الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
{فَمَن تَعَجَّلَ}
أي: استعجَلَ في النفر أو النفْرَ؛ فإن التفعّل والاستفعال يجيئان لازمين ومتعدّيين، يقال: تعجل في الأمر واستعجل فيه، وتعجله واستعجله،
ــ
(يجيئان لازمين): في (ع):
" " جاء تعجل واستعجل مطاوعين (1)، بمعنى: عجَّل، يقال: تعجل في الأمر واستعجل.
يقال: تعجل الذهاب واستعجله. والمطاوعة أوفق؛ لقوله: {وَمَن تَأَخَّرَ} (2) " كذا في (ك)(3).
والظاهر: أن (ق) حمله على المتعدي (4)؛ لأن اللازم يستدعي تقدير (في)، فيلزم تعلق حرفي جر - بمعنى واحد - بالفعل، وذا لا يجوز. (5) " (6) أهـ
(1) مطاوعين: من الْمُطَاوَعَةُ: وهي لغة الْمُوَافَقَةُ. وَالنَّحْوِيُّونَ رُبَّمَا سَمَّوُا الْفِعْلَ اللَّازِمَ: مُطَاوِعًا.
ينظر: مختار الصحاح - مادة طوع (1/ 193).
وهي في اصطلاح النحويين: التأثر وقبول أثر الفعل، سواء كان التأثر متعدياً، أو كان لازما. وبتعبير أبسط: أن تريد من الشيء أمرا ما فتبلغه، إما بأن يفعل ما تريده إذا كان مما يصح منه الفعل، وإما أن يصير إلى مثل حال الفاعل الذي يصح منه الفعل - بقبوله إياه -. نحو: عَلَّمْتُ زيدا الفقه فتعلَّمهُ: أي قبل التعليم، وكَسَرْتُ الحبَّ فانكسر: أي تأثر بالكسر. ينظر: المنصف لابن جني (1/ 71)[لأبي الفتح عثمان بن جني ت: 392 هـ، دار إحياء التراث القديم، ط: الأولى: 1373 هـ]، شرح شافية ابن الحاجب (1/ 103)[للرضي الإستراباذي، نجم الدين ت: 686 هـ، تحقيق: محمد الحسن وآخرون، دار الكتب العلمية بيروت- لبنان، ط: 1395 هـ-1975 م].
(2)
سورة: البقرة، الآية:203.
(3)
تفسير الكشاف (1/ 249).
(4)
حيث قال: (فمن استعجل النفر)، ينظر: تفسير البيضاوي (1/ 132).
(5)
قوله تعالى: {تَعَجَّلَ} يتعلق به قوله: {فِي يَوْمَيْنِ} ، ولو جعلناه لازما سنقدر له:" في النفر"، ومن ثم سيتعلق بهذا الفعل حرفا جر بنفس المعنى، وهذا لا يجوز عند علماء النحو. ينظر: نتائج الفكر في النحو (1/ 308)[لأبي القاسم عبد الرحمن السهيلي ت: 581 هـ، دار الكتب العلمية- بيروت، ط: الأولى: 1412 - 1992 م].
وقد قدره السمين الحلبي بحرف الباء وليس " في " حيث قال: " وتعجَّل واستعجل يكونان لازمين ومتعديين، ومتعلَّقُ التعجيلِ محذوفٌ، فيجوزُ أن تقدِّرَه مفعولاً صريحاً أي: من تعجَّل النَّفْر، وأن تقدِّرَه مجروراً أي: بالنفر، حَسَبَ استعمالِه لازماً ومتعدياً." ينظر: الدر المصون (2/ 345).
