الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
{فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ}
أي: فاختلفوا فبَعَثَ إلخ،
ــ
(أي: فاختلفوا): " إشارة إلى أن الفاء فصيحة (1)، وما بعده قرينة عليه."(2)(ش)
" يعني: ليحكم بينهم فيما اختلفوا فيه." أهـ
عبارة (ق):
" {فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ}: أي اختلفوا فبعث."(3)
كتب (ع):
" الظاهر: (فاختلفوا فبعث) على ما في (ك)(4) وغيره.
ولعله قدر (اختلفوا) بعد فاء فبعث، وقدم الفاء على بعث اختيارا؛ لما قاله ابن عصفور (5):"أن الفاء في: {فَانفَجَرَتْ} (6) هي فاء فضرب، وأن فاء: (فانفجر) (7) حذفت ليكون على المحذوف دليل ببقاء بعضه."(8)
وأورد عليه أن: أن لفظ الفاءين واحد فكيف يجعل دليلا؟
(1) من خصائص الفاء العاطفة: جواز حذفها مع معطوفها للدليل، وتسمى الفاء العاطفة على مقدر (الفاء الفصيحة): فهِي الَّتِي يحذف فِيهَا الْمَعْطُوف عَلَيْهِ، مَعَ كَونه سَببا للمعطوف، من غير تَقْدِير حرف الشَّرْط، مثل الفاء في قوله تعالى:{فَقُلْنَا اضْرِب بِّعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانفَجَرَتْ} [البقرة: 60]، والتقدير: فضرب فانفجرت، فالفعل "انفجر" معطوف على "ضرب" المحذوف.
ينظر: شرح التصريح على التوضيح (2/ 186)، الكليات (1/ 676).
(2)
حاشية الشهاب على البيضاوي (2/ 298).
(3)
تفسير البيضاوي (1/ 135).
(4)
ينظر: تفسير الكشاف (1/ 255). يقصد الإمام عبد الحكيم أن الظاهر والأولى: مجيء الفاء في "فاختلفوا" كما جاءت في عبارة الكشاف، وقد خلت منها عبارة البيضاوي.
(5)
ابن عصفور: هو علي بن مؤمن بن محمد، الحَضْرَمي الإشبيلي، أبو الحسن، المعروف بابن عصفور، المتوفى: 669 هـ، حامل لواء العربية بالأندلس في عصره. من كتبه:«المقرب» في النحو، و «الممتع» في التصريف، و «المفتاح» ، و «الهلال» ، و «شرح الجمل» ، و «شرح المتنبي» ، و «سرقات الشعراء» ، و «شرح الحماسة». ينظر: عنوان الدّراية فيمن عُرف من العلماء في المائة السَّابعة ببجايَة (1/ 317)[لأبي العباس الغِبْرِيني ت: 714 هـ، تحقيق: عادل نويهض، منشورات دار الآفاق، بيروت، ط: الثانية، 1979 م]، فوات الوفيات (3/ 109)، شذرات الذهب (7/ 575).
(6)
هي جزء من قوله تعالى: {فَقُلْنَا اضْرِب بِّعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا} [البقرة: 60].
(7)
كتبت في النسختين أوب بدون تاء، وفي نص حاشية عبد الحكيم:(فانفجرت) بالتاء كسابقتها.
(8)
ينظر: المقرب، لابن عصفور (1/ 236).
ومعنى كلام ابن عصفور: أن تقدير الآية: فضرب فانفجرت، فعلين بفاءين، في كل فعل واحدة، حذف الفعل الأول (ضرب)، لدلالة قوله تعالى:{اضْرِب} عليه، ولكن تركت فاؤه لتدل على حذفه، ثم حذفت فاء {فَانفَجَرَتْ} ؛ لعدم اجتماع فاءين في كلمة واحدة.
وهي قراءةُ ابنِ مسعود رضي الله عنه، وقد حُذف تعويلاً على ما يذكر عقيبه.
ــ
والجواب: أن دلالية على التعقيب من غير تراخ تقتضي أن يقدر بعده ما يترتب على ما قبله من غير تراخ، لا أن يقدر قبله ذلك.
وكذلك كون المذكور بعد الفاء مترتبا على المقدر من غير تراخ دليل على تقدير الفاء عليه. (1) " (2)(ع)
(على ما يذكر عقيبه) عبارة (ق): " لدلالة {فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ}."(3)
" فإنه يدل على أن الاختلاف سابق على بعث النبيين، و" لقراءة عبد الله بن مسعود: (كان الناس أمة واحدة فاختلفوا فبعث الله النبيين)(4)، وقوله:{وَمَا كَانَ النَّاسُ إِلَّا أُمَّةً وَاحِدَةً فَاخْتَلَفُوا} (5)." (6) كذا في (ك)
وترك المصنف الأخيرين (7)؛ لأن الأول كاف في كونه قرينة. والترجيح لا يثبت بكثرة الأدلة. فذكرهما لغو." (8)(ع)
(1) شرح الاعتراض: أن الفاءين لفظهم واحد، فكيف يُعرف أن الباقية هي فاء المحذوف حتى تجعل دليلا عليه؟
شرح الجواب: أن الفاء في أصل معناها تدل على التعقيب من غير تراخ، وذلك يقتضي أن ما بعدها يترتب على ما قبلها من غير تراخ، وهنا ثلاثة أفعال:
الفعل الأول: "اضرب".
يترتب عليه من غير تراخ الفعل الثاني: "ضرب".
ويترتب على "الأول" أيضا الفعل الثالث: "انفجر" ولكن بتراخ؛ لوجود حدث بينهما.
من أجل ذلك دلت الفاء الموجودة على أن هناك فعلا مقدرا، معطوفا على الأول مترتبا عليه من غير تراخ، ليس هو ذلك الفعل المذكور (انفجر)؛ لعدم تحقق شرط التعقيب فيه.
(2)
مخطوط حاشية السيالكوتي على البيضاوي لوحة (342 / ب).
(3)
تفسير البيضاوي (1/ 135).
(4)
قرأ عبد الله بن مسعود وأبي بن كعب: (كان الناس أمة واحدة فاختلفوا فبعث)، بزيادة الفعل اختلفوا على قراءة الجماعة.
ينظر: تفسير الطبري (4/ 275)، تفسير ابن أبي حاتم (2/ 376)، المحرر الوجيز (1/ 286)، مفاتيح الغيب (6/ 372)، تفسير القرطبي (3/ 31)، مدارك التنزيل (1/ 177)، البحر المحيط (2/ 363)، تفسير ابن كثير (1/ 569)، الدر المنثور (1/ 582)، فتح القدير (1/ 244).
(5)
سورة: يونس، الآية:19.
(6)
تفسير الكشاف (1/ 255).
(7)
أي: اكتفى الإمام البيضاوي بالدليل الأول وهو قوله: " لدلالة {فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ} "، وترك الدليلين الأخيرين وهما: قراءة ابن مسعود وآية سورة يونس؛ لأن الأول كاف في كونه قرينة على المحذوف.
(8)
مخطوط حاشية السيالكوتي على البيضاوي لوحة (342 / ب).