المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌{مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ} عن كعب الذي علمتُه من عددُ الأنبياءِ عليهم - من حاشية إبراهيم السقا على تفسير أبي السعود

[إبراهيم السقا]

فهرس الكتاب

- ‌شكر وتقدير

- ‌المقدمة

- ‌ أسباب اختيار الموضوع:

- ‌ الدراسات السابقة:

- ‌ منهج البحث:

- ‌أولا: المنهج التوثيقي:

- ‌ثانيا: المنهج التحليلي:

- ‌ خطة البحث:

- ‌التمهيد

- ‌ تعريف الحاشية:

- ‌الحاشية لغة:

- ‌الحاشية في الاصطلاح:

- ‌ تعريف التحقيق:

- ‌التحقيق لغة:

- ‌التحقيق في الاصطلاح:

- ‌ تعريف الدراسة:

- ‌الدراسة لغة:

- ‌ويقصد بدراسة المخطوط هنا:

- ‌ الدراسة

- ‌الفصل الأول

- ‌المبحث الأول: التعريف بالإمام أبي السعود

- ‌ اسمه ونسبه:

- ‌ مولده، ونشأته وطلبه للعلم

- ‌ مكانته العلمية:

- ‌ مؤلفاته:

- ‌ وفاته:

- ‌المبحث الثاني:التعريف بتفسيره (إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم)

- ‌ تأليف الكتاب:

- ‌ قيمته العلمية:

- ‌ الشروح والحواشي التي كتبت عليه:

- ‌الفصل الثاني

- ‌التعريف بالشيخ السقا

- ‌ اسمه ونسبه، ومولده:

- ‌ نشأته وطلبه للعلم:

- ‌ شيوخه:

- ‌ تلاميذه:

- ‌من المصريين:

- ‌ ومن تلامذته من غير المصريين

- ‌من أهل الشام:

- ‌من أهل ليبيا:

- ‌من أهل المغرب:

- ‌ مكانته العلمية:

- ‌ مؤلفاته:

- ‌أولا: الكتب المطبوعة:

- ‌ثانيا: الكتب التي لم تطبع:

- ‌ وفاته:

- ‌الفصل الثالث

- ‌المبحث الأول: التعريف بالحاشية

- ‌ المطلب الأول: توثيق نسبة الحاشية إلى صاحبها:

- ‌أولا: ما نص عليه أكثر من ترجم للشيخ السقا: أن له حاشية على تفسير الإمام أبي السعود:

- ‌ثانيا: إقرار الشيخ في بداية الحاشية:

- ‌ثالثا: ذكر اسمه صريحا في النسخ المعتمدة:

- ‌المطلب الثاني: قيمة الحاشية العلمية:

- ‌المطلب الثالث: الرموز التي وردت بالحاشية:

- ‌النوع الأول: الرموز التي تشير إلى المؤلفات أو أصحابها - وقد تركتها كما هي

- ‌النوع الثاني: الرموز التي تشير إلى كلمات مختصرة - وقد كتبتها بتمامها

- ‌المبحث الثاني: منهج الشيخ السقا في الحاشية

- ‌المطلب الأول: المنهج العام في وضع الحاشية، والتعامل مع المصادر:

- ‌ ومن أهم حواشي الكشاف التي أوردها الشيخ السقا في هذا الجزء محل الدراسة:

- ‌ ومن أهم حواشي تفسير البيضاوي التي أوردها الشيخ السقا في هذا الجزء محل الدراسة:

- ‌المطلب الثاني: منهج الشيخ في التعامل مع الموضوعات التي تضمنهتا الحاشية:

- ‌أولا: موقفه من التفسير بالمأثور:

- ‌1 - من تفسير القرآن بالقرآن:

- ‌2 - من تفسير القرآن بالأحاديث النبوية:

- ‌3 - من تفسير القرآن بأقوال الصحابة:

- ‌4 - من تفسير القرآن بأقوال التابعين:

- ‌ثانيا: موقفه من التفسير بالرأي الجائز:

- ‌1 - الأمثلة اللغوية:

- ‌2 - الأمثلة النحوية:

- ‌3 - الأمثلة البلاغية:

- ‌4 - أمثلة من السيرة النبوية:

- ‌5 - أمثلة من جانب العقيدة:

- ‌6 - أمثلة من جانب الفقه:

- ‌ثالثا: موقفه من تخريج النصوص التي احتواها الكتاب:

- ‌1 - موقفه من تخريج الأحاديث:

- ‌2 - موقفه من تخريج أبيات الشعر:

- ‌رابعا: موقفه من قضايا علوم القرآن:

- ‌1 - التناسب بين الآيات:

- ‌2 - أسباب النزول:

- ‌3 - الناسخ والمنسوخ:

- ‌4 - موقفه من توجيه القراءات:

