الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
للاتقاء عنها؛ لكونها مُخِلَّةً بتبتُّلهم إلى جناب القدس شاغلة عنهم.
{فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ}
، لأنَّهم في أعلى عِلّيين وهم في أسفل سافلين، أو لأنهم في أوج الكرامةِ وهم في حضيض الذلِّ والمهانةِ، أو لأنهم يتطاولون عليهم في الآخرة فيسخَرون منهم كما سخِروا منهم في الدنيا.
والجملةُ معطوفةٌ على ما قبلها، وإيثارُ الاسمية؛ للدلالة على دوام مضمونِها.
ــ
وهذا لا ينافي ما تقرر عندهم من دخول الأعمال في الإيمان الصحيح المنجي (1)، على أنه قد يراد بالإيمان: فعل الطاعات، وبالتقوى: اجتناب المعاصي، فيصح اقترانهما." (2) أهـ
وقول المفسر: (للاتقاء) أي: لا للقصور عن تحصيلها، والعجز عن السعي فيها.
وفي (ش):
" والظرفية (3): إما مكانية وأشار إليها بقوله: (لأنهم في عليين).
أو معنوية: بمعنى كرامتهم، أو التسليط عليهم بالسخرية؛ جزاء لما فعلوا في الدنيا." (4) أهـ
وفي (ك): " لأنهم في عليين من السماء، وهم في يسحين (5) من الأرض. (6)
أو حالهم عالية لحالهم؛ لأنهم في كرامة وهم في هوان.
أو هم عالون عليهم متطاولون، يضحكون منهم كما يتطاول هؤلاء عليهم في الدنيا، ويرون الفضل لهم عليهم، {فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ} (7)." (8) أهـ
(1) يشير إلى مذهب المعتزلة في أن العمل شرط من الإيمان؛ لأنهم يقولون: الإيمان هو العمل والنطق والاعتقاد، فمن ترك العمل فليس بمؤمن؛ لفقد جزء من الإيمان وهو العمل، ولا كافر؛ لوجود التصديق، فهو عندهم في منزلة بين المنزلتين.
وهذا مخالف لمذهب أهل السنة القائلين بأن الإيمان هو التصديق، والعمل مغاير له، قال تعالى:{الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} [البقرة: 277]، فإن أصل العطف للمغايرة.
ينظر: الانتصاف فيما تضمنه الكشاف، بحاشية تفسير الكشاف (1/ 255)، تحفة المريد (1/ 101).
(2)
مخطوط حاشية سعد الدين التفتازاني على الكشاف لوحة (134 / ب).
(3)
أي الفوقية المعبر عنها بكلمة: (فوق) في قوله تعالى: {فَوْقَهُمْ} .
(4)
حاشية الشهاب على البيضاوي (2/ 297).
(5)
في النسخة (ب) بلفظ: سجين، وهو ما في تفسير الكشاف.
(6)
ينظر: تفسير الطبري (4/ 274)، معاني القرآن وإعرابه للزجاج (1/ 282)، الوسيط للواحدي (1/ 315)، معالم التنزيل (1/ 270).
(7)
سورة: المطففين الآية: 34.
(8)
تفسير الكشاف (1/ 255). وكثير من المفسرين على جواز كون الفوقية حقيقة أو مجازا، ينظر: تفسير الراغب (1/ 438)، المحرر الوجيز (1/ 285)، زاد المسير (1/ 176)، مفاتيح الغيب (6/ 369)، تفسير القرطبي (3/ 29)، البحر المحيط (2/ 354)، الدر المصون (2/ 372)، فتح القدير (1/ 244)، روح المعاني (1/ 495).