الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
{وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ}
تجريدٌ للخطابِ، وتوجيهٌ لهُ إليه عليه الصلاة والسلام، وهو كلامٌ مبتدأ سيق لبيان تحزُّب الناسِ في شأن التقوى إلى حِزبين، وتعيينِ مآلِ كلَ منهما.
و{مَن} موصولةٌ أو موصوفةٌ، وإعرابُه كما بَينا في قوله تعالى:{وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ} .
ــ
{وَمِنَ النَّاسِ} (1) إلخ، قال (ز):
" لما ذكر تعالى أن من الناس من يقصر همته على طلب الدنيا في قوله: {فَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا} (2) ثم ذكر المؤمنين الذين نالوا خير الدارين (3)، ذكر المنافقين الذين أظهروا الإيمان بقوله: {وَمِنَ النَّاسِ} إلخ. (4) "(5) أهـ
وفي (ع):
" وعطف {وَمِنَ النَّاسِ} على قوله: {فَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ}، والجامع: أنه لما ساق بيان أحكام الحج، إلى بيان انقسام الناس في الذكر والدعاء في تلك المناسك إلى الكافر والمؤمن، تممه ببيان قسمين آخرين المنافق والمخلص (6)، ولظهوره (7) لم يتعرض له (ق)."(8) أهـ
(تجزئة (9)) في نسخة تَحَزُّب (10).
(إلى حزبين)، في بعض النسخ (إلى جزئين).
(1) سورة: البقرة، الآية:204.
(2)
سورة: البقرة، الآية:200.
(3)
الذين ذكرهم في قوله - تعالى -: {وَمِنْهُم مَّن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّار (201) أُوْلَئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِّمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ} [البقرة: 201 - 202].
(4)
ينظر: تفسير القرطبي (3/ 14)، نظم الدرر في تناسب الآيات والسور (3/ 168)، فتح القدير (1/ 238).
(5)
حاشية زادة على البيضاوي (2/ 499).
(6)
ينظر: مفاتيح الغيب (5/ 343)، التحرير والتنوير (2/ 265).
(7)
أي: التناسب بين الآيات.
(8)
مخطوط حاشية السيالكوتي على البيضاوي لوحة (336 / ب).
(9)
تَجْزِئَة: من جَزَّأَتُ الشاء جزءا: قَسَّمْتُه وجعلته أجزاء. ينظر: الصحاح تاج اللغة - مادة جزأ (1/ 40)، تاج العروس - مادة جزأ (1/ 171).
(10)
تَحَزُّب: من تَحزَّب النَّاسُ: مُطاوع حزَّبَ، وتحازبوا: صاروا أحزابًا، أي جماعاتٍ من النّاس. ينظر: المعجم الوسيط - باب الحاء (1/ 170)، معجم اللغة العربية المعاصرة - مادة حزب (1/ 484).
أي: ومنهم من يروقْك كلامُه،
ــ
(من يروقك (1) إلخ): " في التاج (2): " الروق: نيكو أمدن." (3) فالتعجب مجاز عما يلزمه من الروق والعظمة، فإن الأمر الغريب المجهول السبب يستطيبه الطبع ويعظم وَقْعُه (4) في القلوب، وليس على حقيقته؛ لعدم الجهل بالسبب، أعني: الفصاحة (5) والحلاوة."(6) أهـ (ع)
ومعنى أمدن: مجئ الشاء، ونيكو: طيبا حسنا.
وفي (ز):
" {يُعْجِبُكَ} : أي تستحسن ظاهر قوله، وتعده حسنا مقبولا، فإن الإعجاب استحسان الشاء والميل إليه. والهمزة فيه للتعدية (7).
قال الراغب: " العجب: عبرة تعرض للإنسان عند الجهل بسبب الشاء، وحقيقة أعجبني كذا: ظهر لي ظهورا لم أعرف سببه. "(8) " (9) أهـ
(1) يروق: من الرَّوْقُ: وهو الإِعْجابُ بالشَّيْءِ، يقال: راقَهُ هذا المنظرُ يَرُوقُه: إِذا أَعْجَبَهُ وسرّه. ينظر: تاج العروس - مادة روق (25/ 373)، معجم اللغة العربية - مادة روق (2/ 961).
(2)
يقصد: كتاب " تاج المصادر " لأبي جعفر أحمد بن علي، المعروف: بجعفرك المقري، البيهقي، المتوفي: 544 هـ، وهو معجم عربي / فارسي.
(3)
في تاج المصادر (1/ 153): " الروق: الإعجاب "، وينظر: تفسير " روح البيان "(3/ 480)[لأبي الفداء إسماعيل حقي ت: 1127 هـ، دار الفكر - بيروت].
(4)
وَقْعه: أي موقعه وأثره.
(5)
الفصاحة: في اللغة: الإبانة والظهور، وهي في المفرد: خلوصه من تنافر الحروف والغرابة ومخالفة القياس، وفي الكلام: خلوصه من ضعف التأليف وتنافر الكلمات مع فصاحتها، وفي المتكلم: مَلَكَة يقتدر بها على التعبير عن المقصود بلفظ فصيح. ينظر: التعريفات - باب الفاء (1/ 167).