- ‌المطلب الثالث: المآخذ على منهج الشيخ في الحاشية

- ‌المبحث الثالث: النسخ الخطية وعمل الباحث فيها

- ‌المطلب الأول: وصف النسخ الخطية للحاشية:

- ‌النسخة الأولى:

- ‌النسخة الثانية:

- ‌النسخة الثالثة:

- ‌النسخة الرابعة:

- ‌المطلب الثاني: النسخ المعتمدة وأسباب اختيارها

- ‌المطلب الثالث: منهج الباحث في دراسة وتحقيق نص الحاشية:

- ‌ العمل في القسم الدراسي:

- ‌ العمل في قسم التحقيق:

- ‌أولا: كتابة نص الحاشية:

- ‌ثانيا: تخريج النصوص التي احتواها الكتاب، وذلك كما يلي:

- ‌ثالثا: تيسير فهم النص، وذلك كالآتي:

- ‌رابعا: التعقيب على المؤلف: عن طريق:

- ‌خامسا: ذكر الفهارس الفنية، وهي كالتالي:

- ‌المطلب الرابع: صور ضوئية لبعض صفحات المخطوط

- ‌{ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ}

- ‌{وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ}

- ‌{إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}

- ‌{فَإِذَا قَضَيْتُم مَّنَاسِكَكُمْ}

- ‌{فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ}

- ‌{أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا}

- ‌{فَمِنَ النَّاسِ}

- ‌{مَن يَقُولُ}

- ‌{رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا}

- ‌{وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ}

- ‌{وَمِنْهُم مَّن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً}

- ‌{وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً}

- ‌{وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ}

- ‌{أُوْلَئِكَ}

- ‌{لَهُمْ نَصِيبٌ مِّمَّا كَسَبُوا}

- ‌{وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ}

- ‌{وَاذْكُرُوا اللَّهَ}

- ‌{فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ}:

- ‌{فَمَن تَعَجَّلَ}

- ‌{فِي يَوْمَيْنِ}

- ‌{فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ}

- ‌{وَمَن تَأَخَّرَ}

- ‌{فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ}

- ‌{لِمَنِ اتَّقَى}

- ‌{وَاتَّقُوا اللَّهَ}

- ‌{وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ}

- ‌{وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ}

- ‌{فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا}

- ‌{وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ}

- ‌{وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ}

- ‌{وَإِذَا تَوَلَّى}

- ‌{سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ}

- ‌{وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ}

- ‌{وَإِذَا قِيلَ لَهُ}:

- ‌{اتَّقِ اللَّهَ}:

- ‌{أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ}

- ‌{فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ}

- ‌{وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ}:

- ‌{وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ}:

- ‌{ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ}

- ‌{وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ}

- ‌{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ}

- ‌{كَافَّةً}

- ‌{وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ}

- ‌{إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ}

- ‌{فَإِن زَلَلْتُم}

- ‌{مِّن بَعْدِ مَا جَاءَتْكُمُ}

- ‌{الْبَيِّنَاتُ}

- ‌{فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ}

- ‌{حَكِيمٌ}

- ‌{هَلْ يَنظُرُونَ}

- ‌{إِلَّا أَن يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ}

- ‌{فِي ظُلَلٍ}

- ‌{مِّنَ الْغَمَامِ}

- ‌{وَالْمَلَائِكَةُ}

- ‌{وَقُضِيَ الْأَمْرُ}

- ‌{وَإِلَى اللَّهِ}

- ‌{تُرْجَعُ الْأُمُورُ}

- ‌{سَلْ بَنِي إِسْرَاءِيلَ}

- ‌{كَمْ آتَيْنَاهُم مِّنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ}

- ‌{وَمَن يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللَّهِ}

- ‌{مِن بَعْدِ مَا جَاءَتْهُ}

- ‌{فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ}

- ‌{زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا}

- ‌{وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا}

- ‌{وَالَّذِينَ اتَّقَوْا}

- ‌{فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ}

- ‌{وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ}

- ‌{بِغَيْرِ حِسَابٍ}:

- ‌{كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً}

- ‌{فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ}

- ‌{مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ}

- ‌{وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ}

- ‌{بِالْحَقِّ}

- ‌{لِيَحْكُمَ}

- ‌{بَيْنَ النَّاسِ}

- ‌{فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ}

- ‌{وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ}

- ‌{إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ}

- ‌{مِن بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ}

- ‌{بَغْيًا بَيْنَهُمْ}

- ‌{فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا‌‌ لِمَااخْتَلَفُوا فِيهِ}

