الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
على أن قوله عز وجل:
{قِتَالٍ فِيهِ}
بدلُ اشتمالٍ من الشهر.
ــ
وفي (ز):
" (كتبوا له في ذلك تشنيعا إلخ) قال الواحدي (1): " لما بلغ الخبر كفار قريش ركب وفدهم وقدموا المدينة، فقالوا لرسول الله (2): أيحل القتال في الشهر الحرام؟ على وجه العيب بالمسلمين باستحلالهم القتال في الشهر الحرام. فنزلت." (3)
وقوله: (وقيل: أصحاب السرية): مبناه أن أكثر الحاضرين عند رسول الله (4) كانوا مسلمين؛ ولأن ما في الآية وهو: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ} (5)، وما بعدها {يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ} (6)، {يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى} (7) كل منهما للمسلمين، فالظاهر أن السائل في هذا أيضا المسلمون." (8)
(بدل اشتمال): " من {الشَّهْرِ} (9)، لما أن الأول غير واف بالمقصود، مشوق إلى الثاني، ملابس له بغير الكلية والجزئية، ولما كانت النكرة موصوفة، صح إبداله من معرفة،
(1) الواحدي: هو علي بن أحمد بن محمد بن علي، أبو الحسن الواحدي، المتوفي: 468 هـ، مفسر، عالم بالأدب، نعته الذهبي بإمام علماء التأويل. كان من أولاد التجار، أصله من ساوة (بين الريّ وهمذان)، ومولده ووفاته بنيسابور. له:" البسيط "، و" الوسيط "، و" الوجيز " كلها في التفسير، وقد أخذ الغزالي هذه الأسماء وسمى بها تصانيفه، و" شرح ديوان المتنبي "، و" أسباب النزول "، و" شرح الأسماء الحسنى"، وغير ذلك وهو كثير. ينظر: طبقات الشافعية الكبرى، للسبكي (5/ 240)، النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة (5/ 104) [ليوسف بن تغري بردي الظاهري ت: 874 هـ، وزارة الثقافة والإرشاد القومي، دار الكتب، مصر].
(2)
في ب بزيادة: صلى الله عليه وسلم.
(3)
أسباب النزول، للواحدي (1/ 68) بتصرف.
(4)
في ب بزيادة: صلى الله عليه وسلم.
(5)
سورة: البقرة، الآية:214.
(6)
سورة: البقرة، الآية:219.
(7)
سورة: البقرة، الآية:220.
(8)
حاشية زادة على البيضاوي (2/ 518 - 519).
(9)
ينظر: معاني القرآن وإعرابه، للزجاج (1/ 289)، إعراب القرآن، للنحاس (1/ 109)، مشكل إعراب القرآن، لمكي (1/ 127).
وقال صاحب التحرير والتنوير (2/ 325): " وَإِنَّمَا اخْتِيرَ طَرِيقُ الْإِبْدَالِ هُنَا - وَكَانَ مُقْتَضَى الظَّاهِرِ أَنْ يُقَالَ: يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْقِتَالِ فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ-؛ لِأَجَلِ الِاهْتِمَامِ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ تَنْبِيهًا عَلَى أَنَّ السُّؤَالَ لِأَجْلِ الشَّهْرِ أَيَقَعُ فِيهِ قِتَالٌ؟ لَا لِأَجْلِ الْقِتَالِ هَلْ يَقَعُ فِي الشَّهْرِ وَهُمَا مُتَآيِلَانِ، لَكِنَّ التَّقْدِيمَ لِقَضَاءِ حَقِّ الِاهْتِمَامِ، عَلَى أَنَّ فِي طَرِيقِ بَدَلِ الِاشْتِمَالِ تَشْوِيقًا بِارْتِكَابِ الْإِجْمَالِ ثُمَّ التَّفْصِيلِ. "
وتنكيرُه؛ لما أن سؤالهم كان عن مُطلق القتال الواقعِ في الشهر الحرام، لا عن القتال المعهودِ؛ ولذلك لم يقل: يسألونك عن القتال في الشهر الحرام.
ــ
على أن وجوب التوصيف إنما هو في بدل الكل." نص عليه الرضي (1)."(2)(ع)
(عن مطلق القتال): " أشار به إلى: أن السؤال عن جنس القتال في الشهر الحرام، وكذا الجواب، لا كما قيل: أن السؤال عن فرد معين أقدم (3) عبد الله بن جحش، والجواب عن قتال آخر يكون القصد فيه هدم الإسلام وتقوية الكفر، بناء على أن النكرة إذا أعيدت نكرة كانت غير الأولى (4)، وذلك؛ لأن ذلك (5) ليس بضربة لازب (6)، وأن المصدر وإن كان نكرة فأكثر ما يقصد به الجنس، كيف وقد وصف بقوله تعالى: {فِيهِ}، وعندهم أن النكرة تعم بعموم الوصف، ومن هنا جاز إبداله من المعرفة، وجعله مبتدأ، خبره: {كَبِيرٌ} (7). "(8) سعد
(1) شرح الرضي على الكافية (2/ 384) وما بعدها.
(2)
مخطوط حاشية السيالكوتي على البيضاوي لوحة (346 / أ).
(3)
في مخطوط السعد بزيادة: " عليه "، وهو المناسب للمعنى.
(4)
سيأتي تفصيل تلك المسألة فيما بعد.
