الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ــ
{سَلْ} (1): " يحتمل أنه أمر من: سال يسال، كخاف يخاف وهاب يهاب.
أو من: سأل يسأل بهمزة مفتوحة فيهما، أصله: اسأل كـ" افتح "، ألقيت حركة الهمزة على السين فحذفت تخفيفا، واستغني عن همزة الوصل بحركة السين، فصار: سل بوزن: فل. (2)
و{بَنِي إِسْرَاءِيلَ} مفعوله الأول (3).
و{كَمْ} مع ما في حيزها في محل نصب أو الخفض مفعول ثان (4)؛ لأن السؤال يتعدى إلى الأول بنفسه وإلى الثاني بحرف الجر (عن أو الباء) سألته بكذا، أو عن كذا.
وقد يحذف حرف الجر فاحتملت المحلين على التقديرين. (5)
و{كَمْ} معلقة (6) للسؤال.
(1) سورة: البقرة، الآية:211.
(2)
ينظر: مادة (سأل): شمس العلوم (5/ 3311)، تاج العروس (29/ 185).
وينظر: معاني القرآن للفراء (1/ 124)، مفاتيح الغيب (6/ 365)، التبيان في إعراب القرآن (1/ 169)، البحر المحيط (2/ 347)، الدر المصون (2/ 366)، التحرير والتنوير (2/ 288).
وقال الإمام القرطبي في تفسيره (3/ 27): " {سَلْ} مِنَ السُّؤَالِ: بِتَخْفِيفِ الْهَمْزَةِ، فَلَمَّا تَحَرَّكَتِ السِّينُ لَمْ يَحْتَجْ إِلَى أَلِفِ الْوَصْلِ.
وَقِيلَ: إِنَّ لِلْعَرَبِ فِي سُقُوطِ أَلِفِ الوصل في: " سَلْ" وثبوتها في: " واسأل" وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا- حَذْفُهَا فِي إِحْدَاهُمَا وَثُبُوتُهَا فِي الْأُخْرَى، وَجَاءَ الْقُرْآنُ بِهِمَا، فَاتَّبِعْ خَطَّ الْمُصْحَفِ فِي إِثْبَاتِهِ لِلْهَمْزَةِ وَإِسْقَاطِهَا.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي- أَنَّهُ يَخْتَلِفُ إِثْبَاتُهَا وَإِسْقَاطُهَا بِاخْتِلَافِ الْكَلَامِ الْمُسْتَعْمَلِ فِيهِ، فَتُحْذَفُ الْهَمْزَةُ فِي الْكَلَامِ الْمُبْتَدَإِ، مِثْلَ قَوْلِهِ:{سَلْ بَنِي إِسْرَاءِيلَ} [البقرة: 211]، وَقَوْلِهِ:{سَلْهُمْ أَيُّهُم بِذَلِكَ زَعِيمٌ} [القلم: 40]. وثبت في العطف، مثل قوله:{وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ} [يوسف: 82]، {وَسْئَلُوا اللَّهَ مِن فَضْلِهِي} [النساء: 32]." قَالَهُ عَلِيُّ بْنُ عِيسَى."
(3)
ينظر: إعراب القرآن وبيانه (1/ 309).
(4)
ينظر: البحر المحيط (2/ 349)، الدر المصون (2/ 369).
(5)
ينظر: مادة سأل: المفردات (1/ 437)، تاج العروس (29/ 157).
غرائب التفسير (1/ 209)، التحرير والتنوير (2/ 289).
(6)
التعليق: هو إبطال العمل في اللفظ فقط دون المحل، لمجيء ماله صدر الكلام بعد العامل المذكور.
مثل: مجئ لام الابتداء أو القسم أو الاستفهام أو نحوه مما له صدر الكلام، بعد أفعال القلوب ونحوها كـ: نَظَرَ وَتَفَكَّرَ وَأَبْصَرَ وَسَأَلَ. نحو: {يَسْئَلُونَ أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ} [الذاريات: 12]، {لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى} [الكهف: 12].