- ‌ لِمَا

- ‌{مِنَ الْحَقِّ}

- ‌{وَاللَّهُ يَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ}

- ‌{أَمْ حَسِبْتُمْ}

- ‌{أَن تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِكُم}

- ‌{مَّسَّتْهُمُ}

- ‌{الْبَأْسَاءُ}

- ‌{وَالضَّرَّاءُ}

- ‌{وَزُلْزِلُوا}

- ‌{حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ}

- ‌{مَتَى}

- ‌{نَصْرُ اللَّهِ}

- ‌{أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ}

- ‌{يَسْئَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ}

- ‌{قُلْ مَا أَنفَقْتُم مِّنْ خَيْرٍ}

- ‌{فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ}

- ‌{وَالْيَتَامَى}

- ‌{وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ}

- ‌{وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ}

- ‌{فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ}

- ‌{كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ}

- ‌{وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ}

- ‌{وَعَسَى أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ}

- ‌{وَعَسَى أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ}

- ‌{وَاللَّهُ يَعْلَمُ}

- ‌{وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ}

- ‌{يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ}

- ‌{قِتَالٍ فِيهِ}

- ‌{قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ}

- ‌{قُلْ}

- ‌{صَدٌّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ}

- ‌{وَكُفْرٌ بِهِ}

- ‌{وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ}

- ‌{وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ}:

- ‌{مِنْهُ}

- ‌{أَكْبَرُ عِندَ اللَّهِ}

- ‌{وَالْفِتْنَةُ}

- ‌{أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ}

- ‌{وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ}

- ‌{حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ}

- ‌{إِنِ اسْتَطَاعُوا}

- ‌{وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ}

- ‌{فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ}

- ‌{أُوْلَئِكَ}

- ‌{حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ}

- ‌{فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ}

- ‌{وَأُوْلَئِكَ}

- ‌{أَصْحَابُ النَّارِ}

- ‌{هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}

- ‌الخاتمة

الفصل: ‌ ‌{مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ} عن كعب الذي علمتُه من عددُ الأنبياءِ عليهم

{مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ}

عن كعب الذي علمتُه من عددُ الأنبياءِ عليهم السلام مائة وأربعةٌ وعشرون ألفاً، والمرسَلُ منهم ثلثُمائةٍ وثلاثة عشرَ

ــ

(عن كعب (1) إلخ): " ورد ذلك في حديث مرفوع، أخرجه أحمد (2) وابن حبان (3)، عن أبي ذر (4)، أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم: كم الأنبياء؟ قال: (مائة ألف وأربعة

(1) كعب: هو كعب بن ماتع بن ذي هجن الحميري، أبو إسحاق، المعروف بكعب الأحبار، المتوفى: 32 هـ، تابعي. كان في الجاهلية من كبار علماء اليهود في اليمن، وأسلم وقدم المدينة في زمن عمر، فأخذ عنه الصحابة وغيرهم كثيرا من أخبار الأمم الغابرة، وأخذ هو من الكتاب والسنة عن الصحابة. وخرج إلى الشام، فسكن حمص، وتوفي فيها، عن مائة وأربع سنين.

ينظر: أسد الغابة (4/ 460)، الإصابة (5/ 481).

(2)

أحمد: هو أحمد بن محمد بن حنبل، أبو عبد الله، الشيبانيّ الوائلي، المتوفى: 241 هـ، إمام المذهب الحنبليّ، وأحد الأئمة الأربعة. ولد ببغداد. فنشأ منكبّا على طلب العلم، وسافر في طلبه أسفارا كبيرة إلى الكوفة والبصرة ومكة والمدينة واليمن والشام وغيرها كثير. وصنّف (المسند) ستة مجلدات، يحتوي على ثلاثين ألف حديث. وله كتب في (التاريخ)، و (الناسخ والمنسوخ)، و (الرد على الزنادقة فيما ادعت به من متشابه القرآن)، و (التفسير)، و (فضائل الصحابة)، و (المناسك). ولما تولى المعتصم سجن ابن حنبل ثمانية وعشرين شهرا؛ لامتناعه عن القول بخلق القرآن، وأطلق سنة 220 هـ، وقدمه من جاء بعد المعتصم من الخلفاء حتى توفي الإمام وهو على تقدمه عند المتوكل.

ينظر: حلية الأولياء (9/ 161)، تاريخ بغداد (6/ 90).

(3)

ابن حبان: هو محمد بن حبان بن أحمد بن حبان بن معاذ التميمي، أبو حاتم البستي، ويقال له: ابن حِبّان، المتوفى: 354 هـ، مؤرخ علّامة جغرافي محدث. ولد في بست (من بلاد سجستان) وتنقل في الأقطار، فرحل إلى خراسان والشام ومصر والعراق والجزيرة. وتولى قضاء سمرقند مدة، وهو أحد المكثرين من التصنيف. من كتبه:(المسند الصحيح) في الحديث، و (الثقات)، و (علل أوهام أصحاب التواريخ)، و (الصحابة)، وكتاب (التابعين)، و (أتباع التابعين)، و (تباع التبع)، و (أسامي من يعرف بالكنى)، و (المعجم) على المدن، و (وصف العلوم وأنواعها).

ينظر: ميزان الاعتدال (3/ 506)، شذرات الذهب (1/ 34).

