الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقيل: معنى {فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} : مدة الحياة الدنيا، أي: لا يصدُر منه فيها إلا القولُ الحسن.
{وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ}
، أي: بحسَب ادِّعائِه
ــ
وفي بعض نسخ المنلا (1) من الخشية (2) والكفهة (3).
(إلا القول الحسن) الموافق للشرع لا القبيح المخالف له (4)، فلا نظر لفصاحته ولا لعدمها (5).
{وَيُشْهِدُ (6) اللَّهَ} : " أي: يحلف ويُشْهِد الله على أن ما في قلبه موافق لكلامه."(7)(ق)
قال (ش):
" لأن (أُشْهِدُ اللهَ) وما في معناه يستعمل في اليمين (8)."(9)
(1) المنلا: الإمام أبي السعود.
(2)
الخَشْيَة: خوف يشوبه تعظيم ومَهابَةٍ، وأكثر ما يكون ذلك عن علم بما يخشى منه؛ ولذلك خصّ العلماء بها في قوله:{إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} [فاطر: 28]. ينظر: المفردات - مادة خشى (1/ 283)، تاج العروس - مادة خشى (37/ 550).
(3)
الكفهة: لم أقف على معناها، ولعله تصحيف من الكاتب.
(4)
من تعريف الحسن بتعريف أهل السنة: فالحسن عندهم ما حسنه الشرع، والقبيح ما قبحه الشرع، لا العقل كما هو رأي المعتزلة. ينظر: تحفة المريد (1/ 70).
ومن هنا يظهر مذهب الشيخ السقا أنه كان على مذهب أهل السنة.
(5)
أي يعجبك قوله: من جهة معناه من حيث كونه قولا موافقا للشرع، وليس من جهة كونه قولا فصيحا. وهذا المعنى انفرد به الإمام أبو السعود عن الإمامين الزمخشري والبيضاوي، وتبعه فيه الإمام أبو حيان.
(6)
يُشْهِد: من الإشهاد، يقال: شَهِد الشَّيْءَ: اطَّلَع عَلَيْهِ وَعَايَنهُ، وَيُعَدَّى بِالْهَمْزَةِ فَيُقَالُ أَشْهَدهُ الشَّيْءَ فشهده: إِذا أحضره عليه، أشهد صديقَه على صدق أقواله: جعله يشهد بذلك، ومنه قوله تعالى:{وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ} [الأعراف: 172]، وَأَيْضًا فَقَدْ اُسْتُعْمِلَ أَشْهَدُ فِي الْقَسَمِ، نَحْوُ: أَشْهَدُ بِاللَّهِ لَقَدْ كَانَ كَذَا، أَيْ: أُقْسِمُ. ينظر: شمس العلوم - حرف الشين (6/ 3572)، المصباح المنير - مادة شهد (1/ 324)، معجم اللغة العربية - مادة شهد (2/ 1240).
(7)
تفسير البيضاوي (1/ 133).
(8)
اليَمِين: أصله الجارحة، وَيطلق الْيَمِينُ على الْقَسَم، وَالْجَمْعُ: أَيْمُنٌ وَأَيْمَانٌ، وهو مستعار من اليد اعتبارا بما يفعله المعاهد والمحالف وغيره؛ لِأَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا تَحَالَفُوا ضَرَبَ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَمِينَهُ عَلَى يَمِينِ صَاحِبِهِ. قال تعالى:{أَمْ لَكُمْ أَيْمَانٌ عَلَيْنَا بَالِغَةٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ} [القلم: 39]. ينظر: المفردات - مادة يمن (1/ 893)، مختار الصحاح - مادة يمن (1/ 350).
