الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والهمزةُ فيها: للإنكار والاستبعاد، أي: بل أحَسِبْتُمْ.
{أَن تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِكُم}
من الأنبياء ومن معهم من المؤمنين. أي: والحال أنه لم يأتِكم مثلُهم بعد،
ــ
كتب [السعد](1):
" (ومعنى الهمزة فيها) أي الاستفهام في (أم) للتقرير، يعني: الحمل على الإقرار، والإنكار بمعنى: ما كان ينبغي أن تحسبوا، أو: لم حسبتم."(2)
(للإنكار والاستبعاد) قال (ع):
" أي: المقصود إنكار ذلك الحسبان، بمعنى: أنه لا ينبغي أن يكون، فهو يقتضي وقوع ذلك منهم، وكان كذلك؛ لما روى البخاري وأبو داود والنسائي عن خباب بن الأرت: شكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لقينا من المشركين، وقلنا: ألا تستنصر لنا، ألا تدعو لنا! فقال: قد كان من قبلكم قد يؤخذ الرجل فيحفر له في الأرض فيجعل فيها، ثم يؤتى بالمنشار فيوضع على رأسه فيجعل نصفين، ويمشط بأمشاط الحديد دون لحمه وعظمه، ما يصده ذلك عن دينه."(3) " (4)
(أي: والحال) يشير إلى أن الواو: واو الحال من فاعل حسب (5).
(لم يأتكم) يشير إلى أن {لَمَّا} : نافية جازمة، بمعنى: لم. (6)
(1) سقط من ب.
(2)
مخطوط حاشية سعد الدين التفتازاني على الكشاف لوحة (135 / أ).
(3)
أخرجه الإمام البخاري في " صحيحه "(5/ 45)، رقم: 3852، كتاب: مَنَاقِبِ الأَنْصَارِ، بَاب: مَا لَقِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابُهُ مِنَ المُشْرِكِينَ بِمكَّةَ، وأخرجه الإمام أبو داود في " سننه "(3/ 47)، رقم: 2649، كِتَاب: الْجِهَادِ، بَاب: فِي الْأَسِيرِ يُكْرَهُ عَلَى الْكُفْرِ، وأخرجه الإمام النسائي في "السنن الكبرى "(5/ 385)، رقم: 5862، كِتَاب: الْعِلْم، باب: الْغَضَب فِي الْمَوْعِظَةِ وَالتَّعْلِيمِ إِذَا رَأَى الْعَالِمُ مَا يَكْرَهُ، وأخرجه الإمام أحمد في " مسنده "(34/ 551)، رقم: 21073، من حَدِيث خَبَّابِ بْنِ الْأَرَتِّ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.
(4)
مخطوط حاشية السيالكوتي على البيضاوي لوحة (344 / ب) بتصرف.
(5)
يقصد: أن الواو في قوله تعالى: {وَلَمَّا يَأْتِكُم} ، هي واو الحال. ينظر: الدر المصون (2/ 381)، روح المعاني (1/ 499)، التحرير والتنوير (2/ 315)، إعراب القرآن وبيانه (1/ 316)، إعراب القرآن، للدعاس (1/ 89).
(6)
ينظر: الوسيط، للواحدي (1/ 317)، معالم التنزيل (1/ 272)، التبيان في إعراب القرآن (1/ 171)، تفسير القرطبي (3/ 34).
وقال الإمام أبو حيان في " البحر المحيط "(2/ 373): " وَ: لَمَّا، أَبْلَغُ فِي النَّفْيِ مِنْ: لَمْ؛ لِأَنَّهَا تَدُلُّ عَلَى نَفْيِ الْفِعْلِ مُتَّصِلًا بِزَمَانِ الْحَالِ، فَهِيَ لِنَفْيِ التَّوَقُّعِ."=
ولم تبتلوا بما ابتلوا به من الأحوالِ الهائلةِ، التي هي مَثَلٌ في الفظاعة والشدّة
ــ
(ولم تبتلوا إلخ) العطف: للتفسير (1)، قصد به (أن يأتكم) بمعنى: يصبكم ويحصل لكم.
(من الأحوال الهائلة) يشير إلى تفسير {مَّثَلُ} بـ (حال)، وإلى نكتة التعبير عنها بـ {مَّثَلُ} ، بقوله:(التي هي مثل في الفظاعة).
قال (ش):
" لما مر أن لفظ المثل مستعار للحال، وللقصة العجيبة الشأن (2)."(3) أهـ
أي: كأنها لغرابتها مثل سائر.
= (لم) و (لما) يشتركان في كونهما: حرفيْ نفيٍ وجزمٍّ وقلبٍ؛ لأنهما تَنفيان المضارعَ، وتجزِمانهِ، وتقلبانِ زمانه من الحال أو الاستقبال إلى المضيّ، فإن قلتَ:"لم أكتبْ، أو"لمّا أكتُبْ"، كان المعنى أنكَ ما كتبتَ فيما مضى.
والفرق بين "لم ولمّا" من أربعة أوجه:
أنّ "لم" للنفي المُطلَقِ، فلا يجب استمرارُ نفيِ مصحوبها إلى الحال، بل يجوز الاستمرار، كقوله تعالى:{لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ} [الإخلاص: 3]، ويجوز عَدَمه، ولذلك يصِحُّ أن تقول:"لم أفعل ثمَّ فعلت".