والفرقُ بين التعليق والإلغاء، أن الإلغاء: إبطال عمل العامل لفظًا وتقديرًا، والتعليق إبطال عمله لفظًا لا تقديرًا. ينظر: شرح المفصل لابن يعيش (4/ 330)، شرح شذور الذهب، للجوجري (2/ 657).
الخطاب للرسول صلى الله عليه وسلم
ــ
ولا يعلقه إلا الاستفهام كهذه الآية، و {سَلْهُمْ أَيُّهُم بِذَلِكَ زَعِيمٌ} (1)، وعلق وإن لم يكن من أفعال القلوب؛ لأنه سبب للعلم، والعلم يعلق فكذا سببه (2). " (3)(ز)
(والخطاب) أي الأمري كما في (ك): " أمر للرسول إلخ."(4)
(للرسول) قال (ع):
" كما هو الأصل في الخطاب: من أن يكون لمعين."(5) أهـ
وفي (ش):
" قدم كونه أمرا للرسول؛ لكونه الأصل في الأمر والخطاب أن يكون لمعين، وقد يكون لغيره كـ {وَلَوْ تَرَى} (6).
والنَكتة فيه إذا صدر منه تعالى: أن المخلوقات في عظمته سواء." (7) أهـ
(1) سورة: القلم، الآية:40.
(2)
ينظر: البحر المحيط (2/ 349)، الدر المصون (2/ 369).
وللطاهر بن عاشور في هذا الموضع تفصيل حسن. ينظر: التحرير والتنوير (2/ 289).
(3)
حاشية زادة على البيضاوي (2/ 507).
(4)
تفسير الكشاف (1/ 254).
وينظر: زاد المسير (1/ 175)، مدارك التنزيل (1/ 176).
وقال صاحب " التحرير والتنوير "(2/ 288): " وَالْمَأْمُورُ بِالسُّؤَالِ هُوَ الرَّسُولُ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي يَتَرَقَّبُ أَنْ يُجِيبَهُ بَنُو إِسْرَائِيلَ عَنْ سُؤَالِهِ، إِذْ لَا يعبأون بِسُؤَالِ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالسُّؤَالِ سُؤَالُ التَّقْرِيرِ لِلتَّقْرِيعِ."
(5)
مخطوط حاشية السيالكوتي على البيضاوي لوحة (340 / أ).
قال الإمام الزركشي في " البرهان في علوم القرآن "(2/ 219) ما ملخصه: " الْأَصْلُ فِي الْخِطَابِ أَنْ يَكُونَ لِمُعَيَّنٍ، وَقَدْ يَخْرُجُ عَلَى غَيْرِ مُعَيَّنٍ لِيُفِيدَ الْعُمُومَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا فَلَا فَوْتَ} [سبأ: 51]، أُخْرِجَ فِي صُورَةِ الْخِطَابِ لَمَّا أُرِيدَ الْعُمُومُ؛ للقصد إلى تقطيع حَالِهِمْ، وَأَنَّهَا تَنَاهَتْ فِي الظُّهُورِ حَتَّى امْتَنَعَ خفاؤها، فلا تخص بِهَا رُؤْيَةَ رَاءٍ، بَلْ كُلَّ مَنْ يَتَأَتَّى مِنْهُ الرُّؤْيَةُ دَاخِلٌ فِي هَذَا الْخِطَابِ، وَلِبِنَاءِ الْكَلَامِ عَلَى الْعُمُومِ لَمْ يَجْعَلْ لِـ: "تَرَى" مَفْعُولًا ظَاهِرًا وَلَا مُقَدَّرًا لِيَشِيعَ وَيَعُمَّ."
(6)
سورة: الأنعام، الآية:27.
(7)
حاشية الشهاب على البيضاوي (2/ 296).
أو لكل أحدٍ من أهل الخطابِ.
والمرادُ بالسؤال: تبكيتهم وتقريعهم بذلك، وتقرير لمجيء البينات.