وقد تكلم الطاهر بن عاشور في هذا الموضع كلاما حسنا حيث قال: " وَفِعْلَا تَعَجَّلَ وتَأَخَّرَ: مُشْعِرَانِ بِتَعَجُّلٍ وَتَأَخُّرٍ فِي الْإِقَامَةِ بِالْمَكَانِ الَّذِي يُشْعِرُ بِهِ اسْمُ الْأَيَّامِ الْمَعْدُودَاتِ، فَالْمُرَادُ مِنَ التَّعَجُّلِ: عَدَمُ اللُّبْثِ وَهُوَ النَّفْرُ عَنْ مِنَى، وَمِنَ التَّأَخُّرِ: اللُّبْثُ فِي مِنَى إِلَى يَوْمِ نَفْرِ جَمِيعِ الْحَجِيجِ، فَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ صِيغَةُ تَعَجَّلَ وتَأَخَّرَ مَعْنَاهُمَا: مُطَاوَعَةُ عَجَّلَهُ وَأَخَّرَهُ، فَإِنَّ التَّفَعُّلَ يَأْتِي لِلْمُطَاوَعَةِ، كَأَنَّهُ عَجَّلَ نَفْسَهُ فَتَعَجَّلَ وَأَخَّرَهَا فَتَأَخَّرَ، فَيَكُونُ الْفِعْلَانِ قَاصِرَيْنِ لَا حَاجَةَ إِلَى تَقْدِيرِ مَفْعُولٍ لَهُمَا، لكون الْمُتَعَجَّلَ عَنْهُ وَالْمُتَأَخَّرَ إِلَيْهِ مَفْهُومَانِ مِنِ اسْمِ الْأَيَّامِ الْمَعْدُودَاتِ، أَيْ تَعَجُّلِ النَّفْرِ وَتَأَخُّرِ النَّفْرِ، وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ صِيغَةُ التَّفَعُّلِ فِي الْفِعْلَيْنِ لِتَكَلُّفِ الْفِعْلِ، كَأَنَّهُ اضْطُرَّ إِلَى الْعَجَلَةِ أَوْ إِلَى التَّأَخُّرِ، فَيَكُونُ الْمَفْعُولُ مَحْذُوفًا؛ لِظُهُورِهِ أَيْ: فَمَنْ تَعَجَّلَ النَّفْرَ وَمَنْ تَأَخَّرَهُ." التحرير والتنوير (2/ 263).
(6)
مخطوط حاشية السيالكوتي على البيضاوي لوحة (335 / ب).
والأول أوفقُ؛ للتأخر،
ــ
(والأول أوفق): عبارة (ك): " والمطاوعة أوفق ". (1)
كتب السعد:
" أي: جَعْل {تَعَجَّلَ} لازما أوفق بنظم الكلام في الآية؛ لأجل قوله: {تَأَخَّرَ} وهو لازم.
كما أن المطاوعة أي: جعل المستعجل من اللازم أوفق بالنظم (2)؛ لأجل المتأني فإنه لازم." (3) أهـ
وفي (ش):
" رجح (ق) المتعدي (4)؛ بأن المراد بيان أمور الحج، لا التعجل مطلقا؛ ولذا قدر في {تَأَخَّرَ}
(في النفر (5))، ومن الناس من لم يظهر له وجهه، وهو ظاهر." (6) أهـ
(1) تفسير الكشاف (1/ 249).
(2)
يقصد النظم المذكور في تفسير أبي السعود، وتمامه:
قَدْ يُدْرِكُ الْمُتَأَنِّي بَعْضَ حَاجَتِهِ
…
وَقَدْ يَكُونُ مَعَ الْمُسْتَعْجَلِ الزَّلَلُ
وربما فاتَ قومٌ جُلَّ أَمْرُهُم
…
من التأنَيّ وكان الحَزْمُ لَو عجلوا
لعَمْرِو بْنِ شَسِيمٍ الْقَطَامِيِّ.
ينظر: جمهرة أشعار العرب (1/ 646)[لمحمد بن أبي الخطاب القرشي ت: 170 هـ، تحقيق: علي محمد البجادي، مصر للطباعة]، الشعر والشعراء (2/ 716)، الإعجاز والإيجاز (1/ 142) [لأبي منصور الثعالبي ت: 429 هـ، مكتبة القرآن - القاهرة]، لباب الآداب (1/ 426) [لأبي المظفر أسامة بن منقذ الكناني ت: 584 هـ، تحقيق: أحمد محمد شاكر، مكتبة السنة، القاهرة، ط: الثانية، 1407 هـ - 1987 م].
وهو من البسيط. روي بلفظ " من المستعجل " والأغلب بلفظ " مع "، والمتأني: المتمهل، والزلل: الخطأ.
والشاهد فيه: حيث أتى بلفظ " المستعجل" لازم؛ لمقابلة "المتأني" وهو لازم، مع أن تعجل يأتي لازم ومتعدي يقال: تعجل في الأمر واستعجل فيه، وتعجل الأمر واستعجله.
ينظر: لسان العرب- حرف اللام (11/ 425).
(3)
مخطوط حاشية سعد الدين التفتازاني على الكشاف لوحة (133 / أ).
(4)
تفسير البيضاوي (1/ 132).
(5)
النَّفْر: مصدر نفَرَ، وهو الإسراع والانطلاق بقوة. ويَوْمُ النَّفْر: هو اليوم الذي يَنفر فيه الحاجُّ من منى إلى مكَّة، وهو اليوم الثَّاني من أيّام التَّشريق بالنسبة للمتعجل، والثَّالث بالنسبة للمتأخر. ينظر: معجم لغة الفقهاء - حرف النون (1/ 121)، معجم اللغة العربية المعاصرة - مادة نفر (3/ 2252).
(6)
حاشية الشهاب على البيضاوي (2/ 294).