(4)

أبو ذر: هو جُندب بن جُنادة بن سفيان بن عبيد، من بني غِفار، من كنانة بن خزيمة، أبو ذر، المتوفى: 32 هـ، من كبار الصحابة، يقال أسلم بعد أربعة وكان خامسا. يضرب به المثل في الصدق. وهو أول من حيا رسول الله صلى الله عليه وسلم بتحية الإسلام. هاجر بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم إلى بادية الشام، فأقام إلى أن توفي أبو بكر وعمر وولي عثمان، فقدم المدينة وسكنها حتى مات بها. وكان كريما لا يخزن من المال قليلا ولا كثيرا، ولما مات لم يكن في داره ما يكفن به. روى له البخاري ومسلم 281 حديثا. وفي اسمه واسم أبيه خلاف.

ينظر: حلية الأولياء (1/ 156)، الإصابة (7/ 105).

ص: 293

والمذكورُ في القرآن ثمانيةٌ وعشرون

ــ

وعشرون ألفا) قلت: يا رسول الله كم الرسل منهم؟ قال: (ثلاث مائة وثلاث عشر جم غفير)(1). " (2) سيوطي

(والمذكور في القرآن) زاد في (ق): " بالاسم العلم إلخ."(3)

قال السيوطي: " هم آدم وإدريس ونوح وهود وصالح وإبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب ويوسف ولوط وموسى وهارون وشعيب وزكريا ويحيي وعيسى وداود وسليمان وإلياس وإليسع وذو الكفل، وأيوب، ويونس، ومحمد. فهؤلاء خمسة وعشرون. (4)

(1) هو جزء من حديث طويل أخرجه الإمام أحمد في " مسنده "(35/ 431)، في مُسْنَد الْأَنْصَارِ، من حَدِيث أَبِي ذَرٍّ الْغِفَارِيِّ رضي الله عنه، برقم: 21546، وإسناده ضعيف جداً.

وأخرجه أيضا في موضع آخر، وهو أقرب إلى اللفظ المذكور (36/ 618)، في تتمة مسند الأَنصار، من حَدِيث أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ، برقم: 22288، وإسناده ضعيف جداً كسابقه.

وأخرجه ابن حبان في " صحيحه "(2/ 76)، كِتَابُ: الْبِرِّ وَالْإِحْسَانِ، بَابُ: الصِّدْقِ وَالْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ، ذِكْر الِاسْتِحْبَابِ لِلْمَرْءِ أَنْ يَكُونَ لَهُ مِنْ كُلِّ خَيْرٍ حَظٌّ رَجَاءَ التَّخَلُّصِ فِي الْعُقْبَى بِشَيْءٍ مِنْهَا، رقم: 361، وإسناده ضعيف جدا أيضا.

(2)

حاشية السيوطي على البيضاوي (2/ 406).

(3)

تفسير البيضاوي (1/ 135).

(4)

ذكر الله سبحانه وتعالى ثمانية عشر نبيا في هذا الموضع من سورة الأنعام، قال تعالى:{وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَّن نَّشَاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (83) وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلًّا هَدَيْنَا وَنُوحًا هَدَيْنَا مِن قَبْلُ وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (84) وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِّنَ الصَّالِحِينَ (85) وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا وَكُلًّا فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ (86)} [الأنعام: 83 - 86].

وعن إدريس وذا الكفل عليهما السلام قال تعالى: {وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِّنَ الصَّابِرِينَ} [الأنبياء: 85].

وعن هود عليه السلام قال تعالى: {إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ هُودٌ أَلَا تَتَّقُونَ} [الشعراء: 124].

وعن صالح عليه السلام -قال تعالى: {إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ صَالِحٌ أَلَا تَتَّقُونَ} [الشعراء: 142].

وعن شعيب عليه السلام قال تعالى: {إِذْ قَالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ أَلَا تَتَّقُونَ} [الشعراء: 177].

وعن آدم عليه السلام -قال تعالى: {وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا} [البقرة: 31].

وعن محمد صلى الله عليه وسلم قال تعالى: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ} [آل عمران: 144].

ص: 294

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وقيل: إن يوسف المذكور في سورة غافر رسول آخر غير ولد يعقوب. (1)

وقد قيل: بنبوة العزيز (2) وعزير (3) ولقمان (4) وتبع (5) ومريم (6) فتكتمل التي ذكرها المصنف من

(1) قال تعالى في سورة غافر: {وَلَقَدْ جَاءَكُمْ يُوسُفُ مِن قَبْلُ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِّمَّا جَاءَكُم بِهِ حَتَّى إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ لَن يَبْعَثَ اللَّهُ مِن بَعْدِهِ رَسُولًا} [غافر: 34].