(5)
" ذلك " الأولى إشارة إلى قوله: " أشار به إلى
…
لا كما قيل
…
."، وأما " ذلك " الأخرى فإشارة إلى قوله: " بناء على
…
."
(6)
ضَرْبَة لازب: يضْرب مثلا فى الشاء الْوَاجِب اللَّازِم. والعَرَب تَقول: لَيْسَ هَذَا بضَرْبةِ لازِم ولازِب، يُبدِلون الباءَ ميماً؛ لتقارب المخارج. ينظر: تهذيب اللغة - باب الزاي واللام (13/ 147)، الزاهر في معاني كلمات الناس (1/ 497)، ثمار القلوب في المضاف والنسوب (1/ 681) [لأبي منصور الثعالبي ت: 429 هـ، دار المعارف - القاهرة].
(7)
ينظر: إعراب القرآن للنحاس (1/ 110)، التبيان في إعراب القرآن (1/ 174)، إعراب القرآن وبيانه (1/ 322).
وقعت كلمة: {قِتَالٍ فِيهِ} مرتين في هذه الآية، الأولى بدل اشتمال من {الشَّهْرِ} ، والثانية مبتدأ خبره:{كَبِيرٌ} ، وكلمة قتال: نكرة، لكنها موصوفة بكلمة: فيه، ويجوز في البدل إبدال نكرة من معرفة والعكس.
ينظر: شرح شذور الذهب لابن هشام (1/ 575)، شرح قطر الندى (1/ 309).
لكن لكي تقع النكرة مبتدأ لابد لها من مسوغ، ومن هذه المسوغات مجاء النكرة موصوفة، كما جاء في هذا الموضع. ينظر: توضيح المقاصد (1/ 481)، مغني اللبيب (1/ 609).
(8)
مخطوط حاشية سعد الدين التفتازاني على الكشاف لوحة (135 / ب - 136 / أ).
وقرئ: (عن قتال فيه) بتكرير العامل، كما في قوله - تعالى-:{لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ} .
وقرئ: (قتل).
ــ
(وقرئ: عن) في (ك):
" و [قراءة](1) عبد الله: (عن قتال فيه)(2)
على تكرير العامل، كقوله:{لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ} (3)." (4) أهـ
وقوله: (وقرئ: (قتل)) في (ك): " وقرأ عكرمة: (قتل فيه) (5)."(6)
"وقوله: (بتكرير العامل): يعني: أنه على هذه أيضا بدل اشتمال، إلا أنه بتكرير العامل."(7)(ع)
{قُلْ} في جوابهم:
(1) في ب: قرأ.
(2)
قرأ الجمهور: {قِتَالٍ فِيهِ} بالكسر، وهو بدل من {الشَّهْرِ} بدل اشتمال.
وقرأ ابن عباس والربيع والأعمش وعكرمة وابن مسعود (عن قتالِ فيه) بإظهار (عن) وهكذا هو في مصحف عبد الله.
ينظر: معاني القرآن، للفراء (1/ 141)، تفسير الطبري (4/ 300)، المصاحف لابن أبي داود (1/ 174) [لابن أبي داود عبد الله بن سليمان الأزدي ت: 316 هـ، تحقيق: محمد عبده، مطبعة الفاروق الحديثة / القاهرة، ط: الأولى، 1423 هـ - 2002 م]، الكشف والبيان (2/ 140)، الوسيط، للواحدي (1/ 321)، مفاتيح الغيب (6/ 387)، تفسير القرطبي (3/ 44)، فتح القدير (1/ 249).
وقال أبو حيان في " البحر المحيط "(2/ 383): " وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ: {قِتَالٍ فِيهِ} بالكسر، وهو بدل من {الشَّهْرِ} بدل اشتمال.
وَقَالَ الْكِسَائِيُّ: هُوَ مَخْفُوضٌ عَلَى التَّكْرِيرِ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ الْفَرَّاءِ؛ لِأَنَّهُ قَالَ: مَخْفُوضٌ بِعَنْ مُضْمَرَةٍ.
وَلَا يُجْعَلُ هَذَا خِلَافًا كَمَا يَجْعَلُهُ بَعْضُهُمْ؛ لِأَنَّ قَوْلَ الْبَصْرِيِّينَ: «إِنَّ الْبَدَلَ عَلَى نِيَّةِ تَكْرَارِ الْعَامِلِ» هُوَ قَوْلُ الْكِسَائِيِّ، وَالْفَرَّاءِ، لَا فَرْقَ بَيْنَ هَذِهِ الْأَقْوَالِ، هِيَ كُلُّهَا تَرْجِعُ لِمَعْنًى وَاحِدٍ."
(3)
سورة: الأعراف، الآية:75.
(4)
تفسير الكشاف (1/ 259).
(5)
قرأ عكرمة وابن مسعود وأبو السمال: (قتلِ فيه قل قتلُ فيه) بدون ألف فيهما.
وقراءة الجمهور بألف فيهما: {قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ} .
ينظر: المحرر الوجيز (1/ 290)، مفاتيح الغيب (6/ 387)، تفسير القرطبي (3/ 44)، البحر المحيط (2/ 383)، الدر المصون (2/ 390)، غرائب القرآن (1/ 596).
(6)
تفسير الكشاف (1/ 259).
(7)
مخطوط حاشية السيالكوتي على البيضاوي لوحة (346 / أ).