(9)
حاشية الشهاب على البيضاوي (2/ 294).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وفي (ز):
" الأظهر أنه عطف على: {يُعْجِبُكَ} ، [فهي صلة (1) لا محل لها (2)، أو صفة محلها الرفع،
ويحتمل الحالية من ضمير: {قَوْلُهُ} . (3)
(1) الصلة: هي الجملة الخبرية الواقعة لزوما بعد الموصولات سواء كانت اسمية أو حرفية؛ لتبين معناها. وتكون مشتملة على ضمير عائد على الموصول إذا كان إسميا، والصلة إما جملة "اسمية أوفعلية"، أو شبه جملة "ظرف أو جار ومجرور".
والموصولات الاسمية تسمى "الخاصة"، وهي: الذي والتي واللذان واللتان - بالألف رفعا وبالياء نصبا وجرا- والأولي والذين واللائي واللاتي.
والموصولات الحرفية تسمى "المشتركة"، وهي: من وَمَا وَأي وأل وَذُو وَذَا.
ينظر: اللمع في العربية (1/ 189)، شرح قطر الندى (1/ 107) شرح ابن عقيل (1/ 153).
والموصول في الآية التي معنا حرفيّ، وهو " مَن " في قوله تعالى:{مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ} .
(2)
أصل الجملة ألا يكون لها محل من الإعراب؛ لأن أصلها أن تكون مستقلة لا تتعدد بمفرد، ولا تقع موقعه، وما كان من الجمل له محل من الإعراب فإنما ذلك؛ لوقوعه موقع المفرد وسد مسده، فتصير الجملة الواقعة موقع المفرد جزءا لما قبلها، فنحكم على موضعها بما يستحقه المفرد الواقع في ذلك.
والجُمَل التي لها محلٌّ من الإعرابِ سبعٌ:
الجملة الخبرية، والحالية، والمحكية بالقول، والمضاف إليها، والمعلق عنها العامل، والتابعة لما هو معرب أو له محل من الإعراب، والواقعة جواب أداة شرط جازمة مصدرة بالفاء أو إذا أو قد.
والجمل التي لا محل لها من الإعراب تسع:
الجملة الابتدائية، والاعتراضية، والصلة، والتفسيرية، وجواب القسم، والواقعة بين أدوات التحضيض، والواقعة بعد أدوات التعليق غير العاملة، والواقعة جوابا لها، والتابعة لما لا محل له.
ينظر: توضيح المقاصد والمسالك (1/ 112)، جامع دروس العربية (3/ 285).
(3)
ينظر: البحر المحيط (2/ 327).
وقال السمين الحلبي: " قوله: {وَيُشْهِدُ اللَّهَ} في هذه الجملةِ وجهان، أظهرُهما: أنها عطفٌ على «يُعْجِبَك» ، فهي صلةٌ لا محلَّ لها من الإِعراب أو صفةٌ، فتكونُ في محلِّ رفعٍ على حَسَبِ القول في «مَنْ». والثاني: أن تكونَ حاليةً، وفي صاحبِها حينئذٍ وجهان، أحدهُما: أنه الضميرُ المرفوعُ المستكنُّ في «يعجبك» ، والثاني: أنه الضميرُ المجرُور في «قوله» تقديرُه: يُعْجِبُك أَنْ يقولَ في أمر الدنيا، مُقْسِماً على ذلك.
وفي جَعْلها حالاً نظرٌ من وجهين، أحدهُما: من جهةِ المعنى، والثاني من جهةِ الصناعة، وأمَّا الأول: فلأنه يَلْزَمُ منه أن يكونَ الإعجابُ والقولُ مقيدين بحالٍ، والظاهرُ خلافهُ.
وأمَّا الثاني: فلأنه مضارع مثبتٌ فلا يَقَعُ حالاً إلا في شذوذٍ، أو ضرورةً، وتقديرُه مبتدأً قبلَه على خلافِ الأصلِ، أي: وهو يُشْهِدُ." الدر المصون (2/ 348).
حيث يقول: الله يعلم أن ما في قلبي موافِقٌ لما في لساني، وهو عطف على {يُعْجِبُكَ} .