وقد ذكر المفسرون في بيان المراد بـ (يوسف) في هذه الآية الكريمة، قولين ذكرهما الإمام الزمخشري في تفسيره «الْكَشَّافِ» (4/ 166) حيث قال:" هُوَ يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ عليهما السلام، وقيل: هو يُوسُفُ ابْنُ إبراهِيمَ بْنِ يُوسُفَ بْنِ يَعْقُوبَ، أَقَامَ فِيهِمْ نَيِّفًا وَعِشْرِينَ سَنَةً."

وقال أبو حيان في " البحر المحيط "(9/ 256): " وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ." عليهما السلام.

(2)

العزيز: هو المذكور في قصة سيدنا يوسف عليه السلام، أنه هو الذي اشتراه، وكان مِنْ أَهْلِ مِصْرَ، قال تعالى:{وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِن مِّصْرَ لِامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَى أَن يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا} [يوسف: 21]، وَكان هُوَ عَزِيزَ مصر أي: الْوَزِيرُ بهَا، الذى الخزائن مسلمة إِلَيْهِ. وَقِيلَ: إِنَّ اسْمَهُ أَطْفِيرُ، بْنُ رُوحَيْبٍ. واختلف في إسلامه، ولم يذكر أحد من المفسرين قولا بنبوته. ينظر: تاريخ الرسل والملوك (1/ 335)، البحر المحيط (6/ 255)، قصص الأنبياء، لابن كثير (1/ 317)

(3)

عُزَيْر: هُوَ الْعَبْدُ الَّذِي أَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ، فهو المذكور في قوله تعالى:{أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّى يُحْيِ هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ} [البقرة: 259]، هذا هو المشهور عِنْدَ كَثِيرٍ من السّلف وَالْخلف وَالله أعلم. واختلف في نبوته، وقيل: إن إسمه عُزَيْر بن جروة، وقيل: عُزَيْر بْن سوريق بن عديا، وقيل غير ذلك، وقد ذكر القرآن قول اليهود فيه، قال تعالى:{وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ} [التوبة: 30]. ينظر: تفسير الطبري (5/ 439)، تفسير ابن أبي حاتم (2/ 502)، قصص الأنبياء، لابن كثير (2/ 338).

وقد ذكر الإمام الرازي في " مفاتيح الغيب "(7/ 27) بحثا مفصلا عن الاختلاف في نبوته، مدعما ذلك بالأدلة العقلية والنقلية.

(4)

لقمان: كان رجلا صالحا، وَزَمَانُهُ مَا بَيْنَ عِيسَى وَمُحَمَّدٌ عليهما السلام، وَالْأَكْثَرُونَ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ نَبِيًّا، قال تعالى:{وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ} [لقمان: 12]، أي: الفقه والعقل والإصابة في القول من غير نبوّة. ينظر: تفسير الطبري (20/ 134)، البحر المحيط (8/ 412).

(5)

تبع: هو اسم لكل ملك من ملوك حِميَر (في اليمن)، والمذكور في القرآن أحدهم، قال تعالى:{أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ} [الدخان: 37]، وقيل: إن إسمه أسعد أبو كريب، وكان رجلا صالحا، ذمّ الله قومَه ولم يذمه. وهو أول من كسا البيت، ومن الناس من يقول: أنَّه نبي، لأنَّ الله - تعالى- ذكره مع الأنبياء عند قصصهم، فقال تعالى:{وَأَصْحَابُ الْأَيْكَةِ وَقَوْمُ تُبَّعٍ كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ} [ق: 14]، وقد ذكر قوم كل نبي قبله. ينظر: تفسير الطبري (22/ 40)، خلاصة السير الجامعة لعجائب أخبار الملوك التبابعة (1/ 133) [لنشوان الحميرى ت: 573 هـ، تحقيق: علي المؤيد، دار العودة، بيروت، ط: الثانية، 1978 م]، المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام (4/ 165) [لد. جواد علي ت: 1408 هـ، دار الساقي، ط: الرابعة 1422 هـ/ 2001 م].

وقد ذكر الإمام النيسابوري في تفسيره " غرائب القرآن"(6/ 106) رواية: " أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: «لا أدري تبع نبيا كان أم غير نبي.» "

(6)

يقصد: السيدة مريم أم سيدنا عيسى عليهما السلام.

ص: 295

وقيل: كَانَ الناسُ أُمَّةً واحدة متفقةً على الكفر والضلال

ــ

هؤلاء. " (1) أهـ

ونقله (ع)(2) و (ش)(3)، لكنهما أسقطا العزيز، فليتحر الصواب.

(وقيل كان الناس إلخ) في (ك):

" وقيل: كان الناس أمة واحدة كفارا، فبعث الله النبيين، فاختلفوا عليهم، والأول الوجه."(4) أهـ

قال السعد:

" لدلالة القراءة والآية عليه (5)، ولكون الاتفاق على الإيمان كان في أول زمن آدم، وآخر زمن نوح عليهم (6) السلام مقررا محققا، بخلاف الاتفاق على الكفر."(7) أهـ

وفي (ز):

" دلت الآية على أن الناس كانوا أمة واحدة، لكن ما دلت على أنهم كانوا متفقين في الحق أم في الباطل.