ــ
(أو لكل أحد): " جعل الخطاب لكل من يصلح منه السؤال (1)؛ للدلالة على أنهم يستحقون التقريع (2) من كل أحد، بكمال جحودهم للحق بعد غاية وضوحه."(3)(ع)
(وتقريعهم): " أي تقريع بني إسرائيل وتوبيخهم على طغيانهم وجحودهم الحق بعد وضوح الآيات، لا أن يجيبوا فيعلم من جوابهم أمر، كما إذا أراد واحد منا توبيخ أحد يقول لمن حضر: سله: كم أنعمت عليه؟ ! (4)
وربط الآية بما قبلها: أن الضمير في قوله: {هَلْ يَنظُرُونَ} إن كان لأهل العلم فهو كالدليل عليه، وإن كان لـ {مَن يُعْجِبُكَ} فهو بيان لحال المعاندين من أهل الكتاب، بعد بيان حال المنافقين من أهل الشرك (5)." (6)(ع)
(1) ينظر: المحرر الوجيز (1/ 284)، فتح القدير (1/ 243)، روح المعاني (1/ 494).
وقال الإمام أبو حيان في " البحر المحيط "(2/ 347): " الْخِطَابُ فِي اللَّفْظِ لَهُ صلى الله عليه وسلم، وَالْمُرَادُ: أُمَّتُهُ، أَوْ إِعْلَامُ أَهْلِ الْكِتَابِ أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَقَوْمَهُ لَمْ يَكُونُوا يَعْرِفُونَ شَيْئًا مِنْ قَصَصِ بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَلَا مَا كَانَ فِيهِمْ مِنَ الْآيَاتِ قبل أن ينزل اللَّهُ ذَلِكَ فِي كِتَابِهِ."
(2)
التَّقْريع: التعنيفُ والتثريبُ، يُقَال: النُّصحُ بَين الملإِ تَقْريعٌ: هُوَ الإيجاعُ باللَّوْم. وقَرَّعَه تَقْريعاً: وَبَّخَه وعَذَلَه. ينظر: مادة قرع: مختار الصحاح (1/ 251)، تاج العروس (21/ 549).
(3)
مخطوط حاشية السيالكوتي على البيضاوي لوحة (340 / أ).
(4)
ينظر: تفسير الوسيط، للواحدي (1/ 314)، روح المعاني (1/ 494)، محاسن التأويل (2/ 92).
(5)
ينظر: روح المعاني (1/ 494).
وقال الإمام أبو حيان في " البحر المحيط "(2/ 347) في ربط الآية بما قبلها: " وَلَمَّا تَقَدَّمَ: {هَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا أَن يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ} [البقرة: 210]، وَكَانَ الْمَعْنَى فِي ذَلِكَ استبطاء حق لهم في الإسلام، وأنهم لا ينتظرون إِلَّا آيَةً عَظِيمَةً تُلْجِئُهُمْ إِلَى الدُّخُولِ فِي الْإِسْلَامِ، جَاءَ هَذَا الْأَمْرُ بِسُؤَالِهِمْ عَمَّا جَاءَتْهُمْ مِنَ الْآيَاتِ الْعَظِيمَةِ، وَلَمْ تَنْفَعْهُمْ تِلْكَ الْآيَاتُ، فَعَدَمُ إِسْلَامِهِمْ مُرَتَّبٌ عَلَى عِنَادِهِمْ وَاسْتِصْحَابِ لَجَاجِهِمْ، وَهَذَا السُّؤَالُ لَيْسَ سُؤَالًا عَمَّا لَا يَعْلَمُ، إِذْ هُوَ عَالِمٌ أَنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ آتَاهُمُ اللَّهُ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ، وَإِنَّمَا هُوَ سُؤَالٌ عَنْ مَعْلُومٍ، فَهُوَ تَقْرِيعٌ وَتَوْبِيخٌ، وَتَقْرِيرٌ لَهُمْ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنَ الْآيَاتِ الْبَيِّنَاتِ، وَأَنَّهَا مَا أَجْدَتْ عِنْدَهُمْ لِقَوْلِهِ بَعْدُ: {وَمَن يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللَّهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءَتْهُ} [البقرة: 211]."
(6)
مخطوط حاشية السيالكوتي على البيضاوي لوحة (340 / أ).