ــ
والشرطية بعد (1) تحتمل العطف على: {يُعْجِبُكَ} ] (2)، صلة أو صفة، والاستئناف (3) لمجرد الإخبار بالحال، والكلام تم بـ {أَلَدُّ الْخِصَامِ} ." (4) أهـ
(حيث يقول: الله أعلم): هو مثال (5).
(1) الجملة الشرطية: هي الجملة المصدّرة بأداة الشرط، مشتملة على ركنين يترتب أحدهما على الآخر، ويسمى ما يلي الأداة شرطا، وثانيهما جوابا للشرط وجزاء.
وأدوات الشرط: هي كَلِمٌ وضعت لتعليق جملة بجملة، تكون الأولى سببا والثانية مسببا.
وهي: إن وما ومن وإذا ولو ومهما ومتى وأيان وأي وأين وأنى وحيثما وكيفما وإذ ما.
ينظر: توضيح المقاصد والمسالك (3/ 1274)، شرح شذور الذهب (2/ 592) [لشمس الدين الجَوجَري القاهري ت: 889 هـ، رسالة ماجستير تحقيق: نواف بن جزاء الحارثي، الناشر: عمادة البحث العلمي بالجامعة الإسلامية، المدينة المنورة، ط: الأولى، 1423 هـ/2004 م]، همع الهوامع (2/ 545).
ويقصد بالجملة الشرطية هنا قوله تعالى: {وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى} [البقرة: 205]. ينظر: الدر المصون (2/ 351).
وقال أبو حيان في البحر المحيط (2/ 331) عند تفسيره لقوله تعالى: {وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى} : " وهذه الْجُمْلَةُ الشَّرْطِيَّةُ إِمَّا مُسْتَأْنَفَةٌ، وَقد تَمَّ الْكَلَامُ عِنْدَ قَوْلِهِ: {وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ}، وَإِمَّا مَعْطُوفَةٌ عَلَى صِلَةِ {مَنْ} أَوْ صِفَتِهَا، مِنْ قَوْلِهِ: {يُعْجِبُكَ}."
(2)
ما بين المعقوفتين سقط من ب.
(3)
الاستئناف: هُوَ أَن يكون الْكَلَام الْمُتَقَدّم موردا للسؤال، فَيجْعَل ذَلِك الْمُقدر كالمحقق، وَيُجَاب بالْكلَام الثَّانِي، فَالْكَلَام مُرْتَبِط بِمَا قبله من حَيْثُ الْمَعْنى، وَإِن كَانَ مَقْطُوعًا لفظا، فالاستئناف: هو ما وقع جوابا لسؤال مقدر معنى. ينظر: التعريفات (1/ 18)، الكليات (1/ 106).
والفرق بين الجملة الاستئنافية والجملة الابتدائية:
أن الابتدائية: هي التي تكونُ في مُفتَتحِ الكلامِ، كقوله تعالى:{إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} [الكوثر: 1].
أما الاستئنافيّةُ: فهي التي تقعُ في أثناءِ الكلامِ، لاستئنافِ كلامٍ جديدٍ، وهي منقطعةً عمّا قبلَها لفظا، مرتبطة به معنى. وقد تقترنَ بالفاءِ أو الواو الاستئنافيَّتين. فالأولُ: كقوله تعالى: {فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحًا جَعَلَا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا فَتَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} [الأعراف: 190]. والثاني: كقولهِ: {فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنثَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنثَى} [آل عمران: 36]. ينظر: جامع الدروس العربية (3/ 287).
(4)
حاشية زادة على البيضاوي (2/ 500).
(5)
أي مثال لما يقوله.
وقرئ: (ويَشهدُ الله)، فالمرادُ بـ {مَا فِي قَلْبِهِ}: ما فيه حقيقةً، ويؤيده: قراءةُ ابنِ عبَّاسً رضي الله عنهما: (والله يشهَدُ على ما في قلبه) على أن كلمةَ {عَلَى} ؛ لكون المشهودِ به مُضِرّاً له، فالجملةُ اعتراضية.