ذهب أكثر محققي المفسرين إلى أنهم كانوا متفقين في الإيمان واتباع الحق؛ بدليل: {فَبَعَثَ} إلخ، فثبت أن بعثهم بعد الاختلاف المستلزم لسبق اتفاق، فتعين أنه على الحق، إذ لو كانوا قبل الاختلاف متفقين على الكفر لكان بعث الرسل قبل الاختلاف أولى؛ لأنهم لما بعثوا والبعض محق والبعض مبطل، فلأن يبعثوا والكل مبطل أولى.

وأيضا آدم لما بعثه الله رسولا إلى أولاده كانوا مسلمين مطيعين لله، فلم يحدث بينهم اختلاف في الدين إلى أن قتل قابيل هابيل بسبب الحسد والبغي.

وهذا المعنى ثابت بالنقل المتواتر، والآية ناطقة به كما حكى الله عن ابني آدم:{إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْأخَرِ} (8) فأدى ذلك إلى قتل أحدهما الآخر، ولم يكن ذلك القتل والكفر بالله إلا بسبب البغي والحسد.

(1) حاشية السيوطي على البيضاوي (2/ 406 - 407).

(2)

مخطوط حاشية السيالكوتي على البيضاوي لوحة (342 / ب).

(3)

حاشية الشهاب على البيضاوي (2/ 298).

(4)

تفسير الكشاف (1/ 256).

(5)

يقصد: قراءة ابن مسعود، وآية سورة يونس:{وَمَا كَانَ النَّاسُ إِلَّا أُمَّةً وَاحِدَةً فَاخْتَلَفُوا} [يونس: 19].

(6)

في ب بزيادة: الصلاة.

(7)

مخطوط حاشية سعد الدين التفتازاني على الكشاف لوحة (134 / أ).

(8)

سورة: المائدة، الآية:27.

ص: 296

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وقال الكلبي (1): " الذين كانوا أمة واحدة هم أهل سفينة نوح، فإنه لما غرقت الأرض زمن الطوفان لم يبق إلا أهل السفينة وكلهم كانوا على الحق والدين الصحيح، ثم اختلفوا بعد ذلك."(2)

وإذا ثبت هذا القدر بالدليل القطعي، ولم يثبت بشاء [من الدلائل أنهم كانوا متفقين على الكفر والباطل، وجب حمل اللفظ على ما ثبت بالدليل، وأن لا يحمل على ما لم يثبت بشاء](3) من الدليل. (4)

وقال قتادة وعكرمة: " كان الناس من وقت آدم إلى مبعث نوح - وكان بينهما عشرة قرون - كلهم على شريعة واحدة من الحق والهدى، ثم اختلفوا في زمن نوح فبعث الله إليهم نوحا وكان أول نبي بعثه الله."(5)

(1) الكلبي: هو محمد بن السائب بن بشر الكلبي، أبو النضر، المتوفى: 146 هـ، نسابة راوية عالم بالتفسير والأخبار وأيام العرب. من أهل الكوفة. مولده ووفاته فيها. وهو من (كلب بن وبرة) من قضاعة. شهد وقعة دير الجماجم مع ابن الأشعث. وصنف كتابا في (تفسير القرآن)، وهو ضعيف الحديث، قال النسائي: حدث عنه ثقات من الناس ورضوه في التفسير، وأما في الحديث ففيه مناكير. وقيل: كان سبئيا، من أصحاب (عبد الله بن سبإ) الّذي كان يقول: إن علي بن أبي طالب لم يمت، وسيرجع ويملأ الدنيا عدلا كما ملئت جورا. ينظر: المعارف (1/ 535)[لابن قتيبة الدينوري ت: 276 هـ، تحقيق: ثروت عكاشة، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، ط: الثانية، 1992 م]، الفهرست (1/ 124) [لابن النديم ت: 438 هـ، تحقيق: إبراهيم رمضان، دار المعرفة بيروت - لبنان، ط: الثانية 1417 هـ - 1997 مـ]، ميزان الاعتدال (3/ 556).

(2)

ذكره الإمام الثعلبي في " الكشف والبيان "(2/ 133)، والإمام البغوي في " معالم التنزيل "(1/ 271)، والإمام القرطبي في تفسيره (3/ 31).

(3)

ما بين المعقوفتين سقط من ب.

(4)

هذه هي الأدلة التي ذكرها الإمام الرازي في " مفاتيح الغيب "(6/ 372) على أن الناس كَانُوا عَلَى دِينٍ وَاحِدٍ وَهُوَ الْإِيمَانُ وَالْحَقُّ.