(6)
مخطوط حاشية السيالكوتي على البيضاوي لوحة (336 / ب).
(7)
همزة التعدية: هي الهمزة التي تدخل على الفعل فتجعله متعديا إلى مفعول لم يكن متعديا إليه قبل الصوغ، فإن كان الفعل لازما جعلته متعديا لمفعول واحد نحو:"جلس زيدُ، وأجلست زيدا"، وإن كان متعديا لواحد جعلته متعديا لاثنين نحو:"دخل زيدُ الدارَ، وأدخلت زيدا الدارَ"، وإن كان متعديا لاثنين جعلته متعديا لثلاثة نحو:" علم زيدُ عمرا فاضلا، وأعلمت زيدا عمرا فاضلا ". وتسمى أيضا همزة النقل. ينظر: شرح ابن عقيل (2/ 64)، شرح الأشموني (1/ 385)، شرح تسهيل الفوائد (2/ 100) [لجمال الدين ابن مالك الطائي ت: 672 هـ، تحقيق: د. عبد الرحمن السيد، دار هجر للطباعة، ط: الأولى 1410 هـ - 1990 م].
والهمزة التي في صيغة التعجب - " ما أفعل " - هي همزة التعدية، فإذا قلت:"ما أحسن زيدًا! " فأصلُه: حَسُنَ زيدٌ، فأردت الإخبارَ بأن شيئًا جعله حسنًا، فنقلتَه بالهمزة. ينظر: شرح المفصل (4/ 414)[ليعيش بن علي بن يعيش ت: 643 هـ، دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان، ط: الأولى، 1422 هـ - 2001 م].
(8)
المفردات في غريب القرآن - مادة عجب (1/ 547).
(9)
حاشية زادة على البيضاوي (2/ 499).
ويعظُم موقعُه في نفسك؛ لما تشاهد فيه من ملاءمة الفحوى، ولُطف الأداءِ.
والتعجُّب: حِيْرةٌ تعرِضُ للإنسان بسبب عدمِ الشعور، بسبب ما يتعجّب منه.
ــ
وفي (ش):
" يروقك بمعنى: يحسن في عينك."(1)
(ويعظم موقعه): تفسير لما قبله، ومنه الشاء العجيب: الذي يعظم في النفوس.
(لما تشابه في ملاءمة (2)) أي: تناسب الفحوى (3).
في نسخة: (لما تشاهد فيه من ملاءمة الفحوى).
(ولطف الأداء) تفسير لما قبله، أو مغاير (4): بأن يعبر بعبارات لطيفة.
(بسبب عدم الشعور إلخ) في (ق): " لجهله بسبب المتعجب منه."(5)
قال (ش):
" ولذلك قيل: إذا ظهر السبب بطل العجب. ومن قال: في هذا التعريف دور (6)، أتى بما يتعجب منه. (7) "(8) أهـ
(1) حاشية الشهاب على البيضاوي (2/ 294).
(2)
مُلاءَمَة: مصدر لاءمَ، يقال: لاءَمَهُ مُلاءَمَةً: وافَقَهُ وناسبه. ينظر: القاموس المحيط - باب الميم (1/ 1156)[لمجد الدين بن يعقوب الفيروزآبادى ت: 817 هـ، مؤسسة الرسالة للطباعة، بيروت- لبنان، ط: الثامنة، 1426 هـ- 2005 م].
(3)
الفَحْوَى: من فَحَا بِكَلَامِهِ إِلَى كَذَا وَكَذَا فَحواً: رمى بِهِ إِلَيْهِ، وفحوى القَوْل: مضمونه ومرماه الَّذِي يتَّجه إِلَيْهِ الْقَائِل. ينظر: المعجم الوسيط - باب الفاء (2/ 676).
(4)
أو مغاير لما قبله في المعنى وليس تفسيرا له.
(5)
تفسير البيضاوي (1/ 133).
(6)
الدور: هو توقف الشيء على ما يتوقف عليه، ويسمى: الدور المصرح، كما يتوقف "أ" على "ب"، و"ب" على "أ"، أو بمراتب، ويسمى: الدور المضمر، كما يتوقف"أ" على "ب"، و "ب" على "ج"، و "ج" على "أ". والتعريف الْمُشْتَمل على الدّور: هُوَ عبارَة عَن توقف أَجزَاء الْمُعَرّف على الْبَعْض الآخر من تِلْكَ الْأَجْزَاء. وهذا التعريف مستحيل إذ يلزم فِيهِ تقدم الشَّيْء على نَفسه وتأخره عَنْهَا بمرتبتين. ينظر: التعريفات - باب الدال (1/ 105)، الكليات - فصل التاء (1/ 264).
(7)
تعريف البيضاوي فيه دور حيث ذكر في تعريف التعجب لفظ " المتعجب منه" وهو من نفس مادته، فقال الشهاب: للتخلص من هذا الدور ممكن نضع " اسم الشئ المتعجب منه " بدلا من كلمة " المتعجب منه ".
(8)
حاشية الشهاب على البيضاوي (2/ 294).