وقرئ: (ويستشهدُ الله).
ــ
في (ك):
" {وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ} أي: يحلف ويقول: الله شاهد على ما في قلبي من محبتك ومن الإسلام. (1) "(2) أهـ
(فالجملة اعتراضية): أي بين الحال وذيها (3).
(وقرئ: ويستشهد الله (4) إلخ)
في (ك):
" وفي مصحف أبي (5):
(1) أي كونه: مسلم خالص.
(2)
تفسير الكشاف (1/ 251).
(3)
ذيها: هي في الأصل "ذو" التي بمعنى صاحب وهي من الأسماء الستة، التي ترفع بالواو وتنصب بالألف وتجر بالياء، فيقال: جاء رجل ذو مال، ورأيت رجلا ذا مال، ومررت برجل ذي مال، ومنه قوله تعالى:{ذِي قُوَّةٍ عِندَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ} [التكوير: 20]، ولا تستعمل " ذو" إلا مضافة، وشرط ما تضاف إليه "ذو" أن يكون اسم جنس ظاهرا غير صفة، فالضمير لا تضاف إليه ذو، ولو سمع فهو شاذ. كالموضع الذي ذكره صاحب الحاشية حيث أضافها إلى الضمير. ينظر: شرح ابن عقيل (1/ 54)، فتح رب البرية بشرح نظم الأجرومية (1/ 141).
والمراد هنا: أن الجملة معترضة بين الحال وصاحب الحال.
(4)
قَرَأَ الْجُمْهُورُ: {وَيُشْهِدُ اللَّهَ} بِضَمِّ الْيَاءِ وَكَسْرِ الْهَاءِ، وَنَصْبِ الْجَلَالَةِ مِنْ: أَشْهَدَ، والفاعل يعود على {مَن}. وَقَرَأَ أُبَيٌّ وَابْنُ مَسْعُودٍ:(وَيَسْتَشْهِدُ اللَّهَ)، وَهِيَ حُجَّةٌ لِقِرَاءَةِ الْجَمَاعَةِ.
وَالْمَعْنَى عَلَى قِرَاءَةِ الْجُمْهُورِ: أَنَّهُ يَحْلِفُ بِاللَّهِ وَيُشْهِدُهُ أَنَّهُ صَادِقٌ وَقَائِلٌ حَقًّا، وَأَنَّهُ مُحِبٌّ فِي الرَّسُولِ وَالْإِسْلَامِ، وَقِرَاءَةُ الْجَمَاعَةِ أَبْلَغُ فِي الذَّمِّ؛ لِأَنَّهُ قَوِيَ عَلَى نَفْسِهِ الْتِزَامُ الْكَلَامِ الْحَسَنِ، ثُمَّ ظَهَرَ مِنْ بَاطِنِهِ خِلَافُهُ.
…
ينظر: المحرر الوجيز (1/ 279)، مفاتيح الغيب (5/ 345)، تفسير القرطبي (3/ 15)، البحر المحيط (2/ 326)، الدر المصون (2/ 349).
(5)
أبي: هو أبي بن كعب بن قيس بن عبيد، أبو المنذر، المتوفي: 21 هـ، من بني النجار، من الخزرج، كان قبل الإسلام حبرا من أحبار اليهود، مطلعا على الكتب القديمة، يكتب ويقرأ - على قلة العارفين بالكتابة في عصره - ولما أسلم كان من كتاب الوحي. وشهد بدرا وأحدا والخندق والمشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان يفتي على عهده. وشهد مع عمر بن الخطاب وقعة الجابية، وكتب كتاب الصلح لأهل بيت المقدس. وأمره عثمان بجمع القرآن، فاشترك في جمعه. وله في الصحيحين وغيرهما 164 حديثا، مات بالمدينة. ينظر: الاستيعاب (1/ 65)، الإصابة (1/ 180).