وَقال الإمام الطبري في تفسيره (4/ 278): " وأولى التأويلات في هذه الآية بالصواب أن يقال: إن الله-عز وجل أخبر عباده أن الناس كانوا أمة واحدة على دين واحد وملة واحدة، وكان الدينُ الذي كانوا عليه دينَ الحق، فاختلفوا في دينهم، فبعث الله عند اختلافهم في دينهم النبيين مبشرين ومنذرين {وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ}، رحمة منه - جل ذكره - بخلقه."

(5)

أخرجه الإمام الطبري في تفسيره (4/ 276)، رقم: 4049، وابن أبي حاتم في تفسيره (2/ 377)، رقم: 1989، كلاهما عن قتادة، وذكره الإمام الثعلبي في " الكشف والبيان (2/ 133)، والإمام البغوي في "معالم التنزيل" (1/ 271)، وعزاه الإمام السيوطي في " الدر المنثور " (1/ 583) لعبد بن حميد.

ص: 297

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وحكى القرطبي (1) عن أبي خيثمة (2): " منذ خلق الله آدم إلى أن بعث محمدا خمسة آلاف سنة وثمان مائة سنة، وقيل: أكثر من ذلك، وكان بينه وبين نوح ألف سنة، وعاش آدم ستمائة سنة، وكان الناس في زمانه أمة واحدة متمسكين بالدين الحق، تصافحهم الملائكة، فداموا على ذلك إلى رفع إدريس فاختلفوا." قال (3): وهذا فيه نظر! لأن إدريس بعد نوح على الصحيح." (4)

وقيل: " إن الناس كانوا أمة واحدة متفقة على ملة الكفر."(5) [وهو قول ابن عباس وعطاء (6) والحسن.

(1) القرطبي: هو محمد بن أحمد بن أبي بكر بن فرح الأنصاري الخزرجي، أبو عبد الله، المتوفى: 671 هـ. فقيه مفسر عالم باللغة، وُلد بقرطبة، ثم رحل إلى الإسكندرية، ثم إلى صعيد مصر حيث استقر فيه حتى موته. كان عالمًا كبيرًا منقطعًا إلى العلم منصرفًا عن الدنيا، فترك ثروة علمية تقدر بثلاثة عشر كتابًا، مابين مطبوع ومخطوط، أبرزها: تفسيره (الجامع لأحكام القرآن)، وهو تفسير كامل عُني فيه بالمسائل الفقهية إلى جانب العلوم الأخرى، و (التذكرة بأحوال الموتى وأحوال الآخرة)، و (التذكار في أفضل الأذكار)، و (التقريب لكتاب التمهيد).

ينظر: طبقات المفسرين للسيوطي (1/ 92)، طبقات المفسرين للداوودي (2/ 69).

(2)

أبو خيثمة: هو زهير بن حرب بن شداد النّسائي البغدادي، أبو خيثمة، المتوفى: 234 هـ، محدّث بغداد في عصره. أصله من (نسا) وشهرته ببغداد. له كتاب (العلم)، حدث عَنْ سفيان بْن عيينة، وَالوليد بْن مسلم، وروى عنه ابنه أَحْمَد، وَيعقوب بْن شيبة، وأَحْمَد بْن سَعْد الزُّهْرِيّ، وَمحمد بْن إِسْمَاعِيل الْبُخَارِيّ، وَأكثر الإمام مسلم من الرواية عنه.

ينظر: تاريخ بغداد (9/ 509)، تذكرة الحفاظ (2/ 19)، شذرات الذهب (3/ 157).

(3)

أي: الإمام القرطبي.

(4)

تفسير القرطبي (3/ 30 - 31).

(5)

أخرجه الإمام ابن أبي حاتم في تفسيره (2/ 376)، رقم: 1983، وذكره الإمام الماوردي في " النكت والعيون "(1/ 271)، والإمام البغوي في " معالم التنزيل "(1/ 271)، بلفظ:" وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ النَّاسُ عَلَى عَهْدِ إِبْرَاهِيمَ عليه السلام أُمَّةً وَاحِدَةً كُفَّارًا كُلُّهُمْ، فَبَعَثَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ وَغَيْرَهُ مِنَ النَّبِيِّينَ."، وذكره الإمام القرطبي في تفسيره (3/ 31)، وعزاه الإمام السيوطي في " الدر المنثور"(1/ 583) لابن جرير من طريق العوفي، ولم أجده في تفسير ابن جرير المطبوع في تفسير هذه الآية، والله أعلم.

وقد سبق أن بَيَّنَّا أن الإمام ابن كثير ذكر هذه الرواية في تفسيره (1/ 569) عن ابن عباس مع الرواية الأولى عنه أيضا ثم قال: " وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَصَحُّ سَنَدًا وَمَعْنًى."

(6)

عطاء: هو عطاء بن أسلم بن صفوان، عُرف بعطاء بن أبي رباح، أَبُو مُحَمَّد، المتوفى: 114 هـ، تابعيّ من أجلاء الفقهاء. كان عبدا أسود. ولد في جند (باليمن)، ونشأ بمكة فكان مفتي أهلها ومحدثهم، وتوفي فيها. وكان حجة إماما كبير الشأن، أخذ عنه الإمام أبو حنيفة.