وأما "لمّا" فهي للنفي المستغرق جميع أجزاء الزمانِ الماضي، حتى يَتصل بِالحالِ، فإذا قلت:"لما أفعل "، أي: لم أفعل حتى الآن.
أن المنفي بـ (لم) لا يتوقَّع حصوله، والمنفيَّ بـ (ِلمّا) مُتوقَّع الحصول، فإذا قلتَ:"لمّا أسافِرْ" فسفركَ مُنتظَرٌ، لذلك إذا أردت إثبات ذلك الفعل تقول:"قد سافرت ".
يجوز وقوع "لم" بعد أَداةِ شرط، نحو:"إن لم تجتهد تندم". ولا يجوز وقوع "لمّا" بعدها.
يجوز حذفُ مجزومِ "لمَّا"، نحو "قاربت المدينة ولمَّا"، أَي "لما أُدخلْها". ولا يجوز ذلك في مجزوم "لم"، إلا في الضرورة.
ينظر: مغني اللبيب (1/ 367)، شرح شذور الذهب للجوجري (2/ 591)، شرح التصريح (2/ 395)، جامع دروس العربية (2/ 184).
(1)
أي: عطف الإمام أبو السعود جملة (ولم تبتلوا) على جملة (لم يأتكم)؛ من أجل أن تفسر معناها، فليس المراد بالإتيان مجرد المجي والوصول، وإنما المراد به الحصول والإصابة.
(2)
الْمَثَل: في اللغة هُوَ: الشَّبَهُ، والمَثَل والِمثْل لغتان: كشبه وَشِبْهٌ، وقد يعبّر بهما أيضا عن: صفة الشيء. نحو قوله: {مَّثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ} [الرعد: 35]. ويستعار لفظ الْمثل للْحَال كَقَوْلِه تَعَالَى: {مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا} [البقرة: 17]، أَي حَالهم العجيبة.
ويُسمى الْكَلَام السائر فِي النَّاس للتمثيل مثلا؛ لتشابه مضربه بمورده، وعلى هذا الوجه ما ضرب الله - تعالى - من الأمثال، فقال:{وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} [الحشر: 21].
ينظر: المفردات - مادة مثل (1/ 759)، الكليات - فصل الميم (1/ 852)، زهر الأكم في الأمثال والحكم (1/ 20).
(3)
حاشية الشهاب على البيضاوي (2/ 299).
وهو متوقَّعٌ ومنتظَرٌ.
ــ
وفي (ع):
" لما سبق أن لفظ المثل: استعارة للحال والقصة العجيبة الشأن، ولا يخفى أن ما يصيبهم مثل حالهم وشبهه، لا نفسه، ففي الكلام حذف مضاف."(1) أهـ
قال (ز):
" ولما يأتكم مثل حالهم ومحنتهم."(2) أهـ
وفيه: " المثل ": عبارة عن حالة غريبة، أو قصة عجيبة لها شأن. ومنه:{وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى} (3) أي: الصفة التي لها شأن عظيم." (4) أهـ
(وهو) أي: إتيان مثل حالهم، متوقع كما تفيده:{لَمَّا} . (5)
وعبارة (ق):
" وأصل (لَمَّا): (لَم)، [ثم زيد] (6) عليها (ما)، وفيها توقع؛ ولذلك جعل مقابل (قد)."(7) أهـ
قال السيوطي:
" وكون (لما) النافية مركبة، أحد قولين فيها (8)، وهي نظيرة (قد) في أن الفعل المذكور بعدها متوقع، أي: منتظر الوقوع، والمنتظر في (لما) أيضا هو الفعل، لا نفيه."(9) أهـ
(1) مخطوط حاشية السيالكوتي على البيضاوي لوحة (344 / ب).
وينظر: البحر المحيط (2/ 373)، الدر المصون (2/ 381)، روح المعاني (1/ 499).
وقال الإمام الرازي في " مفاتيح الغيب "(6/ 379): " وَاعْلَمْ أَنَّ فِي الْكَلَامِ حَذْفًا تَقْدِيرُهُ: مَثَلُ مِحْنَةِ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ."
(2)
حاشية زادة على البيضاوي (2/ 512).
(3)
سورة: النحل، الآية:60.
(4)
حاشية زادة على البيضاوي (2/ 512).
وينظر: مفاتيح الغيب (6/ 378).
(5)
ينظر: مفاتيح الغيب (6/ 378)، الدر المصون (2/ 381).
(6)
في ب: أزيد.
(7)
تفسير البيضاوي (1/ 135).
(8)
اختلف في (لما)، فقيل: مركبة من (لَمْ) الجازمة، و (مَا) الزَّائِدَة، فأُدغمت ميمُ (لَمْ) في ميم (ما). ووجه الزّيادة: أنّهم لَمّا زادوا حرفًا في الإثبات وهو (قَدْ)، زادوا حَرْفًا في النّفي وهو (ما). وهذا هو مذهب الجمهور. وقيل: بسيطة.
ينظر: اللمحة في شرح الملحة (2/ 851)، توضيح المقاصد (3/ 1274)، شرح شذور الذهب للجوجري (2/ 595)، همع الهوامع (2/ 543).
(9)
حاشية السيوطي على البيضاوي (2/ 407) بتصرف.
وينظر: مفاتيح الغيب (6/ 378)، روح المعاني (1/ 499).