكون تقدير المبتدأ إشارة إلى ذلك، وكذا الكلام في جملة:{وَالَّذِينَ اتَّقَوْا فَوْقَهُمْ} ." (1) أهـ
(عطف على {زُيِّنَ}) هو أحد وجهين كما سمعت.
(وهم فقراء المؤمنين): " فالموصول للعهد (2)، وكذا في قوله:{وَالَّذِينَ اتَّقَوْا} (3).
ويجوز أن يكون الثاني: للعموم، ويدخل هؤلاء فيه دخولا أوليا." (4)(ع)
(ويستهزئون بهم) زاد (ق): " ويسفهونهم على رفضهم إلخ."(5)
كتب (ع):
" (يسترذلونهم ويستهزئون إلخ): الاستهزاء والسخرية في اللغة بمعنى: "خنده ستاني كردن" (6).
ويلزمه استرذال المستهزئ به، أي: استحقاره.
(1) مخطوط حاشية سعد الدين التفتازاني على الكشاف لوحة (134 / أ - ب).
(2)
ينظر: روح المعاني (1/ 495).
الموصول هو قوله: {الَّذِينَ} في قوله: {الَّذِينَ آمَنُوا} .
(3)
سورة: البقرة، الآية:212.
(4)
مخطوط حاشية السيالكوتي على البيضاوي لوحة (341 / ب).
(5)
العبارة في تفسير البيضاوي: " يسترذلونهم ويستهزئون بهم على رفضهم الدنيا."تفسير البيضاوي (1/ 135).
(6)
في التاج: الاستهزاء م [أي معروف]، يعدى بالباء. ينظر: تاج المصادر (3/ 231).
سَخِرَ: يُقَال: سَخِرَ مِنْهُ وَبِه _ إِذا تَهَزَّأ بِهِ. ينظر: مادة (سخر) في: المفردات (1/ 402)، تهذيب اللغة (1/ 402).
وفي " التحرير والتنوير "(2/ 296): " وَالسَّخَرُ بِفَتْحَتَيْنِ: كَالْفَرَحِ، وَفِعْلُهُ كَفَرِحَ، وَالسُّخْرِيَةُ الِاسْمُ، وَهُوَ: تَعَجُّبٌ مَشُوبٌ بِاحْتِقَارِ الْحَالِ الْمُتَعَجَّبِ مِنْهَا، وَفِعْلُهُ قَاصِرٌ لِدَلَالَتِهِ عَلَى وَصْفٍ نَفْسِيٍّ، مِثْلُ: عَجِبَ، وَيَتَعَدَّى بِمِنْ جَارَّةٍ لِصَاحِبِ الْحَالِ الْمُتَعَجَّبِ مِنْهَا، فَهِيَ ابْتِدَائِيَّةٌ ابْتِدَاءً مَعْنَوِيًّا، وَفِي لُغَةِ تَعْدِيَتِهِ بِالْبَاءِ وَهِيَ ضَعِيفَةٌ."