ينظر: حلية الأولياء (3/ 310)، ميزان الاعتدال (3/ 70)، تهذيب التهذيب (7/ 199).

ص: 298

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

قال الحسن وعطاء: " كان الناس من وقت وفاة آدم إلى مبعث نوح أمة واحدة على ملة الكفر] (1) أمثال البهائم، فبعث الله نوحا وغيره من النبيين."(2)

ويحتمل أن المراد بكونهم أمة واحدة كونهم متفقين في الخلو عن الشرائع والجهل، لولا أن مَنَّ الله عليهم بالرسل تفضلا منه. (3)

فعلى هذا يكون: {كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً} غير مختص بالماضي فقط، بل للاستمرار كـ {كَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا} (4). (5) " (6) أهـ

(1) ما بين المعكوفتين سقط من ب.

(2)

ذكره الإمام الثعلبي في " الكشف والبيان (2/ 132)، والإمام الواحدي في " الوسيط " (1/ 315)، والإمام البغوي في "معالم التنزيل" (1/ 271).

(3)

هذا هو القول الثالث الذي ذكره المفسرون في تفسير قوله تعالى: {كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً} .

ينظر: تفسير القرطبي (3/ 31)، البحر المحيط (2/ 363)، غرائب القرآن (1/ 857)، فتح القدير (1/ 245)، التحرير والتنوير (2/ 302).

قال الإمام الرازي في " مفاتيح الغيب "(6/ 374) ما ملخصه: " الْقَوْلُ الثَّالِثُ: وَهُوَ اخْتِيَارُ أَبِي مُسْلِمٍ [أي: الْأَصْفَهَانِيِّ] وَالْقَاضِي [أي: عَبْدِ الْجَبَّارِ]: أَنَّ النَّاسَ كَانُوا أُمَّةً وَاحِدَةً فِي التَّمَسُّكِ بِالشَّرَائِعِ الْعَقْلِيَّةِ، وَهِيَ الِاعْتِرَافُ بِوُجُودِ الصَّانِعِ وَصِفَاتِهِ، وَالِاشْتِغَالُ بِخِدْمَتِهِ، وَالِاجْتِنَابُ عَنِ الْقَبَائِحِ الْعَقْلِيَّةِ، كَالظُّلْمِ، وَالْكَذِبِ، وَالْجَهْلِ وَأَمْثَالِهَا.

وَاحْتَجَّ الْقَاضِي عَلَى صِحَّةِ قَوْلِهِ: بِأَنَّ لَفْظَ النَّبِيِّينَ يُفِيدُ الْعُمُومَ وَالِاسْتِغْرَاقَ، وَحَرْفُ الْفَاءِ يُفِيدُ التَّعقيب، فَقَوْلُهُ:{فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ} يُفِيدُ أَنَّ بَعْثَةَ جَمِيعَ الْأَنْبِيَاءِ كَانَتْ مُتَأَخِّرَةً عَنْ كَوْنِ النَّاسِ أُمَّةً وَاحِدَةً، فَتِلْكَ الْوَحْدَةُ الْمُتَقَدِّمَةُ عَلَى بَعْثَةِ جَمِيعِ الشَّرَائِعِ لَا بُدَّ وَأَنْ تَكُونَ وَحْدَةً فِي شَرْعِهِ غَيْرَ مُسْتَفَادَةٍ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ، فَوَجَبَ أَنْ تَكُونَ فِي شَرِيعَةٍ مُسْتَفَادَةٍ مِنَ الْعَقْلِ.

[ثم قال الإمام الرازي]: وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ لَا يَصِحُّ إِلَّا مَعَ إِثْبَاتِ تَحْسِينِ الْعَقْلِ وَتَقْبِيحِهِ، وَالْكَلَامُ فِيهِ مَشْهُورٌ فِي الْأُصُولِ."

(4)

سورة: النساء، الآية:96.

(5)

ينظر: تفسير القرطبي (3/ 31).

(كَانَ): موضوعة للدلالة على اتصاف اسمها بمضمون خبرها، والأصل في وضعها الدلالة على الانقطاع، فإذا سمعت: كان زيد قائماً، فالأصل أنه قام في الزمن الماضي، والآن لا يثبت له شيء البتة. لكن نحو:{كَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا} ، فهنا تدل على الاستمرار، عرف ذلك من دليل خارجي، ففي مثل التراكيب المتعلقة بذات الرب - جل وعلا - كلها للدلالة على الاستمرار والدوام. وما عدا ذلك فالأصل فيها الانقطاع. ينظر: فتح رب البرية في شرح نظم الأجرومية (1/ 359 - 360).

(6)

حاشية زادة على البيضاوي (2/ 510 - 511).

ص: 299